22.07.2015 Views

أضغط على الرابط التالي - أطفال الخليج ذوي الإحتياجات الخاصة

أضغط على الرابط التالي - أطفال الخليج ذوي الإحتياجات الخاصة

أضغط على الرابط التالي - أطفال الخليج ذوي الإحتياجات الخاصة

SHOW MORE
SHOW LESS
  • No tags were found...

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

اواد انشورة في هذه السلسلة تعبر عن رأي كاتبهاولا تعبر بالضرورة عن رأي اجمللس


٢٦٧اؤلف في سطورMMMM


كلمات‏{ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البروالبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم <strong>على</strong>كثير ن خلقنا تفضيلا}-الإسراء:‏‏{ولله العزة ولرسوله وللمؤمن‏}-انافقون:‏‏{ونريد أن ن <strong>على</strong> الذين استضعفوا فيالأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهمالوارث‏}القصص:ه‏«إني حرمت الظلم <strong>على</strong> نفسي و<strong>على</strong> عباديألا فلا تظاوا»-حديث قدسي‏«من ‏ُقتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دونأهله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومنقتل دون ماله فهو شهيد»-حديث شريف‏«الظلم ظاات يوم القيامة.‏ ومن احتكر طعاماأربع ليلة فقد بريء من الله تعالى وبريء اللهتعالى منه.‏ وأا أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائعفقد برئت منهم ذمة الله تعالى.‏ فلا يشبع رجلدون جاره»-حديث شريف.‏‏«لا تضربوا الناس فتذلوهم ولا تحرموهمفتكفروهم!‏ مذ كم تعبد الناس وقد ولدتهمأمهاتهم أحرارا?‏ ‏!»-عمر بن الخطاب(رضي)‏‏«إن الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطنغربة.والفقر يخرس الفطن عن حجته.واقلغريب في بلدته!»-علي بن أبي طالب.‏ ‏(كرم)‏٨٧٠كلمات7


الإسلام وحقوق الإنسان8


تقدتقدهناك سؤال مشروع ومطروح في الساحةالإسلامية:‏أين يلتمس اسلم اعاصر ذلك ‏«السياجالفكري»‏ الذي يستطيع بإقامته حماية ‏«الحقوقالإنسانية»‏التي تكفل له تحقيق جوهر إنسانيتهوازدهار طاقاته وملكاته والنهوض بواقع أمتهوحضارته في العصر الحديث?..‏ . أين يلتمساسلم اعاصر هذا ‏«السياج»?..‏وبعض الناس قد يستغرب ‏«الحيرة»‏ التي جعلتوتجعل اسلم لا يدري حتى الآن اصدر الطبيعيالذي عليه أن يلتمس منه وفيه هذا ‏«السياج»..‏ لأنهذا البعض يرى أن التماس هذا ‏«السياج»‏ فيالإسلام بديهة تصل-أو هكذا يجب أن تصل-عندالإنسان اسلم إلى حد ‏«الفطرة»‏ التي فطر اللهعليها هذا الإنسان !.. فالحقوق الإنسانية ضروراتفطرية للإنسان من حيث هو إنسان وإسلامنا هودين الفطرة التي فطرنا الله عليها فمن الطبيعيوالبديهي أن يكون الكافل لتحقيق هذه الحقوق..‏ومن ثم أن يكون اصدر الطبيعي ن يريد التماسهذا ‏«السياج»..‏ورغم أننا نعترف ونعتقد صدق هذه اقولةاعتقاد اؤمن استيقن إلا أننا نعترف ونعتقدكذلك ا يكتنف هذا الأمر من ‏«ضباب»‏ يبعثالحيرة لدى كثير من الإسلامي وكثرة من اسلمالذين يبحثون مخلص عن اصدر الطبيعي9


الإسلام وحقوق الإنسانلحقوق الإنسان اسلم في العصر الذي نعيشه والطور الحضاري الذييستشرفه هذا الإنسان..‏- ذلك أن نفرا من حكام البلاد الإسلامية الذين اغتصبوا السلطةوالولاية في بلادهم ثم ذهبوا يضفون <strong>على</strong> سلطانهم ‏«غلالة الإسلام»‏ليصبح هذا السلطان ‏«شرعيا»-هذا النفر من الحكام الذين تلئ خطبهموبياناتهم ومواد ‏«الدعاية»‏ لنظمهم في أجهزة الإعلام التي عليها يسيطرونب ‏«الكلام»‏ عن الإسلام.‏ قد ذهبت وتذهب ارساتهم شوطا بعيدا <strong>على</strong>درب العداء لحقوق الإنسان اسلم في البلاد التي يتحكمون فيها تحتستار ‏«شريعة الإسلام»!..‏ حتى لتبلغ افارقة الهازلة إلى الحد الذي نراهمفيه يحرمون هذا الإنسان حقوقا لم نعها عنه ‏«أذكياء»‏ استعمرين قبلأن ينتزع هذا الإنسان استقلال وطنه من هؤلاء استعمرين..‏ ..وهذا الواقع انسوب إلى الإسلام والمحسوب <strong>على</strong> شريعته لا شك يلقىالضباب-بنظر الكثيرين-<strong>على</strong> الإسلام كمصدر طبيعي مؤهل لأن يلتمساسلم اعاصر فيه ‏«السياج الفكري»‏ الكافل بإقامته تحرير الإنسان اسلمبتحقيق ما له من حقوق !..- ونفر من الكتاب الإسلامي يذهبون في الحديث عن ‏«الطابع الشمولي»‏للدولة الإسلامية-وهو طابع يكاد يجمع عليه الباحثون في طبيعة هذه الدولة-‏يذهب هذا النفر من الكتاب في الحديث عن هذا الطابع ‏«الشمولي»‏ فإذاهم يفسرون هذه ‏(الشمولية)<strong>على</strong> النحو الذي يقترب بها من شمولية النظماستبدة اعادية ‏«للتعددية»‏ في الرأي والتنظيم وامارسة السياسية..‏حتى ليلقون في روع قرائهم أن هذه الدولة الإسلامية-بسبب من طابعها‏«الشمولي»-هي أقرب إلى ما ارسه أولئك الذين اغتصبوا سلطان الأمةثم أضفوا <strong>على</strong> هذا الاغتصاب غلالة ‏«شريعة الإسلام»‏ !..وفضلا عما في هذا ‏«الفكر»‏ من تبرير لنظم الجور والاستبداد..‏ وعمافيه من انحراف عن الإطار الحقيقي عنى ‏«الشمولية»‏ في الدولة الإسلاميةفإنه يلقى ظلالا كثيفة <strong>على</strong> صلاح الإسلام ليكون اصدر الذي يلتمس فيهاسلم حقوقه كإنسان !..إن هذا النفر من الكتاب الإسلامي قد غفلوا أو تغافلوا عن أن الطابع‏«الشمولي»‏ في الدولة الإسلامية قد وقف ويقف-بحكم الوسطية الإسلامية-‏10


تقدعند ما يحقق التوازن ب اصالح اتناقضة بالطبع في واقع اسلمالاجتماعي والسياسي..‏ . ‏«فالشمولية»‏ الإسلامية إا تستهدف تحقيقاقصد الأول للشريعة وهو ‏«العدل»‏ أي أنها ‏«الشمولية»‏ التي لا تتركالضعفاء ليفترسهم الأقوياء..‏ ومن ثم فإنها أداة لتحقيق ‏«الحقوق الإنسانية»‏للإنسان اسلم ولعموم الرعية وليست أداة تبرير لحرمان الرعية منحقوق الإنسان..‏ إنها الشمولية التي تعبر عنها بدقة كلمات أبي بكرالصديق:‏ ‏«القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه..‏ والضعيففيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له»‏ ! !..لكن هذا النفر من الكتاب الإسلامي بهذا الفهم اغلوط ‏«للشموليةالإسلامية»‏ يسهمون في التشكيك بصلاح الإسلام كي يكون اصدر الطبيعيلالتماس ‏«سياج الحقوق الإنسانية»‏ للمسلم في العصر الحديث.‏- ولقد تلقف ‏«العلمانيون»-تلامذة الاستشراق ودعاة التبعية للحضارةالغربية-تلقفوا هذه ‏«التصورات»‏ وتلك ‏«الصور»‏ المحسوبة <strong>على</strong> الإسلاموشريعته واستندوا إليها في رفضهم القاطع لصلاح الإسلام أن يكوناصدر الذي نلتمس منه حقوق الإنسان..‏ لقد حكموا <strong>على</strong> ‏«صفحات الفكرالإسلامي»‏ ب ‏«صفحات من التاريخ الإسلامي»‏ سودها حكام ظلمة بسوادظلمة الإستبداد.‏ وذهبوا ينفرون اسلم من إسلامهم مارسات مغتصبيالسلطة الذين يسترون اغتصابهم لها وانحرافهم بهاو ألي الإستبداد بستارمن شريعة الإسلام..‏ ودعموا ‏«حجتهم»‏ بتلك التصورات الشوهاء التي قدمهابعض الكتاب الإسلامي للشمولية الإسلامية..وخلص هؤلاء ‏«العلمانيون»‏من كل ذلك ألي دعوتهم الأمة كي تلتمس ‏«الدرع الفكرية»‏ لحقوقها الإنسانيةمن حضارة الغرب وإنجازاتها يدان حقوق الإنسان وليس في فكرالإسلام!..‏وفي هذا القولولا شك حق كثير أريد به باطل أكثر..‏ الأمر الذيجعله ويجعله مصدرا لضباب كثيف يعمي رؤية الذين يبحثون عن الجوابالصحيح والشافي للسؤال الذي بدأنا به هذا التقد‏:‏ أين يلتمس اسلماعاصر ذلك ‏«السياج الفكري»‏ الذي يستطيع بإقامته حماية الحقوقالإنسانية التي تكفل له تحقيق جوهر إنسانيته وازدهار طاقاته وملكاتهوالنهوض بواقع أمته وحضارته في العصر الحديث?.‏11


الإسلام وحقوق الإنسانفلكشف الضباب الذي يعوق ‏«الرؤية الصادقة»‏ في هذا ايدان تأتيهذه الصفحات التي نتقدم بها ألي افكرين والباحث والقراء..‏ عن حقيقةموقف الإسلام الحق من ‏«حقوق الإنسان»‏ إنها ‏«رحلة»‏ فكرية في انابعالجوهرية والنقية الأولى ‏«للإسلام السياسي»..‏ تستهدف تسليح اسلماعاصر ا يعنيه <strong>على</strong> النهوض بتبعات النهضة الحديثة محققا التواصلالحضاري..‏ ومجسّدا لإرادة مولاه سبحانه وتعالى الذي خلقه وسواهوعدله.‏ وكرمه <strong>على</strong> سائر اخمللوقات..‏ وهي كشف ا يز به الإسلاموامتاز <strong>على</strong> انظومات الفكرية الأخرى في قضية ‏«حقوق»‏ الإنسان عندماارتفع بها من مرتبة ‏«الحقوق»‏ إلى مستوى ‏«الضرورات الواجبة»‏ وهو كشفلخاصية إسلامية لا نعتقد-في حدود ما نعلم-أن دراسة أخرى قد سبقتإليه <strong>على</strong> كثرة ما كتب في هذا اوضوع !.وليس الهدف من ورائه مجرد ‏«التيه والاستعلاء»‏ <strong>على</strong> أ وحضاراتانظومات الفكرية الأخرى قدر ما نهدف من ورائه إلى إنصاف الإسلاممن أعدائه الذين يوجهون إليه الطعنات اسمومة صباح مساء..وإنصافهأيضا من بعض أبنائه الذين يسيرون في ‏«الركاب الفكري»‏ لهؤلاء الأعداء!.. ويظل الهدف الأول والأساسيمن وراء هذه الدراسة:‏١- تسليح اسلم اعاصر ا يعينه <strong>على</strong> استخلاص ‏«حقوقه الإنسانيةالواجبة»‏ من كل الغاصب الذين فرضوا ويفرضون عليه و<strong>على</strong> أوطانهالكثير والخطير أن التحديات !..٢- ووضع ‏«لبنة»‏ في البناء الفكري الذي يع هذا الإنسان اسلم <strong>على</strong>تصور معالم مشروعه الحضاري اتميز الكافل نهضة أمته لتعيش عصرهاوتصنع مستقبلها دون أن تفقد هويتها وتقطع تواصلها الحضاري مع إسلامهاالحقوأسلافها العظام..‏ والله من وراء القصد..‏ به نستع‏..‏ وإياه ندعوهأن ييسر الانتفاع ا في هذه الصفحات .دكتور محمد عمارة12


ضرورات واجبة..‏ وليست مجرد حقوقضرورات واجبة..‏ وليستمجرد حقوق1١٧٨٩٢٦ أغسطس-١الشائع في الكتابات السياسية والقانونية وفيالدراسات الإجتماعية أن عهد الإنسان بالوثائقوالشرائع التي بلورت حقوقه الإنسانية أو تحدثتعنها مقننة لها ومحددة لأبعادها قد بدأ بفكرالثورة الفرنسية الكبرى التي بدأت أحداثهام..‏ فإبان هذه الثورة وضع ‏«إمانول جوزيفسييس»[‏‎٧٤٨‎ ١٨٣٦ م]‏ وثيقة حقوق الإنسان تلكالتي أقرتها ‏«الجمعية التأسيسية»‏وأصدرتها‏«كإعلان تاريخي»‏ووثيقة سياسيةواجتماعية ثورية في ١٧٨٩ م..‏ ولقدكانت اصادر الأساسية لفكر هذه الوثيقة هي:‏نظريات افكر الفرنسي«جان جاك رو سو‎١٧١٢‎م]..‏ و ‏«إعلان حقوقالاستقلال الأمريكي»‏ الصادر في ٤ يوليو سنةم ذلك الذي كتبه ‏«توماس جيفرسون»[‏‎١٧٤٣‎‏-‏‎١٨٢٦‎م]..‏ولقد نصت هذه الوثيقة الفرنسية <strong>على</strong> حقوقالإنسان ‏«الطبيعية»‏ مثل حقه في ‏«الحرية»‏ وحقهفي ‏«الأمن»‏ و<strong>على</strong> ‏«سيادة الشعب كمصدر١٧٧٦-١٧٧٨] «Rousseau13


الإسلام وحقوق الإنسانللسلطات في اجملتمع»‏ و<strong>على</strong> ‏«سيادة القانون كمظهر لإرادة الأمة»‏و<strong>على</strong>‏«اساواة ب جميع اواطن‏»‏ أمام الشرائع والقوان‏....الخ.....ولقد فعلتهذه الوثيقة فعل السحر في الحركات الثورية والإصلاحية سواء في أورباأو خارجها منذ ذلك التاريخ..‏ حتى جاء دور تدويلها فدخلت مضامينهافي ميثاق ‏«عصبة الأ‏»‏ سنة ١٩٢٠ م..‏ ثم في ميثاق الأ اتحدة سنة‎١٩٤٥‎م..‏ ثم أفردت دوليا بوثيقة خاصة هي[الإعلان العاي لحقوق الإنسان]‏الذي أقرته الأ اتحدة وفيذلك هو التاريخ الشائع لنشأة مواثيق حقوق الإنسان..‏ وهو تاريخ إذاتأملناه وجدناه:‏ ‏«التاريخ الأوربي»‏ لحقوق الإنسان ! !.. فليس فيه قليل أوكثير عن ‏«الفكر»‏ أو ‏«الشرائع»‏ التي عرفتها حضارات قدة وكثيرة غيرأوربية عن حقوق الإنسان !..ولقد شهدنا في العقود الأخيرة وكمظهر من مظاهر ‏«الصحوةالإسلامية»‏ وبحث أمتنا الإسلامية عن هويتها الحضارية اتميزة وذاتيتهاالقومية <strong>الخاصة</strong> في تراثها الفكري والحضاري وفي فكريتها الإسلامية<strong>على</strong> وجه الخصوص..‏ شهدنا كتابات طيبة وجيدة تبرز حديث الإسلاموسبقه في التقن ‏«لحقوق»‏ الإنسان..‏ وهو ميدان خصب وهام ما زالينتظر الكثير من الجهود التي كن أن تسلح إنساننا العربي اسلم ضدالإستبداد والقهر والاستلاب من جهة وتثرى الفكر الإنساني الخاصبهذه القضية المحورية من جهة أخرى وتنصف حضارتنا العربية الإسلاميةوفكرنا الإسلامي وديننا الحنيف من جهة ثالثة..‏ إنه ميدان هام من ميادينالبحث والإجتهاد..‏ ومن الضروري أن يتنافس فيه اتنافسون !..لكن..‏ . يبدو أن هذه الجهود الفكرية الإسلامية التي بذلت وتبذل فيدراسة وبلورة ‏«حقوق»‏ الإنسان في الإسلام رغم تحليها بفضيلة إبرازالذاتية الإسلامية اتميزة في هذا ايدان-وهذا ما نعتقده ونعتقد أهميته-‏نراها قد تبنت ذات اصطلح الذي وضعه الأوربيون لهذا ابحث..‏ مصطلح‏«الحقوق»..‏ <strong>على</strong> ح أننا نجد الإسلام قد بلغ في الإان بالإنسان و فيتقديس ‏«حقوقه»‏ إلى الحد الذي تجاوز بها مرتبة ‏«الحقوق»‏ عندما اعتبرها‏«ضرورات»‏ ومن ثم إدخالها في إطار ‏«الواجبات»‏ ! !.. فاأكل والبسواسكن..‏ والأمن..‏ والحرية في الفكر والإعتقاد والتعبير..‏ والعلم والتعليم..‏١٠ ديسمبر.‏‎١٩٤٨‎م..‏14


ضرورات واجبة..‏ وليست مجرد حقوقواشاركة في صياغة النظام العام للمجتمع واراقبة والمحاسبة لأولياءالأمور..‏ والثورة لتغيير نظم الضعف أو الجور والفسق والفساد..الخ..‏ كلهذه الأمور هي في نظر الإسلام ليست فقط ‏«حقوقا»‏ للإنسان من حقهأن يطلبها ويسعى في سبيلها ويتمسك بالحصول عليها ويحرم صده عنطلبها..‏ وإا هي ‏«ضرورات واجبة»‏ لهذا الإنسان..‏ بل إنها ‏«واجبات»‏ عليهأيضا ! ..!إنها ليست مجرد ‏«حقوق»‏من حق الفرد أو الجماعة أن يتنازل عنها أوعن بعضها..‏ وإا هي ‏«ضرورات»-إنسانية-فردية كانت أو اجتماعية-ولاسبيل إلى ‏«حياة»‏ الإنسان بدونها حياة تستحق معنى ‏«الحياة»..‏ ومن ثمفإن الحفاظ عليها مجرد ‏«حق»‏ للإنسان بل هو ‏«واجب»‏ عليه أيضا !.. يأثمهو ذاته-فردا أو جماعة-إذا هو فرط فيه وذلك فضلا عن الإثم الذي يلحقكل من يحول ب الإنسان وب تحقيق هذه ‏«الضرورات»‏ !.. إنها ‏«ضرورات»‏لا بد من وجودها ومن تع الإنسان بها وارسته لها كي يتحقق لهاعنى الحقيقي ‏«للحياة»..‏ وإذا كان العدوان <strong>على</strong> ‏«الحياة»‏ من صاحبها-‏بالإنتحار-أو من الآخرين-بالقتل-جرة كاملة ومؤثمة فكذلك العدوان <strong>على</strong>أي من ‏«الضرورات»‏ اللازمة لتحقيق جوهر هذه ‏«الحياة»..‏بل إن الإسلام ليبلغ في تقديس هذه ‏«الضرورات الإنسانية الواجبة»‏إلى الحد الذي يراها الأساس الذي يستحيل قيام ‏«الدين»‏ بدون توفرهاللإنسان..‏ فعليها يتوقف ‏«الإان»‏ ومن ثم ‏«التدين»‏ بالدين!..‏ففي شريعتنا:‏ إن صحة الأبدان مقدمة <strong>على</strong> صحة الأديان..‏ لأن صحةالأبدان مناط للتكليف وموضوع للتدين والإان..‏ ومن هنا كانت إباحة‏«الضرورات الإنسانية»‏ للمحظورات الدينية !..والألوهية اوحدة وعبودية الإنسان لله-وهي جوهر الدين ومحور التدين-‏وأولى عقائد الإسلام وادخل إلى رحابه..‏ هذه العقيدة الدينية العظمى<strong>على</strong> أهميتها هذه نجد الإسلام قد اعتبرها الحق الذي استوجبه اللهسبحانه <strong>على</strong> الإنسان لقاء إنعامه عليه بضرورات الحياة اادية واعنوية..‏فلقاء النعم اادية ولقاء نعمة ‏«الأمن»..‏ استحق الله سبحانه من الإنسان أنيفرده بالألوهية والعبادة..‏ فالتدين إا قام لقاء استمتاع الإنسان بهذهالضرورات الإنسانية..‏ إنه شكر <strong>على</strong> النعم الإلهية..‏ شكر <strong>على</strong> هذا الفيض15


الإسلام وحقوق الإنسانسعيا وأعلم أن الله عزيز حكيم}‏ (×٢٢) .. والرسول ‏(٭)‏ لم ينهر الصحابةالذين شكوا-بسبب الوسوسة-في وجود الذات الإلهية إلى الحد الذي تعذبتفيه ضمائرهم من القلق الفكري حتى نفذ ذهبوا إلى النبي يسألونهمستعظم التصريح بالألفاظ اعبرة عن القضية التي فيها يشكون....‏لقد قالوا للنبي-فيما رواه أبو هريرة-:‏ ‏«يا رسول الله إن أحدنا يحدث نفسهبالشيء ما يحب أن يتكلم به وإن له ما <strong>على</strong> الأرض من شيء...‏ وإنا نجدفي أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به!!.»‏ فكان جواب رسول الله رائدالحرية:‏ التساؤل عن هذا الشك الذي يعتريهم قال:‏ ‏«وقد وجدوه ?»..قالوا:نعم..‏ فقال:«ذاك صريح الإان...‏ ذاك محض الإان»‏ (×٢٣) .. ولذلك..‏وبسبب من مكان هذا النهج في فكر الإسلام..‏ فلقد كان الجاحظ [١٦٣-٧٨٠-٨٦٩ م]‏ الإبن البار للإسلام الدين بقدر ما كان الإبن البارللحضارة الإسلامية عندما انطلق من هذا ايراث الديني ليتحدث عنالشك انهجي كالسبيل الأوحد لتحصيل اليق‏-بالنسبة للعلماء-حتى لقدرأى هذا الشك علما لابد من السعي إلى تعلمه والبراعة فيه!.......يقولالجاحظ لتلميذ.‏ وقارئه:‏ «.... فاعرف مواضع الشك وحالاتها اوجبة لهلتعرف بها مواضع اليق الحالات اوجبة له وتعلم الشك في اشكوكفيه تعلما فلو لم يكن في ذلك إلا تعرف التوقف ثم التثبت لقد كان ذلكا يحتاج إليه..‏ فإنه لم يكن يق قط حتى كان قبله شك ولم ينتقل أحدعن اعتقاد إلى اعتقاد غيره حتى يكون بينهما حال شك..‏ . وعندما قالابن الجهم للمكي:‏- أنا لا أكاد أشك!..‏- قال اكي:‏ وأنا لا أكاد أوقن !..ففخر عليه اكي بالشك في مواضع الشك كما فخر عليه ابن الجهمباليق في مواضع اليق‏...»‏ (×٢٤) !وبعد الجاحظ...‏ رأينا الذين يعرضون للحديث عن ‏«الواجب الأول»‏ فيالتكليفات افروضة <strong>على</strong> الإنسان وجدناهم يختلفون..‏ فالبعض-ومنهم٣٠٣ ه / -٩٨٤٢٥٥ ه /الإمام أبو علي الجبائي[‏‎٣٥١‎‏-‏ ٩١٦ م]-يرى أن الواجب الأول<strong>على</strong> الإنسان هو ‏«النظر»-‏ا يعنيه ويستلزمه من حرية-لأن ‏«النظر»‏ هوالسبيل إلى اليق‏..‏ . <strong>على</strong> ح يرى البعض الآخر-ومنم الإمام أبو هاشم22


٣٢١ ه -١/الجبائي [٢٤٧-ضرورة الحرية٩٣٣ م]-أن الواجب الأول <strong>على</strong> الإنسان هو:‏‏«الشك»‏ لأنه هو السبل إلى ‏«النظر»‏ والطريق إلى اليقوإذا كان فكر الجاحظ والجبائي هو النموذج لهذه القضية في فكراعتزلة فرسان العقلانية الإسلامية فإن هذا الفكر لم يكن خاصية انفرد‎١١١١‎م]‏ فيبها أئمة الإعتزال..‏ فنهج الإمام الغزالي[‏‎٤٥٠‎‏-‏‏«الشك انهجي»‏ بل وتجربته الذاتية التي جسدت-‏سيرته الفكرية-هذاالنهج وهي تلك التي سجلها في كتابه[انقذ من الضلال]‏ كان ذلك وذجا<strong>على</strong> مكانة هذا النهج في فكر إمام من أبرز أئمة الأشعرية..‏ ودليلا <strong>على</strong> أنهذا النهج انحاز إلى حرية الفكر والتفكير إا هو خاصية إسلامية رسخفي الإسلام الدين ثم ترك بصماته في الفكر الحضاري الذي أبدعه أئمةالإسلام من مختلف الفرق والتيارات باستثناء ‏«السلفي‏-النصوصي‏»....‏وإذا كانت الأدلة <strong>على</strong> هذه الحقيقة أكثر من أن تحصى وترصد في هذااقام...‏ فيكفي أن نشير هنا إلى بعض الحقائق التي كن استخلاصهامن القرآن الكر ..إن الآيات القرآنية التي تتحدث باللفظ الصريح عن ‏«النظر»‏ وتفترضهوتحث عليه تزيد <strong>على</strong> الخمس‏...وهي تستخدم فعل الأمر لتؤكد أن هذا‏«النظر»‏ هو فريضة إلهية فرضها الله سبحانه وتعالى <strong>على</strong> الإنسان..‏ .‏{فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة اكذب‏}‏ (×٢٦) .. . ‏{قل انظرواماذا في السموات والأرض}‏ (×٢٧) .. ‏{قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأالخلق}‏ (×٢٨) ‏..{فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعدموتها}‏ (×٢٩) .. الخوالآيات القرآنية التي تحدثت عن ‏«التدبر»-‏عنى التأمل والتفكر-تطلبذلك من الناس وتستدعيه وتحث عليه ولا تقف عند مجرد إباحته-كما هوالحال مع ‏«الحقوق»..وأكثر من ذلك فإن آيات ‏«التدبر»‏ هذه توجب <strong>على</strong>الناس التدبر في ج القرآن الكر‏»..‏ أي أن ‏«التدبر»‏ مطلوب في ‏«النصوالنقل»‏ اوحي به من السماء وليس مطلوبا فقط في ‏«كتاب الطبيعةوالكون»...‏ ففريضة إلهية <strong>على</strong> الإنسان أن يحكم ‏«النقل»‏ إلى ‏«العقل»‏لأنههو الحكم وهو مناط التكليف في أمور الدين وشئون الدنيا <strong>على</strong> السواء!..‏‏{أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا(٢٥×)‎٥٠٥‎ه / -١٠٥٨23


الإسلام وحقوق الإنسانكثيرا}‏ (×٣٠) .. ‏{أفلا يتدبرون القرآن أم <strong>على</strong> قلوب أقفالها}‏ (×٣١) ?!.. ‏{أفلميدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأول‏}‏ (×٣٢) ‏..{كتاب أنزلناهإليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب}..‏وإذا كان القرآن الكر قد تحدث عن ‏«الحكمة»‏ في تسع عشرة آية منآياته..‏ وعن العقل في تسع وأربع آية..‏ وعن ‏«اللب»-أي العقل-باعتباره‏«جوهر الإنسان وحقيقته»-في ست عشرة آية.‏ وعن هذا العقل بلفظ ‏«النهى»‏في آيت‏..‏ فإنه قد تحدث عن ‏«التفكر»‏ كفريضة واجبة افترضها اللهسبحانه وتعالى <strong>على</strong> الإنسان!..{كذلك يب الله لكم الآيات لعلكمتتفكرون}‏ (×٣٤) ‏..{أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرضوما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهملكافرون}‏ (×٣٥) ‏.{إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآياتلأولي الألباب.‏ الذين يذكرون الله قياما وقعودا و<strong>على</strong> جنوبهم ويتفكرونفي خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذابالنار]‏ (×٣٦) ‏..[فاقصص القصص لعلهم يتفكرون}‏ (×٣٧) .. ‏{كذلك نفصلالآيات لقوم يتفكرون}‏ (×٣٨) ‏..{وأنزلنا إليك الذكر لتب للناس ما انزلإليهم ولعلم يتفكرون}‏ (×٣٩) ‏..{وتلك الأمثال نضربها للناس لعلميتفكرون}‏ (×٤٠) .. فالتفكر ‏«فريضة»‏ وليس مجرد ‏«حق»‏ من الحقوق !..واطلوب من اسلم في شؤون ‏«الدين-فضلا عن ‏«الدنيا»-ليس مجرد‏«التلقي»‏وإا ‏«الفقه»‏ الذي يصل بالعقل إلى الأعماق متجاوزا ظواهرالنصوص والبادي من اأثورات فهذا ‏«الفقه والتفقه»-بالنسبة لأهله-فريضةعينية متعينة وبالنسبة للأمة:‏ فريضة اجتماعية كفائية فرضها الله سبحانه<strong>على</strong> أمة الإسلام..{وما كان اؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقةمنهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهميحذرون}..‏ (×٤١)ذلك هو ‏«واجب»‏ اؤمن وتلك واحدة من ‏«صفاتهم»‏ التي يتميزون بهاوتازون ولذلك تخلفت هذه الصفة-«الفقه والتفقه»-عن أهل الجاهليةالأولى..{حتى إذا بلغ ب السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهونقولا}‏ (×٤٢) !.. . وتخلفت عن انافق‏..‏ ‏{ولكن انافق لايفقهون}‏ (×٤٣) ‏...وجميع هؤلاء الذين لا يفقهون مأواهم جهنم وبئس(٣٣×)24


ضرورة الحريةاصير!..{ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهونبها ولهم أع لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بلهم أضلأولئك هم الغافلون}‏ (×٤٤)فالنهوض بحقوق فرائض ‏«التفكر»و ‏«التدبر»‏ و ‏«النظر»‏ و ‏«التعقل»‏ و‏«التفقه»‏ هو الخاصية الإنسانية اللائقة بالإنسان اؤمن وبغيرها لا فلاحله في الدنيا ولا نجاة له من النار في الآخرة..‏ بل ولا مكان له في ‏«الدائرةالإنسانية»‏ لأنه بنكوصه عن النهوض بهذه الفريضة و ‏«الضرورة-الواجبة»‏إا ينتقل إلى دائرة من هم أضل من الأنعام....‏ ذلك هو مبلغ ‏«الحرية»‏ومكانتها في الإسلام ‏!....إنها ‏«ضرورة إنسانية-واجبة»...وفريضة إلهيةبغيرها لن تتحقق ‏«حياة»‏ الإنسان كإنسان...‏ فهي ‏«واجبة»‏ لتحقيق وصيانة‏«الحياة»‏التي هي واجبة بل ومقدسة إذا ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجبأيضا-كما استقر عليه الرأي عند مفكري الإسلام-!..‏وإذا ما علمنا أن معنى كون الحرية ‏«ضرورة»‏ بنظر الإسلام ليسعنى أنها ‏«حتمية-جبرية»‏لا فكاك للإنسان معها من أن يكون حرا كماهو مفهومها عند ‏«اجملبرة أنصار الحتمية»‏ في بعض ادارس الفلسفيةغير الإسلامية..‏ وإا معنى ‏«الضرورة»‏ هنا آت من أنها فريضة إلهيةوتكليف واجب عل الإنسان يستلزم حريته واختياره لا يلغيهما ‏«بالجبر»‏ و‏«الحتمية»...‏ وإذا علمنا ذلك زاد تألق إنسانية الإنسان الحر اخملتار اريدبهذا اضمون الإسلامي للحرية زيادة عظمى إذا هو مارسها ونهضبأداء التكليف الإلهي له بأن يكو ن حرا بأن ‏«مارس»‏ حريته وحولها منمجال ‏«الفكر النظري»‏ إلى عالم ‏«امارسة والتطبيق».‏25


الإسلام وحقوق الإنسانالحواشي.٩ ٢(×) التوبة:‏‎٦٠‎‏.‏(×١) البقرة:‏ ٫١٧٧(×٢) النساء:‏(×٣) اائدة:‏‎٨٩‎‏.‏(٤×) اجملادلة:‏ .٣(٥×) البلد:‏ -١٠ ١٣(×٦) رواه مسلم وابن حنبل ومالك في اوطأ.‏(×٧) رواه البخاري ومسلم وأبو داوود وابن حنبل.‏(٨×) النساء:‏‎٢‎ .٩(٩×) الأنعام:‏ ١٢٢(×١٠) النسفي:‏ تفسير ‏[مدارك التنزيل وحقائق التأويل]‏ ج(١١×) الأعراف:‏ .١٥٧(×١٢) البقرة:‏‎٢٥٦‎(×١٣) هود:‏‎٢٨‎‏.‏(×١٤) يونس:‏‎٩٩‎‏.‏(×١٥) الأحزاب:‏‎٤٥‎‏.‏(١٦×) الغاشية:‏ .٢٢ ٬٢١(×١٧) ق ٫٤٥(×١٨) الأنعام:‏‎٦٦‎‏.‏(×١٩) الأنعام:‏‎١٠٧‎‏.‏(٢٠×) يونس:‏ ١٠٨٤ ١(×٢٢) البقرة:‏‎٢٦٠‎‏.‏‏(×‏‎٢١‎‏)الزمر:‏‎١‎ص ١٨٩. طبعة القاهرة سنة ١٣٤ ٤ ه.‏(×٢٣) حديثان روى أحدهما مسلم وروى الثاني أحمد بن حنبل!.‏(×٢٤) الجاحظ ‏[كتاب الحيوان]‏ ج ‎٣٦٬٣٥‎‏.تحقيق:الأستاذ عبد السلام هارون.‏ طبعة القاهرة.‏(×٢٥) د.علي فهمي خشجم ‏[الجبائبان:‏ أبو علي وأبو هاشم]‏ ص ٣٣٣. طبعة طرابلس-ليبيا-سنة‎١٩٦٨‎م.‏‏(×‏‎٢٦‎‏)آل عمران:‏‎١٣٧‎(×٢٧) يونس:‏‎١٠١‎(×٢٨) العنكبوت:‏‎٢٠‎٦ ص(×٢٩) الروم:‏‎٥٠‎‏.‏(٣٠×) النساء:‏ .٨٢(×٣١) محمد:‏‎٢٤‎26


ضرورة الحرية(×٣٢) اؤمنون:‏‎٦٨‎(×٣٣) ص:‏‎٢٩‎(×٣٤) البقرة:‏‎٢١٩‎(×٣٥) الروم:‏‎٨‎١٩١٬١٩ ٠(×٣٧) الأعراف:‏‎١٧٦‎(٣٨×) يونس:‏ ٢٤(×٣٩) النحل:‏‎٤٤‎(×٤٠) الحشر:‏‎٢١‎‏.‏(×٤١) التوبة:‏‎١٢٢‎(×٤٢) الكهف:‏‎٩٣‎(٤٣×) انافقون:‏ ٧(٤٤×) الأعراف:‏ .١٧٩(×٣٦) آل عمران:‏27


الإسلام وحقوق الإنسان28


ضرورة الشورى3 ضرورة الشورىفي الحضارة الغربية ورث أبناؤها عن أسلافهماليونان تراثا واضحا وغنيا في ‏«الدقراطية»..‏ولقد أغنوا هذا التراث وطوروه وأضافوا إليهالجديد وخاصة في ميدان ‏«النظم»‏ التي تقترب‏«بفلسفة»‏ الدقراطية و ‏«غاياتها»‏ من ‏«امارسةوالتطبيق»..‏ولقد غدا الخروج <strong>على</strong> فلسفة الدقراطيةوتطبيقاتها موضع الإدانة والإنكار والإستنكار فيتلك الحضارة سواء أكان هذا الخروج في ميدانالفكر أو في مجال امارسة والتطبيق...الأمر الذيجعل ‏«الدقراطية»‏ قسمة من قسمات الحضارةالغربية <strong>على</strong> اختلاف تياراتها..‏ فلليبراليمفهومهم وتطبيقهم للدقراطية.‏ الليبرالية..‏وللإشتراكي مفهومهم وتطبيقهم للإشتراكيةالدقراطية..‏ وللشيوعي مفهومهم وتطبيقهملدقراطية الحزب الواحد والطبقة القائدة:‏البروليتاريا فالخلافات والتنويعات يحكمها إطار..‏وهذا للإطار هو مصدر ‏«اشروعية للفكروالتطبيق»..‏ هذا عن الحضارة الغربية..‏ فماذا عنحضارتنا العربية الإسلامية ? !..لقد كاد الإجماع ينعقد <strong>على</strong> أن ‏«الشورى»‏ هي29


الإسلام وحقوق الإنسانالفلسفة الإسلامية للحكم في الدولة الإسلامية وللمجتمع الإسلامي..‏وللأسرة اسلمة..‏ أي ‏«للسلطة الإسلامية»‏أيا كان ميدان هذه ‏«السلطة»‏دولة أو مجتمعا أو أسرة..‏ لكن الإجماع يكاد ينعقد أيضا عل أنه قدارالحظ الوافر والغني نابعنا الفكرية ولأصول مواريثنا الحضارية في هذه‏«الشورى»‏ كان الفقر والجدب الذي أصاب ‏«تاريخنا»‏ و ‏«تطبيقاتنا»‏ في هذاايدان !.. ففي انابع الفكرية-كما سنرى-نجد ‏«الشورى»‏ هي الفلسفةاقدسة للحكم والسلوك اجتماعيا كان أو أسريا بل وفرديا..‏ و في التاريخنجد الفردية والإستبداد يحرمان الواقع التاريخي والإنسان الذي عاشهمن ثمرات هذه الفلسفة اقدسة..‏ بل ويصيبان الفكر الذي عبر عن هذا‏«الواقع التاريخي»‏ بالفقر الشديد إذا ما كان البحث في فلسفة الحكموضوابط السلطة والسلطان !..صحيح أن ‏«الفردية والإستبداد»‏ قد عرفهما تاريخ الإنسانية كلها و<strong>على</strong>اختلاف اواطن والقوميات والحضارات لعنة اكتوت بنارها كل الشعوب..‏لكنهما في ظروف أمتنا العربية الإسلامية تبرز عوراتهما أكثر ويبدوشذوذهما أقبح لأن الشورى في تراث هذه الأمة فلسفة دينية مقدسةوليست مجرد ميراث فكري-كما هو حال الغرب-عن ‏«جاهلية اليونان»‏الوثني‏..‏ولهذه القضية أهميتها..‏ لا في نقد امارسات التاريخية وحسب بلوفي التفكير للحاضر واستقبلفإذا كان هذا هو مقام ‏«الشورى»‏ وطبيعتهافي منابعنا الفكرية فإن هذا اقام يجب أن يعلو أكثر فأكثر في فكرنااعاصر الذي يجب أن يوضع في امارسة والتطبيق..‏ . وهنا يكون التطبيقالخلاق انهج العلمي في استلهام التراث والإفادة منه في مواجهة التحدياتمنهج العودة للمنابع النقية تستلهم خير ما فيها..‏ وتطوير هذا الخير وتحديثهكي يلائم مستحدثات الأمور والجديد الذي طرحته وتطرحه الحياةوالتجاوز-بعد الإستيعاب والنقد-لانحرافات التاريخ عن هذا النهج الذياستقر كثوابت في منابع الأسلاف العظام !.. إننا فيما يتعلق بالشورىأمام أكثر من ‏«موروث»..‏ فلدينا ذلك ايراث الغني-الذي سنعرض لطرفمنه-والذي جعل الشورى:‏ ‏«الفلسفة اقدسة»‏ للحكم والحياة والسلوك..‏وهو ميراث قد عرف طريقه إلى التطبيق في الفترات الزاهرة من تاريخنا30


ضرورة الشورىولدينا ذلك ‏«ايراث التاريخي»‏ الذي استبدل الفردية والإستبدادبالشورى..‏ فسادت فيه مقولات ‏«الشرعية ن غلب»‏ !.. و ‏«الإمامة-فيالسياسة والصلاة-‏ن تغلب»..‏ و ‏«ما <strong>على</strong> الرعية إلا أن تشكر الحكم إذاعدل وتصبر عليه إن هو جار وظلم»‏ ! (×١)لدينا انابع الفكرية الغنية بالحديث عن الشورى كمنهج للسلوك وفلسفةفي الحكم..‏ ولدينا الفكر التاريخي الشديد الفقر في الإهتمام بأمر هذه١٣١١ م}‏٧١١ ه / -١٢٣٢(٢×)الشورى..‏ حتى لقد وجدنا ‏«إبن منظور»‏ {٦٣٠-صاحب موسوعة ‏{لسان العرب}‏ يعكس مناخ عصره عصر اماليك فيفردسطرا وثلاث الشورى-«شور»-في موسوعته هذه مائتي سطر واثن ادةلا تظفر منهم الشورى-كمنهج للسلوك ولا نقول الحكم-بأكثر من أسطرثلاثة !..فإذا كنا جادين حقا في البحث عن ‏«هوية»‏ الأمة وذاتيتها الحضاريةاتميزة..‏ وإذا كنا جادين حقا في تحرير إنساننا اعاصر من القيود التيتشل فعالياته وتعجزه عن مواجهة التحديات الفتاكة افروضة <strong>على</strong> حاضرهومستقبله..‏ فعلينا أن نتجاوز ‏«بؤس التاريخ»-بعد استيعابه ونقده-لنستلهمانابع النقية والغنية فنطورها ونجددها ونجعل منها الإطار الذي نبدعفيه والفلسفة التي تهتدي بها مؤسساتنا اعاصرة واقاصد واثل والغاياتالتي نناضل من أجل وضعها في امارسة والتطبيق..‏ وبهذا انهج ولهذهالغاية..‏ نبحث عن الشورى في موروثنا الإسلامي..‏في القرآن الكريم:‏لم يقف الإسلام من ‏«الشورى عند حد اعتبارها»‏ ‏«حقا»‏ من حقوقالإنسان..‏ وإا ذهب فيها-كما هي عادته مع ما اعتبر في الحضاراتالأخرى مجرد ‏«حقوق»-ذهب فيها إلى الحد الذي جعلها ‏«فريضة شرعيةواجبة»<strong>على</strong> كافة الأمة حكاما ومحكوم في الدولة وفي اجملتمع وفيالأسرة وفي كل مناحي السلوك الإنساني.‏فهو يتحدث عنها كفريضة واجبة <strong>على</strong> رسول الله صلى الله عليه وسلمفي شؤون الحكم والسياسة والعمران الدنيوي لأنه في هذا ايدان كانمجتهدا غير معصوم-فما بالنا بالحاكم إذا لم يكن نبيا ولا رسولا يستدركه31


الإسلام وحقوق الإنسانالوحي بالترشيد إذا هو اجتهد فلم يصب مواطن الحق والصواب.‏ يتحدثالقرآن الكر عن الشورى كفريضة شرعية واجبة حتى <strong>على</strong> الرسولفيقول الله سبحانه مخاطبا رسوله:‏ ‏{فبما رحمة.من الله لنت لهم ولوكنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهموشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل <strong>على</strong> الله إن الله يحب اتوكل‏}‏ (×٣)وهذا الحسم والوضوح اللذين تألقت بهما الشورى-كفريضة شرعية واجبة-‏في قرآننا الكر ووحي الله لرسوله وفي كتاب العرب الأول..‏ قد وعاهجيدا أسلافنا العظام الذين كتبوا في تفسير هذه الآية يقولون:‏ ‏«إن الشورىمن قواعد الشريعة وعزائم الأحكام.‏ ومن لا يستشير أهل العلم والدينفعزله واجب..‏ وهذا ما لا خلاف فيه..»‏ ! (×٤)لكن مظالم التفرد والفردية والإستبداد التي جنحت بعيدا عن هذهالفلسفة للحكم قد أثمرت عصورها اظلمة وتطبيقاتها الظاة فكرا هزيلحاول أصحابه تزوير نسبه إلى الإسلام ليضفوا عليه شرعية الدينومشروعيته..‏ فزعموا أن الشورى غير ملزمة للحاكم..‏ فعليه أن يستشيرثم بعد ذلك ضي ما رآه حتى لو خالف الأمة جمعاء !.. ولقد تجاهل هذاالنفر من فقهاء الوك والأمراء والسلاط ما عناه ويعنيه قول الرسولصلى الله عليه وسلم:‏ ‏«إن أمتي لا تجتمع <strong>على</strong> ضلالة».‏ (×٥) ما يعنيه هذاالحديث من ‏«عصمة الأمة»‏ التي يتجسد اجتهادها ويتمثل في الصفوةالجامعة لقدرات اشورة وإمكانات الاجتهاد..‏ فرأيناهم يرجحون كفة ‏«الفردالحكم»‏ <strong>على</strong> كفة ‏«اشيرين»‏ !..ولقد حاول هذا النفر من فقهاء السلاط تزوير نسب هذا الفكرالشائه إلى الإسلام..‏ فقالوا إن هذا هو ما يعنيه قول الله سبحانه في هذهالآية:‏ ‏{فإذا عزمت فتوكل <strong>على</strong> الله}..‏ فإذا استشار الحاكم كان قد أدى ماعليه..‏ وله بعد ذلك أن يعزم أي يقرر ما يشاء..‏ ونسوا أن هذا ‏«العزم»-‏القرار-هو-في سياق الآية-ثمرة الشورى..‏ فالشورى إذا جردت من ثمرتهاوهو القرار-العزم-‏ كانت عقيما..‏ بل كانت ‏«مسرحية عبثية»‏ يجب أن يتنزهعنها الفكر الذي يعرض لآيات الله سبحانه بالنظر والتفسير..‏ونحن نقرأ في ‏{صحيح البخاري}هذا التفسير الدقيق لهذه الآية..‏نقرأ فيه أن اراد هو تحديد ‏«أن اشاورة قبل العزم والتب‏»..‏ أي أنها هي32


ضرورة الشورىاقدمات التي تفضي إلى القرار وتحدد طبيعة هذا ‏«العزم والتب‏».‏ واثلالذي ضربه البخاري لهذه القضية-وهو ‏«سبب النزول»‏ في هذه الآية أيملابسات الوحي ومذكرة تفسيره-هو أن الرسول ‏(صلى الله عليه وسلم)‏ قداستشار أصحابه في مكان لقاء اشرك ‏«يوم أحد»..‏ وكان رأي الرسول-‏مع قلة من الصحابة-البقاء في ادينة والإستفادة وقعها وتحصيناتهافي قتال اشرك الغزاة..‏ لكن الأغلبية رأت الخروج لاقاة الأعداء عند‏«أحد»‏ فنزل الرسول <strong>على</strong> رأي الأغلبية وألهمته رحمة الله أن يل لهذهالأغلبية كي لا يكون فظا غليظا ينفرد برأيه ويستبد به فيفضي ذلك إلىانفضاضهم من حوله..‏ فاتخذ قرار الخروج كثمرة شورة الأغلبية ودخلمنزله فلبس ‏«لامته»-عدة الحرب والقتال-وخرج مع أصحابه وقد استعدواونفروا جميعا للخروج..‏ لكن نفرا من الذين أشاروا <strong>على</strong> الرسول بالخروجظنوا أن مشورتهم بخلاف ما كان يرى الرسول را تكون قد ساءته فعرضواعليه التراجع والبقاء بادينة..‏ فرفض ‏(صلى الله عليه وسلم)‏ التراجع فيالقرار الذي جاء ثمرة للمشورة والذي كان قد وضع في التطبيق بالإستعدادللقتال والتحرك بالخروج للقاء اشرك‏..‏ ذلك هو سياق الآية..‏ وهذا هومعنى العزم الذي يقول فيه البخاري:‏‏«لقد شاور النبي أصحابه يوم أحد في اقام والخروج فلما لبس لامتهوعزم..‏ بعد اشاورة التي سبقت العزم والتب‏..‏ قالوا له:‏ أقم فلم لإليهم بعد العزم وقال:‏ لا ينبغي لنبي لبس لامته فيضعها حتى يحكم الله»..‏لكن نفرا من علماء السوء‏-غفر الله لهم-قد ذهبوا يلوون عنق الحقيقةالقرآنية فجعلوا من الشورى ‏«مسرحية عبثية»‏ يقيمها الحكم الفرد إستكمالا‏«لشكل إسلامي»‏ يخضع به قلوب العامة ويستأنس به قواهم ثم ضيفيما قرر لنفسه دون اعتبار لثمرة الشورى واشيرين !... وذلك هو الفارقالجوهري والكيفي ب ‏«منابع تراثنا»‏ وب ‏«صورته التاريخية الشوهاء»!..‏ثم..‏ إن هذه الشورى التي جعلها القرآن ‏«فريضة واجبة»‏ كفلسفة للحكموسياسة الرعية وتنظيم علاقات الحاكم بالمحكوم..‏ نراه قد جعلها فلسفةسياسة ذلك اجملتمع اصغر الذي ثل اللبنة الأولى في بناء الأمة والرعية..‏مجتمع ‏«الأسرة»‏‏..فالشورى هي سبيل سياسة الأسرة في شريعة الإسلام..‏فالتراضي في الأسرة والوفاق لا بد أن يكون مؤسسا <strong>على</strong> التشاور كما أن33


الإسلام وحقوق الإنسانرضا الرعية في الدولة لا بد أن يكون رضاء واعيا أي مؤسسا <strong>على</strong>التشاور وليس <strong>على</strong> الإستسلام والإذعان...‏ يقول الله سبحانه في معرضالتشريع شكلات الأسرة والسبيل إلى التراضي ب الأطراف حولها:‏‏{والوالدات يرضعن أولادهن حول كامل ن أراد أن يتم الرضاعة و<strong>على</strong>اولود له رزقهن وكسوتهن باعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدةبولدها ولا مولود له بولده و<strong>على</strong> الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عنتراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أرد أن تسترضعوا أولادكم فلاجناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم باعروف واتقوا الله واعلموا أن الله اتعملون بصير}‏ (×٦) وإذا كان القرآن الكر قد جعل للشورى هذا العمومفي اجملتمع اؤمن..‏ فهي فلسفة سياسة الأسرة الصغيرة..‏ وفلسفة سياسةالرعية والدولة..‏ فلا غرابة أن رأيناه قد جعل منها واحدة من الصفاتالتي يتميز بها اؤمنون ‏!..{فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وماعند الله خير وأبقى للذين آمنوا و<strong>على</strong> ربهم يتوكلون.‏ والذين يجتنبونكبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون.‏ والذين استجابوا لربهموأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم وا رزقناهم ينفقون.‏ والذين إذاأصابهم البغي هم ينتصرون}‏ (×٧) .. فهذه الآيات وهي تعدد صفات اؤمنتجعل من ب هذه الصفات أن يكون ‏{أمرهم شورى بينهم}وليس حكرالفرد أو فئة تستبد به وتنفرد من دون الناس !..وإذا كان هذا هو صريح اعنى القرآني في اواطن التي ورد فيهامصطلح ‏«الشورى»‏ يلفظه في آيات الذكر الحكيم..‏ فإن هناك معنى جليلاذا دلالة نلتقي به في كتاب الله يزكى هذا اعنى الذي ينحوا إليه القرآنالكر‏..‏ معنى:‏ وجوب أن تكون سياسة الأمة الإسلامية شورى وحكمهاشورى وكل أمرها شورى..‏ فالقرآن الكر قد تحدث عن ‏{أولى الأمر}‏ فيموطن اثن في سورة النساء..‏ طلب في أحدهما من الرعية طاعتهمبعد طاعة الله وطاعة الرسول٭..‏ وشرع في الثاني لضرورة الرجوعإليهم كجهة اختصاص في حسم الأمور وتقرير أيها هو مصدر الأمن?‏وأيها هو مصدر الخوف?..‏ فقال في الآية الأولى مخاطبا الرعية:‏ ‏{أطيعواالله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}‏ (×٨) .. وقال في الثانية ناعيا <strong>على</strong>البعض سلوكهم غير الرشيد عندما يسارعون في اللغط وتناول الأمور دون34


