ماكو فضاء حر للابداع -2-2022
ماكو فضاء حر للابداع -2-2022
ماكو فضاء حر للابداع -2-2022
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
نزيهة سليم.<br />
زيت على القماش، مجموعة خاصة<br />
نزيهة سليم. 1975<br />
زيت على القماش، 75 x 90 سم<br />
مجموعة مؤسسة كندة. الرياض<br />
األولى متثلت بواقعية ركزت فيها على رسم<br />
البورتريت. كل مآرب الفن العراقي التي<br />
اعقبت احلرب العاملية الثانية كانت تستقي<br />
أساليبها من مدارس الرسم التي نهضت مطلع<br />
القرن العشرين يف فرنسا ويف املقدمة منها<br />
التكعيبية والسوريالية. غير ان نزيهة لم متض<br />
بعيداً يف غريبها، فهي تتمسك مبواضيعها<br />
العائلية والشعبية، وفيه الكثير من البساطة،<br />
ولعل لوحتها التي مع التعبيرية إلى ريد اخلطو<br />
واختصارها هي احلل األفضل للحساسية<br />
األنثوية التي شغلت معظم الرسامات<br />
العراقيات، عدا مديحة عمر التي بقيت إلى<br />
اليوم حالة خاصة يف غربة التشكيل النسائي<br />
العربي. فنساء نزيهة سليم أو جوها العائلي،<br />
أو حتى صورة املكان لديها، إذا جردناها من<br />
مرجعيتها األسلوبية التي تعود إلى التأثير<br />
األوروبي، تنطوي على موقف عاطفي، ولعل<br />
لوحتها )حوار عائلي( واحدة من األعمال<br />
التعبيرية التي تفيض باحلساسية األنثوية<br />
الرقيقة، مع اقتصاد اخلطو وريد الشخصيات<br />
من واقعية مفترضة. يف لوحة نزيهة سليم<br />
مترين على االقتراب من السليقة. فمزاج<br />
اللوحة منبسط وال يندفع واملشاعر العنيفة أو<br />
االنفعال، ويتساوق مع محلية التعبير وحسية<br />
الفطرة.<br />
بعد مسيرة نصف قرن، شاركت نزيهة سليم<br />
يف الكثير من املعارض املهمة، وكانت امرأة<br />
محظوظة، عاشت العصر الثقايف الذهبي يف<br />
االربعينات واخلمسينات،<br />
حيث كان بيتهم، هذا البيت الذي تسكنه اآلن،<br />
ملتقى الكتاب والفنانني من مهتمني باملوسيقى<br />
الكالسيكية إلى املعماريني والنحات والشعراء<br />
وكتّاب القصة، دخل الزمن إليه وخرج مزهواً<br />
بوجود اخوة احتضنوها ورعوا ربتها، ولكن<br />
املوت رحل بهم بعيداً عنها، فبقيت وحيدة،<br />
مثلما قيض لها أول األمر عندما جاءت بعد<br />
ستة اخوة، الفتاة التي فرح بها األب أكثر من<br />
فرحه بأوالده. لعل نزيهة سليم يف وحدتها<br />
اآلن، ويف هذا البيت الذي يوشك على الرحيل<br />
وال يشفع له ماضيه العريق، متثل كمشهد<br />
واحد من مشاهد العراق، سفينة تصارع املوج<br />
بدون صوار وال عدة تقذف بها إلى بر األمان.<br />
املدى<br />
2011/07/06<br />
24