الملك المفترس - إيريك لوران

الملك المفترس
ترجمة جماعية
44
وضعني في هذا المنصب بهدف تنشيط الدورة االقتصادية لشركاته وإحكام
السيطرة وتحقيق أقصى قدر من األرباح"‏ وها هي قواعد العمل:‏ ‏"أنا
رئيسكم المباشر وأحظى بثقة الملك".‏ ذلك أن السلطة السياسية والمالية في
المغرب دأبت منذ القديم على اإلذعان ألوامرالمستشارين الذين يمثلون
السلطة الملكية.‏
إال أن توجهات الودغيري لن تكون منسجمة مع رؤية القصر.‏ هذا البنكي
البالغ آنذاك عاماً،‏ كان واعيا بقيمته وكان مشبعا بقيم ‏"المدرسة
الجمهورية"‏ التي تحترم الكفاءة وبالتالي كان يجهل تماما األعراف
المخزنية وخصوصا منها المتجذرة في البالط.‏ لم يكن ساذجا ولكن لم يدرك
أنه يتحرك في حقل يعج باأللغام.‏ بعد تنصيبه بمدة قصيرة في رئاسة البنك،‏
اتصل به منير الماجيدي وطلب منه الحضور إلى مراكش ألن الملك يريد
استقباله.‏ انتظر الودغيري أن يُحدَّد له الموعد ثم اتصل به الماجيدي على
الهاتف مجددا ليخبره وهو محرج أن الملك ليس له الوقت.‏
الحقيقة أن الملك شخص منعزل ومتقلب المزاج،‏ وال يرتاح إال في صحبة
رفاق المدرسة المولوية األقدمين الذين أصبحوا مستشارين لديه،‏ ناهيك عن
بعض األشخاص ذوي المسارات المثيرة للتوجس.‏ هذا الطوق األول من
الرفقاء الذين يحومون حوله يقومون بحجب الحقائق عنه ويشكلون حاجزا
بينه وبين الواقع.‏ ولذلك فهو ال يعير اهتماما لما يحدث في العالم من وراء
ذلك الحجاب،‏ والودغيري ينتمي إلى هذا العالم.‏
علي كل حال فقد استطاع هذا األخير أن يوفر أرباحاً‏ قياسية على رأس
البنك الملكي،‏ ولكن الملك لم يستقبله مباشرة.‏ صحيح أن وظيفة الحجاب
التي تقوم بها تلك الدائرة األولى من الرفقاء تعمل في االتجاهين:‏ تحجب
الملك ليبقى بعيدا عن الواقع،‏ وفي نفس الوقت تقف حاجزا صارما أمام كل
من يسعى بصيغة أو أخرى أن يتقرب منه.‏ بدأ خالد الودغيري يكتشف شيئا
فشيئاً‏ هذا العالم الغريب:‏ ‏"كنت أعتقد أني أدير بنكا من القطاع الخاص،‏ ولم
أستوعب في البداية أن كل شيء في الواقع مرتبط باإلرادة الملكية الرجل
يؤكد أنه عندما استلم مهمته في أوائل عام 2113، استغرب من غياب أي
."
1
1 Entretien avec l’un des auteurs, Paris, novembre 2011
75