ضرورة الشورىعلم بدلا من ردها إلى أهل الذكر من ‏{أولي الأمر}:{وإذا جاءهم أمر منالأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمهالذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطانإلا قليلا}‏ (×٩)والحظان اللذان نلفت إليهما الفكر والنظر في هات الآيت الكرتهما:‏الأول:‏ أن القرآن لم يتحدث عن ‏«ولي الأمر»‏ بصيغة افرد وإا تحدثعن ‏«أولي الأمر»‏ بصيغة الجميع..‏ وفي ذلك تزكية للجماعية وللقيادةالشورية وعدول عن سبيل التفرد والإنفراد بأمر اسلم !..والثاني:أن القرآن قد اشترط لطاعة ‏{أولي الأمر}‏ ولاختصاصهم ااختصهم به أن يكونوا من الأمة..‏ عنى أن يكونوا موضع اختيارها ومصدرالثقتها وأهلا لقيادة حياتها..‏ وفي هذه الدلالات القرآنية تأكيد <strong>على</strong> وجوب:‏اشتراك الرعية بالشورى في اختيار ‏{أولي الأمر}‏ وإلا ا جاز وصفهمبأنهم من هذه الرعية..‏ فليس منا من هو مفروض علينا بالغلبة والقهروالإستبداد..‏ وتأكيد عل وجوب أن تكون سياسة الرعية من قبل حكامهابالشورى لأن وجود مقاليد الأمور بيد الجماعة لا يستقيم بغير إعتمادالشورى سبيلا لإنضاج رأي هذه الجماعة-{أولي الأمر}-ووصولها إلى مرحلةالقرار الصالح للتنفيذ !..ذلك هو مكان ‏«الشورى»‏ الإسلامية في القرآن الكر‏:‏ فريضة شرعيةواجبة شرعها الله سبحانه لتكون فلسفة السياسة الإسلامية سواء أكانالأمر في نطاق الأسرة أو اجملتمع أو الدولة التي تسوس الرعية بشريعةالإسلام..‏ فريضة شرعية واجبة وليست مجرد ‏«حق»‏ من ‏«حقوق الإنسان»!..‏بللقد ذهب القرآن الكر في سبيل التزكية لهذا السبيل في الفكروالسياسة-سبيل الشورى-إلى أن ضرب لنا الأمثال <strong>على</strong> أن هذا السبيلقد قد اهتدت إليه-إن بالفطرة السليمة أو باستلهام رسالات سماويةسابقة-أ وشعوب فبلغت به الإرتقاء في أساليب التفكير وصنع القرار..‏ففي مصر القدة سلك{الأ من قوم فرعون}‏ سبل التشاور والائتمار وهميبحثون اوقف من موسى عليه السلام ومن اعجزة التي أدهشهم بها{قالالأ من قوم فرعون:‏ إن هذا لساحر عليم.‏ يريد أن يخرجكم من أرضكم35


الإسلام وحقوق الإنسانفماذا تأمرون?.‏ قالوا أرجه وأخاه وأرسل في ادائن حاشرين يأتوك بكلساحر عليم}..‏ (×١٠) ولقد واعدوا موسى <strong>على</strong> اللقاء في يوم عيدهم-يومالزينة-ليتم التحدي <strong>على</strong> مشهد من الناس..‏ ‏{فجمع السحرة يقات يوممعلوم.‏ وقل للناس هل أنتم مجتمعون.‏ لعلنا نتبع السحرة إن كانوا همالغالب‏}‏كذلك كان هذا هو نهج الحكم والسياسة والسبيل إلى صنع القرار فيلكة سبأ كما حكي القرآن الكر <strong>على</strong> عهد ملكتها بلقيس..‏ ‏{قالت ياأيها الأ إني ألقى إلى كتاب كر‏.‏ إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمنالرحيم.‏ ألا تعلو علي وأتوني مسلم‏.‏ قالت يا أيها الأ أفتوني في أمريما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون}.‏ (×١٢)هكذا تحدث القرآن الكر عن ‏«الشورى»...‏ فهي فريضة شرعية واجبةلسياسة اجملتمع والدولة...‏ ولابد لها من الجماعة والجماعية دون الفرديةوالإستبداد بصنع القرار...‏ وهي إسلامية مقدار هذا اقام الجديد الذيوضعها فيه الإسلام:‏ مقام الفريضة الواجبة الذي فاق ويفوق مقام ‏«الحق»‏الذي يجوز لصاحبه التنازل عنه...‏ وإلا فإنها ميراث إنساني وتراث للإنسانيةالراشدة منذ أن عرفت الإنسانية <strong>على</strong> الرشاد في السياسة والسلوك وصنعالقرار.‏(١١×)وفي السنة النبوية:‏ولقد غدا للسنة النبوية الشريفة من القرآن الكر مكان ‏«البيانوالتفصيل والتجسيد»...‏ ‏{وأنزلنا إليك الذكر لتب للناس ما نزل إليهمولعلهم يتفكرون}‏ (×١٣) ‏....{وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتب لهم الذياختلفوا فيه}‏ (×١٤) .. فجاءت هذه السنة النبوية في الشورى بيانا وتفصيلاوتجسيدا ا حواه القرآن الكر في هذا اجملال...‏ ونحن عندما نتأملمعنى الحديث الشريف الذي وصفت به عائشة أم اؤمن رضي اللهعنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت:‏ ‏«إن خلق نبي الله صلىالله عليه وسلم كان القرآن»‏ (×١٥) ... عندما نتأمل هذا الحديث ندرك كيفكانت سياسة الرسول للدولة وسياسته لبيته وسلوكه ب أصحابه التزاماكاملا بهذه الفلسفة التي شرعها الله في القرآن الكر‏..‏36


ضرورة الشورىفالرسول صلى الله عليه وسلم يعلم اسلم من خلال أحاديثه أنالشورى ‏«تكليف»‏ و ‏«فريضة»‏ وليست مجرد ‏«حق»‏ ‏«يجوز»‏ الإلتزام بها أوالتنازل عنها فيستخدم فعل الأمر و ‏«لام»‏ الأمر لا يجاب ‏«اشورة»‏ <strong>على</strong> من‏«استشي»«إذا استشار أحدكم أخاه فليشر عليه»‏ (×١٦) ... وهذه الاستشارةمسئولية تتطلب من هو أهل لها ولتبعاتها لأن ‏«استشار مؤن»‏ (×١٧) ...‏«ومن استشاره أخوه اسلم فأشار عليه بغير رشد فقد خانه...»‏ (×١٨) !وهذا التشريع النبوي لم يكن خاصا باؤمن دون النبي ذلك أن عصمةالنبي واختصاصه بالوحي إا كانا فيما يبلغ عن الله من أمر ‏«الدين»...أماالكثير من شئون الدنيا فإنها كانت موضع شوراه مع اسلم بل كانتالشورى فريضة الإسلام حتى <strong>على</strong> الرسول لسياسة هذه الشئون..‏ . ومنثم فلقد وجدنا السنة النبوية شاهدة <strong>على</strong> التزام الرسول صلى الله عليهوسلم بالشورى والتشاور في سياسة الدولة وفي سياسة بيته وفي سلوكهالبشري ب الناس....‏ حتى لقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنهقال:‏ ‏«ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليهوسلم»!‏ (×١٩)بل إن من الأحاديث النبوية أحاديث تقطع-فوق سلوك النبي طريقالشورى-قطع بالتزامه صلى الله عليه وسلم شورة الأغلبية ورأيها حتىلو كان رأيه هو في الأقلية مادامت القضية من شئون الدنيا الخاضعةللشورى وخارجة عن نطاق التبليغ عن الله ا هو دين خالص...‏ ونحن نجدهذا ابدأ صريحا في قول الرسول لأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب:‏‏«لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما»‏ (×٢٠) !... وفي الحديث الذي يرويهالإمام علي ‏(كرم الله وجهه)‏ ابن أبي طالب عن الرسول نجده صلى اللهعليه وسلم يقطع بأنه لم يكن لينفرد-وهو رئيس الدولة وقائد الحكومة-‏بتعي الأمراء والولاة دون استشارة وإا كان يستشير في ذلك اؤمن‏.‏فكانت القاعدة استقرة هي أن الشورى هي السبيل لتعي الأمراء والولاةفي دولة الإسلام...‏ يقول عليه السلام في هذا الحديث:‏ ‏«لو كنت مؤمراأحدا دون مشورة اؤمن لأمرت ابن أم عبد»‏ (×٢١) ‏-{عبد الله بن مسعود}..‏فثقة الرسول في جدارة عبد الله بن مسعود بالإمارة كاملة لكنه لا يؤمرهدون مشورة اؤمن لأن الشورى هي سبيل الإسلام واسلم إلى تبو37


الإسلام وحقوق الإنسانمثل هذه اسؤوليات !..وفي سياسة الرسول وقيادته لشئون الحرب ومعارك القتال-وهي مظنةالتفرد بالرأي من رسول يأتيه نبأ السماء-كانت شجاعته القتالية تجعلهالحمى الذي يحتمي به أصحابه إذا حمى الوطيس واشتد القتال...‏ لكننانجد الشورى فريضة متبعة ونهجا يلتزمه النبي صلى الله عليه وسلم فيكل شئون الحرب والقتال..‏ . ففي اختيار موقع نزول الجيش بغزوة بدر:‏عدل الرسول عن رأيه وأخذ برأي الصحابي الحباب بن انذر بن عمرو بنالجموح..‏ (×٢٢) وفي قتال اشرك يوم بدر ولقائهم خارج ادينة سلكالرسول سبيل الشورى لأن هذا اللقاء كان يتطلب تطوير التعاقد السياسيالذي بينه وب الأنصار في بيعة العقبة...‏ فلقد عاهدوه يومئذ <strong>على</strong>حمايته دينتهم ولم يعاهدوه <strong>على</strong> الخروج للحرب فيما وراء ادينة ولذلك-‏كما يروي أنس بن مالك-«‏ا سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدرخرج فاستشار الناس فأشار عليه أبو بكر ثم استشارهم فأشار عليهعمر فسكت فقال رجل من الأنصار:إا يريدكم ! فقالوا:‏ يا رسول اللهوالله لا نكون كما قالت بنو إسرائيل وسى عليه السلام:‏ إذهب أنت وربكفقاتلا إنا ههنا قاعدون.‏ ولكن والله لو ضربت أكباد الإبل حتى تبلغ بركالغماد (×٢٣) لكنا معك»‏ (×٢٤) ! فبالشورى صنع قرار القتال من حيثابدأ...‏ وبالشورى تطور نطاق التعاقد الذي سبق إبرامه في بيعة العقبةب الرسول وب الأنصار !.. .وفي أسرى هذه الغزوة-غزوة بدر-«استشار رسول الله صلى الله عليهوسلم أبا بكر وعليا وعمر»‏ في أسرى اشرك الذين بلغت عددهم سبعأسيرا (×٢٥) .. وفي غزوة الأحزاب-الخندق-فاوض الرسول صلى الله عليهوسلم قادة ‏«غطفان»‏ و«نجد»‏ في التخلي عن مساندتهم لقريش وانسحابهممن حصار ادينة لقاء ثلث ثمارها...‏ وقبل إبرام اعاهدة استشار زعماءالأنصار ثل في سعد بن عبادة وسعد بن معاذ فلما أشارا بغير ذلكنزل <strong>على</strong> رأيهما ومزق مشروع اعاهدة (×٢٦) ... ويوم الحديبية:‏ عندما خرجالرسول في أصحابه معتمرين فجاءته أنباء استعداد قريش لصدهم عنالبيت الحرام بالقتال...‏ جمع الرسول أصحابه وقال لهم:‏ ‏«أشيرواعلي...»‏ (×٢٧) وهكذا كانت الشورى فريضة واجبة ونهجا التزمه الرسول38


ضرورة الشورىصلى الله عليه وسلم في شئون الحرب وسياسة أمرها وقيادة الجيش فيالغزوات وفي تعي أمراء السرايا...‏وكما كان هذا هو موقف الرسول من الشورى في شئون الحرب والقتال...‏كان له منها ذاتا وقف في سياسة أسرته وأهل بيته...‏ ففي حادثة ‏«الإفل»‏الذي رميت به أم اؤمن عائشة ‏«دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم;‏علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد ح استلبث الوحي ‏{تأخر بنبأ براءةعائشة}‏ ليستشيرهما في فراق أهله...»‏ (×٢٨) ! وكان هذا السلوك النبوياستشير عاما في التشريع للأسرة اسلمة وفي سياسة شئونها...‏ فهويطلب أن يكون زواج النساء ثمرة شاورتهن ويقول ‏«أشيروا <strong>على</strong> النساء فيأنفسهن»‏ (×٢٩) ... ولقد غدت الشورى سنة متبعة في سياسة الأسرة فقرأنافي كتب السنة حديث أسماء بنت عميس قالت:‏ ‏«أول ما أشتكي رسول الله; صلى الله عليه وسلم-}مرض اوت ‏{-في بيت ميمونة-}‏ إحدى زوجاته {-فاشتد عليه مرضه حتى أغمى عليه فتشاور نساؤه.‏ فيلده (×٣٠) فلدوه...»‏ (×٣١)وإذا كانت عقائد الدين وأحكام شريعته وشعائر عباداته هي وحي يبلغهالرسول عن ربه ويبينها للأمة التي تستجيب وتطيع مسلمة الوجه في كلذلك لله...‏ دون أن يكون أي من هذه الأصول الدينية موضوعا لشورىالبشر ورأي الناس...‏ إذا كان ذلك أمرا مستقرا في فكر الإسلام واسلم‏...‏فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل بعضا من«سبل»‏ هذه الأمورالدينية الخالصة موضوعا لشورى اسلم‏...‏ فالصلاة:‏ دين خالص وليستوضوع للشورى...‏ لكن سبيل تنبيه اسلم إلى أوقات الصلاة ومواقيتهاقد جعله الرسول موضوعا لشورى اسلم‏...‏ فلقد روي«أن النبي صلىالله عليه وسلم استشار الناس ا يهمهم إلى الصلاة-{أي في سبيل تنبيههموتحريك همتهم للصلاة}-فذكروا البوق فكرهه من أجل اليهود.‏ ثم ذكرواالناقوس فكرهه من أجل النصارى.‏ فأرى النداء تلك الليلة رجل من الأنصاريقال له عبد الله بن زيد وعمر بن الخطاب.‏ فطرق الأنصاري رسول اللهليلا فأمر رسول الله بلالا به فأذن...»‏ (×٣٢) ... فكان سبيل الإعلام واقيتالصلاة موضوعا للشورى ب اسلم‏.‏ولقد كان التزام الرسول شاورة أصحابه-إلى الحد الذي جعل أبا39


الإسلام وحقوق الإنسانهريرة يقول:‏ ‏«ما رأيت أحدا قط أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله٭»-‏كان هذا السلوك منارة تشع <strong>على</strong> صحابته فكرا يعلمهم هذا السلوك ويدعوهمإلى هذا الخلق صباح مساء..‏ . كذلك كانت أوامره صلى الله عليه وسلمصريحة في وجوب سلوك هذا السبيل..‏ ففي ‏«غزوة مؤتة»‏ كانت عدة جيشاسلم ثلاثة آلاف وكان أمير الجيش زيد بن حارثة...‏ وأوصاهم الرسول‏«إن أصيب زيد فأميركم جعفر بن أبي طالب فإن أصيب فأميركم عبدالله بن رواحة الأنصاري»‏ فإن أصيب كان عليهم أن يختاروا بالشورى لهمأميرا جديدا.‏ ولقد سلك جيش مؤتة هذا السبيل فاختاروا بالشورىخالد بن الوليد أميرا عليهم بعد استشهاد الأمراء الثلاثة فقادهم إلىالنصر في أولى معارك الإسلام مع الروم البيزنطي‏...‏ (×٣٣)كذلك علم الرسول صلى الله عليه وسلم أمته أن الشورى هي السبيلإلى الصلاح والإصلاح..‏ . فقال:‏ ‏«إن كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكمسمحاءكم وأموركم شورى بينكم فظهر الأرض خير لكم من بطنها وإذاكان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاء كم وأموركم إلى نسائكم فبطنالأرض خير لكم من ظهرها»‏ (×٣٤) .. وفي حديث آخر يقطع صلى الله عليهوسلم بأن الشورى هي سبيل السعادة وبأن الإستبداد بالرأي والتفردبالقرار هو طريق الشقاء فيقول:‏ ‏«ما شقي قط عبد شورة وما سعدباستغناء رأي»‏ (×٣٥) .هكذا كانت شورى الرسول صلى الله عليه وسلم سنة متبعة ونهجاالتزامه في سياسة الدولة سلما وحربا وفي سياسة الناس أسرة وأمة...‏فجاء سلوكه وجاءت تطبيقاته وكانت سنته:‏ بيانا وتفصيلا وتجسيدا ا جاءعن الشورى في القرآن الكر‏.‏وفي دولة الخلافة الراشدة:‏وهذه الشورى الإسلامية التي استقرت في القرآن الكر وفي السنةالنبوية الشريفة فلسفة للحكم وسبيلا لسياسة الرعية وخلقا للسلوك لمتذهب بانتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه...‏ بل لقداستمرت في دولة الخلافة الراشدة وازداد وها بازدياد الحاجة إليها...‏فقيادة الرسول للدولة وإن لم تكن له عصمة في تصريف شئونها الدنيوية40


ضرورة الشورىإلا أن الوحي الإلهي كان يصحح الخطأ ويعاتب <strong>على</strong> اختيار ما ليس بأفضلولا أولى..‏ . أما بعد قيام دولة الخلافة وسلطتها ادنية الخالصة فإنالحاجة إلى الشورى لضمان الإقتراب قدر الإمكان من الحق والصواب-قدزادت ضروراتها واشتد إلحاحها..‏ . فرأينا الشورى الفلسفة اتبعة والنهجالذي التزمته هذه الدولة في مختلف ميادين الحكم وسياسة الناس وصنعالقرار..‏ .فلقد تأسست هذه الدولة بالشورى التي كانت سبيل الإختيار والبيعةلأبي بكر خليفة أول <strong>على</strong> اسلم بعد وفاة الرسول عليه السلام..‏وكانت الشورى سبيل اجتماع الكلمة <strong>على</strong> القرار العبقري الذي اتخذهالخليفة الأول حاربة الذين ارتدوا عن ‏«التوحيد الديني»‏ والذين ارتدواعن ‏«وحدة الدولة»‏ باعتبارهما وجهي عملة واحدة هي ‏«عملة التوحيدالإسلامي»‏ في الدين والدولة.‏ولقد سن أبو بكر الصديق سنة استشارة الناس في التشريع وفي القضاءواجهة الأمور استحدثة التي ليس لها في القرآن ولا في السنة أحكام..‏‏«فعن ميمون بن مهران قال:‏ كان أبو بكر إذا ورد عليه الخصم نظر فيكتاب الله فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى وإن لم يكن في الكتابوعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الأمر سنة قضى به فإنأعياه خرج فسأل اسلم وقال:‏ أتاني كذا وكذا فهل علمتم أن رسولالله صلى الله عليه وسلم قضى في ذلك بقضاء ‏?فرا اجتمع إليه النفركلهم يذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه قضاء فيقول أبو بكر:‏الحمد لله الذي جل فينا من يحفظ <strong>على</strong> نبينا.‏ فإن أعياه أن يجد فيه سنةمن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع رؤوس الناس وخيارهمفاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم <strong>على</strong> أمر قضى به»‏ (×٣٦)وكذلك استمرت سنة الشورى في عهد عمر بن الخطاب..‏ .فهو قد استشار الناس في تطوير جهاز الدولة <strong>على</strong> النحو الذي يلائماتساعها بعد فتح ما فتح الله عليهم من البلاد..‏ .. فدونت الدواوين وأصبحللدولة جيش نظامي....‏ (×٣٧)وهو يحدث تلك التغييرات الجذرية والعميقة الأثر في الأوضاعالإقتصادية للدولة بجعل الأرض الزراعية في البلاد افتوحة ملكا للأمة41


الإسلام وحقوق الإنسانجمعاء.‏ الحاضر من أجيالها والقادم ورفض توزيعها <strong>على</strong> الجند الفاتح‏..‏ويجعل ما كان للرسول صلى الله عليه وسلم ول<strong>ذوي</strong> قرابته من سهامالغنائم خاصا لبيت مال اسلم ويرفض تخصيصه للخليفة و<strong>ذوي</strong> قرباه..‏. يصنع ذلك التحول الهائل بالشورى التي اتخذت أشكالا وسبلا عديدةمنها التحكيم»‏ (×٣٨) ..وإذا كانت ‏«حدود»‏ الشريعة وأحكامها دينا خالصا لا شورى فيها..‏ .فإن ‏«سبل»‏ إقامة هذه الحدود ومقاديرها-أحيانا-قد كانت موضوعا للشورى<strong>على</strong> عهد الراشد الفاروق..‏ . فعن أنس بن مالك قال:‏ ‏«كان رسول اللهصلى الله عليه وسلم يعزر في الخمر بالنعال والجريد.‏ ثم ضرب أبو بكرأربع‏.‏ فلما كان زمن عمر ودنا الناس من الريف والقرى استشار في ذلكالناس وفشا ذلك في الناس فقال عبد الرحمن بن عوف:‏ أرى أن تجعلهكأخف الحدود فضرب عمر ثمان‏»‏ (×٣٩) وفي رواية ثور بن زيد الديلي:‏‏«إن عمر بن الخطاب استشار في الخمر يشربها الرجل.‏ فقال له علي بنأبي طالب:‏ نرى أن تجلده ثمان فإنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذاهذى افترى..‏ . فجلد عمر في الخمر ثمان‏»‏ (×٤٠)وفي ‏«الفرائض»‏ ‏{اواريث}‏ حيثما لم يكن نص قطعي الدلالة والثبوت-‏رأينا الشورى السبيل لصباغة حكم الإسلام...‏ ففي ميراث الجد...‏ وجدناأبا بكر قد ‏«جل الجد أبا»‏ (×٤١) من حيث نصيبه في ايراث...‏ فلما جاءعمر اجتهد في ذلك اجتهاده ‏«فكان يقاسم بالجد مع الأخ والأخوين فإذازادوا أعطاه الثلث وكان يعطيه مع الولد السدس..»‏ (×٤٢) فلما اقترب مناوت و«طعن استشارهم في الجد فقال:‏ إني كنت رأيت في الجد رأيا فإنرأيتم أن تتبعوه فاتبعوه فقال له عثمان:‏ إن نتبع رأيك فإنه رشد وإن نتبعرأي الشيخ-{أبي بكر}-فلنعم ذو الرأي كان...»‏وكذلك كان شأن عمر في القضاء إذا لم يكن يعلم أن هناك تشريعا فيالقرآن أو سنة الرسول عليه الصلاة والسلام...‏ ‏«فعن اغيرة بن شعبة عنعمر أنه استشارهم في أملاص (×٤٤) ارأة...‏ فقال له اغيرة:‏ قضى فيهرسول الله صلى الله عليه وسلم بالغرة.‏ (×٤٥) فقال له عمر:‏ إن كنت صادقافائت بأحد يعلم ذلك.‏ فشهد محمد بن مسلمة أن رسول الله صلى اللهعليه وسلم قضى به...»‏ (×٤٦) سلك سبيل الشورى أيضا في القضاء ب(٤٣×)42


ضرورة الشورى‏«رجل استبا...‏ فقال أحدهما للآخر:‏ والله ما أبي بزان ولا أمي بزانيةفاستشار في ذلك عمر بن الخطاب.فقال قائل:‏ مدح أباه وأمه.‏ وقال آخرون:‏قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا نرى أن تجلده الحد.‏ فجلده عمر الحدثمان‏..»‏ (×٤٧) فهو هنا قد استشار في الحكم ‏«القضاء»..‏ . وأخذ برأيالجمع دون الفرد وبالأغلبية دون الأقلية.‏وفي شؤون الصحة وارض..‏ بل وتحديد حدود ومعاني ‏«القضاء والقدر»‏كانت الشورى هي سبيل اسلم لصياغة الفكر وصنع القرار ! ‏«فعن عبدالله بن عباس أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرعلقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه أن الوباء قدوقع بأرض الشام.‏ فقال عمر:‏ أدع لي اهاجر ين الأول فدعاهمفاستشارهم وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام فاختلفوا.‏ فقال بعضهم:‏قد خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع عنه.‏ وقال بعضهم:‏ معك بقية الناسوأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تقدمهم <strong>على</strong> هذاالوباء.‏ فقال عمر:‏ ارتفعوا عني ‏«أي انفضوا»‏ ثم قال:‏ أدع لي الأنصار..‏ .فاستشارهم فسلكوا سبيل اهاجرين واختلفوا كاختلافهم.‏ فقال:‏ ارتفعواعني.‏ ثم قال:‏ أدع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرةالفتح...‏ فلم يختلف منهم عليه رجلان فقالوا:‏ نرى أن ترجع بالناس ولاتقدمهم <strong>على</strong> هذا الوباء.‏ فنادى عمر في الناس:‏ إني مصبح <strong>على</strong> ظهرفأصبحوا عليه.‏ فقال أبو عبيدة بن الجراح:‏ أفرار من قدر الله ? فقالعمر:‏ لو غيرك قالها يا أبا عبيدة ! نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله!...‏أرأيت لو كانت لك إبل هبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة والأخرىجدبة أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله وإن رعيت الجدبة رعيتهابقدر الله ? !..» (×٤٩) فمهاجرة الفتح باجتماعهم <strong>على</strong> الرجوع رجحوا كفةالذين رأوا ذلك من اهاجرين والأنصار فصاروا أغلبية..‏كذلك كان الحال في شئون معارك الفتح في ذلك التاريخ..‏ وعياضالأشعري يروي فيقول:‏ ‏«شهدت اليرموك وعلينا خمسة أمراء...‏ فأصبناأموالا فتشاوروا»‏ في كيفية التصرف في هذه الأموال (×٥٠) !..بل إننا واجدون في مأثورات عصر الخلافة الراشدة زمن الفاروق عمربن الخطاب صياغات فكرية جددت ما سبق للسنة النبوية أن حسمته(٤٨×)43


الإسلام وحقوق الإنسانوأوضحته عندما حصرت سبيل الإمارة في طريق الشورى وحده..‏ . فلقدقال عمر بن الخطاب:‏ ‏«من بايع أميرا عن غير مشورة اسلم فلا بيعة لهولا بيعة للذي بايعه...»‏ (×٥١) !... فلا مشروعية لبيعة ولا بايعة إلا إذا تعن طريق ‏«شورى اسلم‏»!..‏ولم يقف عمر بهذا ابدأ وهذا القانون عند الإمارات الفرعية <strong>على</strong>الولايات والأقاليم وإا نبه <strong>على</strong> أن الخلافة العامة وإمارة اؤمن محصورةهي الأخرى في هذا الإطار وذلك السبيل!...‏ ففي أواخر عهده خطبفقال:‏ ‏«إن قوما يأمرونني أن أسخط وإن الله لم يكن ليضيع دينه ولاخلافته والذي بعث به نبيه٭.‏ فإن عجل بي أمر فالخلافة شورى فيهؤلاء الستة»‏ (×٥٢) بقية اهاجرين الأول‏.‏ فلما انتقل الفاروق إلى جوارربه وضع اسلمون هذا القانون في التطبيق...‏ ‏«فاجتمع الرهط الذينولاهم عمر فتشاوروا»...‏ وقبل عبد الرحمن بن عوف أن يتنازل عن سعيهللخلافة <strong>على</strong> أن ينهض بإدارة ‏«عملية الشورى»‏ فلم يترك أحدا من الناسإلا استشاره...إستشار كل من بادينة من وجوه الناس وعامتهم مهاجرينكانوا أم أنصارا..‏ وأرسل إلى أمراء الأجناد من أهل الولايات والأقاليموكانوا قد حضروا للحج مع عمر بن الخطاب في تلك السنة فاستشارهموأفضت هذه العملية إلى اختيار عثمان بن عفان للخلافة«فبايعه الناس:‏اهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد واسلمون...»‏ (×٥٣) .تلك هي الشورى الإسلامية...‏الأمة فيها وبها هي مصدر السلطات وصاحبة السلطان في سياسةالدولة وتنظيم اجملتمع وتنمية العمران.‏وهذه الأمة تختار ثليها العارف ‏«بالواقع»‏ و ب ‏«الشريعة»‏ معا..‏ وهمأهل الإختيار الذين يختارون رأس الدولة الإسلامية..‏ وكذلك أهل الحلوالعقد الذين يحفظون اتساق ‏«الواقع»‏ مع ‏«الشريعة»‏ و يطورون«التشريع»‏ليلائم الواقع ا لجديد.‏وهذه الأمةمن وراء ثليها عليها وعليهم فريضة مراقبة حكومتها...‏ومحاسبتها..والأخذ <strong>على</strong> يديها..‏ ولها-بل عليها-فريضة تغيير هذه الحكومةإن هي فسقت أو جارت أو ضعفت عن النهوض ا فوضت إليها الأمة منمهام ‏!-تصنع ذلك بالسلم إن أمكن...‏ وبالثورة إن لم يكن بد من ذلك !..44


ضرورة الشورىأما حدود الشريعة والأطر التي حددها الدين ورسمها فإنها لا ثلانتقاصا من حق الأمة في أن تكون في شئون دنياها مصدرا للسلطةوالسلطان..‏ لأن هذه الحدود والأطر هي الثوابت الكافلة لتحقيق مصالحمجموع الأمة وأفرادها..‏ ومن ثم فإن حرية الأمة-بواسطة ثليها-فيالتشريع عندما تقف عند الحدود التي لا يجوز تجاوزها وهي إبقاء الحرامحراما والحلال حلالا فليس في ذلك انتقاص من حرية الأمة وإا هوالتزام بالأطر الدينية المحققة صلحة الأمة كما رآها الشارع سبحانه وتعالى..‏وهكذا..‏ جعل الإسلام ويجعل من الشورى فلسفة الحكم الإسلاميومنهج سياسة الرعية وطريق السلوك السوي للفرد والأسرة واجملتمع...‏فريضة إلهية وضرورة شرعية...‏ وليست مجرد ‏«حق»‏ من ‏«حقوقالإنسان»..إنها ‏«دقراطية»‏ الإسلام واسلم‏...‏ جعلها الله فلسفة الحكمفي الإسلام..‏ وترك للأمة كامل الحق وكل الحرية في إبداع ‏«النظموالتنظيمات والسبل..‏ . والوسائل»‏ إلى تقترب بغايات الشورى ومقاصدهامن الفعل والعطاء عندما توضع في امارسة والتطبيق !.45


الإسلام وحقوق الإنسانالحواشي(×١) هذه الآراء-التي جاءت ثمرة لواقع تاريخي استثنائي-منسوبة إلى أئمة وفقهاء مثل أحمد بنحنبل وابن تيمية والغزالي وابن جماعة.أنظر كتابنا ‏[الإسلام والثورة]‏ ص ٢٣٨ طبعة بيروتسنة(×٢) أنظر طبعة دار اعارف.‏ مادة ‏«شور».‏(×٣) آل عمران:‏(×٤) القرطبي ‏[الجامع لأحكام القرآن]‏ ج ‎٢٤٩‎‏.طبعة دار الكتب اصرية.‏(×٥) رواه إبن ماجة.‏-٢٣٤٤ ص.١٥٩١٩٨٠ م.‏(٦×) البقرة:‏‎٢٣٣‎ .(٧×) الشورى:‏ -٣٦ ٫٣٩ (٨×) النساء:‏‎٥٩‎‏.‏.٨٣١١٢ -١١(١١×) الشعراء:‏ -٣٨ ٠ ٤(١٢×) النمل:‏ -٢٩ .٣٢‏(×‏‎٩‎‏)النساء:‏‏(×‏‎١٠‎‏)الأعراف:.‏(×١٣) النحل:‏‎٤٤‎(×١٤) النحل:‏‎٦٤‎(×١٥) رواه مسلم.‏(×١٦) رواه ابن ماجة.‏(×١٧) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة والدارمي وابن حنبل.‏(×١٨) رواه البخاري ومسلم وابن حنبل.‏(×١٩) رواه والترمذي(×٢٠) رواه ابن حنبل.‏(×٢١) رواه الترمذي وابن ماجة وابن حنبل.‏(×٢٢) ابن عبد البر أ الدرر في اختصار اغازي والسير!‏ ص ١١٣ طبعة القاهرة سنة ‎١٩٦٦‎م.‏(×٢٣) برك الغماد:‏ موضع باليمن...‏ وقيل:‏ مكان وراء مكة سافة مسير خمس ليال قاييسذلك العصر.‏ وضبط ‏«برك»‏ بكسر الراء وسكون الراء.‏ أنظر ‏[لسان العرب]لابن منظور.‏ و ‏[مراصدالإطلاع <strong>على</strong> أسماء الأمكنة والبقاع]-مختصر معجم البلدان-لياقوت الحموي-لصفي الدين عبداؤمن البغدادي.‏ طبعة القاهرة سنة(×٢٤) رواه ابن حنبل.‏(×٢٥) رواه ابن حنبل.‏(×٢٦) ‏[الدرر في اختصار اغازي والسير]‏ ص(×٢٧) رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن حنبل.‏(×٢٨) رواه البخاري ومسلم وابن حنبل.‏١٨٤١٩٥٤ م.‏46


ضرورة الشورى(×٢٩) رواه ابن حنبل!.‏(×٣٠) اللد:هو صب دواء اللدود في إحدى شقي الفم ليمر <strong>على</strong> اللديدين:‏ صفحتا العنق تحتالأذن‏.‏(×٣١) رواه ابن حنبل.‏(×٣٢) رواه ابن ماجة.‏(×٣٣) رفاعة الطهطاوي ‏[الأعمال الكاملة]‏ ج ٤ ص ٣٣١. دراسة وتحقيق:‏ د.‏ محمد عمارة.‏ طبعةبيروت سنة ‎١٩٧٧‎م.‏(×٣٤) رواه الترمذي.‏(×٣٥) القرطبي[الجامع لإحكام القرآن]‏ ج ‎٢٥١‎‏.طبعة دار الكتب اصرية.‏(×٣٦) رواه الدارمي.‏(×٣٧) إبن سعد ‏[الطبقات الكبرى]‏ ج ٢١٦٬٢١٢ طبعة دار التحرير.‏ القاهرة.‏(×٣٨) أبو يوسف[الخراج]‏ ص ٣٥ طبعة القاهرة سنة ١٣٥٢ ه وأبو عبيد القاسم بنسلام ‏[الأموال]‏ ص ٥٨ طبعة القاهرة سنة ‎١٣٥٣‎ه.‏(×٣٩) رواه النسائي ومسلم والترمذي والدارمي وابن حنبل.‏(×٤٠) رواه مالك في اوطأ.‏(×٤١) رواه الدارمي.‏ (×٤٢) رواه الدارمي.‏(×٤٣) رواه الدارمي.‏ (×٤٤) سقط الحمل.‏(×٤٥) الطلعة.‏(×٤٦) رواه البخاري ومسلم وابن ماجة وابن حنبل.‏(×٤٧) رواه مالك في اوطأ.‏(×٤٨) مكان هو أول الحجاز وآخر الشام ب اغيثة وتبوك-ويضبط بفتح الس وسكون الراء-‏أنظر ‏[مراصد الإطلاع <strong>على</strong> أسماء الأمكنة والبقاع].‏(×٤٩) رواه البخاري.‏(×٥٠) رواه ابن حنبل.‏(×٥١) رواه البخاري وابن حنبل.‏(×٥٢) رواه مسلم وابن حنبل.‏(×٥٣) رواه البخاري.‏٤ ص٢ ق ١ ص٬٢٧ -٢٣ ٬٢١٬٥٧47


الإسلام وحقوق الإنسان48


ضرورة العدل4 ضرورة العدلفي الإسلام نجد ‏«قيمة»‏ العدل عالية متألقةتتصدر كل ‏«القيم»‏ الثوابت التي يدعو إليها الدين..‏فهو اقصد الأول للشريعة وكل السبل التي تكفلتحقيقه هي سبل إسلامية شرعية حتى لو لم ينصعليها الوحي أو ترد في اأثورات.‏ بل إننا واجدون‏«العدل»‏ اسما من أسماء الله الحسنى وصفة منصفاته سبحانه وتعالى..‏ وكفى بذلك دليلا <strong>على</strong>اكان الأرفع للعدل في فكر الإسلام.‏ والعدل فيالعرف الإسلامي ضد ‏«الجور والظلم»‏ وهو يعنيجماع مزاج الإسلام وخاصية حضارته أي الوسطيةوالتوازن ادرك بالبصيرة والذي يحقق إنصافبإعطاء كل إنسان ما له وأخذ ما عليه منه..‏ ومنهنا كان حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذيعرف به الوسطية بالعدل والعدل بالوسطية عندماقال:‏ ‏«الوسطية:‏ العدل جعلناكم أمة وسطا».‏ (×١)وإذا كان ‏«العدل»‏ هو ‏«الحق»..‏ فإن مجاورة‏«الحق»‏ هي الظلم والجور..‏ وإذا وقع هذا الظلمفي علاقة الإنسان بعقيدة الألوهية كان كفرا أوشركا أو نفاقا ‏{إن الشرك لظلم عظيم}‏ (×٢) .. وإذاوقع هذا التجاوز في علاقة الإنسان بأخيه الإنسانسمي ظلما..{إا السبيل <strong>على</strong> الذين يظلمون49


الإسلام وحقوق الإنسانالناس}‏ (×٣) .. وكذلك تكون تسميته عندما يكون التجاوز للحق واقعا منالإنسان في حق نفسه وذاته..{فمنهم ظالم لنفسه}‏ (×٤) .. وإذا كان ‏«الظلم»‏مفسدا لشئون الدين والدنيا فإنه ‏«ظلما ت يوم القيامة»‏ (×٥) كما قال الرسولعليه الصلاة والسلام..‏والعدل في شرعة الإسلام فريضة واجبة وليس مجرد ‏«حق»‏ منالحقوق التي باستطاعة صاحبها التنازل عنها إذا هو أراد أو التفريط فيهادون وزر وتأثيم!.‏ إنه فريضة واجبة فرضها الله سبحانه وتعالى <strong>على</strong>الكافة دون استثناء..‏ فرضها <strong>على</strong> رسوله صلى الله عليه وسلم وأمرهبها..‏ ‏{فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت اأنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكمأعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه اصير}.‏وهو فريضة واجبة <strong>على</strong> أولياء الأمور من الولاة والحكام تجاه الرعيةواتحاكم‏..{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بالناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعابصيرا..}‏ (×٧) بل لقد أنجانا الله سبحانه وتعالى أن هذه ‏«الأمانة»التيفرض <strong>على</strong> الإنسان حملها وأداءها كانت هي اعيار الذي يز به الإنسانوامتاز <strong>على</strong> غيره من اخمللوقات..{إنا عرضنا الأمانة <strong>على</strong> السموات والأرضوالجبال فأب أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماجهولا}‏ (×٨) .. ومن افسرين من قالوا إنها أمانات الأموال والعدل ب الناسفيها!..‏ (×٩)وهذا الشمول لفريضة العدل والعموم لضرورتها يحدثنا عنه رسولالله صلى الله عليه و سلم عندما يدعو الأباء إلى العدل ب أبنائهم..‏‏«اعدلوا ب أبنائكم»‏ (×١٠) .. وعندما ينهى الولاة عن غش الرعية..‏ ‏«ما منعبد يسترعيه الله رعية وت يوم وت وهو غاش لرعيته إلا حرم اللهعليه الجنة»‏ (×١١) ‏..وعندما يحدث الولاة عن تكافؤ ‏«العقد»‏ بينهم وب رعيتهمويحذرهم من التفريط ا عليهم تجاه الرعية فيتحدث إلى الرعية عنعلاقتهم بالأئمة فيقول:‏ ‏«إن لهم ‏«الأئمة»‏ عليكم حقا ولكم عليهم حقا مثلذلك ما إن ارحموا فرحموا وإن عاهدوا وفوا وإن حكموا عدلوا فمن لميفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والائكة والناس أجمع‏»‏ (×١٢) . وعندما(٦×)50


ضرورة العدليتحدث عن وجوب شمول العدل لكل ايادين..‏ عدل الولاة في الرعية..‏وعدل القضاة في الأحكام..‏ وعدل الإنسان في أهل بيته-الفرد والأسرةواجملتمع-فيقول صلى الله عليه وسلم:«اقسطون عند الله يوم القيامة <strong>على</strong>منابر من نور عن الرحمن عزل وجل وكلتا يديه الذين يعدلونفي حكمهم وأهليهم وما ولوا»...‏ (×١٣)كذلك يستوي في وجوب العدل أن يكون تجاه الغير أو حيال النفسي..‏وهذا ما يزيد اعنى الذي نلح عليه تأكيدا..‏ فلو كان العدل مجرد ‏«حق»‏لجاز للإنسان أن يتنازل عن نصيبه منه ولكان ظلمه لنفسه ا لا يدخلفي دائرة الإثم والتجر‏..‏ لكن الإسلام الذي جعل العدل ‏«فريضة إنسانية-‏واجبة»‏قد جعل ظلم الإنسان لنفسه جرة كبرى وظلما عظيما...{إنالذين توفاهم الائكة ظاي أنفسهم قالوا:‏ فيم كنتم ? قالوا:‏ كنامستضعف في الأرض قالوا:‏ ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ? !فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا.‏ إلا استضعف من الرجال والنساءوالولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا.‏ فأولئك عسى الله أنيعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا}...‏ (×١٤) بل إن القرآن الكر يعلن الرفضنطق أولئك الذين ظنوا أن ظلمهم لأنفسهم-دون غيرهم-لا يدخل في ‏«كلالسوء»..‏ فيذكر صراحة أن مصير هؤلاء الظاي أنفسهم إلى النار‎٠٠‎‏{الذين تتوفاهم الائكة ظاي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل منسؤ بلى إن الله عليم ا كنتم تعملون.‏ فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيهافلبأس مثوى اتكبرين}.‏ (×١٥)بل إن وجوب فريضة العدل الإسلامية <strong>على</strong> الكافة وعمومها وشمولهايتعدى بها نطاق ‏«الأولياء»‏ فنجدها واجبة العموم بصرف النظر عن العقائدوالشرائع الدينية التي يتدين بها من لهم الحق فيها الأمر الذي يجعلهافريضة إنسانية وضرورة بشرية تجب <strong>على</strong> الإنسان للإنسان من حيث هوإنسان!..‏ فهي فريضة واجبة سواء أكان الأمر تجاه اؤمن أو الكفار تجاهالأصدقاء أو الأعداء..{يا أيها الذين آمنوا كونوا قوام لله شهداءبالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم <strong>على</strong> ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}‏واتقوا الله إن الله خبير ا تعملون}..‏ (×١٦) كذلك نجدها واجبة حتى لوصادمت ‏«ايل والهوى»‏ بسبب تناقضها مع اصلحة الذاتية أو مصلحة من51


الإسلام وحقوق الإنسانيل إليه الإنسان..‏ ‏{يا أيها الذين آمنوا كونوا قوام بالقسط شهداء للهولو <strong>على</strong> أنفسكم أو الوالدين والأقرب إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولىبهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان اتعملون خبيرا}..‏ (×١٧)ونحن عندما نتأمل الوصايا العشر التي أوصى الله بها الإنسان فيالقرآن الكر نبصر ميزان العدل-كضرورة وفريضة إنسانية-معيارا للحلوالحرمة في هذه الوصايا..‏ يقول الله سبحانه وتعالى:‏ ‏{قل تعالوا اتل ماحرم ربكم عليكم:‏ألا تشركوا به شيئاوبالوالدين إحساناولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهمولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطنولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكمتعقلون.‏ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشدهوأوفوا الكيل وايزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعهاوإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربىوبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون.‏وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عنسبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون}...‏ (×١٨)وإذا كان هذا هو شأن ‏«فريضة العدل»‏ في الإسلام..‏ فلقد كان طبيعياأن نرى موقفه الواضح ضد الظلم متسما هو الآخر بالشمول.‏ فالعدلواجب <strong>على</strong> الكافة تجاه الكافة..‏ ومن ثم كان الظلم حراما <strong>على</strong> الجميع إزاءالجميع..‏ وإذا كان الله سبحانه هو ‏«العدل»‏ اطلق فلقد شاء سبحانه أنيعلمنا أن فعله ا يريد وكونه لا يسأل عما يفعل لا يعني جواز الظلم فيحقه حتى ولو كان قاضيا في ملكه كمالك مطلق ووحيد..‏ ووجدناه سبحانهيذهب إلى تعليمنا كراهية الظلم بأن يخبرنا أنه قد حرمه <strong>على</strong> نفسهوعلينا التشبه والتأسي والإقتداء فيقول في الحديث القدس:‏ ‏«إني حرمت<strong>على</strong> نفس الظلم و<strong>على</strong> عبادي ألا فلا تظاوا..‏ .».. (×١٩) ويشيع هذا اعنى52


ضرورة العدلفي القرآن الكر‏...{وما الله يريد ظلما للعباد}..‏ (×٢٠) {... وما الله يريدظلما للعا‏}‏ (×٢١) {.. وأن الله ليس بظلام للعبيد}‏ (×٢٢) ...{.. إن الله لايظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون}‏ (×٢٣) ‏{إن الله لا يظلممثقال ذرة..}‏ (×٢٤) {.. ولا يظلم ربك أحدا}‏ (×٢٥)وبعد أن ضرب الله لنا اثل <strong>على</strong> بشاعة الظلم عندما أخبرنا أنه قدحرمه <strong>على</strong> نفسه وأحال وقوع مثقال ذرة من الظلم من قبله سبحانه نهاناعنه وحذرنا من اقترافه.‏ فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:‏ ‏«اسلمأخو اسلم لا يظلمه ولا يسلمه..»‏ (×٢٦) .. وعندما مر الرسول مع صحابتهساكن الذين هلكوا لأنهم اقترفوا الظلم نبه أصحابه-‏زيد تحذيرهممن الظلم-كيلا يدخلون مسكن هؤلاء الظا البائدين !.. ‏«لا تدخلوا مسكنالذين ظلموا إلا أن تكونوا باك أن يصيبكم ما أصابهم»‏ (×٢٧) ‏..أما القرآنالكر فإنه يعلمنا أن عقاب الظالم <strong>على</strong> ظلمه يهون بجانبه كل شيء فيالأرض..{‏ ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامةا رأوا العذاب وقضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون}‏ (×٢٨) ...{.. ولو أنللذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذابيوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون}‏ (٢٩) .. ذلك أن اللهقد كتب الهلاك <strong>على</strong> الظا‏...{ولقد أهلكنا القرون من قبلكم اظلموا...}‏ (×٣٠) .. وحكم بصيرورتهم إلى عذاب النار..{..‏ ومن يظلم منكمنذقه عذابا كبيرا}‏ (×٣١) .. وفي الحديث الشريف:‏ ‏«من اقتطع أرضا ظاالقي الله عز وجل يوم القيامة وهو عليه غضبان»‏ (×٣٢) .. و«من أعان قومه<strong>على</strong> ظلم فهو كالبعير اتردي ينزع بذنبه»‏ (×٣٣) .. !.. إلى آخر صور التحذيروالتخويف من الظلم ومصير الظاي..‏<strong>على</strong> أن الإسلام لا يقف من الظلم عند هذه الحدود..‏ حدودالتحر‏..والتحذير..‏ والتخويف..‏ بل يذهب فيوجب <strong>على</strong> اسلم التصديللظلم بانع والإزالة-كمنكر-..‏ والتصدي للظلمة باقاومة حتى يتطهر مجتمعالإسلام من دنس الظلم والظا‏..‏فالجهر بالسوء وإعلان السلبيات وكشف ما لا يحسن كشفه بنظرالإسلام-منكر يجب أن يبرأ منه لسان اؤمن وتعف عنه أجهزة إعلامه..‏لكن إذا تعلق الأمر بالسوءات والسلبيات واظالم والجرائم التي يرتكبها53


الإسلام وحقوق الإنسانالظلمة وأهل الجور فلا حرمة لهم في هذا اجملال..‏ ففضحهم واجبوإثارة الأمة ضد جرائمهم ومخازيهم مطلوبة بنظر الإسلام...{لا يحبالله الجهر بالسوء من القول إلا ظلم وكان الله سميعا عليما}...‏ (×٣٤)والإسلام دين سلام ومساة..‏ لكنه يدعو اظلوم إلى العدول عنالسلم إذا كانت اواجهة بينهم وب الظا‏..‏ فالظلم حرب معلنة وعدوانيةوغير مشروعة يشنها الظاون ضد الأمة ومن ثم فلا بد من مواجهتهم ايردعهم من أساليب اقاومة ومنها ‏«القتال»...{أذن للذين يقاتلون بأنهمظلموا وإن الله <strong>على</strong> نصرهم لقدير.‏ الذين أخرجوا من ديارهم بغير حقإلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامعوبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصرهإن الله لقوي عزيز}..‏ (×٣٥)والقرآن الكر عندما تحدث عن ‏«الشعراء»‏كانت إدانته لذلك الفريقالذي سخر شعره لدعم مظالم الجاهلية فكريتها..‏ واستثنى من هذه الإدانةوذلك النقد الشعراء الثوار الذين أسهموا بشعرهم في مجابهة اظالمالجاهلية بدعمهم الروح القتالية للمستضعف ضد الطغاة...{والشعراءيتبعهم الغاوون.‏ ألم تر أنهم في كل واد يهيمون.‏ وأنهم يقولون ما لا يفعلون.‏إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ماظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}..‏ (×٣٦) فالذين ‏«انتصروا»‏أي ‏«ثاروا»‏ في وجه الظلم مستثنون من هذه الإدانة التي وجهها القرآن إلىالشعراء..‏ولقد أنبأنا رسول الله صلى الله عليه سلم أن الصراع ب ‏«العدل»‏وب ‏«الظلم»‏ في هذه الحياة الدنيا صراع دائم أبدا..‏ ومن ثم فلا بد مناليقظة ظاهر الظلم وجرائم الظلمة أنى ظهرت وفي أي مكان نجمت..‏يقول الرسول:‏ ‏«لا يلبث الجور بعدي إلا قليلا حتى يطلع فكما طلع منالجور شيء ذهب من العدل مثله حتى يولد في الجور من لا يعرف غيره!..‏ثم يأتي الله تبارك وتعالى بالعدل فكلما جاء من العدل شيء ذهب منالجور مثله حتى يولد في العدل من لا يعرف غيره !.» (×٣٧) وفي مجرىهذا الصراع الدائر والدائم رفع الله الحرج عن اظلوم إن هم هبواقاومة الظا فلا سبيل عليهم في ذلك بل هم مأجورون..‏ فالذين54


