ملة إبراهيم ودعوة الأنبياء والمرسلين
Mektebe -> Arapça Kitablar -> Akide
Mektebe -> Arapça Kitablar -> Akide
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>ملة</strong> إبراھیم<br />
وقبل ذلك كلھ، ھناك أمر آخر... وھي النقطة الأولى والمھمة في<br />
الموضوع.. أن النبي صلى الله علیھ وسلم مع موقف عمھ المدافع ھذا، لم<br />
یكن لیداھنھ على حساب دعوتھ ودینھ، بل كان عمھ یعرف بدعوتھ صلى<br />
الله علیھ وسلم ویسمع بعداوتھ وبعیبھ لآلھتھم الباطلة، وقد حاولت قریش<br />
معھ للضغط على النبي صلى الله علیھ وسلم لیكفّ عن دعوتھ وعن عیب<br />
آلھتھم وتسفیھ أحلامھم، وعندما حاول أبو طالب السعي لمثل ذلك، ما داھنھ<br />
صلوات الله وسلامھ علیھ ولا تنازل عن شيء من أمر دینھ تطییباً لخاطر<br />
عمّھ الذي كان یحمیھ وینصره ویؤویھ، بل قال قولتھ المعروفة: (والله ما أنا<br />
بأقدر أن أدع ما بُعثت بھ، من أن یشعل أحد من ھذه الشمس شعلة من نار)<br />
كما في الطبراني وغیره. وھو صلى الله علیھ وسلم كذلك أولاً وآخراً لم<br />
یكن لیربطھ بعمھ الكافر ود ولا حب كیف وھو صلى الله علیھ وسلم قدوتنا<br />
ومثلنا الأعلى في قولھ تعالى: {لا تجد قوماً یؤمنون با والیوم الآخر<br />
یوادون من حاد الله ورسولھ ولو كانوا آباءھم...} الآیة، مع حرصھ على<br />
ھدایتھ... فذلك شيء والحب والود شيء آخر... وما كان النبي رغم إیواء<br />
عمھ وحمایتھ لھ ودفاعھ عنھ لیصلي علیھ یوم أن مات... بل نھاه الله عز<br />
وجل عن مجرد الاستغفار لھ یوم أنزل علیھ: {ما كان للنبي والذین آمنوا<br />
أن یستغفروا للمشركین..} [التوبة: 113] الآیة، وما كان منھ صلوات الله<br />
وسلامھ علیھ عندما جاءه علي رضي الله عنھ فقال لھ: (إن عمك الشیخ<br />
الضال قد مات فمن یواریھ؟...) غیر أن یقول لھ: (اذھب فواره) رواه<br />
الإمام أحمد والنسائي وغیرھما.<br />
ε<br />
ومثل ذلك أیضاً یُقال في رھط شعیب الذین كانوا مانعاً دونھ والكفار،<br />
قال تعالى مخبراً عن أعداء نبیھ: {ولولا رھطك لرجمناك} [ھود:<br />
كانوا كفاراً... وكذا نبي الله صالح علیھ السلام وولیھ الذي كان الكفار<br />
یحاذرونھ {قالوا تقاسموا با لنبیتنھ وأھلھ ثم لنقولن لولیّھ ما شھدنا<br />
مھلك أھلھ وإنا لصادقون} [النمل:<br />
91]. وقد<br />
.[49<br />
* أضف إلى ذلك أن ھناك فرقاً واضحاً یجب أن یُلاحظ ویعتبر بین<br />
أن یُعین الكافر مسلماً أو یجیره وینصره ویحمیھ ویأویھ بنفسھ دون أن یلجأ<br />
المسلم إلیھ أو یذل نفسھ لھ أو یتودّد، وإنما یفعل الكافر ذلك من تلقاء نفسھ<br />
بدافع القبلیة أو العصبیة أو القرابة وغیرھا... وبین أن یطلب المسلم ذلك<br />
منھ ویكون في طلبھ نوع ذل ومھانة ومداھنة أو إقرار وسكوت عن باطلھ<br />
أو رضىً بشركھ.. لا شك أن الفرق بین الحالتین واضح بین لا یخفى على<br />
البصیر، ولو تأملت ھذه الأمثلة لرأیتھا من الجنس الأول.. ولأبي جعفر<br />
الطحاوي كلاماً لطیفاً یشبھ ھذا في مشكل الآثار (3/239) فرّ ق فیھ بین<br />
الاستعانة بالمشركین في القتال وكون ذلك مما نھى الله تعالى عنھ في قولھ:<br />
{یا أیّھا الذین آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا یألونكم خبالا..} [آل<br />
عمران: 118] الآیة، وبین قتالھم بأنفسھم ضد أعداء المسلمین دون طلب<br />
واستعانة من المسلمین أنفسھم، فراجعھ فإنھ مفید في ھذا الباب.. وكذا جوار<br />
ابن الدغنة لأبي بكر... فكلھ من ھذا القبیل..<br />
(50)<br />
منبر التوحید والجھاد