01.04.2021 Views

ماكو فضاء حر للابداع - العدد 03

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

كانت بغداد تعيش حالة من االنتعاش الثقايف<br />

والفني والوعي املتعدد األوجه خاصة يف احلركة<br />

التشكيلية التي كانت قد آلت إلى حالة من الركود<br />

إثر وفاة جواد سليم يف مطلع الستني.‏ غير أن<br />

احلركة سرعان ما تأججت واستعادت نشاطها<br />

بفضل ما توافر عليه الفنانون الشباب آنذاك من<br />

مواهب حقيقية ووعي شمل املاضي واحلاضر،‏<br />

فضال عن التنوع يف مصادر جتاربهم وثقافتهم<br />

وتقنياتهم التي جمعت بني الشرق والغرب.‏ هكذا<br />

توفرت للفنانني بيئة ثقافية خصبة ومتنوعة كان<br />

من بينهم نخبة من املعماريني الذين أسهموا<br />

إسهاما فاعال يف دفع احلركة التشكيلية قدما،‏<br />

إلى جانب مثقفني عراقيني أوجدوا مبجموعهم<br />

مناخً‏ ا ثقافيًا عاما ساعد على ترويج األعمال<br />

الفنية،‏ كما ساعد على بلورة التجارب والرؤى<br />

واألفكار.‏<br />

وكان أن تأسست أكادمييةالفنون<br />

اجلميلة)‏‎1961‎‏(،‏ وخصص فيها بعد بضع<br />

سنوات فرع مستقل لفن الفخار واخلزف تولى<br />

اإلشراف عليه فالنتينوس والتحق به فيما بعد<br />

سعد شاكر،‏ ليعمل االثنان معا على ترويج هذا<br />

الفن وتأسيس نخب من اخلزافني املبدعني<br />

من أجيال الحقة.‏ زد على ذلك تولي النحات<br />

الفذ إسماعيل فتاح الترك تدريس مادة النحت<br />

الفخاري،‏ وأصبح يحفزّ‏ الطلبة على ارتياد آفاق<br />

اخليال الرحبة مما وضعهم داخل بيئة فنية<br />

حديثة متكاملة.‏<br />

من املعلوم أن لفن اخلزف طبيعته اخلاصة،‏<br />

وارتبط على مدى العصور بطابعه التزييني<br />

النفعي.‏ نتيجة لذلك ظل موضع جدل يف حول<br />

كونه محض فن وظيفي أم فنا ينطوي أيضا<br />

على خطاب تعبيري.‏ هذا اجلدل لم يكن غير<br />

انعكاس للمعايير السائدة يف الغرب ومعاهده،‏<br />

والتي اكتسبها الفنانون من ضمن ما اكتسبوا<br />

من قيم نقدية ومعيارية فنية.‏ لكن هذه املفاهيم<br />

أخذت تتغير تدريجيا حتت تأثير احلداثة،‏<br />

السيما مدرسة الباوهاوس،‏ التي غيّرت من<br />

طبيعة النظر إلى احلياة عامة والفنون خاصة.‏<br />

ومع نهاية السبعني تركزت مفاهيم جديدة<br />

للتعامل مع العمل الفني بغض النظر عن املادة<br />

التي يستخدمها الفنانة أو الفنان.‏ وكان سعد<br />

شاكر من أول من حسم هذا اجلدل يف العراق<br />

وقدم أعماال خزفية جتمع بني شكل أخاذ يف<br />

جماله وغني يف مضمونه التعبيري،.‏ وبذلك قدم<br />

أمثلة رائدة يف حتقيق التوازن.‏ فأعماله النحتية<br />

التجريدية،‏ خاصة الشكل الكروي ومدلوالته،‏<br />

تتوافر على صنعة فنية موروثة بقدر ما تدعو<br />

للتأمل يف مفهوم الشكل والكتلة والفراغ داخل<br />

ال<strong>فضاء</strong>.ولعل الوعي باملاضي وإدراك قيمة<br />

األعمال الفنية املتوارثة من حضارات العراق<br />

بعصوره القدمية واإلسالمية،كانت من القضايا<br />

التي انشغل بها فنانو جيل الستني عامة يف<br />

معرض بحثهم عن التميز والهوية وإيجاد مكانة<br />

للفنان العراقي بوصفه امتدادا إلبداع متوارث<br />

ذي شأن.‏ فمنذ بدء احلياة يف بالد الرافدين<br />

كان الطني مادة أساسية يف حياة اإلنسان.‏<br />

فقد صنع منه أشكاال تعبر عن وجوده وعقائده<br />

وممارساته اليومية،‏ ومنها استدل املؤرخون إلى<br />

فهم تلك املجتمعات ومنجزاتهم احلضارية.‏ بل<br />

من الطني صنع فنانو وادي الرافدين ألواحهم<br />

التي توثق إجنازاته العلمية،‏ وقوانني حياتهم<br />

وتاريخ معاركهم وانتصاراتهم.‏ بل من الطني<br />

أيضا صنعوا أدواتهم املستخدمة يف حياتهم<br />

اليومية.‏ ولم يتنازلوا قط عن اجلانب التزييني<br />

يف صناعته الصحون واجلرار واألكواب،‏<br />

وجميعها لم تخل يف كثير من األحيان منال قيمة<br />

التعبيرية.‏ وحني استقر نظام اإلسالم على هذه<br />

األرض كان اخلزف من أهم ما أنتجه املسلمون<br />

من فنون.‏ بل كان اخلزف العباسي ذو البريق<br />

املعدني«،‏ الذي وجد يف سامراء أوال،‏ قد ذاع<br />

صيته حتى قيل إنه ‏»يفوق يف اجلمال والبريق<br />

كل ما عرفه العالم اإلسالمي من هذا اخلزف<br />

بعدها«‏ . ولم يكن الفنان املسلم مجرد <strong>حر</strong>يف بل<br />

كان فنه تعبيرا عن رؤية ذاتية للوجود يسعى من<br />

خاللها إلى حتقيق كمال الفكرة بكمال الشكل.‏<br />

يومها كان الصانع هو املبدع واملبدع هو الصانع.‏<br />

استطاع سعد شاكر أن يستفيد من املوروث بقدر<br />

90

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!