ضرورة العدليثورون ‏«ينتصرون»‏ في وجه الظلم ليس عليهم من سبيل..‏ ‏{ون انتصر بعدظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل!.‏ إا السبيل <strong>على</strong> الذين يظلمون الناسويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم}‏ (×٣٨)بل إن موقف الإسلام من هذه القضية..‏ قضية ‏«الإنتصار»‏ أي الثورة-‏ضد الظلم والظلمة يتعدى ‏«الإباحة»‏ و ‏«اشروعية»‏ ‏«إلى التحبيذ»‏ بل و‏«الإيجاب»‏ !. ورسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يقول:«إذا رأيتم أمتيتهاب الظالم أن تقول له:‏ إنك أنت ظالم فقد تودع منهم»...‏يعلمنا أن التصدي للظلم باقاومة هو دليل ‏«الحياة»‏ في الأمة أما إذا هيعجزت عن ذلك أو أهملته فإنها ستكون عندئذ في عداد الأموات الذين‏«تودع منهم»‏ رغم أنهم يأكلون ويشربون كما يأكل ‏«الأحياء»‏ ويشربون !.ولذلك وجدنا تراث الإسلام مزدانا باأثورات التي تحض <strong>على</strong> مقاومةالظلم ومقاتلة الظلمة والتصدي بالثورة لتغيير مجتمعات الجور والإستبداد..‏ووجدنا هذه اأثورات الشريفة تبشر أهل الحق ا أعده الله لهم من رفيعالدرجات لقاء معاناتهم مصاعب هذا الطريق..‏ ف ‏«من قتل دون ماله مظلومافهو شهيد ومن ظلم من الأرض شبرا طوقه من سبع أرض‏»‏ ! (×٤٠) فشتانما ب اصيرين اللذين أعدهما الله !..هكذا رأى الإسلام في ‏«الظلم»‏ كبيرة ورذيلة اجتماعية تفوق في آثارهاامتدة الكثير من الفواحش والكبائر التي تقف آثارها عند اقترفلها..فأدانهوحرمه..وحذر منه..‏ وأغرى اؤمن قاومته حتى وإن سلكواإلى ذلك سبل العنف والثورة والقتال..‏ وهكذا رأينا ‏«العدل»‏ في الإسلاميتجاوز نطاق ‏«الحق»‏ الإنساني إلى حيث يصبح ‏«ضرورة»‏ من ضروراتقيام الك والكوت وشرطا لا غنى عنه لانتظام حياة الإنسان الفرد..‏وحياة الأسرة..‏ ومجتمع الأمة والدولة..‏ وعالم الإنسانية جمعاء..‏ لقد نظرالإسلام إلى ‏«العدل»‏ باعتباره ‏«ايزان»‏ الذي أمر الله سبحانه وتعالىالكافة أن يقيموه في الكافة وللكافة:‏ الرسول والأمة..‏ اؤمن والكافرين..‏الأصدقاء والأعداء !.. ف ‏«العدل»‏ هو«ايزان»‏ الذي أنزله الله سبحانه معالكتاب لتستقيم شئون الإنسان ‏{الله الذي أنزل الكتاب بالحق وايزان}‏ (٤١) ..‏{وأنزلنا معهم الكتاب وايزان ليقوم الناس بالقسط}‏ (×٤٢) .. وهو أداة‏«التوازن»‏ في مختلف ميادين الحياة..‏ ف ‏«الوسط:‏ العدل.‏ جعلناكم أمة(×٣٩) فإنه55


الإسلام وحقوق الإنسانوسطا»‏ (×٤٣) ‏-العدل خاصيتها به حياتها الحقيقية وفي تخلفه موتها-كماقال عليه الصلاة والسلام !..وحدود هذا ‏«العدل»‏ الإسلامي لا يقف بها الإسلام عند ‏«القانون»‏وإاهو شامل للحياة اادية والإجتماعية.‏ فكما يجب في ‏«الشرائع»‏ كذلك يجبفي ‏«الثروات والأموال»‏التي خلقها الله وأودعها-بالفيض-في الطبيعة فاللههو مصدر الأموال وهو وحده مالك الرقبة فيها والإنسان-من حيث هوإنسان-مستخلف عن الله في هذه الأموال يستثمرها بالعل اشروع ويحوزمنها-كملكية منفعة ووظيفة اجتماعية-ما يحقق كفايته وفق العرف ودرجةاجملتمع وحظه من الرخاء والغنى...‏ فميزان العدل هنا هو العاصم للإنسانمن الهبوط إلى درك ‏«الفقر»‏الذي يفقد الإنسان مقومات حريتهويسلبمنه مضمون الإنتماء جملتمعه ووطنه..‏ وهو العاصم أيضا لهذا الإنسانمن الإستعلاء إلى درجة ‏«الإستغناء»‏ الذي يركز ثروات الأمة فتكون ‏«دولةب الأغنياء»‏ الأمر الذي يغريهم بالطغيان بواسطة سلطان اال..‏ ‏{كلا إنالإنسان ليطغى.‏ أن رآه استغنى}!..‏ (×٤٤)إن خالق الثروات والأموال يقول:‏ ‏{والأرض وضعها للأنام}‏الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا}‏ ! (×٤٦) .. ‏{وسخر لكم ما في السمواتوما في الأرض جميعا منه}‏ (×٤٧) .. والإنسان-من حيث هو إنسان كجنسوكأمة وليس كفرد أو طبقة-مستخلف ووكيل ونائب عن الله في هذه الثرواتوالأموال ‏{آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا ا جعلكم مستخلف فيه فالذينآمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير}‏ (×٤٨) .. فإذا كان اال مال الله فانجماع مصادره الأساسية هي نفعة مجموع خلق الله!..‏ وكما يروي ابنعباس وأبو هريرة وعائشة رض الله عنهم عن رسول الله صلى اللهعليه وسلم ف ‏«اسلمون شركاء في ثلاث:‏ ااء والكلأ والنار.‏ وثمنه حرام»..‏و«ثلاث لا نعن:ااء والكلأ والنار»..‏ وعندما سئل الرسول عن ‏«الشيء»‏الذي لا يحل منعه ? قال:‏ ‏«ااء والح والنار»..‏ذلك هو معيار ‏«العدل»‏ كضرورة إنسانية واجبة بكتاب الله وسنة الرسولعليه الصلاة والسلام..‏ ولقد نعم اسلمون بهذا العدل عندما وضعت فلسفتهفي التطبيق <strong>على</strong> عهد النبي ودولة الخلافة الراشدة فكانت تلك الفترة-فيتاريخنا-‏ثابة السابقة الدستورية التي تبلورت فيها فلسفة عدل الإسلام(×٤٥) ‏...{هو(٤٩×)56


ضرورة العدلوذلك يوم أن حكم عمر بن الخطاب فقال:«والذي نفسي بيده ما من أحدإلا له في هذا اال حقأعطيه أو منعه وما أحد أحق به من أحدوما أنافيه إلا كأحدهم..‏ فالرجل وبلاؤه..‏ والرجل وقدمه..‏ والرجل وغناؤه..والرجلوحاجته..‏ هو ما لهم يأخذونه.‏ ليس هو لعمر ولا لآل عمر»‏ (×٥٠) ... ويومحكم علي بن أبي طالب فقال:‏ ‏«إن الله فرض في أموال الأغنياء أ قواتالفقراء فما جاع فقير إلا ا متع به غني !.. إن الغنى في الغربة وطنوالفقر في الوطن غربة..‏ . وإن اقل غريب في بلدته!..‏ أنتم عباد اللهواال مال الله يقسم بينكم بالسوية لا فضل فيه لأحد <strong>على</strong> أحد !..»وأيضا عندما حكم خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز فأعادنصب ميزان العدل بعد أن اختل ورد اظالم إلى أهلها..‏ وأعلن في الناسأن ‏«اال نهر أعظم..‏ والناس شربهم ‏{أي نصيبهم وماؤهم فيه سواء»?!..‏ (×٥٢)إن ‏«العدل الإجتماعي:‏ ‏«واجب وفريضة».‏ وليس مجرد ‏«حق»‏ من‏«الحقوق»..‏ وتخلف هذا العدل يهدم أركان ‏«التعاقد»‏ القائم ب الحكموب المحكوم ويلغى شرعية ‏«السلام»‏ افترض ب الطبقات الإجماعيةلأن هذا السلام رهن ب ‏«تكافل»‏ هذه الطبقات في تحقيق ‏«الضروراتالواجبة»‏ لسائر أعضاء الجسد الإجتماعي-الأمة-..‏ ومن هنا كانت اأثوراتالإسلامية الشريفة:‏ ‏«إذا جاع مؤمن فلا مال لأحد»‏ !.. و ‏«من احتكر طعاماأربع ليلة فقد بريء من الله تعالى وبريء الله تعالى منه وأا أهلعرصة (×٥٣) أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله تعالى»‏ (×٥٤) .فمشروعية الحيازة وحرمة ‏«ملكية انفعة»‏ في الأموال قائمة كحق منحقوق ذمة الله تعالى..‏ وتخلف قيام فريضة ‏«العدل الإجتماعي»‏ يرفعحماية ‏«ذمة الله»‏ عن هذه الحيازات.‏ ومن هنا كان عجب أبى ذر الغفاريوتعجبه عندما قال:‏ ‏«عجبت لرجل لا يجد في بيته قوت يومه كيف لايخرج <strong>على</strong> الناس شاهرا سيفه»..‏ فانطلق..‏ والإطار هو ‏«وجوب»‏ العدلالسياسي والقانوني والإجتماعي كفريضة ‏«إلهية-إنسانية»‏ لا النظر إليهكمجرد ‏«حق»‏ من الحقوق..‏(٥١×)57


الإسلام وحقوق الإنسانالحواشي(×١) رواه الترمذي وابن حنبل.‏(٢×) لقمان:‏ .١٣(٣×) الشورى:‏ .٤٢(٤×) فاطر:‏ .٣٢(×٥) رواه البخاري.‏١٤ ص(٦×) الشورى:‏ .١٥(٧×) النساء:‏ .٥٨(٨×) الأحزاب:‏ .٧٢(×٩) القرطبي]الجامع لأحكام القرآن[ج ٢٥٤. طبعة دار الكتب اصرية.‏(×١٠) رواه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود وابن حنبل.‏(×١١) رواه الدارمي.‏(×١٢) رواه ابن حنبل.‏(×١٣) رواه مسلم والنسائي وابن حنبل.‏(١٤×) النساء:‏ -٩٧ .٩٩(١٥×) النحل:‏ .٢٩ ٬٧٨(×١٦) اائدة:‏‎٨‎(×١٧) النساء:‏‎١٣٥‎‏.‏(١٨×) الأنعام:‏ -١٥١ .١٥٣(×١٩) رواه مسلم وابن حنبل.‏(×٢٠) غافر:‏‎٣١‎‏.‏(×٢١) آل عمران:‏‎١٠٨‎(×٢٢) آل عمران:‏.١٨٢(٢٣×) يونس:‏ .٤٤‏(×‏‎٢٤‎‏)النساء:‏‎٤٠‎‏(×‏‎٢٥‎‏)الكهف:‏‎٤٩‎‏.‏(×٢٦) رواه البخاري.‏(×٢٧) رواه البخاري ومسلم وابن حنبل(٢٨×) يونس:‏‎٬٥٤‎ (٢٩×) الزمر:‏ .٤ ٧(٣٠) يونس:‏ (٣١×) ٬١٢ الفرقان:‏ ١٩(×٣٢) رواه مسلم وابن حنبل(×٣٣) رواه ابن حنبل(×٣٤) النساء:‏‎١٤٨‎58


ضرورة العدل(٣٥×) الحج:‏ .٤٠٬٣٩(٣٦×) الشعراء:‏ -٢٢٤ ٢٢٧(×٣٧)) رواه ابن حنبل!.‏(×٣٨) الشورى:‏‎٤٢٬٤١‎‏.‏(×٣٩) رواه ابن حنبل(×٤٠) رواه البخاري ومسلم والدرامي وابن حنبل.‏(٤١×) الشورى:‏ ١٧(٤٢×) الحديد:‏ ٢٥‏(×‏‎٤٣‎‏)-رواه الترمذي وابن حنبل.‏(٤٤×) العلق:‏ .٧٬٦(×٤٥) الرحمن:‏‎١٠‎‏.‏(×٤٦) البقرة:‏‎٢٩‎‏.‏(×٤٧) الجاثية:‏‎١٣‎‏.‏(٤٨×) الحديد:‏ ٧(×٤٩) روى هذه الأحاديث ابن حنبل وابن ماجة.‏‏(×‏‎٥٠‎‏)[طبقات ابن سعد]ج ٣ ق‎١‎ ص‎٬٢١٥‎(×٥١) ‏[نهج البلاغة]‏ ص ٣٦٦. طبقة دار الشعب القاهرة.‏ ‏[شرح نهج البلاغة]-لابن أبيالحديد-ج ٣٧. طبعة القاهرة سنة(×٥٢) الأصفهاني ‏[كتاب الأغاني]ج ٣٣٧٥. طبعة دار الشعب.‏ القاهرة.‏(×٥٣) العرصة:‏ الساحة.‏ والفضاء الذي تتحلقه وتجاوره اساكن.‏.٢١٩ ٬٢١٦١٩٦٧ م.‏٩ ص٬٣٧٣ ٬٠٨٧ ص(×٥٤) رواه الإمام أحمد.‏59


الإسلام وحقوق الإنسان60


ضرورة العلم5 ضرورة العلمليس هناك خلاف <strong>على</strong> ‏«ضرورة العلم»‏ لأيةنهضة حديثة تنشدها أمة من الأ‏..‏ وخاصة إذاكانت هذه الأمة تواجه تحديات كثيرة وقاسيةيفرضها عليها أعداء كثيرون كما هو الحال معأمتنا العربية الإسلامية.‏ وليس هناك خلاف <strong>على</strong>أن ‏«الفتوحات العلمية»‏ التي ازدانت بها حضارتناالعربية الإسلامية في عصرها الذهبي قد لعبتالدور اتميز في الإزدهار الذي حققته هذهالحضارة...ولا <strong>على</strong> أن ‏«الإنجازات العلمية»‏ اتميزةالتي صنعتها هذه الحضارة في مختلف فروعاعرفة العلمية-‏عناها الرحب-هي التي وسعت أفقهذه الحضارة وأعطتها الصبغة العقلانية التييزت بها وجعلتها منارة العالم لعدة قرون.‏ تلكحقائق امتلأت وتلئ بها الأسفار التي خصصهاأصحابها لتاريخ العلوم عربا ومسلم كانوا أممن استشرق (×١) ..أما القضية التي نود أن نخصص لها هذاالحديث فهي موقف ‏«الإسلام الدين»‏ من العلموكيف كان هذا ‏«اوقف الثابت-وابدئي»هو العاملالأول والفاعل الأساسي وراء الإنتقال بالجماعةالعربية من ‏«الجاهلية»‏ وبداوتها إلى ‏«العلم»‏61


الإسلام وحقوق الإنسانوحضارته...لأن هذا اوقف بسحب من ‏«ثباته»‏ وماله من ‏«قداسة»‏لا تزالله الصلاحية اليوم وغدا لينتقل بالأمة من ‏«التخلف»‏ إلى ‏«التقدم»‏ومن‏«الركود»‏ إلى ‏«النهضة»‏ ومن ‏«الكسل العقلي»‏إلى ‏«التوقد العقلاني»‏ ومن ‏«الخرافة الساذجة»‏ إلى ‏«الروح العلمية»‏التي طبعت فكر الإسلام ونهج اسلم الذين وعوا خصائص هذا الدينالحنيف ! إن الإشارة إلى موقف الإسلام من العلم..‏ وهو اوقف الذي رآهفيه ‏«ضرورة إنسانية ودينية واجبة»‏ هو هدف هذا الحديث..‏ومنذ البدء لابد أن نعي دلالة الإستهلال الذي بدأ به الوحي رسالةالإسلام إلى رسوله محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام..‏ . لقد كاناستهلالا يعلن ميلاد طور جديد للإنسانية بلغت فيه سن الرشد والنضجفكانت كلمته الأولى-في الأمة الأمية وإلى النبي الأمي وبصيغة الأمروالوجوب-هي:‏ ‏{اقرأ}...‏ وحتى يوضع هذا ‏«التكليف-الواجب»-الذي يبدوغريبا بل ومستحيلا <strong>على</strong> التحقيق-حتى يوضع في الإطار الذي يؤكد إمكانهاقترن الأمر ‏{اقرأ}‏ بالحديث عن قدرة الشارع سبحانه وتعالى وعن نعمهوآلائه ومنها العلم..‏ والتعليم....{اقرأ باسم ربك الذي خلق.‏ خلق الإنسانمن علق.‏ اقرأ وربك الأكرم.‏ الذي علم بالقلم.‏ علم الإنسان ما لم يعلم}‏ (×٢)إنه تكليف واجب بدأت به آيات الكتاب الذي سمي-لحكمة لا تخفى-‏ب{القرآن}..‏ وصاحب هذا التكليف سبحانه...{الرحمن.علم القرآن.‏ خلقالإنسان.‏ علمه البيان}‏ (×٣) !.. والذي إذا أقسم سبحانه كان قسمه:‏ ‏{نوالقلم وما يسطرون}‏ (×٤) !..لقد كانت هذه البداية علامة بارزة ونقطة تحول وتاريخ ميلاد مرحلةمتميزة <strong>على</strong> درب مسيرة الإنسان وتطوره لا في المحيط العربي وحدهوإا-لعموم رسالة الإسلام وعايته-بالنسبة للبشرية جمعاء!..‏ ولذلك فلمتكن صدفة ولا هي بالغريبة أن تسمى ارحلة التي سبقت هذه البداية-‏مرحلة ما قبل ‏{اقرأ}‏ ب ‏«الجاهلية»..‏ فبقدر دلالة هذه التسمية <strong>على</strong>طبيعة تلك ارحلة لها كذلك دلالتها <strong>على</strong> الطبيعة اغايرة للمرحلة التيأعقبت بدء الوحي ‏«بوجوب العلم-وضرورته»‏ إلى الرسول عليه الصلاةوالسلام.‏ وبدون فهم حقيقة هذه الدلالة يستحيل علينا أن نفهم ونعي أبعادالتغيرات التي حدثت في ‏«دار الإسلام»‏ منذ ذلك التاريخ...‏62


-٤٢٧]ضرورة العلمفالناس قد انخلعوا من ‏«ظلمات الجاهلية»‏ إلى ‏«نور الإسلام»‏ !..وأساط الجاهلية-الذين غدوا كبار الصحابة-تعلموا الدين وتعلمواالقراءة والكتابة وغدوا ‏«حكماء»‏ وليسوا مجرد قارئ كاتب‏!..‏والنبي الأمي٭ الذي كانت ‏«أميته»‏ واحدة من أدلة صدقه وهو يبلغالقرآن الذي أعجز الفصحاء من الأمي ومن أهل ‏«الكتاب»....‏ ‏{وما كنتتتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب ابطلون}‏ (×٥) .. هذاالنبي الأمي قال كثير من افسرين للقرآن إنه هو الآخر قرأ وكتب-بعدأن شهدت أميته لصدقه-كجزء من إنجاز الإسلام محو أمية الأمي ! (×٦) ...والعبيد..‏ والهمل..‏ والأعراب الجفاة الغلاظ..‏ أضحوا فقهاء..‏ بلوحكماء..‏ وتحقق الحلم الذي حلم به الفلاسفة من قبل والذي ناه أفلاطون٣٤٧ ق.‏ م]‏ في ‏«جمهوريته»:‏ أن يحكم العلماء وأن تكون السلطة فياجملتمع والدولة للعلماء..‏ . نعم لقد تحقق هذا الحلم في دولة الخلافةالراشدة وظل موقفا يلتزمه اتكلمون والفقهاء الإسلاميون كلما كتبوا عنشروط الإمامة وصفات الإمام في دولة الإسلام..‏ .لقد حكم القراء والفقهاء واجملتهدون والحكماء..‏ . ووجدناهم يتحدثونعن ضرورة ‏«التفقه»‏ ن يتولى السلطة قبل أن يتولاها.‏ لأن العلم هو حياةالنفس الإنسانية وبحكم العلماء تحيا الأمة..‏ أما النقيض ففيه الهلاك..‏ .وبكلمات الخليفة الراشد عمر بن الخطاب:‏ ‏«تفقهوا قبل أن تسودوا..‏ إنه لاإسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمارة ولا إمارة إلا بطاعة فمن سودهقومه <strong>على</strong> الفقه كان حياة له ولهم ومن سوده قومه <strong>على</strong> غير فقه كانهلاكا له ولهم»‏ (×٧) !.. . ولذلك فلم يكن غريبا أن نجد كل تيارات الإسلامالفكرية تجمع <strong>على</strong> اشتراط أن يكون الحكم للعلماء..‏ وأن تكون السلطةلأهل العقل..‏ وأن تكون الولاية العظمى للمجتهدين..‏ فالإمام يجب ‏«أنيكون عاا لا يقل عن مبلغ اجملتهدين في الأصول والفروع في الحلالوالحرام وسائر الأحكام...‏ ذا رأي ومعرفة بالأمور..‏ . سائسا..‏ . مهتدياإلى وجوه التدبير في السلم والحرب..‏ . صاحب عقل يضمن صلاحالتصرفات..»‏ (×٨) !.. فإذا تخلف هذا الشرط فلا شرعية للدولة والولايةوالإمامة و إا هي ولاية ‏«تغلب..‏ واغتصاب..‏ استبداد»..‏ هكذا حققالإسلام في امارسة والتطبيق حلم الفلاسفة والحكماء !.. ولم يكن ذلك63


الإسلام وحقوق الإنسانبالأمر الشاذ أو الغريب..‏ أما كيف أن ذلك لم يكن شاذا ولا غريبا..‏ فإنعليه الأدلة الكثيرة من موقف الإسلام إزاء ‏«العلم»‏ الذي رآه ‏«ضرورةإنسانية-وشرعية»‏ فرضها الله لإحياء الإنسان..‏ ولصلاح الدين..‏ ولعمرانالدنيا..‏ جميعا و<strong>على</strong> حد سواء...‏فالعلم هو نور البصر والبصيرة..‏ بينما الجهل هو الظلمة بلوالعمى..{أفمن يعلم أا أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إايتذكر أولوا الألباب}‏ (×٩) .. .. وفي الحديث الشريف يقول الرسول٭:‏ ‏«مثلالعلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدي بها في ظلمات البروالبحر فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة»‏ (×١٠) !..والعلم-في ‏«وجوبه»‏ وفي ‏«ضرورته»-يتعدى ضرورة ‏«الضوء»‏ و ‏«النور»‏إلى حيث يراه الإسلام ‏«قوام الحياة»..‏ . وإذا كان أدبنا الإجتماعي الحديثقد أ لف تشبيهنا للعلم في الأهمية بااء والهواء فإن مأثورات إسلاميةقدة تجعل حاجة الإنسان إليه مساوية لحاجته إلى الطعام والشراب..‏فالحسن بن صالح يقول:‏ ‏«إن الناس يحتاجون إلى هذا العلم في دينهم كمايحتاجون إلى الطعام والشراب في دنياهم»‏ (×١١) !... بل إن هذه اأثوراتتجعل في العلم ‏«الحياة»‏ وفي فقدانه ‏«الهلاك»‏ !.. فلقد سأل هلال بن٩٥ ه / -٦٦٥خباب سعيد بن جبير[‏‎٤٥‎‏-‏ ٧١٤ م]-يا أبا عبد الله ما علاقةهلاك الناس ‏?-فأجاب:‏ ‏«إذا هلك علماؤهم»‏ (×١٢) ! إنه يتعدى مرتبة ‏«الضرورة»‏اللازمة ‏«للحياة»‏ ليصبح هو ‏«الحياة»‏ وليصبح في تخلفه هلاك الحياةبضلال الأحياء !..إن العلم بنظر القرآن الكر قد كان السر والسبب الذي من أجلهاستحق الإنسان شرف الخلافة في الأرض عن الله سبحانه وتعالى..‏ففاز بهذا الشرف دون سائر اخمللوقات ن فيهم الائكة اقربون..‏ ‏{وإذاقال ربك للملائكة:‏ إني جاعل في الأرض خليفة قالوا:‏ أتجعل فيها منيفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك?‏ قال:‏ إنيأعلم مالا تعلمون.‏ وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم <strong>على</strong> الائكة فقال:‏أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادق‏.‏ قالوا:‏ سبحانك لا علم لنا إلا ماعلمتنا إنك أنت العليم الحكيم.‏ قال:‏ يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنباهمبأسمائهم قال:‏ ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما64


ضرورة العلمتبدون وما كنتم تكتمون}‏ (×١٣) .. لقد رجح العلم كفة من في طبيعته الخطأ<strong>على</strong> الائكة اقرب الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.!.‏والعلم بنظر القرآن الكر هو جماع الوحي الإلهي..‏ فهذا الوحيهو«كتاب»‏ و«حكمة»‏ و«كل»‏ جديد توحيه السماء إلى اصطف الأخيار منالأنبياء ليتسلحوا به في صراعهم ضد اكذب وليوظفوه في صناعةهداية الإنسان..{ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أنيضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنز ل الله عليكالكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليكعظيما}‏ (×١٤) . بل إننا واجدون رسول الله٭ يحدد لنا أن التعليم هو وظيفتهوجوهر مهمته وجماع رسالته..‏ إنه بشير ونذير..‏ وأداته هي ‏«العلم»‏ و«التعليم»‏فهو ‏«الرسول اعلم»‏ !.. وفي الحديث الذي يرويه عبد الله بن عمر يقول:‏‏«مر الرسول٭ جلس في مسجده فقال:‏ كلاهما خير وأحدهماأفضل من صاحبه.‏ أما هؤلاء-‏ ‏«أهل مجلس العبادة والذكر»-فيدعون اللهويرغبون إليه فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم وأما هؤلاء-«أهل مجلسالعلم»‏ ‏-فيتعلمون الفقه والعلم ويعلمون الجاهل فهم أفضل وإا بعثتمعلما ثم جلس بينهم»‏ (×١٥) !..ولأن هذا هو مقام العلم في الإسلام فلقد انتشرت في القرآن الكرالآيات التي تعلن عن أن هذا الكتاب الكر هو في الجوهر والأساسكتاب العلماء الذين أوتوا العلم قبل أن يكون كتاب الذين لا يعلمون...‏ إنهمهم اؤهلون لفقهه وعقل الآيات التي تحدث عنها والأمثال التي ساقها..‏أما غيرهم فلهم مرتبة ‏«التقليد»‏ للعلماء والفقهاء !.. ‏{كتاب فصلت آياتهقرآنا عربيا لقوم يعلمون}‏ (×١٦) ‏..{وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلهاإلا العاون}‏ (×١٧) .... ‏{بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ومايجحد بآياتنا إلا الظاون}‏ (×١٨) ‏..{ومن آياته خلق السموات والأرضواختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعا‏}‏ (×١٩) ...{.. وتلكحدود الله يبينها لقوم يعلمون}‏ (×٢٠) ‏..{قد فصلنا الآيات لقوميعلمون}‏ (×٢١) .. ‏{وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوميعلمون}‏ (×٢٢) ‏...{كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون}‏ (×٢٣) .. ولذلك..‏ ورغمتوجه القرآن وشريعته إلى الكافة فليس يستوي الذين يعلمون والذين لا65


الإسلام وحقوق الإنسانيعلمون....‏ ‏{أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجورحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون?‏ إا يتذكرأولوا الألباب}‏ (×٢٤) .وا كان القرآن الكر هو في الأساس كتاب العلماء..‏ . الذين أهلهمعلمهم لتدبر آياته وفقه مراميه ووعي الأمثال التي ضربها..‏ كان العلمبنظر القرآن هو سبب الإان والسبيل إليه..‏ وتلك ميزة يز الإسلام بهاوامتاز <strong>على</strong> غيره من الديانات..‏ إن القديس اسيحي ‏«أنسلم»‏ «١٠٣٣- ‎١١٠٩‎م»‏يحدد موقف اسيحية من هذه القضية بقوله:‏ ‏«يجب أن تعتقد أولا ايعرض <strong>على</strong> قلبك بدون نظر ثم اجتهد بعد ذلك في فهم ما اعتقدت.‏فليس الإان في حاجة إلى نظر عقل»‏ (×٢٥) ... أما الإسلام فهو <strong>على</strong> النقيضمن ذلك اما..‏ فطريق معرفة الله فيه:‏ العقل..‏ ومناط التكليف فيه..‏العقل..‏ والحكم في نصوصه ومأثوراته:‏ العقل..‏ ووحيه ‏«معجزة-عقلية»‏ لاتدهش العقل وإا ترعى وتشحذ وتنمي ما له من قدرات وملكات..‏ لقدحدد الإسلام في حسم ووضوح أن العلم هو سبب الإان وسبيل التصديقبالدين...{ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفاألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود.‏ ومنالناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إا يحتسى الله من عبادهالعلماء إن الله عزيز غفور}....‏ (×٢٦) فالوعي بآيات ‏«كتاب الكون»-أي العلم-‏هو الذي يجعل العلماء مؤمن برب هذه الآيات..‏ بل إن ذلك كافل لأنيكونوا <strong>على</strong> حد الخشية لرب هذه الآيات..‏وإذا كانت حضارات أخرى غير حضارتنا الإسلامية..‏ وشرائع أخرىغير شريعتنا الإسلامية قد نظرت إلى العلم بريبة وحذر ورأت فيه سبيلاإلى ‏«الهرطقة»‏ و ‏«التجديف»..‏ فإن حضارتنا وشريعتنا قد أبصرتا فيهالسبيل إلى صحيح الإان..أي الإان اؤسس <strong>على</strong> الدليل-وهو الوحيدالجدير بتحقيق مضمون مصطلح ‏«الإان»‏ وحتى الذين سلكوا طريق العلمفي المحيط الإسلامي غير هادف ولا مستهدف ‏«الإان الديني»‏ قدقادهم هذا العلم إلى الإان بالدين لا تساق الحقائق في ايدان مع أداةالنظر فيهما:العقل..‏ ولوحدة خالق الكتاب‏:‏ كتاب الكون..‏ وكتاب الدين!..‏وفي تأمل معاني كلمات الإمام الغزالي عبرة..‏ فهي تقول:‏ ‏«لقد طلبنا العلم66


ضرورة العلملغير الله فأبى إلا أن يكون لله»‏ !.. ومن قبل الغزالي قال الإمام الحسن٧٢٨ م»:‏ ‏«لقد طلب أقوام العلم ما أرادوا بهالله ولا ما عنده..‏ فما زال بهم العلم حتى أرادوا به الله وما عنده»‏ !..ولهذه ‏«الطبيعة الإسلامية»‏ التي ميزت موقف الإسلام من العلم شاعتفي اأثورات الإسلامية-قرآنا وسنة-الآيات والأحاديث التي أحلت ‏«العلماء»‏أرفع الدرجات...{يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في اجملالسفافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوامنكم والذين أوتوا العلم درجات والله ا تعملون خبير}..‏نقرأ تفسير إبن عباس «٣ ق ه-‏‎٦٨‎ ه /٦١٩- ٦٨٧ م»‏ لهذه الآية نجده يقولإن معناها:‏ ‏«يرفع الله الذين أوتوا اسم <strong>على</strong> الذين آمنوا درجات»‏ !السنة النبوية فإنها تفيض في ذكر الأحاديث التي ترفع مكانة العلماء منمثل ذلك الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم:‏ ‏«من سلك طريقايلتمس به علما سهل الله به طريقا من طرق الجنة فإن الائكة لتضعأجنحتها رضا لطالب العلم وإن طالب العلم ليستغفر له من في السماءوالأرض حتى الحيتان في ااء.‏ وإن فضل العالم عل العابد كفضل القمرعل سائر النجوم إن العلماء هم ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا ديناراولا درهما وإا ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر».‏ (×٣٠)وإذا كان القسط والعدل هو جماع الشريعة الإسلامية وأهم مقاصدهافلقد أنبأنا الله سبحانه وتعالى في القرآن الكر أن العلماء-مع اللهوالائكة-هم الذين شرفوا بأمانة النهوض بهذا التكليف الجسيم والعظيم‏!..{شهد الله أنه لا إله إلا هو والائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إلهإلا هو العزيز الحكيم}...‏ (×٣١)لكن الإسلام لا ينظر إلى العلماء هذه النظرة إذا هم اختصوا نافععلمهم واستأثروا بلذته من دون الناس..‏ فالشريعة تتوجه للجمهور ومصلحةمجموع الأمة هي معيار الحل والحرمة والنفع والضرر والصواب والخطأ..‏وما رآه اسلمون-كأمة-حسنا فهو عند الله حسن..‏ ولذلك وجدنا اأثوراتالإسلامية لا تضفي الشرف إلا <strong>على</strong> العلم الذي ينفع الناس فاقتران ابدأبالغاية وانطلقات باقاصد واحدة من يزات النظرة الشمولية و ‏«النهجالجدلي»‏ في فلسفة الإسلام..‏ وفي الحديث الشريف يقول الرسول٭:‏(٢٧×)(٢٨×) .. وعندما(×٢٩) ‏..أما١١٠ ه / -٦٤٢البصري «٢١-67


الإسلام وحقوق الإنسان(×٣٢) .. ومن الكلمات‏«إن مثل علم لا ينفع كمثل كنز لا ينفق في سبيل الله»‏ !اأثورة عن الصحابي أبي الدر داء:‏ ‏«أن من أشر الناس عند الله منزلة يومالقيامة عالم لا ينتفع بعلمه»!‏ (×٣٣) .. وكم هي عميقة ودالة كلمات الصحابيالجليل سلمان الفارس تلك التي كتبها إلى أبي الدرداء وقال فيها:‏ ‏«إنالعلم كالينابيع يغشاهن الناس فيختلجه هذا وهذا فينفع الله به غيرواحد.‏ وإن حكمة لا يتكلم بها كجسد لا روح فيه وإن علما لا يخرج ككنز لاينفق منه.‏ وإا مثل العالم كمثل رجل حمل سراجا في طريق مظلم يستضيءبه من مر به وكل يدعو له بالخير»‏ (×٣٤) .. فالعلم ‏«الحي»‏ هو الذي يبعث‏«الحياة»‏ في ‏«الأحياء»‏ !.. إنه ‏«الفكر»‏ الذي يجسده ‏«العمل»..‏ ووفق عبارةالصحابي الجليل معاذ بن جبل:‏ ‏«اعملوا ما شئتم بعد أن تعلموا فلن يأجركمالله بالعلم حف تعملوا»‏ ?!.. (×٣٥)ولا يحس أحد أن العلم بنظر الإسلام هو فقط علوم الشرع والدين..‏فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال:‏ ‏«ما كان من أمر دينكم فإليوما كان من أمر دنيكم فأنتم أعلم به...»‏ (×٣٦) قد حدد أن نطاق العلم يتجاوزعلوم الدين.‏ والقرآن الكر عندما يذم الذين يقفون بعلمهم عند ‏«الصنائعالدنيوية»‏ لا يقصد ذم ‏«علوم الصنائع»‏ وإا هو يدعو إلى ‏«تكامل اعرفة»‏بربط علوم الدنيا بالغايات الروحية والإانية للدين..‏ فهو يذم الكافرينالذين ‏{يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}‏لأنه هو الذي يتحدث عن نعم الله وآلائه اتمثلة في تعليم«النبي داود عليهالسلام»‏ ‏«الصنائع الدنيوية»..‏ ‏{وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم منبأسكم فهل أنتم شاكرون}‏ (×٣٨) .. ‏{ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبيمعه والطير وألنا له الحديد.‏ أن أعمل سابغات وقدر في السرد واعملواصالحا أني ا تعملون بصير}‏ (×٣٩) .. وفي الحديث النبوي الشريف يقولالرسول صلى الله عليه وسلم:‏ ‏«تعلموا العلم وعلموه الناس وتعلمواالفرائض وعلموها الناس وتعلموا القرآن وعلموه الناس»..‏بنظر الإسلام ليس القرآن وحده وليس علوم الوحي والشريعة فقط بلإنه شامل لكل ما يحيى الجسد والروح وينهض بعمارة الكون ويرقى بروحالإنسان..‏ إنه ‏«الحياة»‏ كل ‏«الحياة»‏ !..ذلك هو موقف الإسلام من العلم..‏ لقد تجاوز به نطاق ‏«الحق»‏ إلى.. (٣٧×)(٤٠×) .. فالعلم68


ضرورة العلمحيث جعله ‏«فريضة إلهية..‏ وضرورة إنسانية»..‏ وبنص حديث الرسولصلى الله عليه وسلم:‏ ‏«طلب العلم فريضة <strong>على</strong> كل مسلم»‏ (×٤١) .. إنه ضرورة‏«وفرض ع‏»‏ <strong>على</strong> كل إنسان وليس مجرد ‏«حق»‏ من ‏«الحقوق»‏ يباح لصاحبهالتنازل عنه بالإختيار دون إثم أو حرج أو تثريب..‏ وحتى عندما يكون‏«تخصصا»‏ يعز تحصيله <strong>على</strong> ‏«الكافة والجمهور»‏ ودرجة من التحصيل لايبلغها إلا ‏«الراسخون»‏ في العلم نراه بنظر الإسلام ‏«فرض كفاية»‏ أيفريضة اجتماعية واجبة <strong>على</strong> مجموع الأمة يقع الإثم <strong>على</strong> الأمة جمعاء إذاحدث التفريط فيه ‏!...{وما كان اؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كلفرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهملعلهم يحذرون}.‏ (×٤٢) إن الإسلام الذي جاء ليخرج الإنسانية من ‏«ظلمةالجاهلية»‏ إلى ‏«نور العلم»‏ وليبلغ بها ‏«مرحلة الرشد العقلي»‏ <strong>على</strong> دربتطورها الشاق والطويل..‏ لم ير الإنسان أي إنسان وكل إنسان إلا ذا صلةوثيقة بالعلم..‏ فالإسلام قد جاء لهداية الإنسان ونجاته..‏ والعلم هو سبيلالهداية وأداة النجاة..‏ ومن هنا تأتي أهمية مضام اأثورات الإسلاميةالكثيرة..‏ من مثل قول الصحابي عبد الله بن مسعود:‏ ‏«أغد عاا أو متعلماأو مستمعا.ولا تكن الرابع فتهلك»‏ ! (×٤٣) .. فالعالم واتعلم واستمع للعلم..‏هم السالكون سبيل النجاة واتعلقون بأسباب الحياة..‏ أما غيرهم فهالك..‏وقول الصحابي خالد بن معدان:‏ ‏«الناس:عالم ومتعلم وما ب ذلك همجلا خير فيه»..‏ (×٤٤) وفي تحصيل هذه ‏«الضرورة»..‏ وفي أداء هذه ‏«الفريضة»‏طلب الإسلام من اسلم منافسة الأ الأخرى وحذرهم من أن يغلبهمالآخرون في هذا ايدان الشريف من ميادين الصراع..‏ ورحم الله الصحابيالجليل أبا ذر الغفاري..‏ فلقد قال:‏ ‏«أمرنا النبي صل الله عليه وسلم ألايغلبونا عل ثلاث:‏ أن نأمر باعروف..‏ وننهى عن انكر..‏ ونعلم الناسالس‏»!.‏ (×٤٥) ولقد شهدنا ولا زلنا نشهد عبرة التاريخ..‏ فعندما وضعاسلمون ابدأ الإسلامي في ‏«ضرورة العلم»‏ بامارسة والتطبيق غلبواالأ الأخرى وأضاءوا الدنيا بنور حضارتهم ‏«العلمية-اؤمنة»..‏ وعندماتخلفوا في هذا ايدان غلبهم الآخرون..‏ إنه ‏«قانون»‏ عمل فنهض بهالسلف..‏ ولا بد من عودته للعمل إذا شئنا نهضة حديثة تعيد هذه الأمة-‏صدقا لا إدعاء-خير أمة أخرجت للناس..‏69


الإسلام وحقوق الإنسانالحواشي(×١) أنظر <strong>على</strong> سبيل اثال:[تاريخ العلم]‏ لسارتون.‏ طبعة دار اعارف.‏ القاهرة سنة‎١٩٥٧‎م.‏‏(×‏‎٢‎‏)العلق:‏‏(×‏‎٣‎‏)الرحمن:‏‎١‎‏-‏‏(×‏‎٤‎‏)القلم:‏‎١‎‏.‏(×٥) العنكبوت:‏‎٤٨‎‏.‏(×٦) أنظر القرطبي ‏[الجامع لأحكام القرآن]ج(×٧) رواه البخاري والدارمي..‏(×٨) د.عمارة ‏[اعتزلة وأصول الحكم]‏ ص ٢٠٦ طبعة القاهرة كتاب الهلال-‏‎١٩٨٤‎م.‏(×٩) الرعد:‏‎١٩‎‏.‏(×١٠) رواه الإمام أحمد.‏(×١١) ر واه الدارمي.‏١٣ ص -٣٥١ .٣٥٣-١٩٢.٥ -١.٤(×١٢) رواه الدارمي.‏ )(١٣× البقرة:‏ -٣٠ .٣٣(١٤×) النساء:‏ .١١٣(×١٥) رواه الدارمي وابن حنبل.(×‏‎١٦‎‏)‏ فصلت:‏‎٣‎‏.‏(١٧×) العنكبوت:‏ (١٨×) ٫٤٣ العنكبوت:‏ (١٩×) ٫٤٩ الروم:‏ .٢٢(×٢٠) البقرة:‏‎٫٢٣٠‎ (×٢١) الأنعام:‏‎٩٧‎‏.‏‏(×‏‎٢٢‎‏)الأنعام:‏‎٫١٠٥‎ ‏(×‏‎٢٣‎‏)الأعراف:‏ ٣٢.‏(×‏‎٢٤‎‏)الزمر:‏‎٩‎‏.‏(×٢٥) ‏[الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده]‏ جبيروت سنة(×٢٦) فاطر:‏‎٢٨٬٢٧‎‏.‏(×٢٧) رواها الدارمي.‏(×٢٨) اجملادلة:‏١١‎(×٢٩) أنظره في س الدارمي.‏(×٣٠) رواه الترمذي وابن ماجة وأبو داود والدارمي وابن حنبل!.‏(×٣١) آل عمران:‏‎١٨‎‏.‏(×٣٢) رواه ابن حنبل.‏(×٣٣) رواها الدارمي.‏(×٣٤) رواها الدارمي.‏ (×٣٥) رواها الدارمي.‏١٩٧٢ م.‏٣ ص ٢٦٢. دراسة وتحقيق:‏ د.‏ محمد عمارة.‏ طبعة70


ضرورة العلم(×٣٦) رواه مسلم وابن ماجة وابن حنبل.‏(×٣٧) الروم:‏‎٧‎‏.‏(×٣٨) الأنبياء:‏‎٣٩×)٫٨٠‎‏)‏ سبأ:‏‎١١٬١٠‎‏.‏(×٤٠) رواه الدارمي.‏(×٤١) رواه ابن ماجة.‏(×٤٢) التوبة:‏‎١٢٢‎‏.‏(×٤٣) رواها الدارمي.‏(×٤٤) رواه الدارمي.‏(×٤٥) رواه الدارمي.‏71


الإسلام وحقوق الإنسان72


ضرورة الإشتغال بالشئون العامةضرورة الإشتغال بالشئونالعامة6إن ذروة ما بلغته الحضارات الأخرى فيالإحتفال ‏«بحقوق»‏ الإنسان السياسية في عصرناالحديث قد ثلت في تأثيم وتجر حرماناواطن من ‏«حق»‏ الاهتمام بشئون مجتمعهوالإشتغال بهذه الشؤون..‏ لكن الإسلام منذ ظهورهقبل أربعة عشر قرنا قد جعل ذلك ‏«فريضة واجبة»‏إلى الإنسان..‏ بل لقد جعل الإهتمام بشئون اجملتمعوالإشتغال بالقضايا العامة والتدخل بالقول والفعللتقو شئون اجملتمع وتطويرها وتغييرها..‏ جعلذلك ‏«فرض كفاية»‏فارتفع به عن منزلة ‏«فرضالع«الذي هو حال فرائض أخرى مثل الصلاةوالصيام والحج وما شابهها من أركانالإسلام...«ففرض الع‏»:‏ واجب ‏«فردى»‏يقع إثمتركه والتخلف عن أدائه <strong>على</strong> الفرد التارك له..‏ أما‏«فرض الكفاية»:‏ فإنه واجب ‏«جماعي»‏ و‏«اجتماعي»‏ يقع إثم تركه <strong>على</strong> الأمة جمعاء..‏لقد صاغ الإسلام هذه ‏«الفريضة الإجتماعية»‏تحت عنوان:‏ ‏«الأمر باعروف والنهي عن انكر»..‏وتحدث القرآن الكر عنها ‏«كواجب كفائي»‏ <strong>على</strong>73


الإسلام وحقوق الإنسانالأمة وليس كمجرد ‏«حق»‏ يباح لصاحبه أن يتنازل عن ارسته فقالمخاطبا الأمة بصيغة ‏«أمر الوجوب»:‏ ‏{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخيرويأمرون باعروف وينهون عن انكر}‏ (×١). . وحدثنا عن أن النهوض بهذه‏«الفريضة الإجتماعية»‏ هو اعيار الذي تكون به الأمة خيرة في حياتهاالدنيا ومتخيرة عند الله.‏ ‏{كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون باعروفوتنهون عن انكر}..‏ (×٢) فكما كانت هذه هي صفة الأمة اتخيرة وهذا هومعيار اختيارها وتخيرها كذلك كان التفريط في هذه ‏«الفريضة الإجماعية»‏معيار الضلال استوجب لغضب الله وافضي إلى الشقاء في الدنياوالآخرة..‏ إنه نهج انافق الفسقة وديدنهم:‏ ‏{انافقون وانافقات بعضهممن بعض يأمرون بانكر وينهون عن اعروف ويقبضون أيديهم نسوا اللهفنسيهم إن انافق هم الفاسقون}‏ (×٣) .. وهو سبب خسران بني إسرائيل-‏الذي أصبح عبرة تاريخية للمعتبرين-{لعن الذين كفروا من بني إسرائيل<strong>على</strong> لسان داود وعيسى بن مر ذلك ا عصوا وكانوا يعتدون.‏ كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون}.‏ (×٤)ولقد سارت السنة النبوية الشريفة <strong>على</strong> هذا الدرب تبيانا لهذا النهجالقرآني فقال رسول الله٭:‏ ‏«من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لميستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإان !» (×٥) .. وعلمنانبينا أن التفريط في هذه ‏«الفريضة الإجماعية»‏ لا يفسد ‏«دنيانا»‏ فقط بلإنه يحبط أعمالنا ويحجب الإنسان عن ربه فلا تستجاب دعواته رغم أنالله أقرب إليه من حبل الوريد فقال:‏ ‏«لتأمرون باعروف ولتنهون عنانكر ولتأخذن <strong>على</strong> يد الظالم ولتأطرنه <strong>على</strong> الحق أطرا أو ليضربن اللهبعضكم ببعض ثم تدعون فلا يستجاب لكم».‏ (×٦) .. وقال:‏ ‏«إذا رأيتم الظالمفلم تأخذوا <strong>على</strong> يديه يوشك الله أن يعمكم بعذاب من عنده»‏ !..أما سبيل اسلم إلى النهوض بهذه ‏«الفريضة الإجتماعية»‏ فريضةالإسهام الإيجابي في شئون اجملتمع والدولة-فهو السبيل السلمي في الأمرباعروف دائما وأبدا..‏ وهو ذات السبيل السلمي في النهي عن انكر إنحقق الغاية وإلا فالقتال والثورة هي السبيل لإزالة انكر من واقع اسلم‏..‏إن غرس ‏«اعروف»‏ في المحيط الإجتماعي لا سبيل له إلا السلم واوعظةالحسنة..‏ وفي غرس ‏«اعروف»‏ وفي اقتلاع ‏«انكر»‏ لا بد من ‏«العلم»‏ قبل(٧×)74


(٨×)(١٠×)ضرورة الإشتغال بالشئون العامةالأمر والنهي..‏ ولا بد من ‏«الرفق»‏ معهما..‏ ولا بد من ‏«الصبر»‏ بعدهما..‏فإن لم يثمر السلم في اقتلاع انكر من اجملتمع كانت الثورة ‏«واجبا اجتماعيا»‏لتحقيق هذه الغاية وليست مجرد ‏«سبيل مشروع»..{أذن للذين يقاتلونبأنهم ظلموا وإن الله <strong>على</strong> نصرهم لقدير.‏ الذين أخرجوا من ديارهم بغيرحق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمتصوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن اللهمن ينصره إن الله لقوي عزيز}.‏فالقتال ‏«فريضة اجتماعية»‏ <strong>على</strong> اظلوم ضد الظا‏..‏ <strong>على</strong> الذينأخرجوا من ديارهم ضد الذين أخرجوهم من هذه الديار..‏ فالصراع العنيفهنا هو مبضع الجراح الذي يعيد إلى اجملتمع العافية والصحة والتوازن منجديد..وهو أيضا ‏«فريضة اجتماعية»‏ لتحرير استضعف في الأرضالذين عزلهم الطغاة عن امتلاك مقدرات أنفسهم وخيرات أوطانهم أوطانكمفأخرجوهم منها ‏«حكما»‏ وإن احتبسوهم فيها ‏«فعلا»..‏ ‏{وما لكم لا تقاتلونفي سبيل الله واستضعف من الرجال والنساء والولدان الذين يقولونربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعللنا من لدنك نصيرا}!..?‏ (×٩) ولنأمل دلالة الحديث النبوي في هذا الحوارالذي بدأه الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان عندما سأل رسول اللهصلى الله عليه وسلم قائلا:‏ ‏«يا رسول الله أيكون بعد الخير الذي أعطيناشر كما كان قبله ?»- قال الرسول:‏ ‏«نعم»!‏- قال حذيفة:‏ ‏«فبمن نعتصم»?!‏- قال الرسول:‏ ‏«بالسيف»‏ !..ولذلك كان رواد هذا اركب الصعب ‏«شهداء»..‏ أحياء عند ربهم يرزقون..‏ف ‏«من قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد ومن قتلدون دمه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد!».‏وانطلاقا من تشريع القرآن والسنة لهذه ‏«الفريضة الإجتماعية»‏ ازدادفكر حضارتنا الإسلامية بقسمة ‏«إيجاب الثورة»‏طريقا لتغيير مجتمعاتالجور والفسق والضعف والفساد..‏ وقرأنا في فكر ‏«اعتزلة»‏ أنه ‏«لا يحلسلم أن يخلي أئمة الضلالة وولاة الجور إذا وجد أعوانا وغلب <strong>على</strong> ظنه(١١×)75


الإسلام وحقوق الإنسانأنه يتمكن من منعهم من الجور»..‏ (×١٢) وقرأنا في فكر ‏«الأشعرية:


