01.04.2021 Views

ماكو فضاء حر للابداع - العدد 03

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

مقرونة بتجربته الفنية وأبرز سماتها،‏ ومثابات<br />

يف أسلوبه الفني.‏<br />

ميكن النظر إلى هذه التجربة بوصفها حترراً‏<br />

وثورة إبداعية لدى الفنان إزاء ضغوط الترسيخ<br />

املبالغ فيه تقنياً‏ للشكل اخلزيف النفعي عبر<br />

سنوات الدراسة والتطبيق يف معامل اخلزف<br />

الكوبية،‏ متنكراً‏ لروح الصقل والتلميع والتزويق،‏<br />

جاعالً‏ من السطوح اخلزفية طروساً‏ خلطاب<br />

فكري بشحنات عاطفية متدفقة تعبيرياً.‏<br />

‏»يف أوائل جتربتي،‏ كان اهتمامي بالسطح<br />

اخلشن لتشقق الطني ومهتماً‏ باملزايا اجلمالية<br />

للطني،‏ ظهرت الكرة يف أعمالي.‏ وقد كسرت<br />

الكرة إلى نصفني،‏ وقمت بتحطيمها وعملت<br />

خراباً‏ يف سطحها«.‏<br />

الصورة )97( إن الفنان إبن بيئته،‏ وهي محيط<br />

إستعاراته مبا حتفل من تنوع وإدهاش وغرابة.‏<br />

فنجده يف إحدى زياراته لشمال عراقنا،‏ ومن<br />

قراه الطينية،‏ يستعير ما يثري جتربة فنية<br />

توافرت على طرافة وجدة،‏ مستدرجاً‏ تلك<br />

البيوت الطينية إلى عالم اخلزف.‏ شاهد<br />

بيوتاً‏ طينية يف كل من راوه وعانه يف مدينة<br />

الرمادي ويف املوصل.‏ فقد رآها الفنان مناذج<br />

خزفية حتيا يف محيطها البيئي،‏ وقد متغنطت<br />

يف خطابه اجلمالي:‏ رأيت يف منطقة أحمدآوا<br />

قرب التالل وعلى سفح اجلبل،‏ بيوتاً‏ مشيدة من<br />

الطني األحمر.‏ لقد أحسست بأن ذلك لم يكن<br />

بيتاً،‏ بل شكالً‏ سيراميكياً‏ وعمالً‏ فنياً.‏ وما زاد<br />

يف إحساسي ذلك أن البيوت كانت خالية متاماً‏<br />

ألن الفالحني يتركونها وينزلون إلى الوادي<br />

خالل موسم قطف الثمار.‏ فللطني سلطة على<br />

اخلزاف املبدع والذي يفكر من خالله.‏<br />

نعم فللطني ذاكرة خاصة،‏ كاألشكال اخلزفية<br />

التي تتوالد عبر التجريب واملناورات والتناص.‏<br />

وجد الفنان بيوتاً‏ تنطوي على نفسها ملتحمة يف<br />

تراصها بحميمية ذات شدو أنطولوجي خاص<br />

ال يحتاج إلى تفسير،‏ بنسق متجاور يذكي وتيرة<br />

التماس واللحمة فيها،‏ مترجمة حنيناً‏ بدائياً‏<br />

للبقاء خارج ضغط التكنولوجيا ومؤثراتها.‏ تلك<br />

البراءة األولى لقرى طينية ترتد بعمق لقرى حلف<br />

وحسونة يف بدايات االستيطان اإلنساني،‏ حاول<br />

الفنان أن يترجمها على سطوحه اخلزفية.‏ يف<br />

الصورة )79( يلمح لنا الفنان عن بيت طيني يف<br />

مقطوعة خزفية من سيمفونية اخلزف،‏ تذكرنا<br />

بعمارة الفقراء لدى املعمار إحسان فتحي،‏ حيث<br />

الساللم اخلارجية تنقل عيوننا بسهولة نحو<br />

علياتها املتواضعة.‏ يف هذا العمل يذكي فناننا<br />

لغة خاصة للبوح،‏ فالدار يفتح فاه والنوافذ<br />

عيون.‏ ويف ‏)الصورتني 79 و ) 88 الالزوردي،‏<br />

بتناص يستلهم التراث املعماري وعالمات من<br />

البيئة احمليطة ‏)التالل(‏ يف اجلزء األعلى لهذا<br />

العمل اخلزيف.‏ ومدرجات الزقورات وشدرات<br />

عمارية مستوحاة خيالياً‏ من اجلنائن املعلقة<br />

املفقودة،‏ حيث يتماهى العمل اخلزيف بعمق مع<br />

مرجعيات الفنان احلضارية.‏<br />

ويف الصورة )82( نلحظ اللغة اإلبداعية والفهم<br />

العالي لدى الفنان يف إعادة صياغة املشاهد<br />

الطبيعية،‏ مدوناً‏ انطباعاته بلغة الطني وألوانه<br />

بعيداً‏ عن أي تزويق وبريق خزيف،‏ باثاً‏ شفرات<br />

العمل اجلمالية لقرى تسكن األعالي يف اجلبال<br />

والتالل،‏ حيث يتطلب الوصول إليها ساللم<br />

وجهوداً‏ بدنية كبيرة.‏<br />

تقصى الفنان امليول الشكلية التي يتمتع بها<br />

الطني كمادة أولية لهذه القرى،‏ محافظاً‏ على<br />

بكريتها وفطريتها،‏ جمال لونها اللَحمي املليء<br />

بأكاسيد احلديد ‏)البنية احلمراء(.‏<br />

بيوت علقت فوق كرة ‏)جرة(‏ خزفية محورة<br />

ألرض حتفل بتشققاتها وصدعها،‏ بطريقة<br />

أداء تشعرك بلمسات أنامل الفنان يف الطني<br />

املعجون،‏ لتتشكل تلك القمم من البيوت<br />

والنتوءات الصخرية فوقها،‏ إستدراج لعناصر<br />

املكان البنائية من منظر طبيعي ظل راسخاً‏ يف<br />

ذاكرة الفنان البصرية ومخيلته اإلبداعية.‏<br />

ويف الشكل )71( يكثف الفنان مستويات<br />

الصياغة البنائية لقطعته اخلزفية،‏ متشاكالً‏<br />

مع معمارية اجلبال البركانية بقوتها وصالبة<br />

حافاتها احلادة،‏ بألوانها احلمراء البنية الداكنة،‏<br />

نلمح بعض البيوت الئذة بداخل هذه القمم،‏<br />

متوحدة ومنطوية على ذاتها.‏<br />

تعلن هذه التجربة عن رصيد وبوح إنساني<br />

صورة 81 تكوين خزغي للفنان طارق ابراهيم 2007<br />

* 32 29 سم<br />

صورة 82 كرة خزفية حمراء . للفنان طارق ابراهيم<br />

* 30 .2008 22 سم<br />

56

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!