ملة إبراهيم ودعوة الأنبياء والمرسلين

ملة إبراھیم
فلیس فیھ وجھ دلالة یرقع بھ المجادلون باطلھم فقد روى أھل التفسیر
أن جدال إبراھیم عن قوم لوط،‏ إنما كان لأجل لوط ولیس لأجلھم فذكروا
أنھ لما سمع قول الملائكة:‏ ‏{إنا مھلكوا أھل ھذه القریة}‏ ‏[العنكبوت:‏
قال:‏ أرأیتم إن كان منھم خمسون من المسلمین أتھلكونھم؟
قالوا:‏ لا
قال:‏ فأربعون؟
قالوا:‏ لا
قال:‏ فعشرون؟
قالوا:‏ لا
ثم قال:‏ فعشرة،‏ فخمسة؟
قالوا:‏ لا
قال:‏ فواحد؟
قالوا:‏ لا
.[31
‏{قال إن فیھا لوطاً.‏ قالوا:‏ نحن أعلم بمن فیھا لننجینھ وأھلھ}‏
‏[العنكبوت:‏ 32].. الآیة،‏ وھذا الذي ذكره المفسرون تدل علیھ آیات
الكتاب..‏
فإن من أولى أنواع التفسیر تفسیر القرآن بالقرآن،‏ فآیة سورة ھود
الأولى تفسرھا آیة العنكبوت المذكورة..‏ فھي مبینة مفسرة لھا..‏
قال تعالى:‏ ‏{ولما جاءت رسلنا إبراھیم بالبشرى قالوا إنا مھلكوا
أھل ھذه القریة إن أھلھا كانوا ظالمین * قال إن فیھا لوطاً‏ قالوا نحن أعلم
بمن فیھا لننجینھ وأھلھ إلا امرأتھ كانت من الغابرین}‏ ‏[العنكبوت:‏
-31
.[32
ثم ھب أن جدال إبراھیم كان عن قوم لوط أنفسھم،‏ أولیس المعرفة
بحقیقة دعوة الأنبیاء؛ وأنھم كانوا أرحم الناس بأقوامھم،‏ تستلزم حمل ذلك
الجدال على الحرص على ھدایتھم قبل إھلاكھم؟
أولیس الفقھ السلیم؛ یقتضي حمل مثل ھذا الجدال المطلق،‏ وفھمھ
على ضوء قول النبي صلى الله علیھ وسلم،‏ لما بعث الله إلیھ مَلَك الجبال
(4)
منبر التوحید والجھاد