الحواشيضرورة الإشتغال بالشئون العامة(×١) آل عمران:‏‎١٠٤‎‏.‏(×٢) آل عمران:‏(×٥) ٫٧٩٬٧٨ رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن حنبل.‏(×٦) رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة وابن حنبل.‏(×٧) رواه الترمذي.‏‏(×‏‎٨‎‏)الحج:‏(×١٠) رواه أبو داود وابن حنبل.‏(×١١) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وأبن ماجة وابن حنبل.‏(×١٢) القاضي عبد الجبار بن أحمد ‏[تثبيت دلائل النبوة]‏ ج ٥٧٥. طبعة بيروتسنة ‎١٩٦٦‎م.‏(×١٣) أبو بكر الباقلاني ‏[التمهيد]‏ ص ٥٣ من مجموعة أ نصوص الفكر السياسي الإسلامي !-طبعة بيروت سنة ‎١٩٦٦‎م.‏٢ ص ٬٥٧٤(٣×) ٫١١٠ التوبة:‏‎٦٧‎‏.‏٫٤٠٬٣٩ ‏(×‏‎٩‎‏)النساء:‏‎٧٥‎‏.‏(×٤) اائدة:‏(×١٤) البقرة:‏‎١٧٩٬١٧٨‎‏.‏77


الإسلام وحقوق الإنسان78


ضرورة اعارضة7 ضرورة المعارضةوإذا كان هذا هو مبلغ وضوح وتألق الفكرالنظري للإسلام حول ‏«الضرورات الواجبة»‏ لتلبية‏«احتياجات إنسانية الإنسان»..‏ فهل عرف هذا‏«الفكر»‏ الطريق يوما إلى ‏«امارسة والتطبيق»?‏ !..أم أنه لم يغادر بطون الكتب ولم يعرف السبيل إلىالواقع والتطبيق?‏ !..إن مجتمعات غير إسلامية قد ذهبت <strong>على</strong> درب‏«حقوق الإنسان»‏ إلى حيث أعطت هذا الإنسان‏«الحق»‏ في الاختلاف مع ‏«الدولة»‏ و ‏«السلطة»‏و«الولاة»..‏ وأعطته الحق في أن يسلك سبيل‏«التنظيم»‏ لدعم رؤيته اتميزة في شئون اجملتمععن رؤى الآخرين..‏ فأقرت حق ‏«اعارضة الفردية»‏وحق ‏«اعارضة الجماعية انظمة»‏ فسادت فيها‏«التعددية»‏ بدلا من ‏«الفردية والاستبداد»..‏واثال الذي نريد أن نضربه لتجاوز فكرالإسلام في هذه القضية إطار ‏«النظر»‏ إلى ميدان‏«التطبيق»‏ خاص بهذا الأمر..‏ أمر‏«اعارضة»‏فردية كانت هذه ‏«اعارضة»‏ أم منظمة..‏أي ‏«التعددية»‏ في الرأي الفردي..‏ أو التعددية في‏«التنظيم»...‏ وهو مثال تحتار أن يكون من عصرصدر الإسلام لا لأنه هو العصر الذي تفرد بتطبيق79


الإسلام وحقوق الإنسان/فلسفة الإسلام في ‏«الضرورات الواجبة»‏ لتحقيق احتياجات الإنسان وإالأنه العصر الذي ينظر إليه الجميع <strong>على</strong> أنه ‏«السابقة الدستورية»‏ التييجب القياس <strong>على</strong> ‏«روحها ونهجها»‏ في تطبيق النظريات والأفكار..‏إننا نعلم أنه إذا كان الإتفاق في الأصول وفي الغايات واقاصد واردا..‏فإن الإتفاق في الفروع وفي اناهج والسبل يكاد يكون مستحيلا..‏ فإن كانموقف التطبيق الإسلامي <strong>على</strong> عصر صدر الإسلام من ‏«اعارضة»‏ كحقمشروع بل كضرورة من الضرورات الطبيعية للإنسان ? !..واضح ن يستقر تاريخنا أن اسلم لم يختلفوا في ‏«الدين»‏ ولمتنشأ فرقة من الفرق الإسلامية الرئيسية بسبب الخلاف حول عقيدة منعقائد الدين ولا أصل من أصوله وإا كانت السياسة وفلسفة نظام الحكمومنصب الخلافة واختلاف اناهج في سياسة الأمة هي أسباب الخلافالذي أقام الفرق وأنشأ الأحزاب وأشعل الحروب والصراعات <strong>على</strong> امتدادالتاريخ الإسلامي واختلاف أقاليم اسلم !..١- فعقب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم أجتمع الأنصار منالأوس والخزرج في سقيفة بني ساعدة لاختيار من يخلف الرسول فيسياسة الناس ورئاسة الدولة واتجهت أنظارهم إلى سعد بن عبادة [١٤ هج٦٣٥ م]‏ زعيم الخزرج واتحدث باسم الأنصار وأحد النقباء الإثني عشرالذين بايعوا الرسول <strong>على</strong> تأسيس الدولة العربية الإسلامية الأولى فيبيعة العقبة قبيل هجرة الرسول من مكة إلى ادينة واقاتل الذي حضراشاهد والغزوات جميعها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تأسيساللدولة وحماية لحرية الدعوة للدين الجديد..‏ ويقينا من الأنصار بأحقيتهملهذا انصب لأن ادينة دارهم وسيوفهم هي التي نهضت بالنصيب الأكبرفي تأسيس الدولة وحماية الإسلام بايعوا سعد بن عبادة ليخلف الرسولعليه الصلاة والسلام في قيادة الدولة وسياسة الناس.‏لكن الخبر بلغ عمر بن الخطاب فاستدعى أبا بكر الصديق وصحبه<strong>على</strong> عجل إلى السقيفة ولقيهما أبو عبيدة بن الجراح فذهب معهما..‏وهم قرشيون ذوو مكانة قيادية في قريش وسابقون إلى الإسلام هاجرواإلى ادينة في سبيل الدين وكانوا أعضاء في جماعة ‏[اهاجرين الأول[التي كانت أشبه ما تكون بحكومة ادينة <strong>على</strong> عهد الرسول !.. وفي السقيفة80


ضرورة اعارضةواجه أبو بكر الأنصار وعرض الرأي القائل:‏ إن ‏«اهاجرين الأول‏»‏ همالأحق والأجدر نصب الخلافة فهم أسبق إلى الإسلام وأقرب إلى نبيهوهم قرشيون وأقدر-كان قريش ومكانتها في العرب-أن تجتمع عليهم وترضبرئاستهم قبائل العرب فتستمر وحدة العرب في دولة الإسلام.‏ !ولقد مالت الأوس-من الأنصار-إلى رأي اهاجرين الأول وتبعت عمربن الخطاب في البيعة لأبي بكر الصديق خليفة <strong>على</strong> اسلم‏..‏ وجرفالتيار الخزرج فبايعوا إلا سعد بن عبادة فإنه رفض البيعة لأبي بكر طوالخلافة أبي بكر..‏ فلما ولي عمر بن الخطاب الخلافة بعد أبي بكر ظلسعد بن عبادة <strong>على</strong> رفضه لعمر حتى توفاه الله [١٤ هج/‏ ٦٣٥ م]..‏ ولميحدث أن أكرهه أحد <strong>على</strong> البيعة أو عاقبة <strong>على</strong> خلافة للأمة في هذاالأمر..‏ فدل ذلك <strong>على</strong> أن خلاف اسلم واختلافهم في السياسة لا يقدحفي عقائد الفرقاء اخملتلف ونهض هذا اوقف منذ ذلك التاريخ ابكرشاهدا عل مشروعية اعارضة في فكر الإسلام السياسي والتجارب القائمة<strong>على</strong> أساسه..‏ بل إن التاريخ يحكي كيف كان سعد بن عبادة عندما يشدرحاله حاجا إلى بيت الله الحرام ينفرد بأداء مناسكه ولا يتبع الأميراع من قبل الخليفة في الإفاضة من عرفات!...‏ ولقد حدث ولقي سعدبن عبادة عمر بن الخطاب-‏ وهو خليفة-بادينة..‏ وكان سعد راكبا فرساوعمر يركب بعيرا فدار بينهما حوار عنيف بدأه عمر:‏- هيهات يا سعد!..‏- هيهات يا عمر!..‏ والله ما جاورني أحد هو أبغض إلي من جوارك!..‏- إن من كره جوار رجل انتقل عنه!..‏- إني لأرجو أن أخليها لك عاجلا إلى جوار من هو أحب إلى جوارا منكومن أصحابك ?!.. (×١)فلم يغضب منه الخليفة عمر بن الخطاب ولم يكرهه <strong>على</strong> البيعة له..‏وتركه ورأيه حتى انتقل إلى جوار ربه !..هنا..‏ نحن أمام صحابي جليل عاش دون أن يبايع الصديق بالخلافة..‏ومات وليس في عنقه بيعة خليفة الفاروق..‏ . وهنا..‏ يثب إلى الذهن مايحدث في اجملتمعات الحرة اعاصرة عندما يتنافس اتنافسون <strong>على</strong> منصبرئاسة الدولة وتتم عملية الإقتراع والإنتخاب فيفوز من يحوز ثقة الأغلبية..‏81


الإسلام وحقوق الإنسانلكن تظل الأقلية في موقع اعارضة له فهي لم تبايعه بل تواصل معارضتهاله حتى يح ح الترشيح والإنتخاب الجديد..‏ والذين وتون مناعارض لرئيس الدولة الإسلامية وتون وليس في أعناقهم بيعة للرئيسأو الأمير أو الإمام !.. هنا يلح التساؤل <strong>على</strong> عقل اسلم وضميره الديني:‏ما حكم الإسلام في صلاح أمر هؤلاء اعارض ?.. . لقد عاش الذينعاشوا منهم ومات من مات دون أن تكون في أعناقهم بيعة للإمام..‏ وفياأثورات النبوية الشريفة أحاديث يرددها ويذيعها كثير من ‏«أمراء»‏ الجماعاتالإسلامية الجديدة تحكم بالجاهلية <strong>على</strong> من فارق الجماعة و<strong>على</strong> منمات وليس في عنقه بيعة للإمام..‏ وهم بترديدهم هذه الأحاديث يوجبونالطاعة ‏«للأمراء»‏ <strong>على</strong> الكافة ويحرمون ‏«اعارضة»‏ ويجعلونها إثما دينياوخطيئة ترتد بصاحبها إلى الجاهلية بعد الإسلام?‏ !..فأين يقف الإسلام الحق في هذه القضية?!..‏ وما هو قوله الفصل فيهذا الإشكال?‏ !.. إنه صحيح وحق وصدق أن رسول الله صلى الله عليهوسلم قد قال-فيما رواه عبد الله بن عمر-رضى الله عنهما:‏ ‏«من خلع يدامن طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له.‏ ومن مات وليس في عنقه بيعةمات ميتة جاهلية».‏ (×٢)لكن الأمر الذي يغفله-أو يتغافل عنه-هؤلاء ‏«الأمراء»‏ أن هذه ‏«البيعة»‏التييتحدث عنها الحديث النبوي الشريف كانت بيعة الذين آمنوا للرسول صلىالله عليه وسلم الذي دعاهم إلى الإان..‏ فهي البيعة له بالنبوة وموضوعها:‏التوحيد والإسلام..‏ إنها البيعة التي خرجوا بها من الجاهلية إلى الإسلامومن ثم فإن خلعها والخروج من طاعتها هي-بالقطع-عودة إلى الجاهليةمرة أخرى..‏ فهي لم تكن بيعة من ‏«الرعية السياسية»‏ لمحمد برئاسة الدولةلأن هذه الرئاسة قد جاءت تبعا كضرورة اقتضتها ‏«الدولة»‏ التي تأسستلسياسة الرعية وحماية الدين و إا كانت بيعة من ‏«اؤمن‏»‏ للنبي الرسولعليه الصلاة والسلام..‏ فبيعة الرسول هذه وحدها دون أية بيعة أخرىلأي خليفة أو حكم أو أمير هي التي توصف بأنها هي ‏«الإسلام»‏ وهيالتدين بالدين الإسلامي..‏ إنها في الحقيقة:‏ بيعة الله سبحانه وتعالىالتي قال عنها لنبيه:‏ ‏{إن الذين يبايعونك إا يبايعون الله}..‏قال أيضا:...{من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك(×٣) كما82


ضرورة اعارضةعليهم حفيظا}...‏ (×٤) وليست كذلك بيعة أمراء السياسة والولاة والخلفاءوالرؤساء في دولة الإسلام..‏ فمعارضة هؤلاء الأمراء ورفض البيعة لهملاختلاف منهجهم السياسي وسبيلهم في سياسة اجملتمع وحكم الأمة عنمنهج اعارض لهم لا يعني الإنتقال باعارض من معسكر الإسلاموالإان إلى معسكر الجاهلية بأي حال من الأحوال..‏إن الذين يرددون هذه اأثورات النبوية الشريفة موظف لها في غيرموضعها وإطارها إا يرتكبون خطأ سياسيا فاحشا عندما يجتهدونلإسلاس قياد الأمة-كل الأمة-للأمراء كل الأمراء..‏ ويرتكبون خطيئة دينيةعندما يذهبون فيسخرون اأثورات الدينية والأحاديث النبوية الشريفة فيغير السياق الذي قيلت ورويت فيه..‏ وذلك باب واسع لشر مستطير شاعويشيع في كتابات العديد من ‏«الإسلامي‏»!..‏وإذا كان الصحابة رضوان الله عليهم أجمع قد حرصوا الحرص كله<strong>على</strong> التمييز ب ‏«موضوع»‏ البيعة السياسية و ‏«موضوع»‏ البيعة الدينيةاللت اجتمعتا للرسول صلى الله عليه وسلم وحده فكانوا يسألونه عليهالسلام في اواقف واواطن <strong>الخاصة</strong> بالقرارات ذلك السؤال الذي شاعفي السيرة النبوية:‏ يا رسول الله أهو الوحي ? أم الرأي واشورة ? وذلكليسلموا الوجه لله طاعة وإنقيادا إذا كان الأمر وحيا ودينا لأن في أعناقهمهنا بيعة الإان والدين..‏ أما إذا كان الأمر خاصا بالسياسة وشئونالحكم وأمور الدنيا فإنهم يشيرون ويعترضون ويعارضون-دون أن يقدحذلك في البيعة السياسية التي ارتضوا بها النبي صلى الله عليه وسلمحاكما للمجتمع والدولة..‏ إذا كان ذلك هو شأن الصحابة مع الرسول..‏ فكمهو شاذ ذلك الخلط الذي توظف به اليوم هذه اأثورات النبوية لتحرمالأمة من القيام ‏«بضرورة اعارضة»‏ عندما تقتضيها مصلحة الإسلام وحقوقاسلم‏..‏٢- ولم يكن سعد بن عبادة وحده هو الذي تخلف عن البيعة لأبي بكرالصديق..‏ فلقد تلكأ وأبطأ نفر من بني أمية التفوا حول عثمان بن عفان..‏ونفر من بني زهرة التفوا حول سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بنعوف..‏ لكنهم بادروا إلى البيعة-بعد ح‏-عندما دعاهم إليها عمر بن الخطابأبو عبيدة بن الجراح..‏83


الإسلام وحقوق الإنسانلكن رهطا من بني هاشم امتنعوا عن البيعة لأبي بكر والتفوا حول عليبن أبي طالب يريدونه الخليفة <strong>على</strong> اسلم‏..واستمر امتناعهم هذا زمناغير يسير..‏ ستة أشهر في رأي البعض وأربعة في رأي البعض الآخر !..وفي تلك الأثناء لم يكره أبو بكر عليا <strong>على</strong> مبايعته..‏ وعندما اشتد عمر بنالخطاب <strong>على</strong> علي كي يبايع وقال له في حضرة أبي بكر:‏ ‏«إنك لستمتروكا حتى تبايع !».. تدخل أبو بكر ووجه الحديث إلى علي بن أبيطالب فقال له:‏ ‏«إن لم تبايع فلا أكرهك»!‏ ولقد استمر علي بن أبي طالب<strong>على</strong> رفضه البيعة لأبي بكر حتى توفيت زوجته فاطمة الزهراء رضي اللهعنها..‏ وحتى تهدد خطر القبائل ارتدة عن وحدة الدولة ادينة ذاتهافنهض بدوره في تحص ادينة وحراستها وحمايتها ثم ذهب فبايع أبابكر بالخلافة والإمارة للمسلم‏..‏وهكذا ثبت مرة أخرى أن الخلاف في الرأي واعارضة في السياسةورفض البيعة للخليفة والإمتناع عن انتخاب الأمير واختياره لا تقدح فيالعقيدة الدينية ولا تقلل من ولاء الفرقاء-اخملتلف‏-للوطن الجامع لهمجميعا !.. وكان ذلك شاهدا <strong>على</strong> مشروعية اعارضة السياسية في النهجالسياسي للإسلام واسلم‏..‏ وإذا كان هذا هو حال الإسلام مع النظمالعادلة كما ثلت في خلافة الصديق أبي بكر والفاروق عمر..‏ فإن موقفهتجاه النظم الجائرة يتعدى ‏«مشروعية»‏ معارضتها إلى ‏«وجوب»‏ اعارضةلها و ‏«الثورة»‏ عليها..‏ إنطلاقا من وجوب الأمر باعروف والنهي عن انكرعل سائر اسلم‏..‏ ومأثورات الإسلام في هذا اقام أكثر من أن تحصىفي هذا اقام !.. فالرسول صلى الله عليه وسلم-كما سبقت إشارتنا-‏يطلب منا التصدي لإزالة انكر بالفعل فإن لم تستطع فبالقول خطابةوكتابة وإعلانا فإن لم تستطع فلا أقل من الرفض الواقع الجور وحكوماتهيقول عليه الصلاة والسلام:‏ ‏«من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لميستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإان»!‏ويحذرنا صلى الله عليه وسلم إذا نحن لم نجبر الحاكم الظالم وندخله فيالحق قسرا كما يقسر الإطار الصورة <strong>على</strong> عدم الإنحراف فيقول:‏ ‏«لتأمرنباعروف ولتنهون عن انكر ولتأخذن <strong>على</strong> يد الظالم ولتأطرنه <strong>على</strong> الحقأطرا أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض ثم تدعون فلا يستجاب لكم»‏ (×٧) .... (٦×)(٥×)84


(٨×)ضرورة اعارضةكما يعلمنا صلى الله عليه وسلم أن ‏«أفضل الجهاد كلمة حق أمام سلطانجائر»..‏هو الفكر الذي وضعه اسلمون-«باعارضة»-في امارسة والتطبيق..‏85


الإسلام وحقوق الإنسانالحواشي(×١) ] شرح نهج البلاغة]‏ ج(×٢) رواه مسلم.‏١ ص -٦ ١١ طبعة٦ ص .١١ ٬١٠(٣×) الفتح:‏ (٤×)٫١٠ النساء:‏ .٨٠(×٥) أنظر في خبر السقيفة وأحداث البيعة:‏ ‏[الإمامة والسياسة]‏ لابن قتيبة-جالقاهرة سنة ١٣٣١ ه و[تاريخ الطبري]ج ‎٢١٠‎‏.طبعة القاهرة الأولى.‏ وأشرح نهج البلاغة(×٦) ٫٤١ رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن حنبل.‏(×٧) رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة وابن حنبل.‏ (×٨) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابنماجة وابن حنبل.‏٣ ص -٢٠٧! ج ٦ ص -١٨٬١٣ ٬٢٠ -٣٩٬٢٤ ٬٢٣86


واعارضة انظمة8 والمعارضة المنظمةوكما يسلم البعض ‏«بوجوب الشورى»‏ ثم يعودفيفرغها من جدواها بزعمه عدم إلزامها للولاةوالحكام !.. كذلك يسلم البعض ‏«بوجوب اعارضة»‏عند قيام أسبابها ومقتضياتها لكنهم يعودونفيحاولون تفريغها من جدواها وفاعليتها عندمايبيحونها ‏«فردية»‏ ويحرمونها ‏«جمعية-منظمة»‏ فيصورة الجمعيات والأحزاب التي نراها ونسمع عنهافي عصرنا الحديث !..وقبل أن نعرض وقف الإسلام-كما نراه-في هذهالقضية نود أن نقول:‏ إن الإقتصار <strong>على</strong> ‏«اعارضةالفردية»‏ في مجتمعات كمجتمعاتنا الحديثة التيبلغت في تعقد الأمور هذا الذي بلغت إا يجعلمن هذه ‏«اعارضة»:‏ صيحة في واد ونفخة فيرماد !.. إن شئون اجملتمعات الحديثة قد بلغت فيالتشعب والتعقد إلى الحد الذي تتطلب فيه:‏‏«اؤسسات»‏ إذا شئنا ‏«الشورى»‏ القادرة <strong>على</strong> جعل‏«القرار»‏ أقرب ما يكون إلى الصواب....‏ و‏«الجمعيات..‏ والأحزاب»‏ إذا شئنا ‏«اعارض»‏ حقيقةواقعة وليس مجرد زينة فارغة يتحلى بها جيدالإستبداد وقوائم عروش استبدين !.. . إن الذينيشككون في ‏«اشروعية الإسلامية»‏ لقيام اعارضة87


الإسلام وحقوق الإنسانانظمة-مثل الأحزاب السياسية مثلا-في النظم الإسلامية ومجتمعاتهاإا يثيرون علامات الإستفهام حول مشروعية ‏«التعددية»‏ في الحياةالإجتماعية وتنظيماتها السياسية في اجملتمع الإسلامي الأمر الذي يجعلفكرهم هذا مكرسا-شاء أو لم يشاء وعوا أولم يعوا-لخدمة نظم الإستبداد!..‏ويزيد من أهمية جلاء وجه الإسلام الحق في هذه القضية أن الإنساناسلم الذي ينشأ نشأة إسلامية يجد مصطلح الأحزاب مرتبطا في ذهنهومخزونه التراثي بالشرك واشرك الذين حاصروا مدينة الرسول٭في غزوة ‏«الخندق»‏التي اشتهرت بغزوة ‏«الأحزاب»..‏ . وفي هذه الغزوة كانالصراع ب ‏«اؤمن‏»‏ وب ‏«الأحزاب»-أحزاب الشرك من قريش وحلفائها-‏.. .. وفي القرآن الكر نقرأ:‏ ‏{وا رأى اؤمنون الأحزاب قالوا هذا ماوعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إانا وتسليما}..‏ (×٩)ونقرأ:‏ ‏{جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب.‏ كذبت قبلهم قوم نوح وعادوفرعون ذو الأوتاد.‏ وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب!.. . ونقرأ:‏ ‏{كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمةبرسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيفكان عقاب (×١١) }.. ونقرأ:‏ ‏{وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثليوم الأحزاب.‏ مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما اللهيريد ظلما للعباد (×١٢) }..كذلك يردد اسلم في كل عام-ولعدة أيام-عندما يذهب للمسجد أويعود منه وقبل الصلاة وبعدها في تكبيرات أيام عيد الأضحى:‏ ‏«لا إله إلاالله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده»‏ (×١٣)! ! كذلك يطالع اسلم في السنة النبوية أنه قد كان من دعاء النبي٭عند لقاء الأعداء:‏ ‏«اللهم منزل الكتاب ومجرى السحاب وهازم االأحزابإهزمهم وانصرنا عليهم»‏ ! (×١٤) وأيضا فمؤرخوا الفرق والل والنحلالإسلاميون قد رووا ذلك الحديث النبوي الذي يتنبأ بافتراق الأمة إلىاثنت وسبع فرقة جميعها في النار إلا فرقة واحدة..‏ . الأمر الذي يوهمأن اشروعية قاصرة <strong>على</strong> جماعة واحدة وحزب واحد ومن عداه فهو فيالنار !.. . فعن أنس بن مالك قال:‏ ‏«قال النبي٭:‏ إن بني إسرائيل تفرقتإحدى وسبع فرقة وإن أمتي ستفترق اثنت وسبع فرقة فتهلك إحدى{ (١٠×)88


(١٦)واعارضة انظمةوسبع وتخلص فرقة.‏ قالوا:‏ يا رسول الله من تلك الفرقة ? قال:‏ الجماعةالجماعة»‏ (×١٥)ونحن نقول:‏ إن هذا الحديث الذي شاع في كتب اقالات والفرق ليسحجة قاطعة في انحياز النهج الإسلامي ضد ‏«التعددية»‏ في ميدان التياراتالسياسية والفكرية باجملتمعات الإسلامية..‏فالفرقة في ‏«الدين»‏ غير ‏«التعددية»‏ في السياسة..‏ وإذا كانت الأولىمذمومة لوحدة الدين وثبات عقائد.‏ وأصوله واكتمالها ولحرمة القولفيها بالرأي وإخضاعها للتطور والإجتهاد..‏ فإن شئون سياسة الأمة وعمراناجملتمعات لا تستقيم عادة بوحدانية الفكر والفردية في الإجتهاد..‏ وفيإقرار..‏ وفي التنفيذ..‏ثم إن هذا الحديث-وهو من أحاديث الآحاد التي لا تلزم في العقائد-‏لم يطابق الواقع اضمون الذي أخبر عنه ولا الذي تنبأ به..‏ فلا فرق بنيإسرائيل!‏ وقفت عند إحدى وسبع‏..‏ ولا فرق اسلم وقفت عند اثنتوسبع ?!..وإذا كان هذا الحديث قد تنبأ بافتراق الأمة الإسلامية إلى اثنتوسبع فرقة فإن هناك حديثا ثانيا يتنبأ بافتراقها إلى فرقت اثنت‏..‏فعن أبي سعيد ‏«قال النبي٭:‏ تفترق أمتي فرقت فيمزق بينهما مارقةيقتلها أولى الطائفت بالحق»..‏ (×١٧) وهناك حديث ثالث يتحدث عن افتراقالأمة ثلاث فرق..‏ فعن أبي بكرة عن أبيه قال:‏ ‏«ذكر النبي٭ أرضا يقاللها البصرة إلى جنبها نهر يقال له دجلة ذو نخل كثير وينزل به بنوقنطوراء-{أي الترك}-فيتفرق الناس ثلاث فرق فرقة تلحق بأصلها وهلكوا.‏وفرقة تأخذ <strong>على</strong> نفسها وكفروا.‏ وفرقة يجعلون ذراريهم خلف ظهورهمفيقاتلون قتلاهم شهداء يفتح الله تبارك وتعالى <strong>على</strong> بقيتهم.»‏ (×١٨) ..إن أقصى ما يقال في أحاديث الآحاد هذه:‏ إنها مأثورات قد أصابهاتأثير الصراع ب اسلم‏..‏ . وأقل ما يقال فيها:‏ إنها خاصة بذم الإفتراقفي ‏«الدين»‏ ولا يجب تعميم مضامينها لتشمل ‏«التعددية»‏ في السياسةفب اجملال ايز أكيد..‏ إن الإفتراق في الدين شر قد عصم الله منهأمة الإسلام..‏ أما التعددية في السياسة فلقد حدثت وتحدث-في تاريخناوحاضرنا-ومع ذلك لم تقدح في إان مختلف الفرقاء بدين الإسلام !..89


الإسلام وحقوق الإنسانإن هذه اأثورات التي كونت وتكون اناخ الفكري الذي ينشأ اسلم فيمحيطه قد ساعدت <strong>على</strong> تهيئة الجو الذي أضفى قدرا من اشروعية <strong>على</strong>دعاوى أولئك الذين احترفوا اتهام اعارض لنظم الجور والإستبداد بتهم‏«الخروج»‏ <strong>على</strong> ‏«إجماع»‏ الأمة و ‏«وحدتها»‏الأمر الذي شكك إسلاميا فيمشروعية اعارضة انظمة في الفكر السياسي الإسلامي وفي النظمالسياسية الإسلامية..‏ ولقد أسهم في إشاعة هذا افهوم وترسيخه فكر‏«فقهاء السلاط«أولئك الذين منحوا اشروعية لنظم ‏«التغلبوالإستبداد»‏ودعوا إلى طاعة ولاة الجور والفسق والفساد إذا هم اغتصبواالسلطة بالقوة بدعوى أن ‏«الثورة»‏ هي ‏«فتنة»‏تعطل اصالح وتجلب منالأضرار ما هو محقق وما يفوق المحتمل من الإيجابيات !.. مستندين فيذلك إلى ظواهر نصوص عرضنا لها فأثبتنا ضعف حجتهم في الإستنادإليها والإستشهاد بها <strong>على</strong> الدعوى التي يدعون !..بل إننا نستطيع أن نقول:‏ إن الأدلة <strong>على</strong> أن اعارضة انظمة هي ‏«ضرورةإسلامية شرعية»‏ تتجاوز كون هذه اعارضة مصلحة يقتضيها صلاح حالاسلم الراهن.‏ الأمر الذي يعطيها اشروعية الإسلامية اليوم حتى ولولم يعرفها تاريخهم السياسي القد‏..‏ كذلك فإن الأدلة <strong>على</strong> مشروعيتهاتتجاوز نفى حجج الخصوم وتفنيد حقهم واتساق منطقهم عندما استندواإلى بعض ظواهر النصوص...‏ إن الأدلة <strong>على</strong> مشروعية ‏«التعددية»‏ السياسيةفي الإسلام تتجاوز كل ذلك عندما تجد لها شواهد أولية وصورا جنينيةوتجارب بسيطة في الحياة السياسية والإجتماعية جملتمع النبوة في صدرالإسلام !..ففي صدر الإسلام كانت شورى اسلم للرسول٭ في شئون الدنيالونا من ألوان اعارضة وإن لم تأخذ نظام الجماعات والأحزاب..‏ ففياواطن الخلافية وتجاه القضايا التي لم يكن الرأي فيها مستقرا معروفاوعندما كان الرسول يدلي بالرأي كان صحابته رضي الله عنهم يسألونه:‏يا رسول الله أهو الوحي ‏?أم الرأي واشورة ?.. أي أهو«الدين»‏ جاءك فيهوحي السماء فيجب علينا السمع والطاعة وإسلام الوجه لله دوا معارضةأو إعراض ?.. أم أن هذا الأمر ‏«دنيا وسياسة»‏ فهو موطن من مواطنالرأي والشورى والنقد والأخذ والعطاء ?.. وعندما كان الرسول٭ ينبئهم90


واعارضة انظمةأن هذا الأمر ا فيه للرأي واشورة مجال..‏ أي أنه ‏«سياسة»‏ كانوا يدلونبآرائهم فيتفقون ويختلفون ويتابعون ويعارضون دوا حرج أو تردد منمعارضتهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام !..ففي غزوة بدر.اقترب الرسول٭ بجيشه من مكان اعركة وكانتهناك عدة آبار للمياه فنزل الرسول عند أقرب بئر من هذه الآبار إلىادينة وكان ب اسلم من له رأي آخر في اكان الذي يجب أن يعسكرفيه جيش اسلم‏..‏ فتوجه الصحابي الحباب بن انذر بن عمرو بن الجموحباسم هؤلاء الصحابة إلى الرسول سائلا عن ‏«طبيعة»‏ قراره هذا?‏ هل هو‏«دين»‏ فله الطاعة والتسليم لعصمته من الخطأ وانتفاء حق ‏«اعارضة»‏فيه?..‏ أم هو ‏«سياسة ورأي»‏فخضع للشورى والبحث والتعديل وجواز‏«اعارضة»‏ فيه?..‏ سأل الحباب رسول الله٭وقال:‏ يا رسول الله ‏«أرأيتهذا انزل ‏«اكان»‏ أمنزل أنزله الله فليس لنا أن نتقدمه أو نتأخر عنه?‏ أمهو الرأي والحرب واكيدة?»..‏ فقال عليه الصلاة والسلام:‏ بل هو الرأيوالحرب واكيدة.‏ فقال الحباب:‏ يا رسول الله إن هذا ليس لك نزل !فافانهض بناحتي نأتي القلب (×١٩) ‏-«الآبار»-ثم نبني عليها حوضا فنملؤهماء فنشرب ولا يشربون.‏ فاستحسن رسول الله رأي الحباب وفعلهففيما هو«رأي وسياسة ودنيا»‏ رأينا الشورى واعارضة واردة يرحب بهاويشجع عليها ويفتح أمامها السبل-الحاكم والقائد محمد بن عبد الله عليهالصلاة والسلام.‏وبعد أن انجلت غزوة بدر هذه عن انتصار اسلم <strong>على</strong> مشركي قريشبقتل العديد من قادة الشرك وأسر عدد منهم تشاور الرسول٭ معأصحابه في اوقف من الأسرى فكان رأي عمر بن الخطاب مع قتلهموكان رأي أبي بكر مع أخذ الفداء وإطلاق سراحهم.‏ وحبذ الرسول رأي أبيبكر وأمضاه..‏ فنزل القرآن ناقدا هذا الرأي بعد إمضائه ومحبذا رأيعمر بن الخطاب..‏ قال الله سبحانه:‏ ‏{ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتىيثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيزحكيم (×٢١) }.. واتفق مفكرو الإسلام <strong>على</strong> أن ما حدث مع أسرى بدر هو‏«خطأ»‏ بل واستدلوا بهذه الآية كما يقول البيضاوي في تفسيره للقرآن ‏«<strong>على</strong>!.. (٢٠×)91


الإسلام وحقوق الإنسانأن الأنبياء يجتهدون وأنه قد يكون خطأ ولكن لا يقرون عليه»...‏ ولكنأحدا من هؤلاء افكرين لم يقل إن هذا الخطأ هو من نوع الخطأ فيالدين-الخطيئة الدينية-الذي يستوجب إثما دينيا ن وقع منه لأن عصمةالرسول٭ في أمور الدين وتبليغ الرسالة وبيانها أمر اتفق عليه مفكروالإسلام..‏ فاجملال هنا مجال ‏«الرأي والسياسة»‏ وهو ا تجوز بل تجبفيه ‏«اعارضة»‏ إذا قامت مقتضياتها وليس بفادح الخلاف والإختلافوالخطأ في هذا اجملال بالعقائد الدينية للأطراف اخملتلف !..وفي غزوة الخندق-«سنة‎٥‎ ه»عندما ‏«اشتد <strong>على</strong> اسلم البلاء»‏ بعدأكثر من عشرين ليلة من حصار اشرك للمدينة راودت الرسول عليهالصلاة والسلام فكرة عقد معاهدة ‏«حربية-اقتصادية»‏ مع حلفاء قريشمن ‏«غطفان»‏ وأهل ‏«نجد»‏ كي ينصرفوا عن حصارهم للمدينة وحلفهم معقريش وذلك في مقابل ‏«ثلث ثمار ادينة»‏ ففاوض في هذا الأمر قائديغطفان:‏ عيينة بن حصن الفزاري والحارث بن عوف بن أبي حارثة اري..‏واتفق وإياهما وكتب لهما ‏«مسودة»‏ معاهدة بذلك..‏ورغم أن رسول الله٭ كان هو الإمام الحاكم القائد وهو أولى باؤمنمن أنفسهم إلا أنه كان في أمور السياسة هذه ينفذ أمر ربه له ‏{وشاورهمفي الأمر}‏ (×٢٣) .. وكان الرسول يدرك ما للأنصار من خصوصية واختصاصفي إمضاء هذه اعاهدة أو معارضتها فهم جزء من رعية الدولة وفوقذلك لهم ذاتية متميزة في إطار أمة السياسة ا حملوا من عبء تكوينالدولة وإيواء اهاجرين ونصرة الدعوة..‏ وأيضا باعتبارهم أصحاب الثمارالتي سيحصل أهل ‏«غطفان»‏ و«نجد»‏ <strong>على</strong> ثلثها لقاء فك حصارهم عنادينة..‏ كان الأنصار إذن أصحاب مصلحة متميزة في شأن هذا الإتفاقفكان أن عمد الرسول٭ إلى استشارة وزعيميم:‏ سعد بن معاذ ‏«‏‎٥‎هج /٦٢٦ م»‏ وسعد بن عبادة ‏«‏‎١٤‎هج/‏ ٦٣٥ م»‏ ‏«فقالا:‏ يا رسول الله هذا الأمرتحبه فنصنعه لك ? أو شيء أمرك الله به فنسمع له ونطيع ? أو أمر تصنعهلنا ? قال:‏ بل صنعه لكم والله ما أصنعه إلا لأنني قد رأيت العرب قدرمتكم عن قوس واحدة !.. . فقال له سعد بن معاذ:‏ يا رسول الله والله لقدكنا نحن وهؤلاء القوم <strong>على</strong> الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولانعرفه وما طمعوا قط أن ينالوا منا ثمرة إلا بشراء أو قرى (×٢٤) - ‏«أي92


واعارضة انظمةضيافة»-فح أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك نعطيهم أموالنا?!.. والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم !..».وأمام هذا الإعتراض <strong>على</strong> مشروع اعاهدة واعارضة السياسية فيهذا الشأن السياسي نزل الرسول٭ مسرورا <strong>على</strong> رأي جماعة الأنصاروعدل عن الرأي الذي سبق له أن ارتآه..‏ ‏«وقال لعيينة والحارث:‏ ‏«قائديغطفان ونجد»:‏ إنصرفا فليس لكم عندنا إلا السيف.‏ وتناولالصحيفة«مشروع اعاهدة»‏ وليس فيها شهادة فمحاها....‏لقد قامت هذه الواقعة التاريخية وتقوم شاهدا <strong>على</strong> مشروعية اعارضةبل و<strong>على</strong> ضرورتها.‏ فلقد سعى الرسول قبل إبرام اعاهدة إلى مشاورةأصحاب اصلحة ولم يكتف بانتظار مبادرتهم هم للمشاورة واعارضة..‏بل بحث عن اشورة واعارضة في مصادرها وفي مكانها !.. لأن هذا هوشأن السياسة واعارضة السياسية في نهج الإسلام..‏ ولو كان الأمر ‏«دينا»‏ا كانت الشورى واردة ولا كانت اعارضة والإعتراض !..وقصة الرسول٭ مع تأثير-«تلقيح»-نخل ادينة وثمره شاهدة هيالأخرى وشاهد <strong>على</strong> هذا التمييز في السنة النبوية الشريفة ب ما هو‏«دين»‏لا شورى ولا ‏«معارضة»‏ فيه وب ما هو«دنيا وسياسة وحرف وزراعة.‏الخ»‏ تجب فيه الشورى ويفرض فيه الإسلام رعاية صلحة الأمة الإعتراضواعارضة عندما تقوم دواعيها..‏ . فبعد هجرة الرسول إلى ادينة وجدأهلها ‏«يلقحون»‏ نخلها فأشار عليهم بترك التلقيح فكانت النتيجة أن صارثمر النخل ‏«شيصا».‏ فلما راجعوه كان حديثه الشريف الذي حسم هذهالقضية عندما ميز ب ما هو«دين»‏ ثابت لا تجوز اعارضة فيه وب ماهو ‏«دنيا»‏ ثل الشورى واعارضة ضرورة من ضرورات انتظامه.‏ يرويطلحة بن عبيد الله هذا الحديث فيقول:‏ مررت مع رسول الله٭في نخل.‏فرأى قوما يلقحون النخل.‏ فقال:‏ ما يصنع هؤلاء?‏ قالوا:‏ يأخذون من الذكرفيجعلونه في الأنثى قال:‏ ما أظن ذلك يغني شيئا.‏ فبلغهم فتركوه.‏ فنزلواعنها-(وفي رواية عائشة لهذا الحديث:‏ ‏«فصار شيصا»)-فبلغ النبي٭ فقال:‏إا هو الظن إن كان يغني شيئا فاصنعوه فإا أنا بشر مثلكم وإن الظنيخطئ ويصيب ولكن ما قلت لكم:‏ قال الله فلن أكذب عل الله-(وفي روايةعائشة:‏ ‏«فقال إن كان شيئا من أمر دنيكم فشأنكم به وإن كان من أمور« (٢٥×)93


الإسلام وحقوق الإنساندينكم فإلى»)-(وفي رواية:‏ ‏«أنتم أعلم بأمر دنيكم»...)‏ (٢٦)ففي الدين:‏ عصمة ووحي ويق ووضع إلهي لا مجال معه للشورىأو الرأي أو اعارضة والإعتراض..‏ أما في الدنيا والسياسة وعمران اجملتمعونظامه فإن الحكم بالغا ما بلغ لا عصمة له.ومن ثم فإن إمضاءه الأمرقد يكون ‏«بالظن»‏ ‏«والظن يخطئ ويصيب»-كما قال٭ ‏-ومن ثم فإن السبيلإلى الإقتراب أكثر فأكثر من الصواب هو ‏«الشورى»‏‏..‏ وحتى تتحقق هذهالشورى بكفاءة وفاعلية فلابد لها من ‏«معارضة»‏ مشروعة تفجر في ملكاتالناس وطاقاتهم الإهتمام بسبل الصلاح والإصلاح للمجتمعات!..‏ولقد سبق أن أشرنا إلى أن تعقد شئون السياسة للناس والحكمللمجتمعات اعاصرة قد استلزم ‏«الشورى الجماعية»‏ وكذلك ‏«اعارضةالجمعية انظمة»..‏ . وإن اقتضاء ‏«اصلحة»‏ لهذا التطور نحه اشروعيةالإسلامية..‏ فمقاصد الشريعة أهمها العدل ولا نعتقد أن منصفا اريفي أن العدل إن في السياسة أو في الإقتصاد قد غدا صعب انال ما لمتتح لأصحاب اصلحة فيه من جمهور الأمة فرص الإنتظام والتنظيم فيجماعات وأحزاب سياسية تسعى عبر الطرق اتميزة إلى تحقيق هذاالعدل انشود..‏ورغم أننا لا يل إلى رأي الذين يبالغون فيدعون أن مجتمع ادينة<strong>على</strong> عهد الرسول٭ والخلفاء الراشدين قد عرف ‏«التنظيمات»‏ و‏«الأحزاب»‏ <strong>على</strong> النحو الذي تعنيه هذه اصطلحات في عصرنا الراهن..‏رغم أننا نرفض هذا الإدعاء ابالغ واغالي في تقدير ‏«تعددية»‏ ذلك اجملتمعالبسيط..‏ إلا أننا نلمح ‏«ملامح»‏ جنينية لتجمعات قامت في ذلك اجملتمعبذلك التاريخ وهي وإن لم تكن ‏«أحزابا وتنظيمات»‏إلا أنها كانت شكلا منأشكال التمايز القائم <strong>على</strong> ‏«اصلحة ووجهة النظر»‏ وهي بذلك شهادة<strong>على</strong> قبول التجربة الإسلامية ‏«للتعددية»‏ في إطار وحدة نهج الإسلاموشريعته...‏ففي ترجمة ابن الأثير للصحابية الجليلة أسماء بنت يزيد ب السكن٦٥٠ م)-وكانت شجاعة قائدة خطيبة-ما يشير إلىجماعة لنساء ادينة قامت تسعى للحصول <strong>على</strong> حقوقهن اوازية ا يبذلنفي اجملتمع الجديد من جهود !.. وكانت أسماء هذه قائدة في جماعةالأنصارية (٣٠ هج /94


واعارضة انظمةالنساء تلك..‏ وإبن الأثير يتحدث عن ذهابها إلى الرسول٭ثلة لهذهالجماعة وحديثها إليه باسم من بعثنها من النساء فيقول:‏ لقد ذهبت إلىالنبي‏(صلعم)‏ وهو جالس إلى الصحابة فقالت:‏ يا رسول الله‏«إني رسولمن ورائي من جماعة نساء اسلم يقلن بقولي و<strong>على</strong> مثل رأيي..‏ إن اللهبعثك إلى الرجال والنساء فآمنا بك واتبعناك.‏ ونحن معشر النساءمقصورات مخدرات قواعد بيوت وموضع شهوات الرجال وحاملاتأولادكم.‏ وإن الرجال فضلوا بالجماعات وشهود الجنائز وإذا خرجوا للجهادحفظنا لهم أموالهم وربينا أولادهم أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله‏?..فالتفت الرسول‏(صلعم)‏بوجهه إلى أصحابه وقال لهم:‏ أسمعتم مقالةامرأة أحسن سؤالا عن دينها من هذه?‏ فقالوا:‏ لا يا رسول الله.‏فقال‏(صلعم)‏إنصرفي يا أسماء وافقته تعدل كل ما ذكرت !. فانصرفتوهي تهلل وتكبر استبشارا ا قاله لها رسول الله !..» (×٢٧)فنحن هنا أمام جماعة نسائية..‏ وبعبارة الصحابية أسماء بنت يزيد:‏‏«جماعة نساء اسلم‏»..‏ قامت تسعى لإنصاف النساء بالإسلام الذيأنصف الرجال والنساء !.وإذا كانت اعلومات قليلة جدا عن ذلك اجمللس الذي اختص بتنظيمالشورى <strong>على</strong> عهد الرسول٭ والذي تكون من سبع عضوا (×٢٨) .. فإنلدينا من اعلومات والوقائع ما يجعلنا نقول:‏ إن عصر النبوة والخلافةالراشدة قد عرف هيئة(اهاجرين الأول‏)‏ تلك التي مارست كل ما ارسه‏«التنظيم السياسي»‏ في مثل مجتمع ادينة من اختصاصات ومهام !..لقد كانت هيئة ‏(اهاجرين الأول(في ادينة أشبه ما تكون بحكومةالرسول ‏(صلعم)‏في حياته..‏ وبعد ذلك كانت هي التي استأثرت نصبالخليفة ترشحه من ب أعضائها وتختاره هي ثم يبايعه بعد ذلك اسلمونويصدقون <strong>على</strong> قرارها ب ‏«البيعة العامة»..‏ بعد ‏«البيعة <strong>الخاصة</strong> لهذه الهيئة»..‏ولقد تكونت هذه الهيئة من عشرة من كبار الصحابة يقود كل واحد منهمحيا من أحياء مهاجرة قريش فكانت قيادة وراءها جماهير.‏ أما العشرةفهم:‏ أبو بكر الصديق..‏ وعمر بن الخطاب..‏ وعثمان بن عفان..‏ وعلي بنأبي طالب..‏ وطلحة بن عبيد الله..‏ والزبير بن العوام..‏ وعبد الرحمن بنعوف..‏ وسعد بن أبي وقاص..‏ وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل..‏ أبو95


الإسلام وحقوق الإنسانعبيدة بن الجراح.‏ولقد ظلت سلطة دولة الخلافة الراشدة في هذه الهيئة حتى انتهتهذه الدولة وزال نظامها بانتقال الأمر إلى معاوية بن أبي سفيان..‏ . ففيالسقيفة قال أبو بكر:‏ ‏«إن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش»‏ أيالحي الذي تكون في ادينة من مهاجرة قريش والذي تقوده هذه الهيئةمن ‏«اهاجرين الأول‏»..‏ وفي السقيفة كذلك بايع اثنان من هذه الهيئة-‏هما عمر أبو عبيدة-لثالث منها أيضا-هو أبو بكر-فتم لهم وله الأمر..‏ وعندماحضرت انية أبا بكر استشار هذه الهيئة وعهد إلى واحد منها بالخلافة-‏وهو عمر-ثم عقدت له البيعة العامة أو بيعة العامة بعد موت أبي بكر..‏وعندما حضرت انية عمر-بعد طعنه-كان قد بقي من أعضاء هذه الهيئةسبعة هم:‏ عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعدبن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل..‏ فكون عمر منهم مجلسالشورى الذي اشتهر أمره بعد أن أخرج منه إبن عمه سعيد بن زيدووضع في اجمللس ابنه عبد الله <strong>على</strong> ألا يكون له إلا اشورة فقط دونالولاية حتى لا يلي الخلافة من عدي-رهط عمر-أكثر من واحد..‏ ولقداختار هذا اجمللس من بينه عثمان بن عفان ثم عقدت له البيعة العامةفولى الخلافة بعد عمر..‏وعندما حدثت في السنوات الأخيرة من عهد عثمان الأحداث التيأغضبت غالبية اسلم كانت هيئة ‏«اهاجرين الأول‏»‏ في مقدمةالمحرض <strong>على</strong> الخروج <strong>على</strong> عثمان..‏ لقد مارست اعارضة كما ارسهاالحزب السياسي وسعت إلى استرداد سلطاتها عندما رأت أن بني أمية قدغلبوها عليها بسيطرتهم <strong>على</strong> جهاز دولة الخليفة الثالث عثمان بن عفان!.. وإبن قتيبة يذكر أن الرسالة التي خرجت من ادينة إلى الأمصار تدعوالثوار للقدوم للعاصمة والخروج <strong>على</strong> عثمان قد خرجت باسم هذه الهيئة..‏ونصها:‏ ‏«بسم الله الرحمن الرحيم.‏ من اهاجرين الأول وبقية الشورىإلى من صر من الصحابة والتابع‏..‏ أما بعد.‏ أن تعالوا إليناوتداركوا خلافة رسول الله قبل أن يسلبها أهلها فإن كتاب الله قد بدلوسنة رسوله قد غيرت وأحكام الخليفت قد بدلت.‏ فننشد الله من قرأكتابنا من بقية أصحاب رسول الله والتابع بإحسان إلا أقبل إلينا وأخذ96


واعارضة انظمةالحق لنا وأعطيناه فأقبلوا إلينا إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وأقيمواالحق <strong>على</strong> انهاج الواضح الذي فارقتم عليه الخلفاء.‏ غلبنا <strong>على</strong> حقناواستولى <strong>على</strong> فيئناوحل بيننا وب أمرنا.‏ وكانت الخلافة بعد نبينا نبوةورحمة وهي اليوم ملكا عضودا.‏ من غلب <strong>على</strong> شيء أكله»‏ (×٢٩) .فنحن هنا بإزاء بيان سياسي أصدرته هيئة سياسية ذات اختصاصاتدستورية وسلطات وحقوق عندما رأت أن خر وجا قد حدث عن العرفواعتداء قد <strong>على</strong> ما لك من سلطات وحقوق.‏وبعد مقتل عثمان رضى الله عنه أراد الثوار-الذين كانت ادينة تحتسلطانهم-البيعة لعلي بن أبي طالب بالخلافة فأنبأهم أن الأمر أولالبقية هذه الهيئة وكانوا بادينة يومئذ-بالإضافة إلى علي-هم:‏ الزبيروطلحة....فذهب الثوار إليهم فجاءوا وبايعوا عليا..‏ ثم دار الصراع بينهمبعد ذلك <strong>على</strong> الخلافة-كما هو مشهور-..‏ . أي أن الصراع دار ب من بقيمن هذه الهيئة..‏ هيئة ‏«اهاجرين الأول‏»..‏ وبعد موت طلحة والزبير بقيعلي وحده في ايدان فدار الصراع بينه وب معاوية بن أبي سفيان..‏ وااستشهد علي آخر أعضاء ‏«اهاجرين الأول« انتهت دولة الخلافة الراشدةوانقضى نظامها..‏ . وانتقل الأمر إلى معاوية وبني أمية ملكا عضودا !..(٣٠) إذن..‏ . فلقد عرفت التجربة السياسية الإسلامية <strong>على</strong> عصر النبوةوالخلافة الراشدة ‏«مبدأ التنظيم»‏ و ‏«الجماعات شبه انظمة»..‏ . بلوعرفت هيئة ‏«اهاجرين الأول‏»‏ قيادة سياسية منظمة ذات اختصاصاتسياسية ودستورية...كما عرفت هذه التجربة ‏«اعارضة انظمة والجمعية»‏وذلك فضلا عن الشورى الفردية ومعارضة الأفراد..‏بل إننا إذا ذهبنا نستقر أدبيات عصر النبوة ومأثوراته وفي مقدمتهاالأحاديث النبوية الشريفة فلن نجد مصطلح ‏«الحزب»‏ غائبا.‏ كما لن نجدهمنبوذا مدانا دائما وبإطلاق..‏ فاوقف بأدبيات ذلك العصر من مصطلح‏«الحزب»‏ محكوم باضمون والمحتوى..‏ فليس ‏«الحزب»‏ و ‏«الحزبية»‏ بالأمرانكر في كل الأحوال!..‏فكما كان البعض يسمى النبي٭-باعتبار رئاسته للدولة-«أمرا»‏ باعتباركذلك كانوا يسمونه مع صحابته ‏«حزبا»‏ !.. فاؤمنون كانوا يسمون ‏«حزبمحمد»..‏ . وفي ذلك يروي أنس ابن مالك رض الله عنه حديث الرسول٭97


