العدد الثامن- النسخة المصرية

א אכא‏..‏ א
لا شك أن خطوة تحرير سعر الصرف التي أقرها البنك المركزي المصري خلال نوفمبر
الماضي هي الخطوة اقسى في منظومة اصلاح الاقتصادي التي تنتهجها مصر حالي‏،‏
ولكنها ليست الخطوة التي يَعني مرورها نجاح منظومة اصلاح،‏ فهي بداية لخطوات لا
بد أن تكون أكثر جدية وأسرع وتيرة.‏
فالانعكاسات السلبية لتحرير سعر الصرف ومعدلات التضخم الخرافية التي تنعكس
بالضرورة على مستوى معيشة المواطن المصري كانت تتطلب البدء في إصلاح
منظومة الدعم قبل اتخاذ قرار التعويم لا أن تلحقها،‏ وحتى إن أتت بعدها فلا بد أن
تسير بوتيرة أسرع بكثير من ذلك؛ ن ضمان وصول الدعم لمستحقيه يخفف من وطأة
تلك الانعكاسات السلبية على الفئات اكثر احتياج‏.‏
إعلان الحكومة عن تنقية البطاقات التموينية من المُ‏ تَوَ‏ ف َّ يْن وغير المقيمين والمكررين
خلال الشهور الثلاثة القادمة يحمل العديد من التساؤلات..‏ كيف استمر المُ‏ توف َّ ى في
صرف الدعم؟ أليس لدينا قاعدة بيانات لشهادات الوفاة التي تصدر يومي؟ وكيف لمقيم
بالخارج أن يَصْ‏ رف دعم؟ أليس لدى الحكومة علم بمن يعملون بالخارج؟ وكذلك اسماء
المكررة من يتحمل المسؤولية عن تكرارها؟ وهل ستتم محاسبته؟
نعلم جيد أن غياب قواعد البيانات يحول دون الانطلاق إلى منظومة الدعم النقدي،‏
ولكن من يتحمل المسؤولية في ذلك؟ فالجهل التكنولوجي هو الذي أوصلنا لذلك،‏ بل
وما زال هناك تباطؤ في التحول التكنولوجي لكافة المعاملات الحكومية التي يمكن
من خلالها الوصول بسهولة لكافة البيانات المطلوبة عن الوضع المعيشي لكل مواطن
داخل الدولة.‏
وهنا نؤكد أن الحكومة يجب أن تسير بسرعة أكبر من ذلك وبآليات مختلفة نحو إنجاح
مشروع الدعم النقدي،‏ وأسوق إليكم بعض امثلة التي تشير إلى غياب الرؤية المتكاملة:‏
فهل عملت الحكومة على ميكنة كافة التعاملات التي تقدمها مصلحة الشهر العقاري
للمواطنين؟ وهل أجبرت كافة المصالح والهيئات الحكومية بل والقطاع الخاص على
صرف رواتب الموظفين من خلال حسابات بنكية؟ وهل تم عمل خطة لضم الاقتصاد
غير الرسمي وما يحققه من مكاسب،‏ ليس بهدف حصد الضرائب فقط،‏ ولكن خراجه
من منظومة الدعم؟ وغيرها الكثير من الوسائل التي يؤكد عدمُ‏ وجودها استمرارَ‏ الهدر
في مخصصات الدعم،‏ ووصولها لفئات غير مستحقة لها،‏ وليس لدينا شك في أن
مخصصات الدعم كبيرة،‏ ولا مانع من تقليصها،‏ ولكن وفق آليات تقنع المواطن بذلك.‏
محمود موى