01.04.2021 Views

ماكو فضاء حر للابداع - العدد 03

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

السطحي.‏ ويف كل األحوال انصب اهتمام الفنان<br />

على صعود التكوين وليس انبساطه،‏ بانتفاخه<br />

وانغالقه النسبي أو الكامل.‏<br />

اتخذ تعدد التصاميم أكثر من صورة:‏ إظهار<br />

التبطح واملبالغة فيه وغلق الفتحات،‏ متثيل<br />

نباتي للجسد اخلارجي،‏ وأحياناً‏ حتويله كلياً‏<br />

إلى جسد نباتي شوكي،‏ تعدد فتحات التكوين<br />

وإضفاء تعابير شهوانية عليها،‏ تعدد التكورات<br />

يف تكوين واحد مغلق أو مفتوح.‏ ولسوف جند<br />

تكوينات مستطيلة وصغيرة الشكل مفتوحة<br />

سوف تكون يف املستقبل شيئاً‏ آخر يقترب بها<br />

من النحت.‏<br />

رافق ذلك كله اهتمام الفنان بإخضاع أعماله<br />

لقياس موحد نسبياً.‏ فتكويناته،‏ إذا ما تفلطحت<br />

وتبطحت أو صعدت برشاقة،‏ تبدو مشدودة<br />

بنسب ثابتة نسبياً،‏ مما يضفي على التنوع وحدة<br />

األداء والبصمة الشخصية.‏<br />

ويف تطور مهم على املستوى احلريف قام<br />

الفنان بإضفاء البريق الزجاجي والتركيز على<br />

املظهر الصنعي ورهافته ومتانته:‏ وعند هذا<br />

املفصل فتح الطريق إلى جماليات حداثوية<br />

تهتم بالنسيج وتكسر التكوينات االستعمالية<br />

لصالح تعبيرية جديدة تنزع نحو بناء الكتل<br />

والنحت التجريدي.‏ إال أن فهمه للنسيج كان<br />

يف البداية حتليلياً‏ ومثالياً‏ أشبه بالبحث عن<br />

جتليات املادة وخصائصها الذاتية.‏ لعله يف هذا<br />

ال يختلف كثيراً‏ عن توصالت الرسامني أنفسهم<br />

الذين كانوا قد استدخلوا فكرة النسيجية<br />

كمتمم جمالي لألساليب التجريدية التي بدأت<br />

تتحلل يف فن عالماتي.‏ إن عالم املالمس كان<br />

هو التعبير املباشر لفكرة النسيج كما ظهرت<br />

يف الرسم العراقي،‏ مع أن امللمس واحد من<br />

مظاهرها.‏ ولقد عبر الفنان عن ذلك كله ببناء<br />

خزفيات خشنة ذات خطوط مستقيمة وقريبة<br />

من ألوان التربة.‏<br />

لكننا جند هنا قضيتني مختلفتني:‏<br />

األولى أن مماثلة النسيج باملادة وحدها تشير<br />

إلى حالة من التصعيد واالستيهام العاطفي.‏<br />

والثانية أن النسيج ال ينفصل عن العمل من<br />

الناحية اجلمالية والفنية،‏ وهو ذو طبيعة تركيبية<br />

تعددية،‏ ويستحصل من إجراءات تصميمية<br />

وتقنية.‏ لقد عبّر الفنان عن القضيتني معاً‏ يف<br />

اختيارات متباعدة.‏ ففي األولى اختار التمثيل<br />

ويف الثانية اختار التجريد،‏ إال أنه اختار منطقة<br />

وسطى أيضاً‏ مبثابة ترجيع لهواجس األمانة<br />

للشكل االستعمالي.‏<br />

عرض الكتلة واألثر<br />

التقت الفكرة املثالية عن املادة لدى الفنان<br />

بتكوينات شبه طبيعية استوحت البيوت الريفية<br />

الطينية.‏ كان هذا لقاء انبثق من استجابة<br />

مباشرة.‏ فاملادة فسّ‏ رت نفسها يف هذا التمثيل<br />

الريفي،‏ أما التسامي يف املادة فقد تداعى يف<br />

الدالالت.‏<br />

هذا ال ينفي بالطبع أن الفنان كان قد بحث عن<br />

البساطة والنقاء باملعنى الفني،‏ وبالدرجة نفسها<br />

أراد الهروب من التقنية.‏<br />

إن هذه النتيجة،‏ برغم غرابتها وتداعياتها<br />

سلّمت للفنان وحدة بنائية جديدة ظهرت يف<br />

أعماله التالية.‏ فألنه كان قد رفع املشهدية<br />

الريفية على كتلة خزفية كبيرة مرتفعة مارست<br />

من حيث الوظيفة دور املسطبة،‏ أضحت هذه<br />

الكتلة ذاتها،‏ بسبب قوتها البنائية التجريبية<br />

وحافاتها احلادة متظهراً‏ جتريدياً‏ نحتياً‏ من<br />

حيث التعريف،‏ ومكاناً‏ إلسقاط األشكال<br />

املصغرة يف آن واحد.‏<br />

وبالفعل،‏ فهو يف جتربة تالية أبدى اهتماماً‏ بهذه<br />

الكتلة اخلزفية عن طريق توضيح خطوطها<br />

والصعود بها،‏ مستفيداً‏ من سطوحها اجلانبية<br />

يف أعمال حتسيس مدهشة يف تلقيها لطبعات<br />

مختلفة ومحوالً‏ قمتها إلى موقع عرض.‏<br />

اقترب الفنان من معمارية مشهديه تندفع كتلتها<br />

العامة إلى أعلى وتركز التفاصيل على القمة<br />

أما اجلوانب فهي مقطوعة وحادة.‏ ولقد أعاد<br />

تشكيل تلك التفاصيل مبا يوحي بوجود أثر،‏ بل<br />

وتنقيب أثري.‏ وهو يف هذا قدم صياغة فاتنة<br />

تنبني على إجراءات تنقيبية من حيث التعريف.‏<br />

وبدا أشبه برجل آثار يكشط موقعاً‏ من جهة<br />

السطح املواجه للسماء يف الوقت الذي حدد<br />

املوقع بأخدود عميق.‏ ومن الواضح أن هذين<br />

اإلجراءين يف فن التنقيب مختلفان،‏ فالكشط<br />

يجسد األثر ويعريه واألخدود يرفعه إلى األعلى<br />

ويكشف طبقات التربة احمليطة به.‏ واملهم أن<br />

التأثير الكلي لهذه األعمال أنها وضعتنا إزاء<br />

‏)ماكيت(‏ مجسد ألثر بكامل طبوغرافيته املوقعية<br />

والطبقية.‏ ولعلها أيضاَ‏ صوّرت لنا مكاناً‏ اقتلع<br />

107

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!