الإسلام وحقوق الإنسانالذي يقول فيه:‏ ‏«يقدم عليكم أقوام هم أرق منكم قلوبا»‏ قال أنس:‏ ‏«فقدمالأشعريون فيهم أبو موسى الأشعري فلما دنوا من ادينة كانوا يرتجزونيقولون:‏غدا نلقي الأحبة محمدا وحزبه»‏وفي الحديث الطويل الذي يرويه البخاري في صحيحه نجد مصطلح‏«الحزب»‏ قد أطلق <strong>على</strong> كل من التجمع اللذين ايزا وايزت مشاربهماومصالحهما بل وظهرت تناقضاتهما في صفوف أمهات اؤمن زوجاتالرسول٭ ورضي عنهن...‏ يروي البخاري ‏«عن عائشة رضي الله عنهاأن نساء رسول الله٭ كن حزب فحزب فيه عائشة وحفصة وصفيةوسودة والحزب الآخر أم سلمة وسائر نساء رسول الله٭.‏ وكان اسلمونقد علموا حب رسول الله٭ عائشة فإذا كان عند أحدهم هدية يريد أنيهديها إلى رسول الله أخرها حتى إذا كان رسول الله في بيت عائشة بعثصاحب الهدية إلى رسول الله في بيت عائشة.‏ فتكلم حزب أم سلمة اللمةفقلن لها:‏ كلمي رسول الله يكلم الناس فيقول:‏ من أراد أن يهدي إلى رسولالله هدية فليهدها إليه حيث كان من بيوت نسائه.‏ فكلمته أم سلمة ا قلنأقلن فلم يقل شيئا فسألنها فقالت:‏ ما قال لي شيئا فقلن لها:‏ فكلميهقالت فكلمته ح دار إليها أيضا فلم يقل لها شيئا فسألنها فقالت:‏ ماقال لي شيئا فقلن لها:‏ كلميه حتى يكلمك فدار إليها فكلمته فقال لها:‏لا تؤذيني في عائشة فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب (×٣٢) امرأة إلاعائشة.‏ فقالت:‏ أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله.‏ثم إنهن ‏(أي حزب أم سلمة)‏ دعون فاطمة بنت رسول الله فأرسلت إلىرسول الله تقول:‏ إن نساء ك ينشدنك الله العدل في بنت أبي بكر.‏ فكلمتهفقال:‏ يا بنية ألا تحب ما أحب ‏?قالت:‏ بلى فرجعت إليهن فأخبرتهنفقلن:‏ ارجعي إليه فأبت أن ترجع.‏ فأرسلن زينب بنت جحش فأتتهفأغلظت وقالت:‏ إن نساء ك ينشدنك الله العدل في بنت ابن أبي قحافةفرفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة فسبتها حتى إن رسولالله لينظر إلى عائشة هل تكلم ? ! قال-(الراوي)-فتكلمت عائشة ترد <strong>على</strong>زينب حتى أسكتتها.‏ قالت:‏ فنظر النبي إلى عائشة وقال:‏ إنها بنت أبيبكر!..»‏ (×٣٣) والذي يعنينا في هذا الحديث هو استخدام مصطلح ‏«الحزب»‏(٣١)!98


واعارضة انظمةللدلالة <strong>على</strong> تجمع ألفت بينه روابط محددة جعلته يخوض صراعا ضد‏«الحزب»‏ الذي جمعته روابط أخرى..‏ ولقد بلغت حدة هذا الصراع إلىالحد الذي تأذى منه الرسول٭...‏ وبعبارة القرطبي:‏ أنه٭ ‏«كان قد تأذىببعض الزوجات.‏ قيل:‏ سألنه شيئا من عرض الدنيا.‏ وقيل:‏ زيادة في النفقةوقيل:‏ آذينه بغيرة بعضهن <strong>على</strong> بعض..»‏ (×٣٤) حتى نزل قول الله سبحانه:‏‏{يا أيها النبي قل لأزواجك إن كن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالأمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا.‏ وإن كن تردن الله ورسوله والدار الآخرةفإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما}..‏ (×٣٥) نزلت هذه الآيات فيسورة ‏(الأحزاب)‏ لتنهى هذين ‏«الحزب‏»‏ عن إيذاء النبي ا بينهما منصراع..‏ فمصطلح ‏«الحزب»-بهذا اعنى-لم يكن غريبا <strong>على</strong> أدبيات عصرالنبوة وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام.‏أما القرآن الكر فإنه يتخذ من هذا اصطلح موقفا معياره:‏ الفكر‏«واوقف والهدف»‏ الذي قامت وتسعى إليه هذه الأحزاب..‏ فهناك ‏{حزبالشيطان}‏ وهو{يدع وحزبه ليكونوا من أصحاب السعير}‏ (×٣٦) .. لكن هناكأيضا الذين يؤمنون فيكونون ‏«حزب الله»{ومن يتول الله ورسوله والذينآمنوا فإن حزب الله هم الغالبون}‏ (×٣٧) . والذين ‏{رضي الله عنهم ورضواعنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم افلحون}‏ (×٣٨) .. فمصطلح‏«الحزب»‏ و ‏«الأحزاب»‏ ليس مرفوضا-في القرآن الكر‏-بإطلاق !..وإذا كان القرآن الكر قد دعا اؤمن إلى أن يناضلوا منظم عنطريق إقامة جماعة ‏(أمة)‏ تنهض ‏«بفروض الكفاية»‏ بسبيله التي هي أهموأخطر وأكد من ‏«فروض الع‏»‏ أتع ‏(الفردية)..‏ . مثل الأمر باعروفوالنهي عن انكر وتأسيس الدولة وسياسة الناس واستكمال نواقصالعمران وتقد حياة الأمة وإقامة العدل ب الناس..‏ . الخ-إذا كان القرآنقد دعا إلى ذلك فقال ‏{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون باعروفوينهون عن انكر وأولئك هم افلحون}‏ (×٣٩) فإنه بهذه الدعوة قد شرعللمؤمن سبيل ‏«التنظيم»‏ الذي عليه و<strong>على</strong> أهله النهوض باراقبة والمحاسبةوالتقو للمعوج من شئون اجملتمع العامة..‏ . بل وأوجب <strong>على</strong> اؤمنسلوك هذا السبيل وجعله ‏«فرض كفاية»‏ يقع الإثم <strong>على</strong> الأمة جمعاء إذاهي لم تسلك سبيله....‏ وإذا كان هذا هو موقف القرآن من ‏«التنظيم»‏ الذي99


الإسلام وحقوق الإنسانينظم وينظم جماعات اسلم وتياراتهم الفكرية والسياسية فإنبالإستطاعة أن نتساءل:-ماذا إذا تعددت السبل!‏ باسلم وايزت الطرقمع الإتفاق <strong>على</strong> الغايات والأهداف فأقاموا أكثر من جماعة وأكثر منحزب في مجتمعهم الإسلامي ‏?!..-وهل من حق فريق واحد أن يحتكرلحزبه صفة ‏«الشرعية»‏ ويحجبها عن الآخرين ? !..لا نعتقد أن النهج الإسلامي يعطي هذا الحق لفريق من الفرقاء..‏ .فطاا كانت مصلحة اجملموع-مجموع الأمة-هي الغاية فلا بأس أن تتعددالرؤى وتتنوع السبل التي يسلكها اسلمون لتحقيق اصلحة العامة للأمةجمعاء..‏إن الإسلام دين الفطرة..‏ . ونحن إذا احتكمنا إلى الفطرة التي فطرالله الناس عليها سنجد أن الإتفاق <strong>على</strong> اقاصد والغايات هو من امكناتالطبيعية التي تحبذها النفوس..‏ . وأن التعددية في السبل واناهج والطرقهي الأمر الطبيعي المحقق لذاتية الإنسان والحافز لطاقاته <strong>على</strong> الإبداع..‏فإذا كان اتفاق الأمة <strong>على</strong> مشروعها الحضاري عاه الرئيسية ضرورةمن ضرورات الصراع ضد التحديات التي تواجهها فإن إطلاق طاقاتالإبداع لأبناء هذه الأمة بالحرية و بالتعددية والتنوع في إطار الوحدة هوالسبيل الأكثر أمنا والأدوم نفعا والأرسخ بناء لبلوغ الأمة أهدافها القوميةوالحضارية ولانتصارها <strong>على</strong> التحديات التي يفرضها عليها الأعداء..‏ !!100


واعارضة انظمةالحواشي٫٥(×١٢) غافر:‏‎٬٣٠‎ (×١٣) ٫٣١ رواه البخاري(٩×) الأحزاب:‏ (١٠×) ٫٢٢ ص:‏‎١١‎‏-‏‎١١×)٫١٣‎‏)غافر:‏ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي وابن حنبل.‏(×١٤) رواه البخاري ومسلم وأبو داود.‏ وهو في ابن ماجة مع خلاف في بعض الألفاظ.‏ (×١٥) رواهأبو داود والترمذي وابن ماجة وابن حنبل.‏‏(×‏‎١٦‎‏)أنظر كتابنا ‏[تيارات الفكر الإسلامي]‏ الحق الخاص بافتراق اسلم‏.‏ طبعة دار استقبلالعربي.‏ القاهرة سنة ١٩٨٤ م.(×‏‎١٧‎‏)‏ رواه ابن حنبل.‏ (×١٨) رواه ابن حنبل.‏(×١٩) القلب-بضم القاف واللام-مفردها:‏ قليب..‏ وهو البئر.‏ (×٢٠) إبن عبد البر الدرر في ‏[اختصاراغازي والسير]‏ ص ١١٣. تحقيق:‏ د.‏ شوقي ضيف.‏ طبعة القاهرة سنة ‎١٩٦٦‎م.‏ (×٢١) الأنفال:‏‏(×‏‎٢٢‎‏)[تفسير البيضاوي]‏ ص ٢٧٢. طبعة القاهرة سنة(×٢٣) آل عمران:‏(×٢٤) بكسر القاف وفتح الراء.‏ وقرى الضيف:‏ إكرامه.‏ (×٢٥) ‏[الدرر في اختصار اغازي والسير]‏ص(×٢٦) رواه مسلم وابن ماجة وابن حنبل.‏(×٢٧) ‏[أسد الغابة في معرفة الصحابة]‏ الجزء الخاص بالنساء.‏ طبعة دار الشعب.‏ القاهرة.‏(×٢٨) فان فلوتن ‏[السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات في عهد بني أمية]‏ ص ٩٦. ترجمة:‏ د.‏حسن إبراهيم حسن ومحمد زكي إبراهيم.‏ طبعة القاهرة سنة‎١٩٦٥‎ م.‏(×٢٩) إبن قتيبة ‏[الإمامة والسياسة]‏ ج‎١‎ص‎٣٢‎‏.‏ طبعة القاهرة سنة ‎١٣٣١‎ه.‏ (×٣٠) أنظر تفصيلالأسس التي تكونت <strong>على</strong> أساسها ‏«هيئة اهاجرين الأول‏»‏ في كتابنا ‏[الإسلام وفلسفة الحكم]‏ص ٦٥ طبعة بيروت سنة ١٩٧٩ م.‏ (×٣١) رواه ابن حنبل.‏(×٣٢) اراد بالثوب:‏ الخدر والفراش.‏(×٣٣) رواه البخاري.‏ في كتاب الهبة.‏ (×٣٤) القرطبي أ الجامع لأحكام القرآن أ يطبعة دار الكتب اصرية.‏ (×٣٥) الأحزاب:‏.٦٧.١ ٦ ٢٤ ص ١١٩٢٦ م.‏(٣٦×) ٠ ٢ ٩ ٬٢٨ فاطر:‏ .٦.١٥٩.١٨٤-٦١(٣٧×) اائدة:‏ (٣٨×) ٫٥٦ اجملادلة:‏ (٣٩×) ٫٢٢ آل عمران:‏‎١٠٤‎‏.‏101


الإسلام وحقوق الإنسان102


شبهات علماء السوء9 شبهات علماء السوءتلك هي السنة الحسنة التي سنها بل وفرضهاالإسلام:‏الحرية:‏ ضرورة واجبة..‏ للفرد وللجماعة..‏و<strong>على</strong> الفرد و<strong>على</strong> الأمة..‏والشورى:‏ في الأسرة..‏ والأمة.‏ والدولة.‏وكذلك العدل:‏ .. . في النفس..‏ والأسرة..‏واجملتمع..‏ مع الأولياء..‏ ومع الأعداء !..ومثلها:‏ العلم والتعلم..‏ في أمور الدين أو فيشئون الدنيا..‏والإشتغال بالشئون العامة:‏ للمحيط واجملتمعوالأمة والإنسانية:‏ أمرا باعروف ودعوة إليه ونهياعن انكر واقتلاعا له ولآثاره من الجذور !..وإذا كان ‏«تأييد»‏ اعروف معروفا يثاب عليهالإنسان..‏ فإن ‏«معارضة»‏ انكر فريضة واجبة فيشريعة الإسلام..‏ سواء كانت هذه اعارضة فرديةوتلقائية أم جمعية منظمة في صورة الجمعياتوالأحزاب..‏ . تلك هي السنة الحسنة التي سنهاالإسلام..‏ .لكن نفرا من ‏«علماء السوء»-بعضهم من ‏«وعاظالوك والأمراء والسلاط والرؤساء».‏ ومن حولهمبطانة من ‏«غوغائية الفكر الديني»-قد تنكبوا طريق103


الإسلام وحقوق الإنسانهذه السنة الإسلامية فذهبوا يحرمون ما أحله..‏ بل ما فرضه الله..‏وسودوا الصفحات ا ينفر اسلم من مصطلح ‏«اعارضة»‏ الإسلامية<strong>على</strong> وجه التحديد....‏ فالبعض منهم يبشر بعدم إلزام ‏«الشورى»‏ للحاكممجردين بذلك ‏«الشورى»‏ الإسلامية-وهي فلسفة الحكم الإسلامي-منجدواها..‏ ومدعم بذلك سلطات الإستبداد وسلطان استبدين !..أما البعض الآخر فإنه لا يستحي عندما يزعم أن الإسلام يوجب <strong>على</strong>الرعية طاعة الحكام هكذا بإطلاق وفي كل الأحوال..‏ . وأنه يطلب منالأمة شكر الحكم إذا عدل والصبر <strong>على</strong> ظلمه إن هو كان ظاا..‏ . وهميحسبون أنهم يخدعون الأمة عندما لا يزون ب ‏«الإستسلام»والضعفوالإستكانة للظلم وانكر-وهي ا حرمها ونهى عنها الإسلام-وب ‏«الصبرالإسلامي»‏ الذي هو شجاعة واحتمال في مواجهة الشدائد <strong>على</strong> دربالنضال من أجل تطبيق فرائض الإسلام وفي مقدمتها مقاومة الجورومغالبة الظا‏..‏ .إن هذا النفر من ‏«علماء السوء»‏ لا يستحون عندما يصورون الإسلام-‏الذي رأينا انحيازه إلى الحرية-<strong>على</strong> النحو الذي لا يليق !.. ولا يخجلون منالقصور العقلي أو التقصير الفكري أو النفاق السياسي الذي يقف بهم عندظواهر بعض النصوص محاول استخدامها-كشبهات-في تسخير ‏«دينالحرية»‏ ليكون سبيل الظلمة واستبدين لإحكام قبضة ظلمهم واستبدادهم<strong>على</strong> رقاب أمة محمد عليه الصلاة والسلام..‏ . وذلك بعد أن تفعل هذه‏«الشبهات»‏ فعلها في إسلاس قياد الأمة وإلانة قناتها لاستبداد استبدين!..‏وإذا كانت الحكمة الشعبية اأثورة تقول:‏ ‏«إن من يأكل عيش الكافريحارب بسيفه»..‏ . فإنها تعلمنا اذا يحارب هذا النفر من أشباه ‏«العلماء»‏بسيوف الظلمة واستبدين ? !.. لكن..‏ . وحتى لا ينخدع أحد ‏«بشبهاتهم»‏و ‏«‏نطقهم»‏ وحتى لا تجوز دعاواهم <strong>على</strong> بسطاء الناس..‏ . فلابد منتأمل نصوص الأحاديث النبوية التي ثل جماع ‏«الشبهات»‏ التي يتحصنونبها عندما يقفون عند ظواهرها..‏ لنرى وجه الحق والحقيقة في هذهالنصوص..‏ فذلك هو السبيل لتحرير العقل اسلم والأمة اسلمة من القيودالتي احترف ويحترف صنعها هذا النفر من ‏«علماء السوء»..‏ .. بل ولرفعالظلم الذي يلحقونه بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام !.. وفي البدء104


شبهات علماء السوءنقول:‏إن جميع هذه النصوص هي ‏«أحاديث آحاد»‏ (×١) .. . وأحاديث الآحاد إذاكانت ملزمة في ‏«الأمور العملية»‏ فهي غير ملزمة في ج العقائد د فلاحرج عل من لم يقتنع راميها في تكوين عقيدته السياسية وفي علاقةاسلم بالسلطة والسلطان..‏ثم إن هذه الأحاديث قد رويت في شئون السياسة وعلاقة الحكمبالمحكوم فهي ليست من ‏«السنة التشريعية»‏ اتعلقة ‏«بالدين»‏ وتبليغ الرسالةوتفصيل وتبيان ما أجمله الوحي إلى الرسول عليه الصلاة والسلام..‏ . أيأنها ليست متعلقة بالأصول والأركان والعقائد الدينية التي هي ‏«ثوابتالدين»..‏ ومن ثم فلابد من عرض هذه اأثورات السياسية <strong>على</strong> معيار‏«اصلحة»‏ مصلحة الأمة الذي توزن به كل اأثورات التي رويت في غير‏«الدين»‏ وتبليغ الوحي وعلوم الغيب والشعائر والعبادات..‏إن الأحاديث النبوية التي رويت وصحت روايتها ووضحت دلالتها فيماهو من ‏«الثوابت الدينية»هي ‏«سنة تشريعية»‏الواجب معها هو‏«الإتباع»‏والوقوف عندما لألفاظها من دلالات في العصر الذي قيلت فيه..‏. أما تلك الأحاديث التي رويت في ‏«اتغيرات الدنيوية»-ومنها كل شئونالدولة والسياسة والعمران الإجتماعي-فهي ليست من ‏«السنةالتشريعية»‏والواجب فيها-كي نكون مقتدين ومتأس بصاحبها عليه الصلاةوالسلام-هو عرضها <strong>على</strong> اعيار الذي حكم إنشاءها وهو ‏«مصلحةالأمة»‏التي كانت هدف الرسول وهو يسوس الجماعة المحددة في الواقعالمحدد بهذه الأحاديث..‏ .إن تنظيم الرسول٭ للجيش الإسلامي في القتال أثناء الغزوات هو‏«سنة»استهدفت ‏«اصلحة»-{النصر}..‏ . فإذا اقتضت ‏«اصلحة»وشروطالنصر-اليوم وغدا-تغيير تنظيم الجيوش الإسلامية الحديثة عن تلك النظموالتنظيمات النبوية لم يصح لأحد-بدعوى التأسي والإقتداء-أن يطلب منا‏«الإتباع»لسنة تنظيم ونظام الجيش النبوي في غزوات الرسول عليه الصلاةوالسلام..‏ . لأن هذه ‏«السنة»ليست من ‏«الس التشريعية»اتعلقة ب«ثوابتالدين»وإا هي ‏«سنة غير تشريعية»تتعلق ‏«باتغيرات الدنيوية»...‏ فمراعاةاصلحة اتغيرة واتجددة هي المحققة للمعنى الحقيقي استهدف من105


الإسلام وحقوق الإنسانالاقتداء والتأسي بالرسول٭ في هذا ايدان..‏ . وقس <strong>على</strong> هذا اثل كلالأحاديث التي رويت في كل ‏«الفروع»و ‏«اتغيرات»‏والسياسية والدنيويةمنها <strong>على</strong> وجه الخصوص والتحديد..‏ .ولقد أفاض علماء الأصول الإسلاميون في هذا ابحث الهام فميزواب ‏«السنة التشريعية»وب ‏«السنة غير التشريعية»‏وأوضحوا لنا أمر هذاالتمييز كل!‏ الإيضاح..‏ وإذا شئنا-زيادة في الإيضاح-أن نضرب الأمثال اقرره في هذه القضية علماء الأصول الإسلاميون فإننا نشير إلى علممن أعلامهم:‏الأول:‏ هو الإمام القرافي أبو العباس أحمد بن إدريس (×٢) «٦٨٤ ه /‎١٢٨٥‎م»..‏ الذي خصص لهذه القضية كل صفحات كتابه:‏ ‏{الإحكام فيييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام}..‏ وفيه يقسم السنةالنبوية إلى أقسام أربعة:‏أولها:‏ تصرفات الرسول بالرسالة أي بحكم كونه رسولا يبلغ رسالة ربهويبشر وينذر بوحي السماء...‏وثانيها:‏ تصرفات الرسول بالفتيا أي تلك التي تتعلق بالفتاوى التييفسر بها غامض الوحي ويفصل بواسطتها مجمله..‏وثالثها:‏ تصرفات الرسول بالحكم أي القضاء وهي تلك التي تتعلقبقضائه ب الناس في انازعات..‏ .ورابعها:‏ تصرفات الرسول بالإمامة أي السياسة وهي التي تشتمل<strong>على</strong> كل أقواله وأفعاله وإقراراته ونواهيه <strong>الخاصة</strong> بالدولة والسياسة فيمختلف ايادين واجملالات..‏وبعد هذا التقسيم يحدد الإمام القرافي أن القسم الأول والثانيمن السنة-(أي التصرفات بالرسالة وبالفتيا)-هما تبليغ وشرع يدخلانفي باب الدينأما القسم الثالث-(أي تصرفات الرسول بالحكم أي القضاء)-فليستمن ‏«الدين»‏إذ هي مغايرة لتصرفاته بالرسالة وبالفتيا ومن ثم يجب الوقوفبها عند محل ورودها لأن أحكام الرسول فيها مترتبة <strong>على</strong> ما ظهر له ٭ومن البينات التي حكم بها وقضى بناء عليها..‏ وليست مبنية <strong>على</strong> الوحيالذي لا ينطق فيه عن الهوى!..‏ وكذلك الحال مع تصرفاته وسنته ٭ في106


شبهات علماء السوءالإمامة التي شملت إدارته لشئون السياسة العامة للدولة وفق اصلحةيخيما هو مفوض إليه..‏ وفي هذا القسم تدخل الآثار والس واأثوراتالتي تتحدث عن:‏ قسمة الغنائم وتجييش الجيوش وتجهيزها والتصرفاتاالية اتعلقة بالأرض والتجارة والحرف والصنائع والإقطاعات وكذلكعقد اعاهدات والأمور الإدارية اتعلقة بتع القادة والأمراء والولاة والقضاةوالعمال..‏ . الخ.‏ففي هذين القسم من أقسام السنة النبوية-القضاء والسياسة-لسناملزم بالإتباع والتقليد وإا نحن مطالبون فقط بإتباع ابدأ الذياتبعه الرسول عليه الصلاة والسلام في قضائه وفي سياسته لشئونالدولة..‏ فالقاضي اسلم مطالب بأن يقضي بناء عل البينات والأسبابكما كان الرسول يقضي بناء <strong>على</strong> البينات والأسباب.‏ ورجل السياسة اسلممطالب بأن يسوس الأمة وفق ما يحقق مصالحها ومنافعها ويدفع عنهاالضرر والضرار كما كان يفعل الرسول في تصرفاته بالإمامة والسياسة..‏. وإذا نحن التزمنا هذه اباد العامة واعايير الكلية واقاصد والغاياتكنا متبع للسنة النبوية لأن ذلك هو المحقق عنى قول الله سبحانهوتعالى:‏ ‏{واتبعوه لعلكم تهتدون}.‏ (×٣)فليس الحكم والقضاء وليست السياسة وشئون الدولة واجملتمعالسياسية ‏«دينا»وشرعا و بلاغا يجب فيهما التأسي والإحتذاء ا فيالسنة من وقائع وأوامر ونواه وتطبيقات حددتها ألفاظ الأحاديث لأنهاأمور تقررت بناء <strong>على</strong> بينات قد نرى الآن غيرها وعالجت مصالح هيبالضرورة متطورة ومتغيرة..‏ وذلك عل عكس ما هو دين وشرع وبلاغ منهذه السنة النبوية الشريفة مثل ما جاء منها متعلقا بالرسالة وبالفتيافإن الإتباع فيه واجب والتقيد بأحكامه ومضام ألفاظه شرط لصحةإان اؤمن بدين الإسلام (×٤) .هكذا حسم الإمام القرافي القضية وفصل أقسام السنة النبوية وأرسىالقواعد للتمييز ب ما هو ‏«دين»وما هو ‏«دنيا»-(قضاء وسياسة)-من سنةالرسول عليه الصلاة والسلام..‏ .والثاني:-من علماء الأصول الذي نستشهد بفكره في هذه القضية-هو:‏١٧٦٢ م)...‏ الذي طرق هذهولي الله الدهلوي (×٥) (١١١-‎١١٧٦‎ه / ٩ -١٦٩107


الإسلام وحقوق الإنسانالقضية باستفاضة في كتابه الفذ ‏(حجة الله البالغة)..‏ وفيه قسم السنةالنبوية إلى قسم‏:‏أولهما:‏ ما سبيله تبليغ الرسالة وفيه قوله تعالى:‏ ‏{وما آتاكم الرسولفخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}‏ (×٦) .. . ويدخل في هذا القسم:‏ علوم الآخرةوعجائب الكوت وشرائع وضبط العبادات..‏ . وبعض هذه العلوم وحيوبعضها اجتهاد جاء بناء <strong>على</strong> ما علمه الله لرسوله من مقاصد الشرع فهونزلة الوحي..‏ .وثانيهما:‏ ما ليس من باب تبليغ الرسالة وفيه قوله ٭:‏ ‏«إا أنا بشرإذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإا أنابشر»..‏ وقوله في قصة تأثير النخل:‏ ‏«فإني إا ظننت ظنا ولا تؤاخذونيبالظن ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به فإني لم أكذب <strong>على</strong>الله...‏ ما كان من أمر دينكم فإلي وما كان من أمر دنيكم فانتم أعلمبه»‏ (×٧) .. وفي هذا القسم تدخل علوم الدنيا كالطب والزراعة والصنائعوالحرف وكل ما كان سنده ومصدره التجربة الإنسانية..‏ . والأمور اتعلقةبالسياسة من كل ‏«ما يأمر به الخليفة»في الحرب والغنائم..‏ . الخ وكذلكأمور القضاء لأنها مبنية <strong>على</strong> البينات والأان وليست من باب تبليغالرسالة والوحي أي الشرع والدين..‏فكل ما خرج عن القسم الخاص بتبليغ الرسالة الدينية من السنةالنبوية-ومنها الأحاديث التي يقف عند ظواهر نصوصها هذا النفر من‏«علماء السوء»‏والتي تنهي اسلم عن التصدي باعارضة لولاة الجورورموز الإستبداد-ليس ‏«دينا»وإا هو ‏«دنيا-وسياسة»‏<strong>على</strong> العقل اسلم أنيتناول موضوعاتها ابتداء بالنظر والإجتهاد دوا تقيد ا يروي منالنصوص واأثورات...‏ فقط عليه أن يلتزم اباد الحكمة للنظر في هذهالأمور...‏والآن..‏ . لننظر بع ‏«الدراية»إلى الأحاديث النبوية التي يستند إليهاهذا النفر من ‏«علماء السوء»‏في ادعائهم وجوب طاعة المحكوم للحكامفي العدل والظلم كليهما.‏ وفي ادعائهم تحر ‏«اعارضة»<strong>على</strong> اسلملحكامهم وخاصة إذا كانت هذه ‏«اعارضة»جماعية ومسلحة بسلاحالتنظيم..‏ ودعواهم أن مذهبهم هذا هو حقيقة الفكر السياسي للإسلام!..‏(٨×)108


شبهات علماء السوءلقد آثرنا ألا نكتفي ا قدمنا عن عدم إلزام ما يستندون إليه من‏«أحاديث الآحاد»-عدم إلزامها للمسلم في تكوين العقيدة السياسية..‏وألا نكتفي ا قدمنا من عدم إلزامها لأنها من مرويات السياسة الخارجةعن ‏«ثوابت الدين»‏وما هو ‏«سنة تشريعية»من أحاديث الرسول عليه الصلاةوالسلام..‏ . ولو اكتفينا بذلك أو ببعضه لكفى في إسقاط حجية هذهاأثورات وفي توه السند الذي يستند إليه هذا النفر من ‏«علماء السوء»!..‏لكننا آثرنا كشف زيفهم عندما فضلنا التدليل <strong>على</strong> أن هذه اأثورات التييستندون إليها لا تشهد لدعواهم التي يدعون..‏ . فلننظر-كما قلنا-فينصوص هذه اأثورات..‏ .صحيح أننا إذا نظرنا في عناوين ‏«أبواب ‏«كتاب الإمارة»‏ في ‏(صحيحمسلم)-الذي جمعه الإمام مسلم بن الحجاج (٢٠٤- ‎٢٦١‎هج / ٨٢٠- ٨٧٥ م)-‏سنجد عنوان ‏«الباب»‏ الثاني عشر هو:‏ ‏«باب في طاعة الأمراء وإن منعواالحقوق»..‏ . وأننا سنجد عنوان الباب الحادي عشر هو:‏ ‏«باب الأمر بالصبرعند ظلم الولاة واستئثارهم»....هذا صحيح...‏ لكننا نتساءل:‏ اذا يقففقهاء السلاط وعلماء السوء عند ‏«عناوين»‏ هذين ‏«الباب!?« وعند ظواهربعض نصوصهما التي سنعرض لها بعد قليل ?!... واذا لا يقفون عندعنوان ‏«الباب»‏ الثامن في ذات ‏«كتاب الإمارة»‏ وهو:‏ ‏«باب وجوب طاعةالأمراء في غير معصية وتحرها في اعصية»‏ ??!..إن هذا ‏«العنوان»‏ يحرم الطاعة في اعصية..‏ فلم لا نتأمل ‏«العناوين»‏الأخرى في ضوء هذا ‏«العنوان»?‏ !.. . و ‏«ظلم الولاة واستثمارهم»‏ وكذلك‏«منعهم الحقوق»‏ عن أصحابها..‏ أليست معاصي تحرم عليهم كما تحرم<strong>على</strong> الرعية الطاعة فيها ?!.. وإذا جاء من يدعو إلى طاعة من ‏«‏نعالحقوق»‏ ألا يجب أن قول له:‏ كيف تستند إلى كلمات جاءت في ‏«عنوان»‏‏«باب»‏ صنفه مصنف وهي تعارض أمر الله للولادة أن يؤدوا الأمانات إلىأهلها ? ! ‏{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بالناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعابصيرا}‏ (×٩) .. فأداء الولاة الأمانات-وهي حقوق المحكوم‏-فرض واجب..‏والتخلف عنها ظلم محرم ومعصية صريحة وإثم ى مل الأركان..‏ . فكيفيطلب من الرعية الطاعة في اعصية والظلم والإثم الصريح ? !..109


الإسلام وحقوق الإنسانإن التعارض هنا لابد وأن يفسر في ضوء نصوص الوحي القرآنيالمحكمة وروح الشريعة ومقاصدها التي توجب-بالقرآن والسنة-الأمرباعروف والنهي عن انكر والتصدي للظلمة والطغاة !.. وإذا ‏«جاز»‏ الصبر<strong>على</strong> الظلم عند العجز عن مقاومته..‏ وإذا كانت ‏«الطاعة»‏ واردة للأمراءالذين نعون الرعية حقوقها فلذلك ضوابط نع الإطلاق وتجعل الهيمنةللنصوص اتسقة مع روح الشريعة..‏ مثل أن تكون الحقوق امنوعة خاصةباطيع وحده وفي حالة ما إذا كانت اقاومة مستحيلة أو مفضية إلى شرمحقق يفوق الشر اتمثل في منع الحقوق..‏ . أما الدعوة إلى تربية الأمة<strong>على</strong> خلق ‏«الصبر <strong>على</strong> الظلم والاستئثار»‏ و ‏«طاعة من يغتصبون حقوقها»‏فليس من الإسلام ولا ا يتسق مع روح شريعته الغراء..‏ .فإذا تجاوزنا ‏«عناوين»‏ ‏«اصنف« التي يتوكأ عليها ‏«حملة اباخر»‏ من‏«فقهاء السلاط‏»‏ وذهبنا ننظر في نصوص الأحاديث النبوية الشريفةالتي وقفوا ويقفون عند ظواهر نصوص بعضها دون ‏«فقه»‏ أو ‏«دراية»‏ اوراء ظواهر النصوص ودون علم بالابسات <strong>الخاصة</strong> التي قيلت لها وفيهاهذه الأحاديث ودون عرض هذه النصوص <strong>على</strong> ما يقيدها ويوضحها منالأحاديث التي رويت في ذات اوضوع بل ورا رواها نفس الراوي..‏ إذانحن ذهبنا هذا اذهب ظهرت لنا قلة بضاعة القوم في ‏«علم الحديث»‏الذي يتمسحون فيه !..أ-فهم يقفون عند الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عنالرسول٭:‏ ‏«من أطاعني فقد أطاع الله ومن يعصني فقد عصى الله.‏ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعصي الأمير فقد عصاني»‏ (×١٠) .. .يقفون عند ظاهر لفظ هذا الحديث ويوهمون الناس أن اراد هو ‏«كلأمير»‏ برا كان أو فاجرا عادلا كان أو ظاا..‏ فالطاعة للأمير-مطلق الأمير-‏هي طاعة الرسول التي هي طاعة الله..‏ . ثم يتلون قول الله سبحانه:‏ ‏{ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}‏ (×٩) .. .لكننا إذا تجاوزنا ‏«الرواية»‏ إلى ‏«الدراية»‏وإذا نظرنا نظرة ‏«مقارنة»‏ إلىهذا الحديث فسيتضح لنا:‏١- أن ذات الراوي-أبي هريرة-قد روى عنه نفس الحديث مع فرق فيبعض الألفاظ يقيد الإطلاق في ‏«الأمير»‏ الذي يطلب الرسول طاعته..‏110


شبهات علماء السوءيقول الرسول٭ ‏-في هذه الرواية-:‏ ‏«من أطاعني فقد أطاع الله ومنعصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميريفقد عصاني»‏ (×١٢) .. . فاراد إذن أمير محدد عينه الرسول ‏(صلعم)‏وليسمطلق الأمير حتى ولو كان ظاا مستأثرا نع الرعية حقوقها..‏ .٢- ‏(صحيح مسلم)-الذي خرج الحديث‏-يورد الأول مرت من طريقعن أبي هريرة..‏ <strong>على</strong> ح يورد الثاني خمس مرات من خمس طرق عنأبي هريرة..‏ ومع ذلك يقف فقهاء السلاط عند ظاهر الرواية الأولىدون أن يقيدوا لفظ ‏«الأمير»‏ فيها بالرواية الثانية...‏٣- إن سباق ورود هذا الحديث في ‏(صحيح مسلم)‏ يرشح اختصاصالأمر بأمير للجيش عينه الرسول٭ قائد الإحدى سرايا الغزو والقتال..‏فلقد روى ابن عباس رضي الله عنهما أن آية طاعة الأمراء ‏{يا أيها الذينآمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}‏ ‏«قد نزلت في عبدالله بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي.‏ بعثه النبي في سرية»‏ (×١٣) .. .وطبيعي وبديهي أن تكون لأمير الجيش وقائده طاعة متميزة اما عنطاعة أمراء السلم..‏ . خصوصا وهذا الأمير هو أمير الرسول الذي اختارهليقود السرية في القتال فالأمر إذن خاص بالحرب وبطاعة القائد أثناءالقتال..‏ وهو قائد مختار ومع من قبل الرسول عليه الصلاة والسلام.‏ب-وحديث آخر يقفون عند ظاهر ألفاظه مستدل به <strong>على</strong> وجوبالصبر <strong>على</strong> الظلم وحرفة ‏«اعارضة»‏ واقاومة !.. فلقد روى ابن عباسقول الرسول٭:‏ ‏«من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من فارقالجماعة شبرا فما ت فميتته جاهلية»‏ (×١٤) ونحن نلفت النظر هنا إلىأن اطلوب هو الصبر <strong>على</strong> أمر ‏«يكرهه»‏ الإنسان وليس <strong>على</strong> أمر يخالفمنطوق الشريعة أو روحها..‏ فلقد يستدعى الأمر الناس ليقاتلوا في سبيلالله أو لينفقوا في اصالح العامة ما فضل عن حوائجهم..‏ . ولقد يكرهالبعض هذا الذي يطلبه الأمير..‏ فالصبر <strong>على</strong> ما يكره الإنسان في هذهالحال وما ماثلها هو اراد في الحديث لأن الخروج عن الطاعة هناوعدم تحمل اكاره فيه مفارقة ‏«للجماعة»‏ وهي التي ينهى عنها الحديثالشريف ويحذر منها..‏ فالأمير هنا مع الجماعة-التي قد تعني جمهور الأمةوجماعتها وقد تعني سنة الرسول عليه الصلاة والسلام-فهو مع الحق111


الإسلام وحقوق الإنسانوليس الأمير الظالم الذي يطلب فقهاء السلاط من الأمة أن تصبر <strong>على</strong>ما تكره من مظاة التي يرزأ بها عباد الله..‏ . إن ‏«اكروه»‏ هنا هو من نوعذلك الذي تحدثت عنه الآية القرآنية:‏ ‏{كتب عليكم القتال وهو كره لكموعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكموالله يعلم وأنتم لا تعلمون}‏ (×١٥) .. وليس اكروه دينيا فضلا عن أن يكون‏«الحرام»‏ نطوق الشريعة وروحها !..ج-وهم يستدلون <strong>على</strong> إطلاق السمع والطاعة للأمراء بحديث أبي ذرالغفاري رضى الله عنه الذي يقول:‏ ‏«إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيعوإن كان ‏{أي الأمير}‏ عبدا مجدع الأطراف»‏ (×١٦) . وهنا نسألهم:‏ اذا هذاالإطلاق والروايات كثيرة تكتنف هذا الذي قاله أبو ذر وتذكر خطبةالنبي٭ في حجة الوداع وفيها يقول:‏ ‏«لو استعمل عليكم عبد يقودكمبكتاب الله فأسمعوا له وأطيعوا»‏ (×١٧) فالسمع والطاعة مقيدان بكون هذاالأمير-حتى ولو كان عبدا-يقود الرعية بكتاب الله ويحكمها بشريعةالإسلام..‏ وليست طاعة للظلمة وسمعا للمستبدين !.. ثم نسألهم:‏ هلسمع أبو ذر وأطاع للصحابي العربي القرش معاوية بن أبي سفيان عندمارأى منه ما أعتقده خروجا <strong>على</strong> نهج الإسلام السياسي والإقتصادي?..‏ .وهل أطاع أبو ذر الخليفة الصالح عثمان بن عفان وسمع له عندما رأىتأييده عاوية في الخلاف الذي نشب بينهما حول فلسفة الإسلام فيالأموال ?!.. هل سمع أبو ذر وأطاع بإطلاق ? !.. أم أنه ‏«عارض»‏ بل قاد‏«اعارضة»‏ إلى الحد الذي انتهى به إلى منفاه في ‏«الربذة»‏ إلى أن ماتوحيدا هناك ?!.. فلم لا نقيد الرواية بالأخرى ?!.. ولم لا نفسر الحديثثله ?!.. ولم لا نفقه الكلام عل ضؤ اوقف العملي لراوية ?! !..د-وبعض من فقهاء السلاط وعلماء السوء هؤلاء يتعاملون مع بعضالأحاديث عل طريقة من يقف في الآية القرآنية عند كلمات:‏ ‏{لا تقربواالصلاة..‏ . سكتا عن ‏(وأنتم سكارى)..‏ .. فيروي هذا البعض عن عبد اللهبن عمرو بن العاص قول الرسول٭:‏ ‏«من بايع إماما فأعطاه صفقة يد.‏وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع»‏ (×٩٨) .. . يروون هذا الحديث دون أن يتأملوامعنى قوله٭:‏ ‏«وثمرة قلبه»‏ وما تعنيه من أن البيعة لم تكن شكلا فقطلإكراه أو إعزاء وإا صحب ‏«صفقة اليد»‏ اقتناع قلبي..‏ ثم إنهم-وهذا112


شبهات علماء السوءهام جدا-يتجاهلون بقية الرواية التي تدل <strong>على</strong> خطأ توظيف هذا النصبهدف دعوة الناس إلى طاعة الحكم إذا هو خرج عن حدود العدل وروحالشريعة حف ولو كانت قد سبقت له بيعة في أعناق الناس !.. فعندماذكر عبد الله بن عمرو بن العاص هذا الحديث <strong>على</strong> عهد معاوية بن أبيسفيان سأله عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة:‏ ‏«أنشدك الله ! آنت سمعتهذا من رسول الله٭»‏ ? ! فأجابه عبد الله:‏ ‏«سمعته أذناي ووعاه قلبي»‏ !..لكن عبد الرحمن لم يقف عند هذا الحد..‏ لأنه كان يرى ‏«نصا»‏ يوظف فيمناخ مغاير ناخه..‏ كان يرى ‏«كلمة حق يراد بها باطل»‏ !.. فقال لعبد اللهبن عمرو بن العاص:‏ ‏«-هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننابالباطل ونقتل أنفسنا.‏ والله يقول:‏ ‏{يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكمبينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إنالله كان بكم رحيما}..‏ ? (×١٩) وعند ذلك-كما يقول عبد الرحمن بن عبد ربالكعبة-»‏ سكت عبد الله بن عمرو بن العاص ساعة ثم قال:‏ ‏«أطعه فيطاعة الله وأعصه في معصية الله»‏ !..إن فقهاء السلاط يتجاهلون بقية الحديث ويقفون عند صدر النص-‏كحال من يقف عند ‏{لا تقربوا الصلاة..}-رغم أن بقية الحديث قد رواهامسلم في صحيحه وفي ذات اوضع الذي ينتزعون منه فقط ما يتوهمونهشاهدا عل دعوتهم إلى طاعة الولاة كل الولاة..‏ه-وهم يحسبون أنهم قد تحصنوا ضد النقد باستشهادهم بالحديثالذي رواه عبد الله بن عمر أعمر رضي الله عنهما والذي يقول فيهالرسول٭ : ‏«من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومنمات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»..‏ (×٢٠) يحسبون أنفسهم قدتحصنوا ضد النقد لأن ابن عمر كان يذكر هذا الحديث <strong>على</strong> عهد يزيدبن معاوية (٢٥- ٦٨٣ م)‏ تأييدا لطاعة يزيد ووفاء لبيعته-‏‏(ويزيد هو من هو ظلما وفسقا وطغيانا وبيعته قد اشتهرت فيها وسائلالترغيب والترهب)-!!...‏ بل لقد ذهب ابن عمر إلى عبد الله بن مطيع (٧٣٦٩٢ م)‏ الذي كان يقود القرشي ضد جيش يزيد يوم غزوه للمدينة فيموقعة ‏«الحرة»‏ (٦٣ ه / ٦٨٢ م)..‏ ذهب إليه ليحدثه بهذا الحديث حتىيسمع ويطيع ليزيد..‏٦٤ ه / -٦٤٥ه /113


الإسلام وحقوق الإنسانلكن هؤلاء يغفلون ويتغافلون عن أمور لا يليق بالعلماء إغفالها والتغافلعنها !..١- فعبدالله بن مطيع قد أدرك أنه أمام حديث شريف..‏ لكنه يوظف فيمناخ غير اناخ الذي يجب أن يوظف فيه...‏ فاستمرت معارضته لحكميزيد بن معاوية..‏ وعندما أضطر إلى الفرار بعد الهزة في ‏«الحرة»‏ الفرارذهب إلى مكة فحارب ضد بني أمية مع عبد الله ابن الزبيب (١-٦٢٢-٦٩٣ م)..‏ وكان ينشد وهو يقاتل جيش الحجاج بن يوسف (٤٠-٧٣ ه /٩٥ ه /-٦٦٠ ٧١٤ م):‏أنا الذي فررت يوم الحرةوالحر لا يفر إلا مرةيا حبذا الكرة بعد الفرهلأجزين فرة بكره!‏لقد أدرك أن ‏«الطاعة»‏ و ‏«البيعة»‏ اللت عناهما الرسول في الحديثليستا طاعة وبيعة الذين استبدوا بالإمارة واغتصبوا الحقوق وذهبوا فيسفك الدماء إلى حد قتل الحس في كربلاء....‏٢- ويتجاهل فقهاء السلاط الرواية الأخرى للحديث-واروية هيالأخرى عن عبد الله بن عمر-والتي تقيد إطلاق ‏«الطاعة»‏ فتجعلها ‏«طاعةالله»‏ وليست طاعة ‏«الأمير»‏ ومن ثم فهي تقيد ‏«البيعة»‏ فتجعلها ‏«بيعةالرسول»٭ لا بيعة ‏«الأمر»‏ لأن بيعة الرسول وحدها هي التي كانتتعني الإنتقال من الجاهلية والشرك إلى نور الإسلام وتوحيده..‏ . أي أنها‏«دين»‏ وليست مجرد ‏«سياسة»‏ خلافها ومخالفتها تعني خلع الإان بالدينوالعودة إلى الضلالة والجاهلية‏..‏ يتجاهل فقهاء السلاط هذه الروايةالتي يقول فيها الرسول٭:‏ ‏«من مات <strong>على</strong> غير طاعة الله مات ولا حجة لهومن مات وقد نزع يده من بيعة كانت ميتته ميتة ضلالة»‏ (×٢١) .. .. فالطاعةهنا-بصريح النص-طاعة الله سبحانه..‏ والبيعة هنا-بحكم السياق-بيعةالرسول لأنها كانت تعني البيعة لله فهي المحققة لطاعة الله ‏{إن الذينيبايعونك إا يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإا ينكث<strong>على</strong> نفسه ومن أوفى ا عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما}....‏ (×٢٢)‏{من يطع الرسول فقد أطاع الله}‏ (×٢٣) ..114


شبهات علماء السوء٣- ثم إنهم لو وضعوا هذا الحديث الذي اجتهد ابن عمر رضي اللهعنه ليوظفه لصالح يزيد بن معاوية لو وضعوه مع الأحاديث الأخرى التيرواها ابن عمر نفسه وفي ذات اوضوع لأراحوا واستراحوا..‏ فلقد روىابن عمر قول الرسول٭:‏ ‏«<strong>على</strong> ارء اسلم السمع والطاعة فيما أحبوكره إلا أن يؤمر عصية فإن أمر عصية فلا سمع ولا طاعة»‏ (×٢٤) ..وروى كذلك حديث الرسول٭:‏ ‏«لا طاعة في معصية الله إا الطاعة فياعروف»‏ (٢٥×) ....إنهم لم يفعلوا ذلك كي لا يقيدوا اطلق أو يفصلوا اجململ أو يستعينوابالابسات <strong>على</strong> فهم اراد..‏ . لا جملرد القصور والغفلة-فالأحاديث مجتمعةوفي ذات اصدر وشديدة الوضوح-وإا ليلجموا الأمة بالطاعة عنمعارضة الإستبداد ومقاومة استبدين...‏و-والعجب كل العجب أن فقهاء السلاط هؤلاء الذين يتخيرون منظواهر نصوص الأحاديث النبوية الشريفة ما يربي الأمة <strong>على</strong> ‏«السمعوالطاعة»‏ ن لا يستحقون سمعا ولا طاعة إذا وجدوا نص التعارضبينهما جلي اختاروا ذلك الذي يزرع في الأمة الخضوع للظلم والخنوعللظا والإستسلام للمستبدين رغم معارضته للنصوص الكثيرة الداعيةلوجوب الأمر باعروف والنهي عن انكر وسلوك طريق مقاومة الجبارينحتى لو أفضى ذلك إلى الإستشهاد ورغم روح الشريعة التي تنهي عنالظلم وترفض الخنوع للظا‏..‏بل لقد رأينا كتب السنة النبوية الشريفة تنسب إلى الصحابي الجليلحذيفة بن اليمان (٣٦ ه / ٦٥٦ م)‏ رواية حديث يدعو إلى ‏«السمع والطاعة»‏للأمير حتى ولو ظلم وتعدى حدود الشرع..‏ . ثم تنسب إليه رواية حديثثان يدعو إلى مقاومة كل شر بالسيف..‏ وجدنا ذلك في كتب السنة..‏ووجدنا فقهاء السلاط يكثرون من ذكر الحديث الأول وتخرس ألسنتهمفلا تذكر الحديث الثاني ولا تشير إليه..‏ رغم أن الأول قد جاء في مصدرواحد من مصادر كتب السنة بينما جاء الثاني في مصدرين اثن‏..‏ ورغمأن الأول يجافي عناه روح الشريعة ومنطوق القرآن والأحاديث الكثيرةالداعية لإنكار انكر ومقاومة الجور والتصدي للإستبداد..‏ ففي(صحيحمسلم)‏ نقرأ:‏ قال حذيفة بن اليمان:‏115


الإسلام وحقوق الإنسان‏«-قلت:‏ يا رسول الله إنا كنا بشر فجاء الله بخير فنحن فيه.‏ فهل منوراء هذا الخير شر ?!- قال:‏ نعم.‏- قلت:‏ هل وراء ذلك الشر خير?‏- قال:‏ نعم.‏- قلت:‏ فهل وراء ذلك الخير شر?‏- قال:‏ نعم.‏- قلت:‏ كيف ?- قال:‏ يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسني.‏ وسيقومفيهم رجال قلوبهم قلوب شياط في جثمان إنس.‏- قلت:‏ كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك ?- قال:‏ تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمعوأطع».‏ففي هذا الحديث-الذي اختاره ويختاره فقهاء السلاط وعلماء السوء-‏دعوة للسمع والطاعة للأئمة الذين لا يهتدون بهدي الرسول ولا يستنونبسنته..‏ ودعوة للخضوع ن قلوبهم قلوب الشياط حتى وإن ضربوا ظهورالرعية وانتهبوا أموالها..‏ ذلك هو اختيار فقهاء السلاط‏..‏ أما ‏(س أبيداود)‏ و ‏(مسند الإمام أحمد بن حنبل)‏ فإننا نقرأ فيهما الرواية اخملتلفة بلواناقضة..‏ يرويها ذات الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان:‏‏«-قال حذيفة بن اليمان:‏ يا رسول الله أيكون بعد الخير الذي أعطيناشر كما كان قبله ?- قال:‏ نعم.‏- قلت:‏ فبمن نعتصم?‏قال:‏ بالسيف !»وهنا نسأل:‏ ألا تتفق هذه الرواية الثانية مع الأحاديث الكثيرة العددوالواضحة الدلالة التي توجب مقاومة انكر بالفعل أولا فإن عجزنافباللسان فإن عجزنا فبالرفض القلبي الذي يعني الإنكار ويتنافى معالسمع والطاعة ? !.. وألا يشهد حديث الرسول٭ الذي روته زوج النبيأم سلمة رضي الله عنها والذي يقول فيه:‏ ‏«أنه يستعمل عليكم أمراء116


