26.07.2022 Views

ماكو فضاء حر للابداع -2-2022

ماكو فضاء حر للابداع -2-2022

ماكو فضاء حر للابداع -2-2022

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

طالب مكي.‏ حمامتان.‏ 1966<br />

حديد ملون.‏ 104 x 112 x 135 سم.‏<br />

مجموعة االبراهيمي.‏ عمان<br />

طالب مكي.‏ السجني السياسي.‏ 1987<br />

الوان مائية على الورق 27 x 37 سم.‏<br />

مجموعة االبراهيمي.‏ عمان<br />

املتلقي لن ينشغل طويالً‏ يف تأويلها..‏ وهو<br />

التأويل الذي سينفتح،‏ مع جتارب مكي وحياته،‏<br />

مبا متتلكه نصوصه الفنية من ذهاب ابعد من<br />

نصية النصوص.‏ فهو سيحيلنا إلى األسباب<br />

التي جعلت جواد يفكر يف « صرخة«‏ داخل «<br />

صمت األشياء«‏ ! ومن ثم،‏ يسمح لنا للعثور<br />

على معان عند مكونات الفنان .. وضمن<br />

موهبته .. ويف جتاربه الفنية.‏<br />

ال يتكلم طالب مكي،‏ وعاش حتت رحمة هذا<br />

الداء.‏ لكن ما عالقة ‏)احلبسة(‏ بلغة كونتها<br />

شروطها النحتية:‏ األبعاد واخلامات؟ إن جواد<br />

سليم،‏ البغدادي،‏ الرقيق واملرهف،‏ واخلجول<br />

بنبل،‏ مع جتاربه املوسيقية واألدبية،‏ كان يجد<br />

معادال ً تعبيريا ً، كما يف النحت،‏ بصفته معمرا<br />

ً روحيا رمزيا وعالقته باملدينة التاريخ.‏ لكن<br />

جواد شخصيا ‏ً أحالني إلى تلك الفوضى<br />

والتداخالت التي عاشتها مرحلة الريادة يف<br />

خمسينيات القرن املاضي،‏ ونشوة تدشينها<br />

بلغة مناسبة.‏ فهل ثمة لغة ما باستطاعتها أن<br />

تزحزح سكون ألف عام من الصمت واخلمول؟<br />

ليس النحت وحده ميتلك دوافعه الواقعية<br />

والرمزية إال بصفته يخص معمار املدينة <br />

اإلنسان.‏ إن األشياء،‏ كلما توغلنا يف مناطقها<br />

النائية،‏ واملستحيلة،‏ واملكرسكوبية وما هو<br />

أبعد من املرئي نحو الذي يحول اخلاليا إلى<br />

طاقات..‏ وابعد .. كالضوء والزمن..‏ فإن<br />

التأويل يغدو روحيا ً، وقد شمل املشهد الكوني<br />

بجالل أنظمته.‏ ليس إال صمت النحت،‏ مع<br />

املتلقي،‏ ميكنه النفاذ إلى املعاني املشار إليها<br />

بإمياءات ال أكثر وال أقل:‏ وليس أدق من مصغر<br />

السجني السياسي متثال ً لها.‏ إذاً‏ فصرخة<br />

الصمت ستتصل باملجسمات واخلامات<br />

واألبعاد النحتية بالدرجة األولى..‏ ومن ثم<br />

التاويالت النفسية والثقافية ذات الدافع<br />

الت<strong>حر</strong>يضي أو النقدي.‏<br />

وجد طالب مكي لغة تناسب شخصيته:‏ تترك<br />

كيانه ينحت،‏ إن لم أقل إنه هو برمته غدا مادة<br />

فنه،‏ وليست األصابع كما عند جواد وخالد<br />

الرحال وإسماعيل فتاح ومرتضى حداد بعد<br />

جيلني املاهرة إال أداة الدخول.‏ بيد أن صمت<br />

طالب مكي ليس شخصياً،‏ كما أن موضوعاته<br />

لن ترتبط حصراً‏ مبا جذبه وعذبه وأثاره..‏<br />

فاالرتقاء باملعاني منح لغته النحتية االنتقال<br />

من النموذج الفني إلى الدالالت األبعد.‏<br />

هل كانت صرخة الصمت تنذر بالهدم..‏<br />

ومغادرة االنغالق،‏ نحو حوار أكثر اتساعاً؟ إن<br />

طالب مكي،‏ بعد رحيل حواد سليم سيعتمد<br />

على صمته رمزيا : تلك النداءات التي<br />

ستترك رنينها منحوتة يف اتساع املسافات<br />

واملوضوعات.‏ فكانت موضوعات : األم ..<br />

والصناديق..‏ ومنحوتات خرافية لكائنات<br />

بشرية حورها إلى أشكال لم تتأسس عليها<br />

احلداثة ‏)األوربية(‏ وإمنا تأسس عليها النحت<br />

يف بذوره البكر:‏ الدمى الطينية،‏ ومتاثيل<br />

عشتار)اآللهة األم رمز اخلصب أو االمتداد(،‏<br />

اآللهة التي امتلكت مزايا اخلصب واآلثام:‏<br />

األم عند طالب مكي ليست تلك اآلتية<br />

من اجلنوب ‏)مدينة الغراف الشطرة(‏ :<br />

املاء وصمت العجز إزاء املصائر املستحيل<br />

إنقاذها فحسب،‏ إمنا أالم التي حملت منذ<br />

ظهرت اليابسة بعد الطوفان،‏ بثالثة أالف<br />

سنة قبل تدوين ملحمة جلجامش يف األقل،‏<br />

نذور حضارة شكلتها التحديات واالستجابة<br />

. فمنحوتاته األم تقرب امتدادا البذور:‏ إنها<br />

ليست تامة..‏ وليست دالة على معان محددة.‏<br />

إنها حتمل جيناتها وقد المسها ال<strong>فضاء</strong> تارة<br />

بقسوة..‏ وبرقة تارة أخرى.‏ فأالم وجدت<br />

222

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!