Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
الزُّ وق التِّحتاين
17
تقديم
دائماً كما كان األجداد يبحثون وينتظرون، ها هي األجيال تسمّرت
مبكانها املعهود، لكي تستمرَّ احلكايةُ، حكايةُ وطنٍ غاب عن أهله سنوات
وسنوات، والضياع مستمر.
وطنٌ تتجاذبه التناقضاتُ من كل اجتّ اه، حتمل معه رياحاً عاتيةً، وأمواجاً
تتالطم على صخرات حبٍّ عميقٍ ، متجذّرٍ فينا، فتزداد صالبةُ األجيال، رغم
انكسار البعض منا، وتراجع الكثريين عن هذا احلبِّ العميق. كلّما ازدادتِ
الرّياحُ ، ازدادَ احلننيُ أكثرَ وكَبَُ التّمسك بوطنٍ غاب طويالً عنّا.
جتذّرت مجعيةُ احلولة وتعمّق أثرُها يف النفوس، لتحافظ على إرثٍ يكاد
أن يُكتبَ له االندثار، رغم صعوبة األوضاع، وتعقيداتها املتشعبة، إالّ أنّ هذه
اجلمعية استمرت، وبإصرارٍ وتصميمٍ، على أن تفتح األبواب اليت يتم إغالقها
عمداً، فعمِلتْ على قدمٍ وساقٍ لكي تُ رج األوراق احملفوظة، واليت مرّ عليها
الزّمن، وتكاد أن تتلفها السنوات الطويلة، إذ تكاد تطوى فيها ذكرياتُ كبارِ
السنّ اليت ما زالت منقوشةً بذاكرتهم املرهقة من عناء تعب وكدّ دون رمحه.
فلِهؤالءِ كلّ التقدير، وكلّ احلبّ ، وكلّ االحرام ألنّهم كافحوا وناضلوا
حسب قدراتهم وامكانياتهم. ناضلوا لكي حيافظوا على ما علق يف ذاكرتهم،
وناضلوا لكي يبنوا جيالً حيفظ ويتمسك بكلّ القيم اليت جبلهم بها طنيُ حبرية
احلولة، وأمساكها الغنية، وحقوهلا اليت وصفت جبورة الذهب لغناها بكلّ أنواع
املزروعات واألشجار املثمرة، واليت كانت مالذاً لكلّ جائع من كلّ صوب
واجتاه، وكرم ال يوازيه كرم عند الشّ دائد.
كانت احلولة ملجأ لإلنسان، ومالذاً للطيور الراحلة من بالدٍ بعيدة،
حمطة ترحال الباحث عن لقمه عيشه من كلّ الشمال واجلنوب. مل تغلق أبوابها