شبهات علماء السوءفتعرفون وتنكرون فمن كره فقد بريء ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي(×٢٦) .. ألا يشهد هذا الحديث الشريف بأن الرضا واتابعة-أيالسمع والطاعة-منهي عنهما حتى في حالة العجز عن الإنكار الإيجابي..‏وأنه لا أقل-في حالة العجز هذه-من كراهة الظلم والجور والإستبداد والخروجعن روح الشريعة وعدلها...‏ثم..‏ ألا يتضح لكل ذي لب ذلك الإتساق ب مضمون الرواية الثانيةللحديث الذي رواه الصحابي حذيفة بن اليمان وب إلحاح القرآن الكر‏-‏كتاب الدين الأول-<strong>على</strong> فريضة النهى عن انكر..{ولتكن منكم أمة يدعونإلى الخير ويأمرون باعروف وينهون عن انكر}‏ (×٢٧) .. . حتى لقد جعلالقرآن من ‏«النهي عن انكر»‏ صفة للمؤمن واؤمنات....{واؤمنونواؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون باعروف وينهون عن انكر ويقيمونالصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إنالله عزيز حكيم}‏ (×٢٨) .. كما جعلها معيار التخير الله سبحانه وتعالى لأمةمحمد عليه الصلاة والسلام دون أ الرسالات الأخرى...{كنتم خيرأمة أخرجت للناس تأمرون باعروف وتنهون عن انكر وتؤمنون بالله}‏ (×٢٩) ..وحدثنا عن أن التخلي عن هذه الفريضة كان السبب في غضب الله سبحانهوتعالى <strong>على</strong> بني إسرائيل الذين ‏{كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئسما كانوا يفعلون}‏ (×٣٠) .وأخيرا..‏ ألم يقرأ هؤلاء النفر من ‏«علماء السوء»‏ الذين يدعون أمةمحمد إلى ‏«بئس ما فعل بنو إسرائيل»‏ ‏?!..ألم يقرءوا نص بيعة الصحابةرضوان الله عليهم للرسول٭-نعم..‏ نص بيعتهم للرسول وليس لك أوأمير-والتي يحدثنا عنها عبادة بن الوليد بن عبادة عن أبيه عن جده الذييقول:‏ ‏«بايعنا رسول الله ‏(صلعم)‏ <strong>على</strong> السمع والطاعة في العسر واليسروانشط واكره و<strong>على</strong> أثرة علينا و<strong>على</strong> ألا ننازع الأمر أهله.‏ و<strong>على</strong> أننقول بالحق أينما كنا ولا نخاف في الله لومة لائم..»‏ (×٣١) ..فلم تكن بيعة الصحابة للرسول <strong>على</strong> السمع والطاعة بإطلاق لأن الأمرشورى في شئون الدنيا والدولة والسياسة وقضايا العمران ولذلك تضمنتالبيعة النص <strong>على</strong> أن يقولوا بالحق أينما كانوا و<strong>على</strong> ألا يخافوا في اللهلومة لائم..‏ كانت تلك بيعة الصحابة للمعصوم عليه الصلاة والسلام..‏ فماوتابع»‏ !117


الإسلام وحقوق الإنسانبال هؤلاء النفر من ‏«علماء السوء»‏ و ‏«فقهاء السلاط« يقفون عند ظواهرالنصوص التي توهم-أو يوهمون بها الأمة-وجوب السمع والطاعة للأئمةالذين لا يهتدون بهدى الرسول ولا يستنون بسنته بل ون يحملون فيصدورهم ‏«قلوب شياط في جثمان إنس»‏ ‏?!..محاول بالفتاوى التييسودون بها الصفحات صد الأمة عن النهوض بالفرائض الواجبةوالضرورات الشرعية بالشبهات التي يختلقونها من ظواهر بعض النصوص?!.. ما بالهم يصنعون هذا انكر..‏ ويقترفون هذا الزور ? !.. ألا بئس مافعل ويفعل هذا النفر من ‏«علماء السوء»..‏ .إن انتفاء العصمة عن الأئمة والولاة والحكام والرؤساء وعامة أولىالأمر يجعل الخطأ وجملاوز حدود الشريعة أمرا واردا بل إنه مع إغراءالسلطة وإعانتها عل تجاوز الحدود يصبح هذا الخطأ والتجاوز للحدودأشبه ما يكون بالقدر اقدور..‏ وصدق رسول الله٭ إذ يقول:‏ ‏«كل ابن آدمخطاء وخير الخطائ التوابون..»‏ (×٣٢) .. وأمام هذه الحقيقة تتجاوز‏«اعارضة»‏ السياسية حدود ‏«اشروعية»‏ و ‏«الحق الإنساني»‏ إلى حيثتبلغ مرتبة ‏«الضرورة الواجبة شرعا»‏ عل مجموع الأمة كما هو الحال معسائر ‏«الضرورات الشرعية الواجبة»‏ التي عدت في الحضارات غيرالإسلامية مجرد ‏«حقوق»..‏ . وهي عندما تبلغ في الإسلام هذه ارتبةيصح التقصير في أدائها أو النكوص عنها إثما مجرما يلحق وزره وعقابه-‏فضلا عن آثاره الدنيوية-بالأمة جمعاء !..118


شبهات علماء السوءالحواشي(×١) حديث الآحاد هو:‏ الذي رواه واحد عن واحد عن واحد..‏ . وهكذا..‏ . أما ‏«اتواتر»‏ فهو الذيرواه جمع عن جمع عن جمع مع استحالة اجتماع هذا الجمع وتواطئهم <strong>على</strong> الكذب..‏ واتواتر منالسنة قلة قليلة من الأحاديث.‏(×٢) من أشهر فقهاء اذهب االكي وعلماء الأصول.مصري من أصل مغربي ولد ونشأ وتوفيصر..‏ تتلمذ <strong>على</strong> يد العز بن عبد السلام ‏(سلطان العلماء)‏ وكانت له-مثل العز-مواقف شجاعةفي التصدي للولاة الظلمة والسلاط الجائرين.‏ بلغت مكانته العلمية إلى الحد الذي جعل بعضفقهاء اذهب الحنفي يقتبسون بعض كتبه فتمذهب بها الأحناف.‏ والى جانب الفقه والأصولكانت له إسهامات في اللغة.‏ ومن آثاره الفكرية:‏ ‏[الفرو ق]‏ في أربعة أجزاء و ‏[الإحكام في ييزالفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام]‏ و ‏[الذخيرة]‏ في ستة أجزاء و[اليواقيت فيأحكام اواقيت]‏ و ‏[شرح تنقيح الفصول]‏ و ‏[مختصر تنقيح الفصول]‏و[الخصائص]‏ و[الأجوبةالفاخرة <strong>على</strong> الأسئلة الفاجرة]..‏ وكانت للقرافي كذلك جهود في ‏«الفن»‏ و ‏«الصناعة»‏ و‏«الإختراع»!...‏.١٠٩ -٨٦(٣×) الأعراف:‏ ١٥٨(×٤) القرافي ‏[الإحكام في ييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام]‏ صتحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة..‏ طبعة حلب سنة ‎١‎م.‏(×٥) أحمد بن عبد الرحيم الفاروقي فقيه حنفي ومحدث من أبرز علماء الهند <strong>على</strong> يديهوؤلفاته نهضت علوم الحديث والسنة من كبوتها..‏ له آثار فكرية عديدة منها:‏ ‏[الفوز الكبير فيأصول التفسير].‏ ‏[حجة الله البالغة]‏ في مجلدين و[إزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء]‏و ‏[الإرشادإلى مهما ت الإسناد]‏ و ‏[الإنصاف في أسباب الخلاف]‏ و ‏[عقد الجيد في الإجتهاد والتقليد].‏وله ترجمة فارسية للقرآن جعلها <strong>على</strong> ط النظم العربي للقرآن وسماها ‏[فتح الرحمن فيترجمة القرآن].‏(×٦) الحشر:‏‎٧‎‏.‏(×٧) رواه مسلم وابن ماجة وابن حنبل.‏(×٨) ولي الله الدهلوي ‏(حجة الله البالغة)‏ ج ١٢٩- طبعة القاهرة سنة ‎١٣٥٢‎ه.‏٩٦٧١ ص ٬١٢٨(٩×) النساء:‏ .٥٨(×١٠) رواه مسلم.‏(١١×) النساء:‏ .٥٩(×١٢) رواه مسلم.‏(×١٣) رواه مسلم.‏(×١٤) رواه مسلم.‏(١٥×) البقرة:‏ ٢١٦119


الإسلام وحقوق الإنسان(×١٦) رواه مسلم ‏[ومجدع الأطراف أي مقطوعها].‏(×١٧) رواه مسلم.‏(×١٨) رواه مسلم.‏(١٩×) النساء:‏ .٢٩(×٢٠) ر واه مسلم.‏(×٢١) رواه الإمام أحمد.‏(×٢٢) الفتح:‏ ٬١٠(×٢٣) النساء:‏‎٨٠‎‏.‏(×٢٤) رواه مسلم.‏(×٢٥) رواه مسلم.‏(×٢٦) رواه مسلم(×٢٧) آل عمران:‏١٠٤‎(×٢٨) التوبة:‏٧١‎(×٢٩) آل عمران:‏١١٠‎(٣٠×) اائدة:‏ .٧٩(×٣١) رواه مسلم.‏(×٣٢) رواه الترمذي وابن ماجة والدارمي وابن حنبل.‏120


وبعد10 وبعدفإذا كانت هذه هي مقاصد الشريعة الإسلاميةفي باب ‏«الضرورات الواجبة»‏ والفرائض اللازمةلتحقيق جوهر إنسانية الإنسان عندما تعدت بهاحد ‏«الحقوق»‏ وبلغت بها مرتبة ‏«الضروراتالواجبة»..‏ فإن من الأهمية كان أن ننبه إلى أنهذه الشريعة التي فتحت الباب لأحكام جديدةكلما طرح التطور الجديد من القضايا واشكلات..‏إن هذه الشريعة-التي هذا شأنها مع الجديدوالتطور والتجديد-لم ولن تقف في ‏«الضروراتالواجبة»‏ لحرية الإنسان وإنسانيته عندما أشارتإليه النصوص الأولى واأثورات اروية أو اجتهاداتالفقهاء القدماء..‏ فالشريعة مقاصد وما أشارتإليه من تشريعات لا يعدو ‏«النماذج»‏ التي صيغتللتمثيل والإحتذاء..‏ وكما يقول الإمام السلفي ابن٧٥١ هج / -١٢٩٢‎١٣٥٠‎م):‏ ‏«فإنقيم الجوزية (٦٩١-الله أرسل رسله وأنزل كتبه ليعوم الناس بالقسطوهو العدل الذي قامت به السماوات والأرض فإذاظهرت أمارات الحق وقامت أدلة العدل وأسفرصبحه بأي طريق كان فثم شرع الله ودينه ورضاهوأمر.‏ والله تعالى لم يحصر طرق العدل وأدلتهوأماراته في نوع واحد وأبطل غيره من الطرق التي121


الإسلام وحقوق الإنسانهي أقوى منه وأدل وأظهربل ب ا شرعه من الطرق أن مقصوده إقامةالحق والعدل وقيام الناس بالقسط فأي طريق استخرج بها الحق ومعرفةالعدل وجب الحكم وجبها ومقتضاها.‏ والطرق أسباب ووسائل لا ترادلذواتها وإا اراد غاياتها التي هي اقاصد ولكن الله نبه ا شرعهمن الطرق <strong>على</strong> أسبابها وأمثالها..»‏ (×١)فمع تطور اجملتمعات الإنسانية وتعقدها ومع تزايد الإحتياجاتوالضرورات اللازمة لتحرير طاقات الإنسان كي يبدع في هذه الحياةويبلغ بكوكبه في العمران مرتبة العروس التي أخذت زخرفها وزينتها..‏ معهذا التطور الجديد تستجد لهذا الإنسان ‏«حقوق»..‏ بل ‏«ضرورات واجبة»‏يفرضها الإسلام فتصبح ‏«ضرورات شرعية واجبة»‏ لتحقيق ‏«الحياة»‏ الحقةوالإنسانية الحقيقية لهذا الإنسان <strong>على</strong> النحو الذي يليق به كخليفة عنالله سبحانه في هذا الوجود !..وهنا يتساءل ارء:‏ أي جرة شنعاء تلك التي يقترفها البعض عندمايحرمون خليفة الله من ‏«الضرورات الواجبة»‏ لتحقيق مهام خلافته <strong>على</strong>النحو الذي أراده الله ? !..لكن..‏ هل يكفي أن نبعث ‏«فكر»‏ الإسلام الخاص بهذه القضية منمرقده ونقدمه إلى الناس في هذه الصفحات ? !..إنه لا خلاف <strong>على</strong> أن ‏«الفكر»:‏ موقف..‏ ومعركة..‏ فهو الحافز للأ<strong>على</strong> النهضة والبعث الجديد الذي تحطم به القيود والأصفاد..‏ وهو ارشدالذي ينير للأمة الطرق كي لا تتعثر خطاها فتدمى بعقبات وأشواك ‏«تجاربالخطأ والصواب»..‏ إنه ‏«حافز»‏ و ‏«مرشد»..‏ لكن فعاليته مرهونة بالنضالالذي يحوله إلى ‏«واقع»‏ تعيشه الأمة وتنعم بثمراته عندما يخرجه منإطار ‏«النظر»‏ إلى حيز ‏«التطبيق»..‏إن هدى الإسلام في هذه القضية مثله كمثل كل هدى جاء به هذاالدين الحنيف سيظل ‏«غيثا»‏ ينتظر ‏«النضال»‏ الذي يحوله بامارسةوالتطبيق إلى ثمر يانع ينعم به الإنسان اسلم من خلال نهضة حضاريةتغير الواقع البائس الذي أوقع فيه الإستبداد أمة الإسلام..‏ فلا جدوى من‏«غيث»‏ لا يحيي الأرض اوات..‏ ولا حياة لأرض لا تحسن الإستفادة من‏«الغيث»‏ الهاطل عليها من السماء !.. وصدق رسول الله٭ عندما يعلمنا122


وبعدهذه الحقيقة فيقول:‏ ‏«إن مثل ما بعثني الله عز وجل به من الهدى والعلمكمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها:‏ طائفة طيبة قبلت ااء فأنبتتالكلأ والعشب الكثير..‏ وكان منها أجادب أمسكت ااء فنفع الله بهاالناس فشربوا منها وسقوا ورعوا..‏ وأصاب طائفة منها أخرى إا هيقيعان لا سك ماء ولا تنبت كلأ..‏ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعهالله ا بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبلهدى الله الذي أرسلت به»‏ ?! (×٢) .. صدق رسول الله !..هذا هو ‏«هدى الله وعلمه»‏ في باب ‏«الضرورات الإنسانية الواجبة»..‏فعلينا أن نكون ‏«الأرض الطيبة»‏ التي تقبل ‏«غيثه»‏ فتنتفع به وتنفع بهالإنسان..‏ وذلك حتى يرفع الإنسان اسلم بهذا ‏«الهدى والعلم»‏ رأسهمحطما قيود الإستبداد وأصفاد استبدين !..أما الذين يقفون عند حدود ‏«مضغ الأفكار»‏ و«ترديد النصوصواأثورات»‏دون توظيفها كأسلحة في معركة تغيير الواقع البائس الذييقهر بالإستبداد طاقات اسلم فإن القرآن الكر يزري بهم ويسخرمن ‏«دورهم»‏ في هذه الحياة..{مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوهاكمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله واللهلا يهدي القوم الظا‏}‏ (×٣) فحامل ‏«الهدى»‏ الذي لا يذيعه في الناسقريب-في اوقف-من اكذب به وانكرين له !.. واردد ‏«للهدى»‏ دونسعي-بالفعل-إلى جعله سلاحا لتغيير الواقع كي يتسق مع هذا ‏«الهدى»‏الذي هدانا به الله..‏ هو ‏«قائل»‏ لغير الذي ‏«يفعل»..‏ وتلك كبيرة يستحقونبها مقت الله وبغضه الشديد..‏ ‏{يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون?!. كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون}!.‏× إن دينا لم يكرم الإنسان كما كرمه دين الإسلام..‏× وإن شريعة من الشرائع الدينية أو الوضعية لم ترفع ‏«حقوق»‏ الإنسانإلى مرتبة ‏«الضرورات الشرعية الواجبة»‏ كما صنعت ذلك شريعة الإسلام..‏ف<strong>على</strong> الذين يعون هذه الحقيقة أن يناضلوا بكل السبل والوسائلالإسلامية لرفع عار الإستبداد وقيوده عن ‏«واقع»‏ اسلم‏..‏ ولتنقية ‏«الفكر»‏الإسلامي من التشوهات التي زرعها فيه نفر من ‏«علماء السوء»‏ وفقهاءالسلاط الذين احترفوا التبرير ظالم استبدين و باعوا آخرتهم الباقية(٤×)123


الإسلام وحقوق الإنسانبفتات من دنياهم الفانية عندما دعوا استضعف واظلوم إلى الإستكانة-‏التي سموها:‏ صبرا-عل ما تعافه نفوس اؤمن الأحرار !.. وصدق اللهالعظيم إذ يقول:‏ ‏{ونريد أن ن <strong>على</strong> الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهمأئمة ونجعلهم الوارث‏}‏ (×٥) ‏....إنها إرادة الله الذي أرسل إلى الناسرسوله صلى الله عليه وسلم ‏{يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانتعليهم}...‏ (×٦) فطوبى للسالك كل سبيل لتحقيق إرادة الله..‏ والغاية منرسالة رسوله عليه الصلاة والسلام !..124


وبعدالحواشي(×١) ابن القيم ‏[أعلام اوقع‏]‏ ج(×٢) رواه البخاري ومسلم وابن حنبل.‏٤ ص٣٧٣. طبعة بيروت سنة١٩٧٣ م.‏(×٣) الجمعة:‏‎٥‎(٤×) الصف:‏ .٣٬٢(٥×) القصص:‏ (٦×) ٥ الأعراف:‏ .١٥٧125


الإسلام وحقوق الإنسان126


وثائقوثائقلماذا هذه الوثائق ؟11لقد آثرنا لهذه الدراسة اوجزة عن موقفالإسلام من قضية ‏«حقوق»‏ الإنسان-وهو اوقفالذي ارتفع بها من ‏«الحقوق»‏ إلى ‏«الضروراتالواجبة»-آثرنا لهذه الدراسة أن تزدان بهذهاجملموعة من ‏«الوثائق»‏ كنماذج شاهدة <strong>على</strong> عددمن الحقائق التي نحرص <strong>على</strong> أن نسلط عليها بعضالأضواء..‏فهذه ‏«الوثائق»‏ ليست مجرد ‏«فكر نظري»‏أبدعه الأصوليون والفقهاء واتكلمون..‏ أو الساسةالذين عاشوا في معسكر معارضة الدولة والولاة..‏إنها ليست مجرد ‏«فكر نظري»‏ حتى يقلل البعضمن دلالتها <strong>على</strong> تأثير موقف الإسلام ‏«الفكري»‏ منهذه القضية <strong>على</strong> ‏«الواقع»‏ الذي عاشه اسلمون!..‏فأغلب هذه ‏«الوثائق»‏ نصوص جسدت فكر ساسةومفكرين حكموا وقادوا وكانت صياغتهم لأفكارهمفي هذه ‏«الوثائق»‏ ضبطا وتقنينا لأفكارهم في هذهالقضية كي توضع في امارسة والتطبيق ولتكونالحكم واعيار الذي يتحكم إليه اجملتمع والأمة فيمايتعلق بالحقوق والواجبات الإنسانية..‏ فهي اذج127


الإسلام وحقوق الإنسان‏«لفكر»‏ وضع في ‏«التطبيق»‏ وجاهد أصحابه من موقع امارسة واسؤوليةالعملية لضمان استمرارية وضعه في امارسة والتطبيق..‏وحتى الذين لم يحكموا ولم يقبضوا <strong>على</strong> زمام الولاية من أصحاب هذه‏«الوثائق»‏ كانوا ثوارا ولم يكونوا مجرد مفكرين نظري حا‏..‏ فهم قدصاغوا أفكارهم هذه الصياغة ‏«الوثائقية»‏ ثم جاهدوا ‏!بالفكر والثورةلوضع فكرهم هذا في موضع القيادة للمجتمع حتى يكون ارشد والضابطللممارسة والتطبيق..‏ ومن هنا تأتي هذه ‏«الوثائق»‏ شهادة ‏«للفكر»‏ الإسلاميبقدر ما هي شهادة ‏«لتاريخ»‏ اسلم‏..‏ وهنا يبرز دور نشرنا لها في هذاالسياق كإسهام نرجو أن يفعل فعله في التبشير بإمكانية أن يكون حاضرأمتنا ومستقبلها الإمتداد اشرق واتطور لخير ما في تراثها من قوةووحدة وتقدم و<strong>على</strong> وجه الخصوص:‏ خير ما في تراث هذه الأمة منانتصار لكل ما يحقق جوهر إنسانية الإنسان..‏وإذا كانت ‏«قوة الفكر الإسلامي»‏ و ‏«حسمه»‏ و ‏«وضوحه»‏ في ميدانالإنتصار لهذه ‏«الحقوق-الواجبة»‏ قد استطاعت مقاومة ‏«الردة»‏ التي مثلهاوجسدها ‏«الإستبداد السياسي»‏ عندما ساد مراكز ‏«الدولة»‏ و ‏«الولاية»‏لحقب طويلة جدا في تاريخ أمتنا فحالت دون هذا ‏«الاستبداد السياسي»‏ودون اكتساب ‏«الشرعية»‏ و«اشروعية»‏ إلى الحد الذي وجدنا فيه انحيازجمهرة مفكرينا ومتكلمينا وفقهائنا إلى ‏«الشورى»‏ و ‏«الإختيار»‏ و ‏«العدل»‏ورفضهم الإعتراف بشرعية ‏«الإستبداد»‏ و ‏«استبدين»‏ بل وتسميتهم هذاالإستبداد ب ‏«ولاية اتغلب»‏ <strong>على</strong> السلطة..‏ إذا كانت هذه هي قوة ‏«الفكر»‏في ميدان ‏«الواقع»‏ وهي قوة منعت عموم ‏«بلوى الاستبداد»‏ فإن شمولهذه النماذج من ‏«الوثائق»‏ التي نقدم ب يديها خملتلف ميادين ‏«الحقوقالإنسانية-الواجبة»‏ هو شهادة ثانية لإسلامنا فكرا وحضارة وتاريخا !..إننا نريد-في هذا التقد لهذه ‏«الوثائق»-أن نسلط الأضواء لنلفت الأنظارونوجه الأفكار إلى حقيقة تاريخية تقول:‏ إن تاريخ أمتنا لم يكن ظلاما كله..‏وإن التناقض ب ‏«التطبيق»‏ في هذا التاريخ وب ‏«الفكر»‏ لم يكن كاملاولا حادا ولا.‏ دائما..‏ إن البعض منا قد قسا ويقسو وبالغ ويبالغ في تصويرظالم ذلك التاريخ لينفر من الظلم والإستبداد وليزكي الدعوة إلى استلهامفكرنا الغني ونحن نجاهد له لنهوض بالواقع الذي نعيش فيه..‏ وهذا128


وثائقمقبول ومفهوم..‏ لكن الكثيرين من أعداء هذه الأمة ومعهم نفر من انتسبإليها يسلكون هذا السبيل ليصلوا بواسطته إلى غرض خبيث..‏ فهم يصورون‏«تاريخنا»‏ ظلما وظلاما كي ينزعوا سلاح الأمةاتمثل في هذا التاريخوهي تواجه ما يفرضونه عليها من تحديات..‏ وهم يوحون إلى الناظر فيتراثنا الفكري أن ما بهذا التراث من حديث عن ‏«حقوق الإنسان»‏ هو ‏«فكرنظري»‏ لم يوضع يوما ما في ‏«امارسة والتطبيق»‏ مستهدف من وراءذلك أيضا نزع سلاح الأمة اتمثل في هذا ‏«التراث الفكري»‏ كي لا يسعىالجيل الحاضر إلى استلهام أصول حضارته وسمات قوميته والجوهري منمعتقداته وما هو متقدم وفاعل من القيم التي ورثناها عن الأسلاف..‏فظلم ااضي والقسوة في تقييم تطبيقات السلف سلاح ماض ذوحدين قد يدفع الأمة إلى عكس ما تريد وضد ما هو مفيد..‏ ومن هناتأتي أهمية إشارتنا-في هذا التقد‏-إلى شمول هذه ‏«الوثائق»‏ ميادين عديدةكادت تغطي مبحث ‏«الحقوق-الواجبة»‏ للإنسان..‏١- ففيها الدستور ادون واصاغ صياغة قانونية..‏ والذي صيغ وطبقمنذ اللحظات الأولى لتكوين ‏«الدولة»‏ العربية الإسلامية الأولى..‏ أي منذأكثر من أربعة عشر قرنا !..٢- وفيها النصوص التي تحدثت عن ‏«العقد»‏ السياسي والإجتماعي بالحكم ‏[الوالي]‏ وب المحكوم ‏[الرعية].‏ والتي قننت ‏«الفكر السياسي»‏الضروري لسياسة الرعية سياسة تحقق للناس ‏«الحقوق الإنسانية-الواجبة»..‏٣- وفيها التشريع القانوني وتقاليد القضاء وآدابه وضروراته اللازمةللوفاء بتحقيق اساواة والعدالة ب الفرقاء..‏٤- وفيها التقن لجهاز الدولة والولايات التنفيذية <strong>على</strong> النحو الذييجعلها في خدمة الرعية لأنها وكيلة عنها ومستنابة في رعاية مصالحها!..‏٥- وفيها التحديد الواضح لفلسفة الإسلام في الأموال كنهر أعظموعام للأمة والناس شربهم (×١) فيه سواء..‏٦- وفيها الصياغة ‏«البليغة-الدقيقة»‏ لفكرنا الإجتماعي الإسلامي..‏ولحدود التمايز الطبقي واوقف منه..‏ وللعلاقة اثلى ب ‏«الدولة»‏ ومختلفالطبقات الإجتماعية في صفوف الرعية..‏٧- وفيها موقف حضارتنا من ‏«الثورة»‏ كسبيل من سبل التغيير العنيفة129


الإسلام وحقوق الإنسانلنظم القهر والظلم والإستبداد..‏ واوقف من ‏«رد اظالم»‏ وإعادة التوازنلفئات الأمة وطبقاتها عقب الثورات..‏٨- وفيها حديث عن ‏«الشورى»‏ التي هي فلسفة نظام الحكم الإسلامي..‏وكيف كانت هدف الثائرين <strong>على</strong> ظلم ‏«التغلب»‏ وولاة الجور والإستبداد..‏٩- وفيها التأكيد <strong>على</strong> حق الأمة ‏«الطبيعي-الشرعي»‏ بل ‏«واجبها»‏ فيأن تكون مصدر السلطة والسلطان.‏إنها اذج من ‏«الوثائق»‏ تنصف ‏«الفكر»‏ و«التاريخ»‏ معا.‏ وتشهد ل ‏«نظر»‏افكرين ول ‏«جهاد»‏ الثوار ول ‏«عدل»‏ كثير من الخلفاء..‏ فتنفي عن تراثناالحضاري ظلما عظيما ألحقه به باحثون كثيرون..‏نصوص الوثائق وأبرز أفكارهامحمد رسول الله٭-١ -الدستور‏[الصحيفة-ا لكتاب]‏‎١‎ه / ٦٢٢ مأبرز الأفكار :اصادر التاريخية تسمى هذا الدستور:‏ ‏«الصحيفة»‏ و«الكتاب»‏ وتسميتهاهذه مأخوذة من صلب هذا الدستور..‏ فهو ‏«كتاب من محمد النبي رسولالله ب اؤمن واسلم‏..‏ ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم»‏ وبغيرهم من أهل يثرب الذين دخلوا في رعية الدولة الجديدة دون أنيدخلوا في الإسلام الدين وفي جماعة اؤمن واسلم‏..‏ والرعيةالمحكومون به يوصفون بأنهم:‏ ‏«أهل هذه الصحيفة».‏وإذا كان مصطلح ‏«الدستور»‏ من اصطلحات اعربة التي دخلت العربيةمن اللغات الأخرى وإذا كان هذا اصطلح يعني-حديثا-:‏ ‏«مجموعة القواعدالأساسية التي تب شكل الدولة ونظام الحكم فيها ومدى سلطتها إزاءالأفراد»‏ (×٢) .. فإن هذه ‏«الصحيفة»-«الكتاب»-هي ‏«دستور»‏ الدولة العربيةالإسلامية الأولى بكل ما يعنيه-حديثا-مصطلح ‏«الدستور»‏ من مضام‏..‏130


وثائقوإذا كانت مصادر التاريخ لا تذكر لنا كيف ‏«وضع وصيغ»‏ هذا الدستور..‏. فإننا بحكم القاعدة الإسلامية الشرعية يل إلى أن وضعه وصياغتههي ثمرة شاورة الرسول٭ لوجوه الرعية الذين يسمون فيه ‏«أهل هذهالصحيفة»‏ فهو نص ينظم شؤون الدولة ويق العلاقات الدنيوية ب رعيتهابالدرجة الأولى ومن ثم فإن موضوعه هو ا تجب فيه الشورى الإسلاميةوفق منطوق ومفهوم القرآن الكر‏..‏ولقد صيغ هذا الدستور لينظم القواعد الأساسية لدولة ادينة ورعيتهابعد أن نزل الوحي بقسم كبير من القرآن الكر‏..‏ . فكان ذلك دليلا <strong>على</strong>أن ‏«القرآن»‏ بالنسبة لدستور الدولة هو الإطار فيه ‏«اباد« و به ‏«الروح»‏واقاصد والضوابط والغايات وليس هو نص الدستور وذات مواده وعقوانينه..‏ . فوجود القرآن الكر لا يغني في نظام الدولة عن الدستورالذي يضبط القواعد وينظم الحقوق ويحكم العلاقات ويصوغ جميع ذلكصياغة دستورية محكمة الدلالة بينة الحدود..‏ .وإذا كانت الدولة التي صيغ هذا الدستور مع تأسيسها قد قامت فيالسنة الأولى من سني الهجرة ‏[سنة ٦٢٢ م]‏ فإن حقيقة وجود دستور مكتوبلهذه الدولة:‏ عرفته حضارتنا العربية الإسلامية هي سنة من س الإسلامالسياسي لا تدعو إلى الفخار فحسب وإا تدعو-قبل ذلك وفوقه-إلىالعض عليها بالنواجذ كي لا تغيب هذه السنة من قسمات ‏«الدولة»‏ ومقوماتهافي دنيا الإسلام السياسي وواقع السياسة عند اسلم‏..‏ . فغيابها شكلاأو فعلا عار لا يليق بخلف عرف أسلافهم هذه السنة الحسنة قبل أربعةعشر قرنا من الزمان.‏وفي هذا الدستور الذي قامت <strong>على</strong> أساسه دولة متحضرة في‏«الحاضرة»‏ ‏«يثرب»‏ التي تحيط بها بيئة تغلب عليها ‏«البداوة»...‏ والذي كانثمرة إسلامية للشريعة التي أخرجت العرب من ظلمات الجاهلية إلى نورالإسلام...‏ في هذا الدستور يستطيع اتأمل أن يرصد الكثير من ابادوالقواعد التي مثلت معالم <strong>على</strong> درب تطور وتقدم وتحضر وتحرر إنسانذلك العصر..‏ . بل والتي لازالت تحمل الكثير من الخير لإنسان العصرالذي نعيش فيه !..ففيه تقن لخروج الإنسان من إطار ‏«القبيلة والقبلية»‏ إلى رحاب الدولة131


الإسلام وحقوق الإنسانوالأمة..‏ فبعد أن كانت القبيلة هي ‏«الأمة والدولة»‏ غدت لبنة في كيانالدولة الجديدة والأمة الوليدة والرعية السياسية التي أقامت بناءهاالإجتماعي <strong>على</strong> أساس هذا الدستور..‏ .وقبل هذا الدستور ودولته كانت شخصية الفرد ذائبة في كيان القبيلة...‏شرفة لها...‏ ووزره عليها..‏ وتبعاته مطلوبة منها..‏ وعليها عقوبات الجرائمالتي يفرقها..‏ فجاء هذا الدستور ليق لطور جديد في تطور الإنسانالعربي..‏ ‏«ففروض الكفاية»-الإجتماعية-جعلها الإسلام <strong>على</strong> ‏«الأمة»‏ و«فروضالع‏»-الفردية-أوجبها <strong>على</strong> الفرد..‏ . وبدلا من ‏«القبيلة»-التي سعى الإسلامإلى ت<strong>ذوي</strong>بها في الأمة-برزت ذاتية الفرد ومسؤوليته ووقفت الآثار فيأحيان كثيرة عند ‏«أهل بيته»..‏ ف ‏[من ظلم وأثم فإنه لا يوقع-لا يهلك-إلانفسه وأهل بيته]..‏ وبعد أن كانت ‏«القبلية»‏ تلحق إثم ‏«الحليف»‏ بحليفه جاءهذا التطور الذي قننه هذا الدستور عندما نص <strong>على</strong> ‏[أنه لا يأثم امرؤبحليفه]‏ وكذلك الحال مع ‏«الجار»..‏ ‏[وأن الجار كالنفس غير مضار ولاآثم]..‏ لقد برزت ذاتية الفرد اسؤول اكلف..‏ . ونص الدستور <strong>على</strong> أنه‏[لا يكسب كاسب إلا <strong>على</strong> نفسه]‏ !ولقد اس هذا الدستور س ‏«التكافل»‏ ب رعية الأمة وجماعتها فيمختلف ايادين سواء كانت تلك ايادين مادية أو معنوية..‏ فالأمة متكافلةومتضامنة في ‏«الحق»‏ ‏[وأن النصر للظلوم]..‏ وهي متكافلة ومتضامنة فياساواة القانونية...[ذمة الله واحدة..‏ . واؤمنون يجير عليهم أدناهم]..‏الأمر الذي يعني رفض ‏«الطبقية»‏ الجاهلية عرقية كانت أو اجتماعية..‏وهذه الأمة متكافلة متضامنة كذلك في اعاش والأموال..‏ فهي مع ‏[افرح]-‏أي اثقل بالدين-حتى يتحرر من الدين الذي يثقل كاهله !ورغم أن ‏«الحاكم»‏ للدولة كان النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ينزلوحي السماء بالقرآن الكر‏..‏ . أي أنه قد جمع ‏«الولاية الزمنية»‏ إلى‏«النبوة والرسالة»‏ إلا أن هذه ‏«الدولة»‏ لم تكن ‏«دولة دينية»‏ باعنى الذيعرفته مجتمعات غير إسلامية وفلسفات غير إسلامية-والتي تسربت بعضمن مقولاتها إلى بعض فرق الإسلام..‏فهذا الدستور قد ‏«‏يز»‏ عن القرآن وإن لم يخالف روحه ومبادئه...‏و«رعية»‏ هذه الدولة لم تقف عند ‏«الجماعة-الأمة-اؤمنة»‏ بل كانت ‏«رعية132


وثائقسياسية»‏ اتخذت من اعيار السياسي والإطار ‏«القومي»‏ ميزانا حددتوميزت به الرعية من الأخيار..‏ . فهي قد شملت إلى جانب الجماعة‏«اؤمنة»‏ بالإسلام:‏ سكان يثرب ومن حالفهم ووالاهم وتبعهم ولحق بهمن فيهم من العرب الذين تهودوا ومن الأعراب الذين ‏«أسلموا»-وانخرطوافي الرعية السياسية-وا يدخل ‏«الإان»‏ بعد إلى قلوبهم..‏ . وكذلك الذين‏«نافقوا»‏ النبي واؤمن فأظهروا الإسلام واستسروا كراهة الإان بالدينالجديد..‏ . ولقد استخدم هذا الدستور مصطلح ‏«الأمة»‏ أستخدم عنىالرعية السياسية السياسة وهو يعبر عن هذا البناء ‏«السياسي السياسةالإجتماعي»‏ الجديد..‏ . لقد نص <strong>على</strong> أن اؤمن واسلم هم ‏[أمة واحدةمن دون الناس]‏ الناس فهم ‏«أمة الدين»‏ وجماعته اؤمنة به-ثم نص <strong>على</strong>‏[أن يهود بني عوف ‏[ومن ماثلهم من اليهود العرب]-أمة مع اؤمن‏.‏ لليهوددينهم وللمسلم دينهم]‏ !.. فقر ر التسوية في ‏«اواطنة»‏ وحقوقها وواجباتهاب هذه ‏«الرعية السياسية»‏ وأقر التمايز الديني القائم في داخل هذاالإطار ‏«القومي القوم السياسي»[وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصروالأسوة]..‏إنها دولة ‏«إسلامية إسلامي قومية»..‏ القيادة فيها للمسلم‏..‏ والإطارالحكم و ‏«الجامع اانع»‏ في تحديد ‏«الرعية»‏ وييزها عن ‏«الغير:


الإسلام وحقوق الإنسانوإذا كانت ‏«يثرب»‏ ‏[ادينة]‏ قد مثلت وطن الدولة التي حكمها هذاالدستور فلقد قرر هذا الدستور أن هذا الوطن حرم آمن لرعية هذه الدولة...‏وقرر في ذات الوقت وفي نفس النص أن لا حصانة لظالم أو آثم حتى لوكان معتصما ‏«بيثرب»‏ عضوا برعية دولة هذا الدستور...[وأنه من خرجآمن ومن قعد آمن بادينة إلا من ظلم وأثم]..‏وإذا كان تطور اجملتمعات وتعقد شؤون الحياة السياسية والإجتماعيةوالإقتصادية قد فرض ويفرض التطور في الآفاق وفي الصياغات اللازمةللدساتير اعاصرة..‏ . فإن قراءة هذا الدستور الأول للدولة العربية الإسلاميةالأولى من الضرورات النافعة للأمة رغم تجاوز واقعنا للملابسات التيقننها ذلك الدستور..‏ .لقد حدد لنا-إقتداء بالقرآن الكر‏-أن ارجع عند الإختلاف هو كتابالله وسنة رسوله..‏ . ففيهما ‏«اباد‏»‏ و«الفلسفات»‏ و«الأطر»‏ الحاكمة للواقعاتغير دائما واتطور باستمرار..‏ . ‏[وأنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإنمرده إلى الله وإلى محمد]..‏ كذلك تعلمنا منه-ويجب أن نتعلم-أن أمة اقترنتأسيس دولتها الإسلامية الأولى بالدستور اكتوب لا يليق بها أن تنكص<strong>على</strong> أعقابها فيحكمها الإستبداد متحللا من ضوابط الدستور ‏«شكلا»‏و«فعلا»-كما يحدث حينا-و«فعلا»-رغم وجود ‏«الشكل»-كما يحدث في كثيرمن الأحاي‏..-‏النص[١] هذا كتاب من محمد النبي[رسول الله]‏ ب اؤمن واسلم منقريش و ‏[أهل]‏ يثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم.‏[٢] أنهم أمة واحدة من دون الناس.‏[٣] اهاجرون من قريش <strong>على</strong> ربعتهم (×٣) يتعاقلون بينهم (×٤) وهم يفدونعانيهم (×٥) باعروف والقسط ب اؤمن‏.‏[٤] وبنو عوف <strong>على</strong> ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفديعانيها باعروف والقسط ب اؤمن‏.‏[٥] وبنو الحارث ‏[بن الخزرج]‏ <strong>على</strong> ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولىوكل طائفة تفدي عانيها باعروف والقسط ب اؤمن‏.‏134


وثائق[٦] وبنو ساعدة <strong>على</strong> ربعتم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفديعانيها باعروف والقسط ب اؤمن‏.‏[٧] وبنو جشم <strong>على</strong> ربعتم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفديعانيها باعروف والقسط ب اؤمن‏.‏[٨] وبنو النجار <strong>على</strong> ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفديعانيها باعروف والقسط ب اؤمن‏.‏[٩] وبنو عمرو بن عوف <strong>على</strong> ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكلطائفة تفدي عانيها باعروف والقسط ب اؤمن‏.‏[١٠] وبنو النبيت <strong>على</strong> ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفةتفدي عانيها باعروف والقسط ب اؤمن‏.‏[١١] وبنو الأوس <strong>على</strong> ربعتم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفديعانيها باعروف والقسط ب اؤمن‏.‏[١٢] وأن اؤمن لا يتركون مفرحا (×٦) بينهم أن يعطوه باعروف فيفداء أو عقل[١٣] وألا يحالف مؤمن مولى مؤمن من دونه.‏[١٤] وأن اؤمن اتق ‏[أيديهم]‏ <strong>على</strong> ‏[كل]‏ من بغى منهم أو ابتغىدسيعة (×٨) ظلم أو إثما أو عدوانا أو فسادا ب اؤمن وأن أيديهم عليهجميعا ولو كان ولد أحدهم.‏[١٥] ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر ولا ينصر كافرا <strong>على</strong> مؤمن.‏[١٦] وأن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم وأن اؤمن بعضهمموالي بعض دون الناس.‏[١٧] وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلوم ولامتناصر عليهم.‏[١٨] وأن سلم اؤمن واحدة لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال فيسبيل الله إلا <strong>على</strong> سواء وعدل بينهم.‏[١٩] وأن كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا.‏[٢٠] وأن اؤمن يبيىء بعضهم عن بعض ا نال دماءهم في سبيلالله.‏[٢١] وأن اؤمن اتق <strong>على</strong> أحسن هدى وأقومه.‏. (٧×)135


الإسلام وحقوق الإنسان[٢٢] وأنه لا يجير مشرك مالا لقريش ولا نفسا ولا يحول دونه <strong>على</strong>مؤمن:‏[٢٣] وأنه من اعتبط (×٩) مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود (×١٠) به إلا أنيعرض ولي اقتول ‏[بالعقل]‏ وأن اؤمن عليه كافة ولا يحل لهم إلا القيامعليه.‏[٢٤] وأنه لا يحل ؤمن أقر ا في هذه الصحيفة وآمن بالله واليومالآخر أن ينصر محدثا (×١١) أو يؤويه وأن من نصره أو آواه فإن عليه لعنةالله وغضبه يوم القيامة ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل.‏[٢٥] وأنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله وإلى محمد.‏[٢٦] وأن اليهود ينفقون مع اؤمن ماداموا محارب‏.‏[٢٧] وأن يهود بني عوف أمة مع اؤمن لليهود دينهم وللمسلمدينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم فإنه لا يتوخ (×١٢) إلا نفسه وأهلبيته.‏[٢٨] وأن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف.‏[٢٩] وأن ليهود بني الحارث مثل مال يهود بني عوف.‏[٣٠] وأن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف.‏‏[‏‎٣١‎‏]وأن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف.‏[٣٢] وأن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف.‏[٣٣] وأن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف إلا من ظلم وأثم فإنهلا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته.‏[٣٤] وأن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم.‏[٣٥] وأن لبني الشطيبة (×١٣) مثل ما ليهود بني عوف وأن البر دونالإثم.‏[٣٦] وأن موالي ثعلبة كأنفسهم.‏[٣٧] وأن بطانة يهود كأنفسهم.‏[٣٨] وأنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد.‏[٣٩] وأنه لا ينحجز <strong>على</strong> ثأر جرح وأنه من فتك فبنفسه وأهل بيته إلامن ظلم وأن الله <strong>على</strong> أبر هذا.‏[٤٠] وأن <strong>على</strong> اليهود نفقتهم و<strong>على</strong> اسلم نفقتهم وأن بينهم النصر136


وثائق<strong>على</strong> من حارب أهل هذه الصحيفة وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دونالإثم.‏[٤١] وأنه لا يأثم امرؤ بحليفه وأن النصر للمظلوم.‏[٤٢] وأن اليهود ينفقون مع اؤمن ماداموا محارب‏.‏[٤٣] وأن يثرب حرام (×١٤) جوفها لأهل هذه الصحيفة.‏]٤٤] وأن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم.‏[٤٥] أو أنه لاتجار حرمة إلا بإذن أهلها.‏[٤٦] وأنه ما كان من أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاففساده فإن مرده إلى الله وإلى محمد رسول الله٭ وأن الله <strong>على</strong> أتقى مافي هذه الصحيفة وأبره.‏[٤٧] وأنه لاتجار قريش ولا من نصرها.‏[٤٨] وأن بينهم النصر <strong>على</strong> من دهم يثرب.‏[٤٩] وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونهوأنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم <strong>على</strong> اؤمن إلا من حارب فيالدين.‏[٥٠] <strong>على</strong> كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم.‏[٥١] وأن يهود الأوس مواليهم وأنفسهم <strong>على</strong> مثل ما لأهل هذه الصحيفةمع البر المحصن من أهل هذه الصحيفة وأن البر دون الإثم لا يكسبكاسب إلا <strong>على</strong> نفسه وأن الله <strong>على</strong> أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره.‏[٥٢] وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم وأنه من خرج آمن ومنقعد آمن بادينة إلا من ظلم وأثم وأن الله جار ن بر واتقى ومحمدرسول الله٭ (×١٥) .محمد رسول الله٭-٢ -خطبة حجة الوداع١٠] ه / ٦٣ م]‏أبرز الأفكارفي السنة العاشرة من الهجرة[‏‎٦٣٢‎ م]‏ حج النبي صلى الله عليه وسلمحجته الوحيدة وفيها خطب الناس ‏«خطبة الوداع»‏137


الإسلام وحقوق الإنسانكان الدين قد اكتمل..‏ . وبلغ النبي ما أنزل إليه من ربه..‏ فلما أكملالرسالة أحس بدنو الأجل فخاطب الأمة بالكلمات الجامعة التي ضمنهاهذه الخطبة والتي شملت الكثير من العبارات التي قننت الحقوق ادنيةوالإجتماعية لأمة الإسلام..‏ففيها تحدث عن قرار الشريعة الإسلامية بأخوة اؤمن ‏[إا اؤمنونأخوة]‏ وباساواة الإسلامية التي شرعت ‏«الأية»‏ الإسلامية منذ ذلكالتاريخ البعيد ‏[إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لأدم وآدم من ترابأكرمكم عند الله أتقاكم وليس لعربي <strong>على</strong> أعجمي فضل إلا بالتقوى]‏وفيها أعلن الثورة التي نسخت كل ما هو جاهلي من أعراف الجاهليةوجميع ما هو ظالم من الشرائع التي سبقت ظهور الإسلام ‏[إن ربا الجاهليةموضوع..‏ . وإن دماء الجاهلية موضوعة..‏ . وإن مآثر الجاهلية موضوعة..‏. وإا النسيء زيادة في الكفر..]‏وفوق ذلك علمنا صلى الله عليه وسلم معنى وأهمية ‏«القدوة»‏ فالإمامإمام في الريادة وتحمل التبعات يبدأ بنفسه ليصلح بصلاحه الحالالعام...[وإن أول ربا أبدأ به ربا عمي العباس..‏ . وإن أول دم نبدأ به دمعامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد اطلب]...‏ فإذا كانت هناك إستثناءاتمنمآثر الجاهلية فلا يصح أن تكون من نصيب الإمام ولا من نصب رهصالإمام..‏ .. ف ‏«سدانة»‏ الكعبة-وفيها-غير الشرف-مغنم-لم تعط لأحد منبني هاشم..‏ . أما ‏«سقاية»‏ الحجيج-وفيها-مع الشرف-مغرم-فلقد بقيت كماكانت في الهاشمي !..وفي هذه الخطبة أكد الرسول صلى الله عليه وسلم <strong>على</strong> مساواةالنساء للرجال في الحقوق والواجبات..‏ . وأوصى بهن خيرا بل وبدأ بذكرحقهن <strong>على</strong> الرجال ا كن عليه من ضعف بالقياس <strong>على</strong> الرجال..‏ . فكانتعباراته التي تحدثت عن حق النساء <strong>على</strong> الرجال وحق الرجال <strong>على</strong> النساء‏«العقد الإنساني-الإسلامي»‏ انظم والحاكم لعلاقات الجنس إحداهمابالآخر..‏ . ‏[إن لنسائكم عليكم حقا ولكم عليهن حق..].‏وفيها حدد أن اعيار الذي تتحاكم إليه الأمة دائما وأبدا هو ‏«فكر»‏ ذوطابع كلي يقف عند اباد والفلسفات واقاصد والغايات..‏ . ومن هناتأتي صلاحياته لكل زمان ومكان..‏ . فخلود الشريعة الحكمة هو خلود138


وثائق‏«الثوابت»‏ الذي يعني ‏«ارحلية»‏ و ‏«التغير»‏ و ‏«التطور»‏ للنظموالإجتهادات....[إني قد تركت فيكم ما إن أخذ به لن تضلوا بعده:‏ كتابالله وسنة نبيه].‏لقد صاغ الرسول٭ في الكلمات الجامعة لخطبة حجة الوداع الكثيرمن ‏«الحقوق-الواجبة»‏ للإنسان..‏ ثم طلب من شهود خطبته تبليغ الغائب‏«فرب مبلغ أوعى من سامع»‏ فكانت كلماتها لا تزال هداية للإنسان رغمتعاقب القرون واختلاف البيئات وايز الأجناس والقوميات..‏النصأما بعد أيها الناس..‏ . إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكمإلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم.‏ هذا في بلدكم هذا.‏ ألاهل بلغت ?... اللهم فاشهد.‏ فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنهعليها.‏ وإن ربا الجاهلية موضوع ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولاتظلمون قضى الله أنه لا ربا.‏ وإن أول ربا أبدأ به ربا عمي العباس بنعبد اطلب.‏ وإن دماء الجاهلية موضوعة.‏ وإن أول دم نبدأ به دم عامر بنربيعة بن الحارث بن عبد اطلب (×١٦) . وإن مآثر الجاهلية موضوعة غيرالسدانة والسقاية (×١٧) . والعمد قود.‏ وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجروفيه مائة بعير فمن زاد فهو من أهل الجاهلية.‏ ألا هل بلغت ?. اللهمفاشهد.‏أما بعد أيها الناس:‏إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه ولكنه قد رضى أن يطاعفيما سوى ذلك ا تحقرون من أعمالكم فاحذروه <strong>على</strong> دينكم.‏أيها الناس:‏ إا النسيء (×١٨) زيادة في الكفر يضل به الذين كفروايحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرمالله ويحرموا ما أحل الله.‏وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض.‏ وإنعدة الشهود عند الله إثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماواتوالأرض منها أربعة حرم ثلاثة متواليات وواحد فرد ذو القعدة وذو الحجةوالمحرم ورجب مضر الذي ب جمادي وشعبان.‏ ألا هل بلغت ! اللهم139


