ماكو فضاء حر للابداع -2-2022
ماكو فضاء حر للابداع -2-2022
ماكو فضاء حر للابداع -2-2022
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
بغداد، أقامت لها مشغال مجهّزا بفرن كهربائي<br />
ملمارسة عملها. كما كانت يف الوقت نفسه<br />
ترافق أختها سلمى إلى املواقع األثرية للقيام<br />
بعمليات التنقيب واحلفر بإشراف علماء<br />
متخصصني عراقيني وأجانب. ذلك ما أضفى<br />
على جتربتها الفنية بعدا ثقافيا وعمليا معا.<br />
ثم غادرت ثانية مع العائلة إلى بيروت حيث<br />
أقامت حتى منتصف السبعينات، مارست<br />
خاللها التدريس يف اجلامعة األمريكية،<br />
ولبيروت كل الفضل بترويج أعمالها اجلميلة.<br />
بدأت نهى حياتها الفنية خزافة تسعى إلى<br />
تقدمي فن مفعم برسالته اجلمالية لتتوغل من<br />
خالله إلى صميم احلياة اليومية. فنها قائم<br />
على اإلتقان يف العمل، تزييني وتوظيفي عموما<br />
وإن لم يخل من مشاهد تعبيرية. ولطاملا كانت<br />
هذه رسالة الفن اإلسالمي وفنون الشرق<br />
عامة. لعل ذلك ما حيّر النقاد واملثقفني يف<br />
العراق آنذاك. فمنهم من وجد أعمالها ال<br />
حتمل رسالة تعبيرية، فوقف موقف الرفض أو<br />
احلياد. بينما وجد آخرون أنها مخلصة لتقاليد<br />
هذا الفن وتاريخه وتسعى لتطويعه وربطه<br />
باإلرث الشعبي، كاملعلم الكبير فاالنتينوس.<br />
مضت نهى قدما وبثقة كاملة مؤمنة برسالتها<br />
الفنية.<br />
لعل روح الدعابة التي طبعت أعمال نهى<br />
الفنية، واألدبية فيما بعد، ساعدت على تعزيز<br />
املوقف السلبي منها. لكنها واصلت إبداعها<br />
مبزيد من اإلصرار بتجسيد أفكار وأشكال<br />
مبتكرة قائمة على استلهام موضوعات عراقية<br />
شعبية ال تخلو من الظرف وخفة الدم.<br />
فأبدعت مجسمات تنم عن <strong>حر</strong>فة دقيقة عالية<br />
وجمال أخّ اذ، كما استطاعت، بغزارة إنتاجها،<br />
وطرافة أفكارها وحسّ ها املميّز بالتصميم<br />
وانتقائها اجلريء لأللوان، أن تقتحم عالم<br />
الفنون بقوة وتشكل وحدها ظاهرة ال ميكن<br />
التغاضي عنها قبل أن تعلن بكل جرأة وقناعة<br />
عن طالقها األبدي املفاجئ للطني الذي أحبت<br />
وأبدعت فيه، وبعد أن شق اسمها <strong>فضاء</strong><br />
العالم الفني مقترنا بأعلى مستويات اجلمال.<br />
لقد جاء قرارها احلاسم هذا مع منتصف<br />
الثمانينات من القرن املاضي، ألسباب محض<br />
صحية، عقب آخر معرض شخصي لها يف<br />
قاعة األورفلي يف بغداد. لكن نهى الراضي<br />
نحلة دؤوبة ال يستقيم وجودها بغير الفن. رمبا<br />
أمضت بعض الوقت شغلته بتصميم املالبس:<br />
العباءات النسائية حتديدا بالتعاون مع مصممة<br />
األزياء السيدة سهى البكري، قبل أن متضي<br />
مبشروع مكمل ومغاير.<br />
قررت نهى أن تتعلم فن الرسم من جديد. وكان<br />
لها يف دارها اجلميلة التي شيدتها <strong>فضاء</strong> كافٍ<br />
لتنظيم سلسلة دروس عملية لها وملن يرغب من<br />
األصدقاء باالنضمام إليها حتت إشراف الفنان<br />
واألستاذ القدير إبراهيم العبدلي. فتجلت<br />
شخصية نهى وروحها املرحة مرة أخرى يف ما<br />
أنتجت من أعمال وبورتريهات. بدءا، أخذت<br />
ترسم األصدقاء أينما حظت بوجودهم،<br />
وأنتجت سلسلة من أعمال ذات بعدين فيها<br />
من البدائية بقدر ما فيها من فن الكاريكاتير.<br />
لكنها متكنت من االمساك بروح الشخصية.<br />
ولم تكتف نهى بدروس الرسم، بل بدأت حتضر<br />
إلى محترف رافع الناصري الذي أقامه يف<br />
<strong>فضاء</strong> بجوار قاعة األورفلي يف 1987، وبدأت<br />
بالتدرب على فن احلفر والطباعة )الغرافيك(،<br />
ثم واصلت العمل الحقا مع الناصري يف<br />
محترف دارة الفنون متى ما تسنى لها حني<br />
حتل يف عمان. وأنتجت أعماال منمنمة جميلة<br />
صورت فيها الطبيعة واألمكنة العراقية، مؤكدة<br />
أن سلوكها يف احلياة والفن واحد ال انفصام<br />
بينهما.<br />
مع أحداث <strong>حر</strong>ب اخلليج )1991م( وسنوات<br />
احلصار، وقع التحول الدرامي يف حياة<br />
العراقيني وأدى إلى أكبر هجرة جماعية<br />
99