الإسلام وحقوق الإنسانفاشهد.‏أما بعد أيها الناس:‏إن لنسائكم عليكم حقا ; ولكم عليهن حق لكم عليهن أن لا يوطئنفرشكم غيركم ولا يدخلن أحدا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ولا يأتبفاحشة فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن.‏ تعضلوهن (×١٩) وتهجروهن فياضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح فإن انته وأطعنكم فعليكم رزقهنوكسوتهن-باعروف.‏ واستوصوا بالنساء خيرا فإنهم عندكم عوانلكن لأنفسهن شيئا وإنكم إا أخذ وهن بأمانة الله واستحللتم فروجهنبكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيرا ألا هل بلغت اللهمفاشهد.‏أيها الناس:‏ إا اؤمنون أخوة ولا يحل لامر مال أخيه إلا عن طيبنفس منه ألا هل بلغت ? اللهم فاشهد.‏ فلا ترجعن بعدي كفارا يضرببعضكم رقاب بعض فإني قد تركت فيكم ما إن أخذ به لن تضلوا بعده:‏كتاب الله وسنة نبيه.‏ ألا هل بلغت اللهم فاشهد.‏أيها الناس:‏ إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من ترابأكرمكم عند الله أتقاكم وليس لعربي <strong>على</strong> عجمي فضل إلا بالتقوى.‏ ألاهل بلغت ! اللهم فاشهد ‏[قالوا:‏ نعم]-[قال]:‏ فليبلغ الشاهد الغائب ‏[فإنه ربمبلغ أسعد من سامع]‏ (×٢١)أيها الناس:‏ إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه من ايراث ولا يجوزلوارث وصية.‏ ولا يجوز وصية في أكثر من الثلث.‏والولد للفراش وللعاهر الحجر (×٢٢) من ادعى إلى غير أبيه أو تولىغير مواليه فعليه لعنة الله والائكة والناس أجمع لا يقبل منه صرفولا عدل.‏‏[أيها الناس]:‏ إن الله تعالى حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسولهواؤمن وإنها لم تحل لأحد كان قبلي وإا أحلت لي ساعة من نهاروإنها لا تحل لأحد كان بعدي لا ينفر صيدها ولا يختلي شوكهاتحل ساقطتها إلا نشدومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين:‏ إما أن يفتدي وإما أن يقتل والسلامعليكم (٢٥×) .(×٢٠) لا(٢٤×) ولا. (٢٣×)140


أبو بكر الصديق:‏-٣ -خطبته بعد البيعة‏[‏‎١١‎ه / ٦٣٢ م]‏وثائقأبرز الأفكارعقب منافسة شديدة ب اهاجرين والأنصار <strong>على</strong> الظفر ‏«بالخلافةعقب وفاة الرسول٭ ‏-ظفر اهاجرون بالخلافة وت البيعة لأول الخلفاء٦٣٤ م]..‏الراشدين أبي بكر الصديق [٥١ ق.‏ هج-‏‎١٣‎هج /٥٧٣-وعقب البيعة وقف أبو بكر-الخليفة الأول-في الناس خطيبا يلقي خطابهالأول..‏ . وجدير بنا ونحن ننظر في هذا الخطاب أن نعي ما فيه مندلالات...‏ففي مقام يبيح الزهو بالإنتصار..‏ جاء الخطاب مليئا باواعظ التيترقق القلوب..‏ وبعبارات التواضع التي تستبعد الزهو وتنبئ عن استشعارخطر اسئولية العظمى التي يحملها الخليفة أمام الله وأمام الناس !ولأن أبا بكر قد ولي الخلافة عقب ارحلة التي جمع فيها الرسولصلى الله عليه وسلم ب ‏«الولاية الزمنية»‏ و«ولاية النبوة الدينية»..‏ كانحرص أبي بكر في هذا اوقف التاريخي <strong>على</strong> أن ينفي عن ‏«سلطتهوسلطانه»‏ الطابع الديني الذي امتزج بالطابع السياسي في ولاية الرسولعليه الصلاة والسلام..‏ وذلك حتى لا يضل الناس حكاما ومحكوم إنهم زعموا إمكانية وراثة سلطان النبي الديني ووظيفته الدينية بينما مثلتوفاته بعد اكتمال الدين ختام طور النبوة بانتقال خا الأنبياء إلى الرفيقالأ<strong>على</strong>..‏ لقد كان محمد خير الأمة وأفضلها..‏ معصوما في التبليغ عن ربهأمور الدين..‏ يأتي الوحي ليسدد خطاه إذا هو اجتهد فأخطأ في شئونالدنيا..‏ وتلك خصوصيات له غير قابلة للميراث..‏ ومن ثم فإن شورىالأمة ومعارضتها للخليفة وسعيها لتقوه إن هو حاد عن الصواب تغدوآكد وأوجب ا كانت قبل هذا التاريخ...ومن هنا تأتي أهمية كلمات أبيبكر الخليفة الأول في خطابه الأول عقب مبايعة الناس إياه...[إني قدوليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني..‏. إن الله اصطفى محمدا وعصمه]..‏ فلقد كان يوحى إليه ‏[وإا أنا متبع141


الإسلام وحقوق الإنسانولست بتدع..‏ . وإا لي شيطان يعتريني...‏ فإن استقمت فاتبعوني وإنزغت فقوموني]..‏أما ماله <strong>على</strong> الناس من طاعة فمشروطة بأن تكون أوامره ومناهجهطاعة لله..‏ فهي رهن بالتزامه شريعة الله وقانون الأمة..‏ ‏[أطيعوني ماأطعت الله ورسوله فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم].‏ومن وظيفة ‏«الولاية»-الدولة-السلطة-:‏ تقوية الضعيف وإانه <strong>على</strong> أنينتصر فيأخذ حقه وإضعاف اعتدي-القوي-<strong>على</strong> حقوق الضعفاء...‏‏[الضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه..‏ والقوي منكم الضعيفعندي حتى آخذ الحق منه]..‏ومن وظائف هذه الدولة ‏«الجهاد»‏ لكسر شوكة أعداء الدين-الذي جسدالثورة التحريرية للإنسان من استبداد الطواغيت قدراته اادية وقواهالروحية-وحتى تظل السبل هدة والطرق معبدة أمام حرية الدعوةوالدعاة....[لا يدع قوم الجهاد..‏ فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل]...‏. وليت اسلم لم يهملوا هذه الكلمات التي قالها الصديق..‏كذلك حذر أبو بكر الأمة من شيوع الفاحشة..‏ فالخطأ وارد من الإنسان..‏وكل بني آدم خطاءون..‏ لكن التوبة والتصحيح هما السبيلان الواجبانلترشيد السلوك الإنساني..‏ أما التمادي في الأخطاء فإنه يؤدي إلى اجتراءالناس عليها حتى تصبح عادة معتادة..‏ فإذا شاعت ‏«عمت البلوى»‏ وتعذر<strong>على</strong> السبل األوفة أن تفضي إلى الصلاح والإصلاح..‏ ‏[ولا تشيع الفاحشةفي قوم إلا عمهم الله بالبلاء].‏هكذا تكلم الصديق..‏ وواصل السير <strong>على</strong> نهج الرسول عليه الصلاةوالسلام.‏النصأما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنتفأعينوني وإن أسأت فقوموني.‏ الصدق أمانة والكذب خيانة.‏ والضعيففيكم قوي عندي حتى أريح (×٢٦) عليه حقه إن شاء الله والقوي منكمالضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله.‏ لا يدع قوم الجهاد فيسبيل الله فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل ولا تشيع الفاحشة في142


وثائققوم إلا عمهم الله بالبلاء.‏ أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيتالله ورسوله فلا طاعة لي عليكم......‏أيها الناس إا أنا مثلكم وإني لا أدري لعلكم ستكلفونني ما كان رسولالله٭ يطيق إن الله اصطفى محمدا <strong>على</strong> العا وعصمه من الآفاتفإا أنا متبع ولست بتدع فإن استقمت فاتبعوني وإن زغت فقوموني.‏وإن رسول الله٭ قبض وليس أحد من هذه الأمة يطلبه ظلمة ضربةسوط فما دونها ألا وإا لي شيطان يعريني فإذا أتاني فاجتنبوني لاأؤثر في أشعاركم وآباركم (×٢٧) وإنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيبعنكم علمه فإن استطعتم ألا ضي هذا الأجل إلا وأنتم في عمل صالحفافعلوا ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله.‏ فسابقوا في مهل آجالكم من قبل أنتسلمكم آجالكم إلى انقطاع الأعمال فإن قوما نسوا آجالهم وجعلوا أعمالهملغيرهم فأنها كم أن تكونوا أمثالهم الجد الجد والوحي الوحي (×٢٨) والنجاةالنجاة وإن وراءكم طالبا حثيثا أجلا مره سريع.‏ وتحذروا اوت واعتبروابالآباء والأبناء والإخوان ولا تغبطوا الأحياء إلا ا تغبط به الأموات.‏إن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما أريد به وجهه فأريدوا الله بأعمالكمواعلموا أن ما أخلصتم لله من أعمالكم فطاعة أتيتموها وحظ ظفر بهوضرائب أديتموها وسلف قدمتموه من أيام فانية لأخرى باقية لحفقركم وحاجتكم واعتبروا يا عباد الله ن مات منكم وفكروا فيمن كانقبلكم.‏أين كانوا أمس ? وأين هم اليوم ? ! أين الجبارون الذين كان لهم ذكرالقتال والغلبة ومواطن الحروب ? قد تضعضع بهم الدهر وصار رميما قدتركت عليهم اقالات الخبيثات للخبيث والخبيثان للخبيثات.‏ وأين الوكالذين أثاروا الأرض وعمروها قد بعدوا ونسي ذكرهم وصار كلا شيء.‏ألا إن الله قد أبقى عليهم التبعات وقطع عنهم الشهوات ومضوا والأعمالأعمالهم والدنيا دنيا غيرهم وبقينا خطفا بعدهم فإن نحن اعتبرنا بهمنجونا.‏ أين الوضاء الحسنة وجوههم اعجبون بشبابهم ? صاروا تراباوصار ما فرطوا فيه حسرة عليهم.‏أين الذين بنوا ادائن وحصنوها بالحوائط وجعلوا فيها الأعاجيب‏?قد تركوها ن خلفهم فتلك مساكنهم خاوية وهم في ظلمات القبور هل143


الإسلام وحقوق الإنسانتحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا (×٢٩) ‏?!.أين من تعرفون من أبنائكموإخوانكم ‏?قد انتهت بهم آجالهم فوردوا <strong>على</strong> ما قدموا فحلوا عليهوأقاموا للشقوة أو السعادة فيما بعد اوت ألا إن الله لا شريك له ليسبينه وب أحد من خلقه سب يعطيه به خيرا ولا يصرف به عنه شرا إلابطاعته وإتباع أمره.‏ واعلموا أنكم عبيد مذنبون وأن ما عنده لا يدرك إلابطاعته.‏ألا وإنه لا خير بخير بعده النار ولا شر بشر بعده الجنة.‏ والله سبحانهوتعالى أعلم (×٢٩) .عمر بن الخطاب:‏-٤ -كتابه إلى أبي موسى الأشعريفي سياسة القضاء والحكمأبرز الأفكارشهادة أخرى لشريعة الإسلام وعدله.‏ أن نجد في ‏«محفوظات الدولةالإسلامية»‏ وثائق اختصت وتخصصت في التقن والتشريع لأداة العدل:‏مرفق القضاء ب الناس فيما يتنازعون فيه ويتخاصمون عليه..‏ وأن يوغل٢٣ ه / -٥٨٤تاريخ هذه الوثائق إلى عهد عمر ابن الخطاب [٤٠ ق.ه /‎٦٤٤‎م]..‏ فعندما ولي عبد الله بن قيس ‏(أبو موسى الأشعري)‏ [٢١ ق ه-‏‎٤٤‎ ه٦٦٥ م]‏ القضاء في خلافة عمر بن الخطاب..‏ كتب إليه عمر كتاباخصصه للقضاء كفن وكمرفق تسعى تشريعاته وينهض رجاله لتحقيقالعدل ب الناس..‏وفي هذا الكتاب يتحدث عمر عن ‏«القضاء»‏ كضرورة واجبة لأنه السبيللوضع الحق موضع التطبيق [... إنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له]..‏فالتشريعات العادلة لا تكفي..‏ بل إنها تصبح مجرد لغو إذا لم توضعبالقضاء موضع التنفيذ.‏وإذا كان ‏«الحق»‏ هو غاية الشريعة وهدف القضاء فلا حرمة للباطلحتى وإن جاء ثمرة لاجتهاد خاطئ..‏ ولا شرعية لهذا الباطل حتى وإن نطقبه القاضي ومضت عليه أزمنة:‏ ووضع موضع التطبيق..‏ فالتقادم الزمني..‏-٦٥٢ /144


وثائقوالإجتهاد الخاطئ لا يحيل الباطل عدلا...‏ ‏[ولا نعك قضاء قضيته بالأمسفراجعت فيه نفسك وهديت لرشدك أن ترجع إلى الحق فإن الحق لايبطله شيء ! واعلم أن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل]..‏ فهناتشريع ‏«للإستئناف»‏ و ‏«النقض»‏ وتعدد درجات التقاضي..‏و«الحق»‏ هو اعيار و ‏«وحدة القياس»‏ عند ‏«الصلح»‏ كما هو عند‏«النزاع»...[والصلح جائز ب الناس إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا]‏واساواة ب اتخاصم واجبة في مجلس القضاء..‏ بل وفي ‏«وجهالقاضي»‏ فلا يحل له أن يعبس لطرف ويبش لطرف آخر ‏!....[آس بالناس في مجلسك ووجهك]..‏واؤمنون سواسية في العدالة كشهود..‏ ما لم يثبت ما يقدح في عدالةاؤمن الشاهد أو يسقط شهادته...[واسلمون عدول في الشهادة إلا مجلودافي حد أو مجربا عليه شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو قرابة]..‏وما لم ترد فيه نصوص بالقرآن الكر والسنة النبوية الشريفة فالسبيلإلى سن تشريعاته والفصل في معضلاته:‏ ‏«الفهم»‏ أي إعمال العقل..[الفهمالفهم فيما ليس فيه قرآن ولا سنة]..‏والإعتماد <strong>على</strong> ‏«القياس»‏ كسبيل من سبل التشريع والقضاء هو دربمن دروب ‏«الفهم»‏ في هذا ايدان....‏ ‏[واعرف الأشباه والأمثال ثم قسالأمور بعد ذلك]..‏ إن أمة لها مثل هذا التشريع والتقن في ‏«فن العدل»‏وفي ‏«صنعة القضاء»‏ لجدير بها أن تعشق العدل عشقا وأن تعض عليهبالنواجذ وأن تقاتل دونه كل رموز الباطل والإستبداد !..النصبسم الله الرحمن الرحيم.‏من عبد الله عمر أمير اؤمن إلى عبد الله بن قيس (×٣٠) .سلام عليك.‏ أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فافهمإذا أدلي إليك فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له.‏آس (×٣١) ب الناس في مجلسك ووجهك حتى لا يطمع شريف فيحيفك (×٣٢) ولا ييئس ضعيف من عدلك.‏ البينة <strong>على</strong> من ادعى واليم<strong>على</strong> من أنكر والصلح جائز ب الناس إلا صلحا أحل حراما أو حرم145


الإسلام وحقوق الإنسانحلالا.‏ ولا نعنك قضاء قضيته بالأمس فراجعت فيه نفسك وهديتلرشدك أن ترجع إلى الحق فإن الحق لا يبطله شيء.‏ واعلم أن مراجعةالحق خير من التمادي في الباطل.‏ الفهم الفهم فيما يتلجلج في صدركا ليس فيه قرآن ولا سنة.‏ واعرف الأشباه والأمثال ثم قس الأمور بعدذلك ثم اعتمد لأحبها إلى الله وأشبهها بالحق فيما ترى.‏إجعل ن ادعى حقا غائبا أمدا ينتهي إليه فإن أحضر بينة أخذ بحقهوإلا استحللت عليه القضاء.‏ واسلمون عدول في الشهادة إلا مجلودا فيحد أو مجربا عليه شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو قرابة.‏ إن الله تولىمنكم السرائر ودرأ عنكم بالبينات.‏وإياك والقلق والضجر والتأذي بالخصوم في مواطن الحق التي يوجبالله بها الأجر ويحسن الذخر فإنه من صلحت سريرته فيما بينه وب اللهأصلح الله ما بينه وب الناس ومن تزين للدنيا بغير ما يعلم الله منه(٣٤×)شنأه (×٣٣) الله.‏ والسلام.‏علي بن أبى طالب:‏-٥ -من عهده إلى الأشتر النخعيعندما ولاه <strong>على</strong> مصرأبرز الأفكاركان الأشتر النخعي [٣٧ ه-‏‎٦٥٧‎ م]‏ من أبرز قادة جيش أمير اؤمن عليبن أبي طالب [٢٣ ق ه-‏‎٠‎ ٦٠٠-٦٦١ م]‏ إبان قتاله مع خصومهالسياسي‏..‏ . وعندما بعث الإمام علي بالأشتر واليا <strong>على</strong> مصر-وقد ماتمسموما وهو في الطريق إليها-كتب له ‏«عهد الولاية»‏ فجاء أطول وأشملوأهم وأغنى الوثائق ‏«السياسية-الإجتماعية-الإدارية»‏ في عهد الخلافةالراشدة <strong>على</strong> الإطلاق..‏ . بل لا نغالي إذا قلنا إنه من عيون الفكر السياسيالشاهد <strong>على</strong> نضج الفكر الإسلامي في هذا ايدان منذ ذلك التاريخ !.. .وفي هذا ‏«العهد»‏ من الفكر العبقري في السياسة والإدارة ما يشهدوهبة الإمام علي في هذا الفن..‏ . ومن ثم ينفي عنه زعم الذين يقولون:‏٤ ه /146


وثائقإنه لم يكن أكثر من عبد صالح !.. . وأن بضاعته في ميدان ‏«الولاية»‏ و«فنالحكم»‏ هي أقل من القليل..‏ إن كل عبارة وكل فكرة في نص هذا ‏«العهد»‏جديرة بالتأمل الذي يلقي عليها الأضواء..‏ ولكننا سنقف عند ضربالأمثال...‏ففي ‏«العهد»‏ حديث عن أن اختلاف الرعية في اعتقد الديني لا يصحأن يكون ذريعة للتمييز بينهم في الحقوق أو الواجبات السياسية والإجتماعيةوالإنسانية....[فإنهم صنفان:‏ إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق]...‏واساواة ب الرعية لا تعني ‏«حياد»‏ الدولة والوالي ب الطبقات والفرقاءغير الأكفاء..‏ . ف<strong>على</strong> الدولة واجب اداخلة والتدخل لحفظ التوازن بواسطةالعدل وغير متصور منها مثلا أن تقف <strong>على</strong> ‏«الحياد»‏ ب ‏«<strong>الخاصة</strong>»‏اسلح بالثروة والجاه وب ‏«العامة»‏ انزوعي السلاح ‏«العهد»‏ يعلن ويوصىبضرورة ‏«انحياز»‏ الدولة إلى ‏«العامة»[وليكن أحب الأمور إليك:‏ أوساطهافي الحق وأعمها في العدل وأجمعها لرضا الرعية فإن سخط العامةيجحف برضا <strong>الخاصة</strong> وإن سخط <strong>الخاصة</strong> يغتفر مع رضا العامة..‏ .وليس أحد من الرعية أثقل <strong>على</strong> الوالي مؤونة في الرخاء وأقل معونة لهفي البلاء وأكره للإنصاف وأسال بالإلحاف وأقل شكرا عند العطاءوأبطأ عذرا عند انع وأضعف صبرا عند ملمات الدهر من أهل <strong>الخاصة</strong>وإا عماد الدين وجماع اسلم والعدة للأعداء:‏ العامة من الأمة فليكنصغوك إليهم وميلك معهم].‏وهذه الدعوة إلى ‏«الإنحياز»‏ إلى ‏«العامة»‏ لأنهم ‏«عماد الدين وجماعاسلم والعدة للأعداء»‏ هي ثمرة للإعتراف والتسليم بانقسام الناساجتماعيا إلى طبقات..‏ لكنها لا تعني الدعوة إلى ‏«إلغاء»‏ هذه الطبقاتولكنها دعوة إلى ‏«اوازنة والتوازن»‏ ب هذه الطبقات بواسطة ‏«العدل»‏الذي يجب أن يعطي ‏«العامة»‏ قدار ما يعطون ‏!...[واعلم أن الرعيةطبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض ولا غنى ببعضها عن بعض]!..‏وهذا ‏«العدل»‏ الذي هو سبيل ‏«التوازن واوازنة»‏ ب طبقات الأمة ينبهالإمام علي الأشتر إلى ‏«ثقله»‏ <strong>على</strong> الولاة..‏ فالذين لكون السلطان يغريهمهذا السلطان ويحث نفوسهم <strong>على</strong> تجاوز العدل إلى الظلم !... ‏[والحق كلهثقيل وقد يخففه الله <strong>على</strong> أقوام طلبوا العاقبة فصبروا أنفسهم ووثقوا147


الإسلام وحقوق الإنسانبصدق موعود الله لهم]‏والعهد يؤكد <strong>على</strong> تحذير الوالي من ‏«<strong>الخاصة</strong>»‏ لا لقلة غناهم للدولةعند المات فقط بل ولأن قربهم من الوالي ا لديهم من إمكانياتيجعلهم أقدر <strong>على</strong> الإستئثار ا لا يستحقون-[إن للوالي خاصة وبطانةفيهم إستئثار وتطاول وقلة إنصاف في معاملة فاحسم مادة أولئك بقطعأسباب تلك الأحوال]...‏وإذا كان ‏«العامة»‏ هم الأولى بأن تنحاز الدولة إليهم لقاء ما يعطونويقدمون في السراء والضراء..‏ . فإن ‏«القوى انتجة»‏ من هؤلاء ‏«العامة»‏هم عماد عمران البلاد وصلاح أمر العباد..‏ . ‏[وتفقد أمر الخراج]أيالأرض الزراعية ا يصلح أهله ‏[أي الفلاح‏-فإن في صلاحه وصلاحهمصلاحا ن سواهم ولا صلاح ن سواهم إلا بهم لأن الناس كلم عيال <strong>على</strong>الخراج وأهله وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلابالخراج لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة ومن طلب الخراج بغير عمارة أخربالبلاد وأهلك العباد..‏ . وإا يؤتي خراب الأرض من إعواز أهلها وإايعوز أهلها لإشراف أنفس الولاة <strong>على</strong> الجمع وسوء ظنهم بالبقاء وقلةانتفاعهم بالعبر !.. . واستوصى بالتجار و<strong>ذوي</strong> الصناعات..‏ . فإنهم موادانافع...‏ واعلم-مع ذلك-إن في كثير منهم ضيقا فاحشا وشحا قبيحاواحتكارا للمنافع وتحكما في البياعات..‏ . فامنع من الإحتكار]‏ !..و<strong>على</strong> الرغم من أن إمارة علي بن أبي طالب للمؤمن كانت ‏«ثورة»‏ <strong>على</strong>‏«التغيرات»‏ التي سادت في أواخر عهد عثمان بن عفان [٤٧ ق هج-‏‎٣٥‎ ه /٦٥٦ م]‏ إلا أنه يوصي الأشتر النخعي بألا يلغي كل ما صنعه منتقدمه...‏ فالاستمرارية والتواصل ضروريان شريطة ألا يصادما شرعهالعدل ومصلحة الأمة..‏ . ‏[ولا تنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذهالأمة واجتمعت بها الألفة وصلحت عليها الرعية]...‏وعند التجديد والتغير وخاصة في اختيار الرجال وتكوين جهاز الدولةيوصي ‏«العهد»‏ باعتماد ‏«التجربة»‏ معيارا للإختيار...[وانظر في أمور عمالكفاستعلم اختبارا...‏ ولا يكن اختيارك لهم <strong>على</strong> فراستك..‏ . ولكن اختبرهما ولوا للصالح قبلك فاعمد لأحسنهم كان في العامة أثرا وأعرفهمبالأمانة وجها..‏ .].-٥٧٧148


وثائقأما ذات الوالي فإنه لا يحل لها ما يحرم <strong>على</strong> غيرها فللحقوق أصحابيجب ألا تتعداهم إلى سواهم....[وإياك والإستئثار ا الناس فيه أسوة]‏فالعدل هو جماع مقاصد الشريعة..‏ إنه قوام الك واسم من أسماء اللهالحسنى يتعبد بذكره وبتطبيقه عباده اؤمنون!.‏النص....‏إعلم يا مالك أني قد وجهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك منعدل وجور وأن الناس ينظرون في أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه منأمور الولاة قبلك ويقولون فيك ما كنت تقوله فيهم وإا يستدل <strong>على</strong>الصالح ا يجري الله لهم <strong>على</strong> ألسن عباده.‏أشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم ولا تكونن عليهمسبعا ضاريا تغتنم أكلهم فإنهم صنفان:‏ إما أخ لك في الدين وإما نظيرلك في الخلق..‏ .. .. .. .. .. .. ..أنصف الناس من نفسك ومن خاصة أهلك ومن لك فيه هوى منرعيتك فإنك إلا تفعل تظلم..‏ . وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة اللهوتعجيل نقمته من إقامة <strong>على</strong> ظلم فإن الله يسمع دعوة اضطهدين وهوللظا بارصاد.‏وليكن أحب الأمور إليك:‏ أوسطها في الحق وأعمها في العدل وأجمعهالرضا الرعية فإن سخط العامة يجحف برضا <strong>الخاصة</strong> (×٣٥) وإن سخط<strong>الخاصة</strong> يغتفر مع رضا العامة.‏وليس أحد من الرعية أثقل <strong>على</strong> الوالي مؤونة في الرخاء-وأقل معونة لهفي البلاء وأكره للإنصاف وأسال بالإلحاف (×٣٦) وأقل شكرا عند العطاءوأبطأ عذرا عند انع وأضعف صبرا عند ملما ت الدهر-من أهل <strong>الخاصة</strong>وإا عماد الدين-وجماع اسلم والعدة للأعداء-العامة من الأمة فليكنصيغوك (×٣٧) لهم وميلك معهم.‏وليكن أبعد رعيتك منك وأشنؤهم عندك أطلبهم عايب الناس فإنفي الناس عيوبا الوالي أحق من سترها فلا تكشفن عما غاب عنك منهافإا عليك ظهير ما ظهر لك والله يحكم <strong>على</strong> ما غاب عنك..............‏إن شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا ومن شركهم في الآثام فلايكونن لك بطانة فإنهم أعوان الأئمة وإخوان الظلمة وأنت واجد منهم (×٣٨)149


الإسلام وحقوق الإنسانخير الخلف ن له مثل آرائهم ونفاذهم وليس عليه مثل آصارهموأوزارهم (×٣٩) ن لم يعاون ظاا <strong>على</strong> ظلمه ولا آثما <strong>على</strong> إثمه أولئكأخف عليك مؤونة وأحسن لك معونة وأحنى عليك عطفا وأقل لغيركإلفا (٤٠×) ... .. .. .. .ولا تنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة واجتمعت بها الألفةوصلحت عليها الرعية ولا تحدثن سنة تضر بشيء من ماضي تلك السفيكون الأجر ن سنها والوزر عليك ا نقضت منها.‏ وأكثر مدارسة العلماءومناقشة الحكماء في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك وإقامة ما استقام بهالناس قبلك.‏واعلم أن الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض ولا غنى ببعضهاعن بعض فمنها جنود الله ومنها كتاب العامة و<strong>الخاصة</strong> ومنها قضاةالعدل ومنها عما ل الإنصاف والرفق ومنها أهل الجزية والخراج من أهلالذمة ومسلمة الناس ومنها التجار وأهل الصناعات ومنها الطبقة السفلىمن <strong>ذوي</strong> الحاجة واسكنة وكل قد سمى الله له سهمه ووضع <strong>على</strong> حدهوفريضته في كتابه أو سنة نبيه صلى الله عليه وآله عهدا منه عندنامحفوظا.‏فالجنود بإذن الله حصون الرعية وزين الولاة وعز الدين وسبل الأمنوليس تقوم الرعية إلا بهم.‏ ثم لا قوام للجنود إلا ا يخرج الله لهم منالخراج الذي يقوون به <strong>على</strong> جهاد عدوهم ويعتمدون عليه فيما يصلحهمويكون من وراء حاجتهم.‏ثم لا قوام لهذين الصنف إلا بالصنف الثالث من القضاة والعمال (×٤١)والكتاب ا يحكمون من اعاقد (×٤٢) ويجمعون من انافع ويؤنون عليهمن خواص الأمور وعوامها.‏ ولا قوام لهم جميعا إلا بالتجار و<strong>ذوي</strong> الصناعاتفيما يجتمعون عليه من مرافقهم ويقيمونه من أسواقهم ويكفونهم منالترفق بأيديهم مالا يبلغه رفق غيرهمثم الطبقة السفلى من أهل الحاجة واسكنة الذين يحق رفدهم (×٤٣)ومعونتهم وفي الله لكل سعة ولكل <strong>على</strong> الوالي حق بقدر ما يصلحه..‏ .فول من جنودك أنصحهم في نفسك لله ولرسوله ولإمامك..‏ ..واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب ويشتبه عليك من150


.. .. .. .. .. .. .. (٤٤×)وثائقالأمور فقد قال الله تعالى لقوم أحب إرشادهم:‏ ‏[ياأيها الذين آمنوا أطيعواالله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلىالله والرسول]‏ فالرد إلى الله:‏ الأخذ حكم كتابه والرد إلى الرسول:‏الأخذ بسنته الجامعة غير افرقة.‏ثم اختر للحكم ب الناس أفضل رعيتك في نفسك..‏ .. . ثم أكثر تعاهدقضائه..‏ .. .ثم أنظر في أمور عمالك فاستعملهم اختبارا ولا تولهم محاباة وأثره..‏.. ثم أسبغ عليهم الأرزاق فإن ذلك قوة لهم <strong>على</strong> استصلاح أنفسهم وغنىلهم عن تناول ما تحت أيديهم وحجة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلمواأمانتكوتفقد أمر الخراج ا يصلح أهله فإن في صلاحه وصلاحهم صلاحان سواهم ولا صلاح ن سواهم إلا بهم لأن الناس كلهم عيال <strong>على</strong>الخراج وأهله..‏ وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلابالخراج لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة ومن طلب الخراج بغير عمارة أخربالبلاد وأهلك العباد ولم يستقم أمره إلا قليلا.‏ فإن شكوا ثقلا أو علة أوانقطاع شرب (×٤٥) أو بالة (×٤٦) أو إحالة (×٤٧) أرض إغتمرها غرق أو أجحفبها عطش خفف عنهم ا ترجو أن يصلح به أمرهم.‏ولا يثقلن عليك شيء خففت به اؤونة عنهم فإنه ذخر يعودون به عليكفي عمارة بلادك وتزين ولايتك مع استجلاب حسن ثنائهم وتبجحك (×٤٨)باستفاضة العدل فيهم معتمدا فضل قوتهم ا ذخرت عندهم من إجمامكلهم والثقة منهم ا عودتهم من عدلك عليهم في رفقك بهم فرا حدثمن الأمور ما إذا عولت فيه عليهم من بعد احتملوه طيبة أنفسهم به فإنالعمران محتمل ما حملته وإا يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها وإايعوز أهلها لإشراف أنفس الولاة <strong>على</strong> الجمع وسؤ ظنهم بالبقاء وقلةانتفاعهم بالعبر!‏ثم انظر في حال كتابك فول <strong>على</strong> أمورك خيرهم..‏ .. .. ثم لا يكوناختيارك إياهم <strong>على</strong> فراستك واستنامتك (×٤٩) وحسن الظن منك فإن الرجاليتعرفون لفراسات الولاة بتصنعهم وحسن حديثهم وليس وراء ذلك منالنصيحة والأمانة شيء ولكن اختبرهم ا ولوا للصالح قبلك فاعمد151


الإسلام وحقوق الإنسانلأحسنهم كان في العامة أثرا وأعرفهم بالأمانة وجها..‏ .ثم استوص بالتجار و<strong>ذوي</strong> الصناعات وأوص بهم خيرا اقيم منهمواضطرب اله (×٥٠) واترفق ببدنه (×٥١) فإنهم مواد انافع وأسبابارافق وجلابها من اباعد واطارح في برك وبحرك وسهلك وجبلكوحيث لا يلتئم الناس واضعها ولا يجترئون عليها فإنهم سلم لا تخافبأقته (×٥٢) وصلح لا تخشى عائلته.‏ وتفقد أمورهم بحضرتك وفي حواشيبلادك.‏ واعلم-مع ذلك-أن في كثير منهم ضيقا فاحشا وشحا قبيحاواحتكارا للمنافع وتحكما في البياعات وذلك باب مضرة للعامة وعيب<strong>على</strong> الولاة فامنع من الإحتكار فإن رسول الله٭.‏ منع منه.‏ وليكن البيعبيعا سمحا وازين عدل وأسعار لا تجحف بالفريق من البائع وابتاعفمن قارف (×٥٣) حكرة (×٥٤) بعد نهيك إياه فنكل به وعاقبه في غير إسراف.‏ثم الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم من اساك والمحتاجوأهل البؤس والزمني (×٥٥) فإن في هذه الطبقة قانعا ومعترا (×٥٦) . واحفظلله ما أتحفظك من حقه فيهم واجعل لهم قسما من بيت مالك وقسما منغلات صوافي (×٥٧) الإسلام في كل بلد فإن للأقصى منهم مثل الذي للأدنىوكل قد استرعيت حقه فلا يشغلنك عنهم بطر (×٥٨) فإنك لا تعذر بتضييعكالتافه لإحكامك الكثير اهم فلا تشخص همك عنهم ولا تصعر خدكلهم (×٥٩) وتفقد أمور من لا يصل إليك منهم ن تقتحمه العيون وتحقرهالرجال ففرغ لأولئك ثقتك من أهل الخشية والتواضع فليرفع إليكأمورهم..‏ .وتعهد أهل اليتم و<strong>ذوي</strong> الرقة في السن ن لا حيلة له ولا ينصبللمسألة نفسه وذلك <strong>على</strong> الولاة ثقيل والحق كله ثقيل ! وقد يخففه الله<strong>على</strong> أقوام طلبوا العاقبة فصبروا أنفسهم ووثقوا بصدق موعود الله لهم.‏واجعل ل<strong>ذوي</strong> الحاجات منك قسما (×٦٠) تفرغ لهم فيه شخصك وتجلس لهممجلسا عاما فتتواضع فيه لله الذي خلقك وتقعد عنهم جندك وأعوانكمن أحراسك وشرطك حتى يكلمك متكلمهم غير متعتعرسول الله٭ يقول في غير موطن:‏ ‏«لن تقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيهاحقه من القوي غير متعتع»‏ (×٦٢) ..إن للوالي خاصة وبطانة فيهم استئثار وتطاول وقلة إنصاف في معاملة(×٦١) فإني سمعت152


وثائقفاحسم مادة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال.‏ ولا تقطعن لأحد من حاشيتكوحامتك قطيعة (×٦٣) ولا يطمعن منك في اعتقاد عقدة تضر ن يليها منالناس في شرب أو عمل مشترك يحملون مؤونته <strong>على</strong> غيرهم فيكونمهنأ (×٦٤) ذلك لهم دونك وعيبه عليك في الدنيا والآخرة..‏وإياك والإستئثار ا الناس فيه أسوة والتغابي عما تعني به ا قدوضح للعيون فإنه مأخوذ منك لغيرك وعما قليل تنكشف عنك أغطيةالأمور وينتصف منك للمظلوم..‏ .والواجب عليك أن تتذكر ن تقدمك من حكومة عادلة أو سنة فاضلةأو أثر عن نبينا ‏(صلعم)‏ وآله أو فريضة في كتاب الله فتقتدي ا شاهدتا عملنا به فيها وتجتهد لنفسك في إتباع ما عهدت إليك في عهديهذا..‏ .. . وأنا أسال الله..‏ . أن يوفقني وإياك ا فيه رضاه..‏ .. .. ..» (×٦٥) .علي بن أبي طالب:‏-٦ -من خطبهأبرز الأفكار:‏كانت خلافة علي بن أبي طالب منذ بويع إلى أن استشهد صراعاعنيفا ومتصلا..‏ وكان علي إماما في البلاغة والحكمة لا يجاريه فيهما١٣٢٣ هج/‏ -١٨٤٩الكثيرون حتى لقد صدق الإمام محمد عبده [١٢٦٦-١٩٠٥ م]‏ عندما قال:‏ ‏«وليس في أهل هذه اللغة إلا قائل بأن كلام الإمام عليبن أبي طالب هو أشرف الكلام وأبلغه بعد كلام الله تعالى وكلام نبيهوأغزره مادة وأرفعه أسلوبا وأجمعه لجلائل اعاني»‏ !ولقد كان هذا الصراع العنيف واتصل عاملا استدعى فيضا من خطبالإمام علي وكتبه التي حوت من اضام السياسية والاجتماعية ما جعلها‏«وثائق»‏ <strong>على</strong> جانب كبير من الأهمية في هذا ايدان..‏ ثم جاءت الصراعاتاذهبية ب تيارات الإسلام السياسية والفكرية فحفزت الشيعة إلى جمعالكثير من خطب الإمام علي وكتبه وكلماته في الكتاب الذي عرف ب ‏[نهجالبلاغة]‏ فضمن تراثه من الخلود ما لم يتيسر لغيره من كلام الأئمةوالخلفاء..‏(٦٦×)153


الإسلام وحقوق الإنسانوفي النصوص التي اخترناها من خطب الأمام علي نجد الكثير منالأفكار الكبرى التي تنتصر ‏«للحقوق الإنسانية-الواجبة»‏ والتي تستحق التأملوتستدعي من الباحث أن يسلطوا عليها مزيد الأضواء..‏فهو يتحدث عن العلاقة ب ‏«الوالي»‏ ‏[الحكم]‏ وب ‏«الرعية»‏ فيصورهافي صورة ‏«العقد الحقيقي»‏ بل وفي صورة ‏«العقد اتكافئ الأطراف»...[لقدجعل الله لي عليكم حقا بولاية أمركم ولكم علي من الحق مثل الذي ليعليكم..‏ لقد جعل سبحانه من حقوقه حقوقا افترضها لبعض الناس <strong>على</strong>بعض فجعلها تتكافأ في وجودها ويوجب بعضها بعضا ولا يستوجببعضها إلا ببعض..‏ فجعلها نظاما لألفتهم وعزا لدينهم فليست تصلحالرعية إلا بصلاح الولاة ولا يصلح الولاة إلا باستقامة الرعية]..‏واال:‏ مال الله والناس مستخلفون فيه وثم في الانتفاع به سواء ‏[لوكان االي لي لسويت بينهم فكيف وإا اال مال الله ? !. أشم عباد اللهواال مال الله يقسم بينكم بالسوية لا فضل فيه لأحد <strong>على</strong> أحد].‏ذلك أن نهج الإسلام في الأموال إا يستهدف تحقيق ‏«تكافل الأمةاالي والاجتماعي»...[إن الله فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء فماجاع فقير إلا ا متع به غني والله سائلهم عن ذلك]..‏ وهذا ‏«التكافلالاجتماعي»‏ ضروري لتحقيق اضمون الحقيقي ‏«للمواطنة»‏ ولنفي خطر‏«الاغتراب-والغربة»‏ الذي يصيب به الفقر أهله إذا هم عاشوا في ‏«وطنهم»‏فقراء محروم‏..‏ ‏[إن الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة..‏والفقر يخرس الفطن عن حجته واقل غريب في بلدته]!..‏والحاكم العادل عندما يواجه ميراث اظالم اتخلف عن حكم الذينسبقوه لا بد أن يكون ‏«ثوريا»‏ يرد اظالم إلى أهلها دوا اعتبار لتقادمالعهد <strong>على</strong> التصرفات الظاة فالزمن لا يكسب الظلم شرعية...[والله لووجدت اال قد تزوج به النساء وملك به الإماء لرددته فان في العدلسعة ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق !]..وليس هناك مقام ب العبادات الفردية والجماعية-فروض الع أوفروض الكفاية-يداني مقام الأمر باعروف والنهي عن انكر..‏ فهذه ‏«الضرورةالواجبة»‏ هي أشرف العبادات وألزمها لصلاح أمور الدين والدنيا <strong>على</strong>السواء....[وما أعمال البر كلها والجهاد في سبيل الله عند الأمر باعروف154


وثائقوالنهي عن انكر إلا كنفثة (×٦٧) في بحر لجي.‏ وإن الأمر باعروف والنهيعن انكر لا يقر بأن من أجل ولا ينقصان من رزق وأفضل من ذلك كلهكلمة عدل عند إمام جائر !]..النصأما بعد..‏ فقد جعل الله سبحانه لي عليكم حقا بولاية أمركم ولكمعلي من الحق مثل الذي لي عليكم..‏ جعل سبحانه من حقوقه حقوقاافترضها لبعض الناس <strong>على</strong> بعض فجعلها تتكافأ في وجوهها ويوجببعضها بعضا ولا يستوجب بعضها إلا ببعض.‏وأعظم ما افترض سبحانه من تلك الحقوق:‏ حق الوالي <strong>على</strong> الرعيةوحق الرعية <strong>على</strong> الوالي فريضة فرضها الله سبحانه لكل <strong>على</strong> كل فجعلهانظاما لألفتهم وعزا لدينهم فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة ولايصلح الولاة إلا باستقامة الرعية.‏ فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه وأدىالوالي إليها حقها عز الحق بينهم وقامت مناهج الدين واعتدلت معالمالعدل وجرت <strong>على</strong> إذلالها الس (×٦٨) فصلح بذلك الزمان وطمع في بقاءالدولة ويئست مطامع الأعداء.‏وإذا غلبت الرعية وإليها أو أجحف الوالي برعيته اختلفت هنالكالكلمة وظهرت معالم الجور وكثر الأدغال في الدين (×٦٩) وتركت محاجالس فعمل بالهوى وعطلت الأحكام وكثرت علل النفوس فلا يستوحشلعظيم حق عطل ولا لعظيم باطل فعل.‏ فهنالك تذل الأبرار وتعز الأشراروتعظم تبعات الله عند العباد........‏ (×٧٠)... .. أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه?..‏ والله لاأطور (×٧١) به ما سمر سمير (×٧٢) وما أم نجم في السماء نجما.‏لو كان اال لي لسويت بينهم فكيف وإا اال مال الله..‏ ألا وإنإعطاء اال في غير حقه تبذير وإسراف وهو يرفع صاحبه في الدنياويضعه في الآخرة ويكرمه في الناس ويهينه عند الله ولم يضع امرؤ مالهفي غير حقه وعند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم وكان لغيره ودهم فإنزلت به النعل يوما فاحتاج إلى معونتهم فشر خليل وألأم خدينوالله لو وجدت اال قد تزوج به النساء وملك به الإماء لرددته فإن في(٧٥×)العدل سعة ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق.‏. (٧٤×) ... (٧٣×)155


الإسلام وحقوق الإنسانإن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء فما جاعفقير إلا ا متع به غني والله تعالى سائلهم عن ذلك..‏إن الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة..‏ والفقر يخرسالفطن عن حجته واضل غريب في بلدته !.. (×٧٧)أنتم عباد الله واال مال الله يقسم بينكم بالسوية لا فضل فيه لأحد<strong>على</strong> أحد..‏ (×٧٨) ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا ا عند الله وأحسنمنه تيه الفقراء <strong>على</strong> الأغنياء اتكالا <strong>على</strong> الله !..أيها اؤمنون:‏ إنه من رأى عدوانا يعمل به ومنكرا يدعى إليه فأنكرهبقلبه فقد سلم وبريء ومن أنكره بلسانه فقد أجر وهو أفضل من صاحبهومن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الظا هي السفلىفذلك الذي أصاب سبيل الهدى وقام <strong>على</strong> الطريق ونور في قلبه اليق‏..‏‏[فالناس]‏ منهم انكر للمنكر بيده ولسانه وقلبه فذلك استكمل لخصالالخير.‏ ومنهم انكر بلسانه وقلبه والتارك بيده فذلك متمسك بخصلتمن خصال الخير ومضيع خصلة.‏ ومنهم انكر بقلبه والتارك بيده ولسانهفذلك الذي ضيع أشرف الخصلت من الثلاث وسك بواحدة.‏ ومنهمتارك لإنكار انكر بلسانه وقلبه ويده فذلك ميت الأحياء !..وما أعمال البر كلها والجهاد في سبيل الله عنف الأمر باعروف والنهيعن انكر إلا كنفثة في بحر لجي.‏ (×٨٠) وإن الأمر باعروف والنهي عن انكرلا يقربان من أجل ولا ينقصان من رزق وأفضل من ذلك كله كلمة عدل(٨١×)عند إمام جائر !.علي بن أبي طالب:‏(٧٦×)(٧٩×)-٧ -من كتابه إلى عمال الخراجأبرز الأفكار:‏في هذه ‏«الوثيقة»‏ يحدد علي بن أبي طالب علاقة ‏«جهاز الدولة»‏ ب‏«الأمة»..‏ فعامل الخراج:‏ وكيل الأمة وخازنها..‏ ‏[فأنصفوا الناس من أنفسكمواصبروا لحوائجهم فإنكم خزان الرعية ووكلاء الأمة وسفراء الأئمة]..‏وإذا كان هذا ‏«الجهاز»‏ هو وكيل الأمة وخازنها <strong>على</strong> أموالها فهو156


وثائق‏«خادمها».ومن ثم فإن ‏«خيانته»‏ هي خيانة لها وتلك أعظم الخيانات!...[إنأعظم الخيانة خيانة الأمة وأفظع الغش غش الأئمة...].‏وليس لعمال الخراج أن سوا مالا فيما يتجاوز الحدود اقررة طااأن أصحاب الأموال لا ينصبون الحرب لدولة الإسلام..‏ أما من ينصبالحرب لدولة الإسلام ودينه فلا ينبغي ترك ماله تتقوى به جبهةالأعداء....[ولا سن مال أحد من الناس مصل ولا معاهد إلا أن تجدوافرسا أو سلاحا يعدى به <strong>على</strong> أهل الإسلام..]..‏النص‏«أما بعد..‏ فإن من لم يحذر ما هو صائر إليه لم يقدم لنفسه ما يحرزها.‏واعلموا أن ما كلفتم يسير وأن ثوابه كثير.‏ ولو لم يكن فيما نهى اللهعنه من البغي والعدوان عقاب يخاف لكان في ثواب اجتنابه مالا عذر فيترك طلبه.‏فأنصفوا الناس من أنفسكم اصبروا لحوائجهم فإنكم خزان الرعيةووكلاء الأمة وسفراء الأئمة.‏ولا تحسموا أحدا عن حاجته (×٨٢) لا تحبسوه عن طلبته ولا تبيعنالناس في الخراج كسوة شتاء ولا صيف ولا دابة يضلون عليها ولا عبداولا تضربن أحدا سوطا كان درهم ولا سن مال أحد من الناس مصلولا معاهد إلا أن تجدوا فرسا أو سلاحا يعدى به <strong>على</strong> أهل الإسلام فإنهلا ينبغي للمسلم أن يدع ذلك في أيدي أعداء الإسلام فيكون شوكة عليه.‏ولا تدخروا أنفسكم نصيحة ولا الجند حسن سيرة ولا الرعية معونة ولافي سبيل الله ما استوجب عليكم فإن اللهدين الله قوة.‏ وأبلوا (×٨٣)سبحانه قد اصطنع عندنا وعندكم أن نشكره بجهدنا وأن ننصره ابلغت قوتنا.‏ ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.‏ (×٨٤).. إن لك في هذه الصدقة نصيبا مفروضا وحقا معلوما وشركاء أهلمسكنة وضعفاء <strong>ذوي</strong> فاقة وإنا موفوك حقك فوفهم حقوقهم ! وإلا تفعلفإنك من أكثر الناس خصوما يوم القيامة وبؤسى ن خصمه عند اللهالفقراء واساك والسائلون وادفوعونالسبيل.‏(×٨٥) والغارمون (×٨٦) وابن157


الإسلام وحقوق الإنسانومن استهان بالأمانة ورخ في الخيانة ولم ينزه نفسه ودينه عنها فقدأحل بنفسه الذل والخزي في الدنيا وهو في الآخرة أذل وأخزى..‏ وإنأعظم الخيانة خيانة الأمة وأفظع الغش غش الأئمة..‏ والسلام».‏ (×٨٧)عمر بن عبد العزيز:‏-٨ -فلسفة الإسلام في الأموالأبرز الأفكار:‏قرابة الست عاما فصلت ب انقضاء دولة الخلافة الراشدة وبولاية الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز [٦١-وفي هذه السنوات الست الانقلاب شبه الشامل وحدثت الردة شبهالكاملة في فلسفة الحكم الشورية وفي قسمة العدالة الاجتماعية الإسلاميةالتي قررت تكافل الأمة الاجتماعي باعتبار خلافتها ونيابتها كأمة عنالله االك الحقيقي للرقبة في هذه الأموال..‏ فلما ولي عمر بن عبدالعزيز أمر الأمة سلك سبيل ‏«الثورة»‏ لرد ‏«مظالم الأموال»..‏ وحاز رضاالأمة عن ولايته بالعدل الذي جسده..‏ وكاد يعيد الأمر شورى ب الناسلولا أن عاجله أمراء السوء من بني مروان..‏لقد أمضى مدة ولايته القصيرة يرد ‏«مظالم الأموال»‏ إلى الأمة بعد أناحتجزها الظاون..‏ وأعلن أن اال للأمة ‏[نهر أعظم والناس شربهم فيهسواء..‏ ولن يروى أصحاب النهر الأعظم إلا إذا عاد هذا النهر الأعظم إلىما كان عليه]‏ يوم تركه لهم رسول الله٭..‏١٠١ ه / -٦٨١ ٧٢٠ م]..‏النص‏[دخلت فاطمة بنت مروان-عمة عمر بن عبد العزيز-دخلت عليه تريدجداله باسم أمراء بني أمية الذين اجتمعوا واتفقوا <strong>على</strong> إرسالها إليه كيتجادله وتطلب إليه العدول عن مصادرة أموال هؤلاء الأمراء..‏ وهي الأموالالتي ورثوها والتي اعتبرها عمر بن عبد العزيز ‏«مظالم»‏ مغتصبة من بيتمال اسلم وثروة الأمة العامة ولذلك صادرها وأعادها إلى بيت مال158


وثائقاسلم‏..‏ وا دخلت فاطمة بنت مروان <strong>على</strong> عمر دار بينها وبينه هذاالحوار الذي بدأته]:-‏- ‏«إنه قد عناني أمر لا بد من لقائك فيه..‏- تكلمي يا عمة فأنت أولى بالكلام لأن الحاجة لك..‏- لقد أردت لقاءك لأنه قد عناني أمر لا بد من لقائك فيه..‏ إن قرابتكيشكونك ويزعمون ويذكرون أنك أخذت منهم خير غيرك !..- يا عمة ما منعتهم حقا أو شيئا كان لهم ولا أخذت منهم حقا أو شيئاكان لهم..‏- إني رأيتهم يتكلمون ! وإني أخاف أن يهيجوا عليك يوما عصيبا..‏- يا عمة كل يوم أخافه دون يوم القيامة فلا وقاني الله شره !..»- ‏]ثم أراد عمر بن عبد العزيز-عند هذا اوطن في الحوار-أن يضععمته فاطمة أمام منطق ‏«اؤمن الثائر»‏ الذي يرى في هذه الأموال التيصادرها من أمراء بني أمية ‏«مظالم»‏ و«فضولا»‏ ‏[زيادات]‏ عن الحاجاتاللازمة للكفاية ومن ثم فهي ‏«كنز»‏ للمال يحرمه الإسلام..‏ يخشى-‏كانهمن اسئولية عن الأمة-إن هو تركه ‏«كنزا»‏ لدى مكتنزين أن يكوى به يومالقيامة ‏{والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل اللهفبشرهم بعذاب أليم.‏ يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههموجنوبها وظهورهم هذا ما كنز لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون}-‏ (×٨٧)أراد عمر أن يضع عمته أمام هذا انطق علها تتأثر فتقتنع به فتنحاز لهوتتخلى عن أمراء بني أمية اخملاصم له..‏ فطلب ‏«دينارا»‏ و ‏«مجمرة»‏موقدة بالنار وقطعة من الجلد وألقى بالدينار في النار حتى حمى واحمر..‏ثم ألقاه <strong>على</strong> الجلد فسمع له صوت وصعد منه الدخان !.. وعندئذ توجهإلى عمته بالحديث:]-‏- ‏«أي عمة ! أما تأوين-[ترق وترحم‏]-لابن أخيك من مثل هذا ?!..»-‏[فلما لم ترق !.. واصل حوارها قائلا:]-‏- ‏«يا عمة إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلمرحمة-لم يبعثه عذابا-إلى الناس كافة ثم اختار له ما عنده فقبضه إليهوترك لهم نهرا شربهم (×٨٨) فيه سواء!..‏ ثم قام أبو بكر فترك النهر <strong>على</strong>حاله ثم ولي عمر فعمل <strong>على</strong> عمل صاحبه.‏ فلما ولي عثمان اشتق من ذلك159


الإسلام وحقوق الإنسانالنهر نهرا..‏ ثم ولي معاوية فشق منه الأنهار..‏ ثم لم يزل ذلك النهر يشقمنه يزيد ومروان وعبد الك والوليد وسليمان حتى أفضى الأمر إليوقد يبس النهر الأعظم ولن يروى أصحاب النهر حتى يعود إليهم النهرالأعظم إلى ما كان عليه...»‏‏]-وعند ذلك قالت فاطمة بنت مروان:]-«قد أردت كلامك ومذاكرتكفأما إذ كانت هذه مقالتك فلست بذاكرة لك شيئا أبدا..»-[ثم عادت إلىالأمراء اجملتمع‏..‏ وقالت لهم:]-«ذوقوا مغبة أمركم في تزويجكم آل عمربن الخطاب (×٨٩) !.. تزوجون آل عمر بن الخطاب فإذا نزعوا الشبهجزعتم..‏ اصبروا له!...».‏(٩٠×)زيد بن علي:‏-٩ -بيعة عند ثورته١٢٢] ه / ٧٤٠ م]‏أبرز الأفكار:‏كان الإمام زيد بن علي [٧٩- ٧٤٠ م]‏ في طليعة فتيان آلالبيت زهدا وعلما ونسكا وسموا في الأخلاق وسخاء في الكرم والجود..‏وكان اضطهاد بني أمية لآل البيت قد حول الشيعة بقيادة الإمام جعفر٧٦٥ م]‏ إلى ‏«فرقة دينية»‏ تجر أحزانها وتبكىشهداءها وتأسى للحرمان السياسي افروض عليها..‏ وتحجم عن طريقالثورة مخافة الفشل الذي تكرر والذي جلب ويجلب عليا ازيد من الاضطهاد..!ولكن زيد بن علي وكوكبة من فتيان آل البيت رفضوا هذا النهج السائد٧٤٨-٧٠٠١٢٢ ه / -٦٩٨الصادق ١٤٨-٨٠] ه / -٦٩٩وانخرطوا في تيار اعتزلة:‏ بقيادة واصل بن عطاء [٨٠-١٣١ ه /م]-رغم معارضة جعفر الصادق-وسلكوا سبيل الثورة في مقاومة جور بنيأمية واستثمارهم بالسلطة التي جعلوها ملكا وراثيا....‏وفي الكوفة [١٢٢ ه / ٧٤٠ م]‏ كانت ثورة زيد بن علي ضد حكم الخليفةالأموي هشام بن عبد الك [٧١- ٦٩٠-٧٤٣ م].‏ وكان القسم الذيبايعه عليه الثوار..‏ وفيه نجد فكر هذه الثروة التي تدعو:‏١٢٥ هج /160


وثائقفي الفكر:‏ إلى الاحتكام إلى كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام.‏وفي الدولة:‏ تدعو إلى جهاد الظا وردهم..‏ وإلى نصرة أهل البيت<strong>على</strong> من عاداهم وجهل حقهم.‏وفي الاقتصاد:‏ تدعو إلى إعطاء المحروم‏..‏ وقسم الفيء ب أهلهاستحق له بالسواء...‏وفي الحقوق الإنسانية:‏ تدعو إلى الدفاع عن استضعف‏..‏وفي الجندية:‏ تدعو إلى إقفال ‏«اجملمر»-[واجملمرات هي اعسكراتالتي كانت تقام في الثغور]-وذلك نع اتخاذ ‏«الغزو»‏ وارابطة في الثغورسبيلا لتغريب الرجال عن ديارهم وأهليهم فتنة لهم ولأهليهم..‏فكانت هذه الثورة-التي لم تنجح-بداية سلسلة من الثورات ‏«اعتزلية-‏الزيدية»‏ التي تفجرت طلبا للحرية والشورى والعدل في أنحاء متعددة منبلاد الإسلام..‏النص‏«إنا ندعوكم إلى:‏ كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.‏ وجهادالظا‏.‏ والدفاع عن استضعف‏.‏ وإعطاء المحروم‏.‏ وقسم هذا الفيءب أهله بالسواء.‏ ورد الظا‏.‏ وإقفال اجملمر.‏ (×٩١) ونصرة أهل البيت<strong>على</strong> من نصب لهم وجهل حقهم»‏ (×٩٢)يزيد بن الوليد:‏-١٠ -خطبته عندما نجحت ثورته[٢٦ ه/‏‎٧٤٤‎م]‏أبرز الأفكار:‏خمس وعشرون عاما مرت ب وفاة عمر بن عبد العزيز [٦١-٧٢٠ م]‏ وب ثورة يزيد بن الوليد [٨٦- ٧٤٤ م]‏ وفيهاسادت الردة الكاملة عن ومضة العدل التي ثلت في حكم عمر بن عبدالعزيز..‏ . ولقد بلغت هذه الردة ذروتها في حكم الخليفة ااجن الفاسقالوليد بن يزيد١٠١ ه /١٢٦ ه / -٧٠٥-٨٨١ ١٢٦ ه/‏ -٧٠٧ ٧٤٤ م]..‏-٦٨١161


الإسلام وحقوق الإنسانوكان يزيد بن الوليد <strong>على</strong> مذهب اعتزلة فلما انتصرت الثورة التيقادها أعاد الشورى لتكون فلسفة نظام الحكم الإسلامي مرة أخرىوأعلن منهاج العدل من جديد ب الناس فزاد في عطاء الناس ونقصمن أعطيات أمراء بني أمية فسموه:‏ ‏«الناقص»‏ !.. وكان عمر بن عبدالعزيز يسمى:‏ ‏«الأشج»-لجرح في جبهته أحدثه حافر فرس وهو صغير-‏ولأنهما-يزيد وعمر-قد تفردا بنهج العدل من ب خلفاء بني مروان شاعذلك عنهما حتى لقد استقر في كتب النحو ذلك اثال الذي يقول:‏ ‏«الناقصوالأشج:‏ أعد لابني مروان»‏ !.. وفي الخطبة التي خطبها يزيد بن الوليدعقب مقتل الوليد بن يزيد ونجاح الثورة نرى الحديث عن مباد وقضايا..‏من مثل:‏أن سبب الثورة هو:‏ الغضب لله ورسوله ودينه..‏ والدعوة للكتاب والسنة..‏وإزالة آثار الجبار الفاسق-رأيا وسلوكا-الوليد بن يزيد..‏وأن في مقدمة أهداف الثورة:‏ العودة بالثروة لتكون موظفة في سدحاجات الأمة لا مسخرة لترف الحاكم...‏ ‏[إن لكم علي]‏ ألا أضع حجرا<strong>على</strong> حجر ولا لبنة <strong>على</strong> لبنة ولا أكرى نهرا ولا أكثر مالا ولا أعطى زوجةولا ولدا ولا أنقل مالا من بلدة حتى أسد ثغر ذلك البلد وخصاصة أهله]..‏ومن أهدافها:‏ إنهاء اتخاذ معسكرات الثغور-[اجملامر]-وسائل للفتنة..‏ل[وإن لكم ع ألا أتجركم في ثغور كم فأفتنكم وأف أهليكم]..‏وإزالة الحجاب ب الرعية والحاكم ليستعينوا به <strong>على</strong> الانتصاف منظايهم...‏ ‏[إن لكم علي ألا أغلق بابي دونكم فيأكل قويكم ضعيفكم]..‏وعدم تكليف أهل الجزية مالا يطيقون كي لا يهجروا بلادهم وينقطعنسلهم..‏والتسوية ب الناس في احتياجات اعاش..[حتى تستدر اعيشة باسلم فيكون أقصاهم كأدناهم]..‏وإعادة الحق في السلطة والسلطان إلى الأمة بالشورى بعد أن سادالنظام الكي الوراثي..‏ وجعل معيار بقاء التفويض للحاكم هو الوفاء بشروطالتفويض كأحسن ما يكون الوفاء....[فإن وفيت لكم ا قلت فعليكم السمعوالطاعة وحسن اؤازرة وإن أنا لم أف فلكم أن تخلعوني إلا أن تستتيبونيفإن تبت قبلتم مني.‏ فان علمتم أحدا ن يعرف بالصلاح يعطيكم من162


وثائقنفسه مثل ما أعطيتكم فأرد أن تبايعوه فإا أول من يبايعه ويدخل فيطاعته]..‏ !وأنه لا طاعة ن يدعو إلى معصية..‏ وإا يجب أن يعصى..‏ بل وأنيقتل....‏ ‏[لا طاعة خمللوق في معصية الخالق ولا وفاء له بنقض عهدوإا الطاعة طاعة الله فأطيعوه بطاعة الله ما أطاع فإذا عصى اللهودعا إلى اعصية فهو أهل أن يعصى ويقتل]‏ !..النصأيها الناس:‏إني والله ما خرجت أشرا ولا بطرا ولا حرصا <strong>على</strong> الدنيا ولا رغبةفي الك وما بي إطراء نفسي ولا تزكية عملي إني لظلوم نفس إن لميرحمني ربي.‏ولكني خرجت غضبا لله بي رسوله ودينه بدينه داعيا إلى الله وكتابهوسنة نبيه بنبيه صلى الله عليه وسلم أتسلم ا هدمت معالم الهدي أتهديوأطفئ نور أهل التقوى وظهر الجبار العنيد استحل لكل حرمة والراكبلكل بدعة واغير السنة مع أنه والله ما كان يصدق بالكتاب ولا يؤمن بيومالحساب..‏ وإنه لابن عمي في النسب وكفي في الحسب فلما رأيت ذلكاستخرت الله في أمره وسألته ألا يكلني إلى نفسي ودعوت إلى ذلك منأجابني من أهل ولايتي وسعيت فيه حتى أراح الله منه العباد والبلاد بحولالله وقوته لا بحولي وقوتي.‏أيها الناس:‏إن لكم علي ألا أضع حجرا <strong>على</strong> حجر ولا لبنة <strong>على</strong> لبنة ولا أكرىنهرا (×٩٣) ولا كثر مالا ولا أعطيه زوجة ولا ولدا ولا أنقل مالا من بلدةحتى أسد ثغر ذلك البلد وخصاصة أهله ا يغنيهم فإن فضل فضلةنقلتها إلى البلد الذي يليه ن هو أحوج إليه ولا أجمركم في ثغوركم (×٩٤)فأفتنكم وأف أهليكم ولا أغلق بابي دونكم فيأكل قويكم ضعيفكم ولاأحمل <strong>على</strong> أهل جزيتكم ما يجليهم عن بلادهم ويقطع نسلهم.‏ وإن لكمأعطيتكم عندي في كل سنة وأرزاقكم في كل شهر حتى تستدر اعيشةب اسلم فيكون أقصاهم كأدناهم فإن وفيت لكم ا قلت فعليكم163


الإسلام وحقوق الإنسانالسمع والطاعة وحسن اؤازرة وإن أنا لم أف فلكم أن تخلعوني إلا أنتستتيبوني فان تبت قبلتم مني.‏ فإن علمتم أحدا ن يعرف بالصلاحيعطيكم من نفسه مثل ما أعطيكم فأرد أن تبايعوه فأنا أول من يبايعهويدخل في طاعته.‏أيها الناس:‏أن لا طاعة خمللوق في معصية الخالق ولا وفاء له بنقض عهد إاالطاعة طاعة الله فأطيعوه (×٩٥) بطاعة الله ما أطاع فإذا عصى الله ودعاإلى اعصية فهو أهل أن يعصى ويقتل.‏(٩٦×)أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكمأبو حمزة الشاري:‏-١١ -خطبته بادينة[١٣٠- ه/‏ ٧٤٧ م]‏أبرز الأفكار:‏كان أبو حمزة الشاري-اخملتار بن عوف بن سليمان بن مالك [١٣٠ ه /٧٤٨ م]‏ الجسر من أبطال الخوارج وخطبائهم وثوارهم ضد مروان بن١٣٢ ه / ٢ -٦٩ ٠٧٥ م]‏ آخر الخلفاء الأموي‏..‏ وعندما انتصرمحمد[‏‎٧٢‎‏-‏<strong>على</strong> أهل ادينة في معركة ‏«قديد»‏ سنة [١٣٠ ه / ٧٤٧ م]‏ صعد منبرالرسول صلى الله عليه وسلم وخطب الناس واحدة من خطبه الشهيرةالتي يتعلم الناظر فيها.‏أن فرسان الحرب هم في ذات الوقت الوعاظ الذين يرققون القلوبباواعظ الرقيقة...[أوصيكم بتقوى الله وطاعته والعمل بكتابه وسنة نبيهوصلة الرحم]...‏ أما في القتال فإنهم الفرسان..[فالتقينا الرماح بصدورناوالسيوف بوجوهنا !]..والتركيز <strong>على</strong> مخالفة نهج ‏«الجبابرة»-[استبدين]-..‏ ‏[أوصيكم بتعظيمما صغرت الجبابرة من حق الله وتصغير ما عظمت من الباطل وإقامة ماأحيوا من الجور وإحياء ما أماتوا من الحقوق]..‏والدعوة للعدل...[ندعوكم إلى القسم بالسوية والعدل في الرعية ووضع164


وثائقالأخماس (×٩٧) في مواضعها التي أمر الله بها].‏ والإدانة للظلمة ومن تبعهمأو رضي بعملهم.....[الناس منا ونحن منهم إلا ثلاثة:‏ حاكما جاء بغير ماأنزل الله أو متبعا له أو راضيا بعمله]..‏والثورة للحق والعدل..‏ والقوة بالله والوحدة....[إنا والله ما خرجناأشرا ولا بطرا ولا لهوا ولا لعبا ولا لدولة ملك نريد أن نخوض فيه ولالثأر قد نيل منا.‏ ولكن ا رأينا الأرض قد أظلمت ومعالم الجور قد ظهرتوكثر الإدعاء في الدين وعمل بالهوى وعطلت الأحكام وقتل القائم بالقسطوعنف القائل بالحق وسمعنا مناديا ينادي إلى الحق وإلى طريق مستقيمفأجبنا داعي الله ‏[ومن لا يجب داعي الله فليس عجز في الأرض]‏ (×٩٨)فأقبلنا من قبائل شتى قليل مستضعف في الأرض فآوانا الله وأيدنابنصره فأصبحنا بنعمته إخوانا و<strong>على</strong> الدين أعوانا]..‏النص‏«يا أهل ادينة:‏أوصيكم بتقوى الله وطاعته والعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليهوسلم وصلة الرحم وتعظيم ما صغرت الجبابرة من حق الله وتصغير ماعظمت من الباطل وإماتة ما أحيوا من الجور وإحياء ما أماتوا من الحقوقوأن يطاع الله ويعصى العباد في طاعته فالطاعة لله ولأهل طاعة الله ولاطاعة خمللوق في معصية الخالق..‏ندعوكم إلى:‏ كتاب الله وسنة نبيه والقسم بالسوية والعدل في الرعيةووضع الأخماس في مواضعها التي أمر الله بها.‏وإنا والله ما خرجنا أشرا (×٩٩) ولا بطرا (×١٠٠) ولا لهوا ولا لعبا ولالدولة ملك نريد أن نخوض فيه ولا لثأر قد نيل مناولكن ا رأينا الأرضقد أظلمت ومعالم الجور قد ظهرت وكثر الإدعاء في الدين وعمل بالهوىوعطلت الأحكام وقتل القائم بالقسط وعنف القائل بالحق.‏ وسمعنا منادياينادي إلى الحق وإلى طريق مستقيم فأجبنا داعي الله ‏[ومن لا يجب داعيالله فليس عجز في الأرض]‏ (×١٠١) فأقبلنا من قبائل شتى قليلمستضعف في الأرض فآوانا الله وأيدنا بنصره فأصبحنا بنعمته إخواناو<strong>على</strong> الدين أعوانا.‏165


الإسلام وحقوق الإنسانيا أهل ادينة:‏أولكم خير أول وأخركم شر آخر..‏ .. .. سألنكم عن ولاتكما هؤلاءفقلتم:‏ والله ما فيهم الذي يعدل أخذوا اال من غير حله فوضعوه في غيرحقه وجاروا في الحكم فحكموا بغير ما أنزل الله واستأثروا بفيئنا فجعلوهدولة (١٠٢) ب الأغنياء منهم وجعلوا مقاسمنا وحقوقنا في مهور النساءوفروج الإماء.‏وقلنا لكم:‏ تعالوا إلى هؤلاء الذين ظلمونا وظلموكم وجاروا في الحكمفحكموا بغير ما أنزل الله فقلتم:‏ لا نقوى <strong>على</strong> ذلك ووددنا أنا أصبنا منيكفينا فقلنا:‏ نحن نكفيكم ثم الله راع علينا وعليكم إن ظفرنا لنعط كلذي حق حقه.‏ فجئنا فاتقينا الرماح بصدورنا والسيوف بوجوهنا فعرضتملنا دونهم فقاتلتمونا فأبعدكم الله !.. فوالله لو قلتم:‏ لا نعرف الذي تقولولا نعلمه لكان أعذر مع أنه لا عذر للجاهل ولكن أبى الله إلا أن ينطقبالحق <strong>على</strong> ألسنتكم ويأخذكم به في الآخرة.‏... . الناس منا ونحن منهم إلا ثلاثة:‏ حاكما بغير ما أنزل الله أو متبعاله أو راضيا بعمله ? !..» (×١٠٣)مجلس الشرع:‏١٢- وثيقة الحقوق:‏ ‏[‏‎١٢٢٠‎ه / ‎١٨٠٥‎م]‏١٣- الأمة مصدر السلطات:‏أبرز الأفكار:‏في الوثيقة التي أطلق عليها اؤرخون:‏ ‏[وثيقة الحقوق]..‏ وكذلك فيقرارات ‏«مجلس الشرع»وأفكاره اعبرة عن مبدأ:‏ ‏«الأمة مصدر السلطات»-‏وهما من الوثائق التي مثلت الفكر الذي دخلت به مصر عصر يقظتهاالحديث-فيهما نقرأ..‏ ومنهما نعلم..‏أن دخول مصر إلى العصر الحديث-عصر اليقظة والتنوير الذي قادتأمتها إليه-قد كان تحت قيادة ‏«مجلس الشرع»‏ اكون من كبار علماء الإسلام..‏وأن معايير الحكم والمحكمة للفكر وامارسة قد كانت ‏«شريعة الله»‏وليس فكر الثورة الفرنسية التي احتك بها هؤلاء العلماء إبان الحظ الفرنسية166


وثائق<strong>على</strong> مصر..‏وأن الشريعة الإسلامية كانت قي سند القيادة الشعبية في تقرير أنالأمة هي مصدر السلطات وصاحبة الحق في عزل الولاة والسلاطوالخلفاء.‏ ‏[لقد جرت العادة من قد الزمان أن أهل البلد يعزلون الولاةبل وحتى الخلفاء والسلاط ويخلعونهم إذا ساروا فيها بالجور..‏ بلويحاصرونهم ويقاتلونهم لأنهم عصاة لأمر أهل البلد]..‏ .وأن الحاكم لا يكون وليا للأمر شرعا وحقا إلا إذا كان عادلا..‏ فالعدلهو السبيل إلى دخول الحاكم في زمرة أولياء الأمر استحق للطاعة منقبل المحكوم !..النصان-١٢ -وثيقة الحقوق‏[في سنة‎١٢٢٠‎ س / ١٨٠٥ م بلغت مظالم الجند العثماني وفوضاهمصر الذروة..‏ وأمام ضعف الوالي العثماني خورشيد باشا ومظاه هوالآخر تصاعدت الثورة ‏«الشعبية-الدستورية»‏ التي قادها العلماء.‏ وعاييرالإسلام السياسي حاكموا الظلمة..‏لقد أضرب علماء الأزهر وطلبته عن حلقات الدرس..‏وماجت القاهرة باظاهرات التي قصدت منازل العلماء..‏وكان ‏«مجلس الشرع»‏ هو القيادة الشعبية للأمة منذ الحملة الفرنسية.‏١٢٣٧ ه -١٧٥٥/١٨٢٢ م]‏ والشيخوأبرز علمائه:‏ السيد / عمر مكرم [١١٦٨-محمد السادات [١٢٢٨ هج/‏ ١٨١٢ م]‏ والشيخ عبد الله الشرقاوي[‏‎١١٥٥‎‏-‏٨ ا م]‏ والشيخ محمد اهدي [١١٥٥-‎١٨١٧‎م]‏ والشيخ‎١٨١٥‎م]‏ والشيخ محمد الأمير [١١٥٤-مصطفى الصاوي [١٢١٦ ه / ‎١٨٠٢‎م]‏ والشيخ سليمان الفيومي [١٢٢٤ ه /‎١٢٣٠‎هج / -١٧٤٢١٢٣٢ ه / -١٧٤١١٢٢٠ و/‏ ١٨٠٥ م١٢٢٧ ه/‏‎٧٣٧‎ -١ ٢ ١١٠ ٨٩ م].‏وفي صبيحة يوم الأحد ١٢ صفر سنة ١٢ مايو سنةانعقد ‏«مجلس الشرع»‏ في ‏«بيت القاضي»-دار الحكمة الكبرى-وسط جماهيرالشعب الثائرة والتي بلغ عددها أربع ألفا ثلون طبقات الأمة وأجيالها..‏167


الإسلام وحقوق الإنسانوكان هتاف الجماهير وصراخها:‏‏«شرع الله بيننا وب هذا الباشا الظالم»!‏‏«يا رب يا متجلي أهلك العثملي»!‏‏«يا لطيف»!‏‏«حسبنا الله ونعم الوكيل»‏ !وطلب ‏«مجلس الشرع»‏ من ‏«القاضي»‏ استدعاء وكلاء الوالي العثماني..‏فحضر ‏«سعيد أغا الوكيل!»‏ و ‏«بشير آغا»‏ و ‏«عثمان آغا قبي كتخدا»‏و«الدفتر دار»‏ و«الشمعدانجي»..‏وأصدر ‏«مجلس الشرع»‏ الوثيقة الثورية التي أسماها اؤرخون ‏«وثيقةالحقوق»..‏ والتي التزم بها أركان الدولة ووكلاء الوالي خور شيد باشا..‏١٢٣٧ هج/‏ -١٧٥٤ ٢‎١٨٢‎م]‏ يجمل مضمون هذه الوثيقة-‏والجبرتي[‏‎١١٦٧‎‏-‏التي افتتحت بها مصر ثورات اسلم الدستورية في العصر الحديث-‏فيقول:‏إن أعضاء ‏«مجلس الشرع..‏ اتفقوا <strong>على</strong> كتابة عر ضحال باطلوباتففعلوا ذلك وذكروا فيهتعدى طوائف العسكر والإيذاء منهم للناس وإخراجهم من مساكنهم..‏واظالم والفرد-[الإتاوات]-‏وقبض مال ايري اعجل..‏وحق طرق اباشرين..‏ومصادرة الناس بالدعاوى الكاذبة..‏ وغير ذلك»‏وكان رد الوالي صريحا في إجابة هذه اطالب..‏ وبعبارة الجبري:‏ فلقدجاء رده ‏«يظهر الامتثال»‏ ! (×١٠٤)أما اؤرخ الفرنسي اسيو ‏«فولابل»-صاحب كتاب ‏[مصر الحديثة]‏ وواضعالجزء التاسع والجزء العاشر من كتاب ‏[وصف مصر]-الذي يسمى هذا‏«العرضحال»:‏ ‏«وثيقة الحقوق»-فإنه يحدد مطالبها فإذا هي:‏ألا تفرض من اليوم ضريبة <strong>على</strong> ادينة-[القاهرة]-إلا إذا أقرها العلماءوكبار الأعيان..‏أن تجلو الجنود عن القاهرة وتنتقل حامية ادينة إلى الجيزة..‏ألا يسمح بدخول أي جندي إلى ادينة-[القاهرة]-حاملا سلاحه..‏أن تعاد اواصلات في الحال ب القاهرة والوجه القبلي..»‏ (×١٠٥)168


-١٢١٨١٢٢٠ ه -١٨٠٤وثائق١٣- الأمة مصدر السلطان:‏‏[مع مطلع القرن التاسع عشر ايلادي-وأمام ضعف السلطنة العثمانية.‏واستبداد جندها.‏ وفوض إدارتها.‏ وخراب ذ ولاتها-تكونت للشعب فيمصر قيادة من علماء الإسلام.‏ سرعان ما استردت للشعب حقه ‏«الطبيعي-‏الإسلامي»‏ في أن يكون هو اصدر الأصيل في السلطة والسلطان.‏ ولقدسميت هذه القيادة-الجماعية-«مجلس الشرع»‏ !..وفي يوم الإثن ١٣ صفر سنة ١٢٢٠ ه / مايو سنة‎١٨٠٥‎ م اجتمع ‏«مجلسالشرع»‏ في ‏«بيت القاضي»-دار المحكمة العليا-واستنادا إلى حق الشعب-‏الذي ثلونه-في أن تكون له السلطة في عزل الولاة وتوليهم-قرروا عزلالوالي أحمد خور شيد باشا ‏[غرة ذي الحجة سنة ١٥ صفر سنة١٣ مارس سنة ١٥ مايو سنة‎١٨٠٥‎م]‏ وهو اع من قبلالخليفة العثماني..‏ كما قرروا محاصرته وأعوانه في ‏«القلعة»‏ بل وقتالهمباعتبارهم عصاة لسلطة الأمة !..كذلك قرر ‏«مجلس الشرع»‏ تعي والي جديد صر هو محمد عليباشا -١١٨٤] ١٢٦٥ ه / -١٧٧٠١٨٤٩ م]‏ بإرادة الأمة و<strong>على</strong> شروطها وتحترقابتها !.. وبذلك استعاد ‏«مجلس الشرع»‏ للأمة حقها ‏«الطبيعي-الشرعي»‏في أن تكون مصدر السلطة والسلطان...].‏والجبرتي يسجل إعلان ‏«مجلس الشرع»-<strong>على</strong> لسان أبرز قادته:‏ السيدعمر مكرم-لهذا القرار عندما ذهبوا إلى محمد علي باشا..‏وأعلن السيد/‏ عمر مكرم:‏ ‏«إننا لا نريد هذا الباشا-[خور شيد]-والياعلينا ولا بد من عزله من الولاية..‏ إننا خلعناه من الولاية».‏ فقال محمدعلي:‏ ومن تريدونه واليا ?! فقالوا:‏ لا نرض إلا بك.‏ وتكون واليا علينابشروطنا ا نتوسمه فيك من العدالة والخير..‏ فامتنع محمد علي أولا ثمرضي..‏وأحضروا له ‏«كركا»‏ (×١٠٦) وعليه قفطان وقام إليه السيد عمر مكرموالشيخ الشرقاوي فألبساه له وذلك وقت العصر..‏ ونادوا بذلك في تلكالليلة في ادينة.‏ وأرسلوا إلى-[الوالي اعزول]-أحمد باشا خور شيد الخبربذلك فقال:‏ ‏«إني مولى من طرف السلطان فلا أعزل بأمر الفلاح‏..‏ ولاأنزل من القلعة إلا بأمر السلطنة!...»‏169


الإسلام وحقوق الإنسانلكن ‏«مجلس الشرع»‏ ومن خلفه الأمة حاصروا خور شيد باشا وأعوانهفي ‏«القلعة»‏ وقاتلوهم حتى اضطر إلى الخضوع لسلطة الشعب..‏ كماخضعت السلطنة العثمانية وخليفتها لسلطة الأمة فأقرت ما أبرمه ‏«مجلسالشرع»‏ وأصدرت به فرمانا..‏وكانت تولية ‏«مجلس الشرع»‏ لمحمد علي باشا ‏«<strong>على</strong> شروط الأمة»..‏وبعبارة الجبري:‏ ‏«فلقد الأمر بعد اعاهدة واعاقدة <strong>على</strong>:‏ سيره بالعدل..‏وإقامة الأحكام والشرائع..‏ والإقلاع عن اظالم..‏ وألا يفعل أمرا إلا شورتهومشورة العلماء..‏ وأنه متى خالف الشروط عزلوه»..‏وعندما التقى أعضاء من ‏«مجلس الشرع»‏ ندوب الوالي اعزول-العاميخور شيد باشا-في منزل ‏«حسن بك-أخي طاهر باشا»-في يوم السبت ٢٤صفر سنة ٢٤ مايو سنة ١٨٠٥ م-واستنكر مندوب الوالي قرار‏«مجلس الشرع»‏ بالعزل والحصار والقتال..‏ أكد السيد عمر مكرم-مرة أخرى-‏حق الأمة في ارسة حقها ‏«الطبيعي-الشرعي»‏ الذي يجعلها مصدرالسلطة والسلطان..‏ وسجل الجبري ذلك الحوار الذي بدأه مندوب الوالياعزول الضابط الأرنئودي عمر بك..‏‏«-عمر بك:‏ كيف تعزلون من ولاه السلطان عليكم.‏ وقد قال الله تعالى:‏‏[أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم].‏ (×١٠٦)- السيد عمر مكرم:‏ أولو الأمر:‏ العلماء وحملة الشريعة والسلطانالعادل.‏ وهذا-[خور شيد باشا]-رجل ظالم.‏ وجرت العادة من قد الزمانأن أهل البلد يعزلون الولاة وهذا شيء من زمان حتى الخليفة والسلطانإذا ساروا فيها بالجور ? فإنهم-[أي أهل البلد]‏ ‏!-يعزلونه ويخلعونه !- عمر بك:‏ وكيف تحاصروننا ونعون عنا ااء والأكل وتقاتلوننا ?!..نحن كفرة حتى تفعلوا معنا ذلك ?!- السيد عمر مكرم:‏ نعم ! لقد أفتى العلماء والقاضي بجواز قتالكمومحارتكم لأنكم عصاة !»هكذا قدر وقرر ‏«مجلس الشرع»‏ أن ‏«أهل البلد»‏ هم مصدر السلطات..‏وأعلن أن هذا الفكر عريق في تراث الأمة عراقة الإسلام فهو ليس وافدا<strong>على</strong> واقعها وإا هو ‏«شيء من زمان»!..‏كذلك قدر ‏«مجلس الشرع»‏ وقرر وضع هذا الفكر الإسلامي في امارسة(١٠٧×)١٢٢٠ ه /170


وثائقوالتطبيق..‏ وأعلن-بلسان السيد عمر مكرم والشيخ السادات-:‏ أن ‏«العصيان»-‏بنظر الشرع-هو عصيان الأمة مصدر السلطات وليس عصيان الخلفاءوالسلاط استبدين..‏171


الإسلام وحقوق الإنسانالحواشي-١٥(×١) الشرب - بكسر الش وسكون الراء - ااء..‏ والحق..‏ والنصيب..‏(×٢) ] اعجم الوسيط]‏ وضع مجمع اللغة العربية.‏ القاهرة.‏(×٣) أي <strong>على</strong> أمرهم الذي كانوا عليه.‏(×٤) العاقلة:‏ الديّة ; التي تجب <strong>على</strong> العاقلة - أي عصبة القاتل - واراد ديّة القتل الخطأ.‏(×٥) العاني:‏ الأسير.‏(×٦) افرح:-بضم ايم وسكون الفاء وفتح الراء - اثقل بالدين والكثير العيال.‏(×٧) العقل:‏ الديّة.‏(×٨) الدسيعة:‏ العطية أي طلب أن يدفعوا له عطية <strong>على</strong> سبيل الظلم.‏(×٩) يبيء:-من البواء - أي اساواة.‏(×١٠) اعتبط مؤمنا:‏ أي قتله بلا جناية جناها ولا ذنب يوجب قتله.‏(×١١) القود:-بفتح القاف والواو - القصاص.‏(×١٢) المحدث:‏ مرتكب الحدث ‏...الجناية..الذنب.‏(×١٣) يوتغ:‏ يهلك.‏‏(×‏‎١٤‎‏)في نهاية الأرب - للنويري-:‏ ‏«الشطنة»-بضم الش مشددة وضم الطاء.‏(×١٥) أي حرم.‏(×١٦)] مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة[‏ص ٢١ جمعها الدكتور محمد حميد الله الحيدر آبادي.‏ طبعة القاهرة سنة ‎١٩٥٦‎م.‏(×١٧) كان مسترضعا في بني ليث فقتله هذيل.‏(×١٨) سدانة الكعبة:‏ القيام <strong>على</strong> شؤونها والسقاية:‏ سقاية الحجيج.‏(×١٩) التأخير ‏...وكانوا يؤخرون الأشهر الحرم كي لا تعوق حروب جاهليتهم.‏(×٢٠) نعوهن.‏(×٢١) عوان:‏ جمع عانية:‏ وهي الأسيرة.‏(×٢٢) ما ب القوس عند مسند الإمام أحمد بن حنبل.‏(×٢٣) أي الزاني يرجم.‏(×٢٤) عند هذا اوضع قال العباس بن عبد اطلب:‏ ‏«إلا الإذخر يا رسول الله فإنا نجعله فيقبورنا وبيوتنا»‏ فقال صلى الله عليه وسلم:‏ ‏«إلا الإذخر»]‏ ولا يختلي شوكها:‏ أي لا يجز ويقطع [.(×٢٥) أي إلا لطالب ضالة.‏(×٢٦)] مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة ‏[ص(×٢٧) أي أرد عليه حقه.‏(×٢٨) الأبشار مفردها بشر وهي الجلد..والأشعار:‏ الشعر الذي ينبت من مسام البشرة.‏(×٢٩) الوحى:‏ الإسراع.‏(×٣٠) الركز:‏ الصوت الخفي.‏.٣٨٥ ٬٣٨٤ ٢٨٣- ٢٨١172


وثائق١٩ ص -٤٢(×٣١) النويري]‏ نهاية الأرب في فنون الأدب[ج ٤٥ طبعة القاهرة.‏(×٣٢) أي أبو موسى الأشعري.‏ (×٣٣) أي سو.‏(×٣٤) الحيف:‏ الظلم.‏(×٣٥) أي كرهه وعاداه.‏‏(×‏‎٣٦‎‏)]مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة[ص(×٣٧) أي يذهب برضا <strong>الخاصة</strong> ويضيعه.‏(×٣٨) أي بالإلحاح والشدة في السؤال.‏(×٣٩) أي استماعك واستشارتك (×٤٠) أي واجد بدله(٤١) الآصار-مفردها:‏ إصر-بكسر الهمزة-والأوزار-مفردها:‏ وزر-بكسر الواو-معناهما:الذنوب والآثام.‏(×٤٢) أي ألفة ومحبة.‏(×٤٣) العمال:‏ هم ولاة الأقاليم.‏(×٤٤) ما به تنعقد الشئون اخملتلفة فتترابط وتسير كجسد حي متمثل في الحياة العامة للمجتمع.‏(×٤٥) أي مساعدتهم.‏.٣١٧ ٬٣١٦.٣٤٨-٣٣٣(٤٦×) النساء:‏ ٥٩(×٤٧) أي نقصوا في أدائها أو خانوها.‏(×٤٨) الشرب-بكسر الش‏-:‏ ماء الري فيما يروى بالأنهار.‏(×٤٩) البالة:‏ ما يبل الأرض من مطر فيما يروي بالأمطار.‏(×٥٠) أي تغيرها من الصلاح إلى الفساد.‏(×٥١) أي سرورك ا ترى من حسن عدلك فيهم.‏(×٥٢) الإستنامة:‏ السكون والثقة.‏(×٥٣) اتجول ب البلاد(×٥٤) أي اكتسب بيديه من <strong>ذوي</strong> الصناعات..‏ وهو من نسميه ‏«الحرفي».‏(×٥٥) البائقة:‏ الداهية.‏(×٥٦) فارق:‏ خالط.‏(×٥٧) الحكرة-بضم الحاء-:‏ الإحتكار.‏(×٥٨) البؤس:‏ شدة الفقر والزمني:‏ أصحاب الأمراض ازمنة ‏(العاهات).‏(×٥٩) القانع:‏ السائل.‏ واعتر:‏ انعرض للعطاء بلا سؤال.‏(×٦٠) صوافي الإسلام:‏ الأرض التي استصفاها اسلمون عند الفتح لبيت اال وكانت-فيالغالب-قبل الفتح لوكة للملوك أو كبار القادة الذين بادوا أو هربوا ولم يدخلوا في السلم.-‏(×٦١) البطر:‏ الطغيان بالنعمة (٧٢) تشخص:‏ تصرف.‏ وصعر خده:‏ أماله إعجابا وكبرا.‏(×٦٣) أي اتظلم‏...‏ أي تفرغ للنظر في مظاهم(×٦٤) غير متردد بسبب الخوف الذي يجعله عاجزا كالعيي.‏(×٦٥) هذا الحديث أخرجه ابن ماجة في سننه.‏(×٦٦) الحامة:‏ <strong>الخاصة</strong> والقرابة.‏ والقطيعة:‏ انحة امنوحة من الأرض إقطاعا.‏(×٦٧) اهنأ:انفعة الهنيئة.‏‏(×‏‎٦٨‎‏)[نهج البلاغة]‏ ض(×٦٩) ‏[الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده]‏ ج ٢ ص ٤٢٠. دراسة وتحقيق:‏ د.‏ محمد عمارة طبعة173


الإسلام وحقوق الإنسان٠١٥١بيروت سنة ‎١٩٧٢‎م.‏(×٧٠) النفثة:‏ البصقة.‏(×٧١) الأذلال:‏ مفردها:‏ ذل-بكسر الذال-وهو الطريق..‏ أي جرت الطرق والأمور <strong>على</strong> سننها أي<strong>على</strong> وجوهها.‏(×٧٢) أي كثر إدخال ما يفسده فيه.‏(×٧٣) ‏[نهج البلاغة]ص ٢٦٣. طبعة دار الشعب.‏ القاهرة.‏(×٧٤) أي ما آمر به ولا أقربه..‏(×٧٥) أي مدى الدهر..‏(×٧٦) الحدين:‏ الصديق.‏(×٧٧) ‏[نهج البلاغة]‏ ص(×٧٨) اصدر السابق.‏ ص (×٧٩) ٫٤١ اصدر السابق ص(×٨٠) اصدر السابق.‏ ص (×٨١) ٫٣٦٦ ‏[شرح نهج البلاغة]لابن أبي الحديد.‏ جطبعة القاهرة سنة(×٨٢) ‏[نهج البلاغة]‏ ص(×٨٣) النفثة:‏ البصقة.‏(×٨٤) ‏[نهج البلاغة]‏ ص(×٨٥) أي لا تقطعوا أحدا عن حاجته وطلبته.‏(×٨٦) أي أدوا.‏‏(×‏‎٨٧‎‏)[نهج البلاغة]‏ ص(×٨٨) أي فقراء الغزاة..‏ اقصودون بقول الله في آية مصارف الصدقات:‏ ‏[وفي سبيل الله].‏(×٨٩) ادينون ن لا لكون نصاب الزكاة.‏ ‏(×‏‎٩٠‎‏)[نهج البلاغة]‏ ص٧ ص .٣٧.٣٠٠.٤٠٨٬٣٧٣١٩٥٩ م.‏.٤١٨.٤١٥ ٬٤١٤.٣٣٢(٩١×) التوبة:‏ .٣٥ ٬٣٤(×٩٢) الشرب-بكسر الش‏-:‏ ااء(×٩٣) تشير إلى تأثير عدل عمر بن الخطاب الذي سرى إلى عمر بن عبد العزيز عبر اصاهرة..‏فلقد كانت أم عمر بن عبد العزيز هي أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب...‏‏(×‏‎٩٤‎‏)[طبقات ابن سعد]‏ ج‎٥‎ ص ٢٧٥. و[الأغاني]‏ ج ٣٣٧٦. طبعة دار الشعب.القاهرة.‏(×٩٥) اجملمر:‏ الواحد من معسكرات الثغور التي كان يحبس فيها الرجال دون أهليهم فيفتنونويف أهلهم !..(×٩٦) ‏[تاريخ الطبري]‏ ج(×٩٧) أي لا أبني القصور ولا أحقر الأنهار.‏(×٩٨) جمر الجشر:‏ حبسه في أرض العدو.‏(×٩٩) أي اخمللوق..‏ واراد صاحب الولاية..‏٤ ص ٩٦٩ ص ٬٣٣٧٥١٩٦٢ م.‏٧ ص .١٧٢(×١٠٠) ‏[تاريخ الطبري]ج‎٧‎ ص ٢٦٩٬٢٦٨. طبعة دار اعارف.‏ القاهرة.‏ و ‏[العقد الفريد]‏ جطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر القاهرة سنة(×١٠١) الأخماس مفردها:‏ الخمس..‏ وهو حق بيت اال من الغنائم.‏ (×١٠٢) الأحقاف:‏(×١٠٣) أي تسرعا وحدة.‏(×١٠٤) أي زهوا مجاوزا للحد.‏.٣٢174


وثائق(١٠٥×) الأحقاف:‏ .٣٢(×١٠٦) أي حكرا يداوله الأغنياء خاصة من دون غيرهم.‏١ ولقد سمع مالك بن أنس هذه الخطبة..‏ وقال عنها:‏(×١٠٧) ‏[العقد الفريد ج‏«إنها شككت استبصر وردت ارتاب»...]‏(×١٠٨) ‏[عجائب الآثار في التراجم والأخبار]‏ ج ٢١٩. طبعة القاهرة سنة(×١٠٩) عبد الرحمن الرافعي ‏[تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر]‏ ج٣٣٥. طبعة القاهرة سنة(×١١٠) حلة من حلل ‏«تشريفة»‏ ذلك العصر.‏١٩٦٦ م.‏٢ ص ٣٣٤٦ ص ٬٢١٨٤ ص -١٤٤ ٫١٤٦١٩٥٨ م.‏(١١١×) النساء:‏ .٥٩(×١١٢) ‏[عجائب الآثار]‏ ج٦ ص -٢١٩٢٢٣. والرافعي[تاريخ الحركة القومية]‏ ج٢ ص .٣٣٧ ٬٣٣٦175


الإسلام وحقوق الإنسان176


اصادرالمصادرالقرآن الكر‏:‏كتب السنة:‏‏[صحيح البخاري]‏ طبعة دار الشعب.القاهرة‏[صحيح مسلم]‏ طبعة القاهرة سنة‎١٩٥٥‎ م‏[س الترمذي]‏ طبعة القاهرة سنة‏[س النسائي]‏ طبعة القاهرة سنة‏[س أبي داود]‏ طبعة القاهرة سنة‏[س إبن ماجة]‏ طبعة القاهرة سنة‏[س الدارمي]‏ طبعة القاهرة سنة‏[مسند الإمام أحمد]‏ طبعة القاهرة سنة‏[موطأ الإمام مالك]‏ طبعة دار الشعب القاهرةإبن أبي الحديد ‏[شرح نهج البلاغة]‏ طبعة القاهرة سنةإبن الأثير ‏[أسد الغابة في معرفة الصحابة]‏ طبعة دار الشعب القاهرةإبن سعد ‏[كتاب الطبقات الكبير]‏ طبعة دار التحرير القاهرةإبن سلام ‏(أبو عبيد)‏ ‏[الأموال]‏ طبعة القاهرة سنةإبن عبد البر ‏[الدرر في اختصار اغازي والسير]‏ طبعة القاهرة سنة‎١٩٦٦‎مإبن عبد ربه ‏[العقد الفريد]طبعة القاهرة سنةإبن قتيبة ‏[الإمامة والسياسة]‏ طبعة القاهرة سنةإبن القيم ‏[أعلام اوقع‏]‏ طبعة بيروت سنةإبن منظور ‏[لسان العرب]‏ طبعة دار اعارف.‏ القاهرةالأصفهاني ‏(أبو الفرج)‏ ‏[كتاب الأغاني]‏ طبعة دار الشعب.‏ القاهرة١٩٦٧ م١٣٥٣ ه١٩٦٢ م١٣٣١ ه١٩٧٣ م١٩٣٧ م١٩٦٤ م١٩٥٢ م١٩٧٢ م١٩٦٦ م١٣١٣ هأم سامي ‏(باشا)‏ ‏[تقو النيل]‏ طبعة القاهرة سنةالباقلاني ‏(أبو بكر)‏ ‏[التمهيد]‏ طبعة بيروت-ضمن مجموعة‏]نصوص الفكر السياسي الإسلامي ‏[سنة ١٩٦٦.١٩٢٨ م177


الإسلام وحقوق الإنسانالبيضاوي ‏[التفسير]‏ طبعة القاهرة سنة ١٩٢٦ مالجاحظ ‏[كتاب الحيوان]‏ تحقيق الأستاذ عبد السلامهارون طبعة القاهرةالجبرتي ‏[عجائب الآثار في التراجم والأخبار]‏ طبعةالقاهرة سنةالدهلوي ‏(ولي الله)‏ ‏[حجة الله البالغة]‏ طبعة القاهرة سنة ‎١٣٥٢‎هسارتون ‏(جورج)‏ ‏[تاريخ العلم]‏ طبعة القاهرة سنةصفي الدين البغدادي ‏[مراصد الإطلاع]‏ طبعة القاهرة سنةالطبري ‏(إبن جرير)‏ ‏[التاريخ]‏ طبعة القاهرة-الأولى-وطبعةدار اعارفالطهطاوي ‏(رفاعة)‏ ‏[الأعمال الكاملة]‏ دراسة وتحقيق د.‏ محمدعمارة.‏ طبعة بيروت سنةعبد الجبار بن أحمد ‏[تثبيت دلائل النبوة]‏ طبعة بيروت سنة‏(قاضي القضاة)‏علي بن أبي طالب ‏[نهج البلاغة]‏ طبعة دار الشعب القاهرةعلي فهمي خشيم ‏[الجبائيان:‏ أبو علي وأبو هاشم]‏ طبعةطرابلس-ليبيا-سنةالغزالي ‏(أبو حامد)‏ ‏[الإقتصاد في الإعتقاد]‏ طبعة صبيح-ضمنمجموعة-القاهرة بدون تاريخفان فلوتن ‏[السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات في عهدبني أمية [. طبعة القاهرة سنة‎١٩٦٥‎ مالقرافي ‏[الأحكام في التمييز ب الفتاوى والأحكاموتصرفات القاضي والإمام]‏ طبعة حلبسنةالقرطبي ‏[الجامع لأحكام القرآن]‏ طبعة دار الكتباصريةمجمع اللغة العربية ‏[معجم ألفاظ القرآن الكر‏]‏ طبعة القاهرة١٩٥٤ م١٩٦٦ م١٩٥٧ م١٩٧٧ م١٩٦٨ م١٩٦٦ م١٩٦٧ مسنة.‏‎١٩٧٠‎ م178


اصادر‏[اعجم الوسيط]‏ طبعة القاهرةمحمد حميد الله ‏[مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبويالحيدر آبادي والخلافة الراشدة]‏ طبعة القاهرة سنةمحمد عبده ‏(الإمام)‏ ‏[الأعمال الكاملة]‏ دراسة وتحقيق:‏ د.‏ محمدعمارة.‏ طبعة بيروت سنةمحمد عمارة ‏(دكتور)‏ ‏[تيارات الفكر الإسلامي]‏ طبعة القاهرةسنة‏[الإسلام وفلسفة الحكم]‏ طبعة بيروتسنة‏[اعتزلة وأصول الحكم]‏ طبعة القاهرةسنة‏[الإسلام والثورة]‏ طبعة بيروت سنةمحمد فؤاد عبد الباقي ‏[اعجم افهرس لألفاظ القرآن الكر‏]‏ طبعةدار الشعب.‏ القاهرة.‏النسفي ‏[مدارك التنزيل وحقائق التأويل]‏ طبعة القاهرةسنةوينسنك ‏(آ.ي)‏ ‏[اعجم افهرس لألفاظ الحديث النبويالشريف]‏ طبعة ليدن سنة١٩٥٦ م١٩٨٠ م١٩٦٩ م١٩٧٢ م-١٩٣٦١٩٨٣ م١٩٧٩ م١٩٨٤ م١٣٤٤ ه179


الإسلام وحقوق الإنسان180


اؤلف في سطورد.‏ محمد عمارةمن مواليد جمهورية مصر العربية في عام ‎١٩٣١‎م.‏تخرج في كلية دار العلوم.‏ ومنها نال إجازتي ااجستير والدكتوراه.‏قدم للمكتبة العربية أكثر من ست كتابا ب تأليف ودراسة وتحقيقمنها:‏- فجر اليقظة القومية.‏- العروبة في العصر الحديث.‏- الأمة العربية وقضية التوحيد.‏- إسرائيل هل هي سامية ?- الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية.‏- اعتزلة وأصول الحكم.‏- نظرة جديدة للتراث.‏- عندما أصبحت مصرعربية.‏- معارك العرب ضدالغزاة.‏- الإسلام والسلطةالدينية.‏- العرب والتحدي ‏[منإصدارات اجمللس ضمن هذهالسلسلة]‏- دراسة وتحقيق الأعمالالكاملة للأفغاني ومحمدعبده وعلي مباركوالطهطاوي وقاسم أموالكواكبي.‏ترجم عدد من أعماله إلىالكتابالقادمتحولات الفكر والسياسةفي الشرق العربيب - ١٩٣٠ ١٩٧٠تأليف:‏ د.‏ محمد جابر الانصاري181


اللغات الإنجليزية والأسبانية والروسية.‏في عام ١٩٧٢ حصل <strong>على</strong> جائزة جمعية أصدقاء الكتاب بلبنان عنكتابه ‏«دراسة للأعمال الكاملة لمحمد عبده»‏ وفي عام ١٩٧٦ حصل علجائزة الدولة التشجيعية صر عن كتابه ‏«دراسة الأعمال الكاملة لرفاعةالطهطاوي».‏182

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!