26.07.2022 Views

ماكو فضاء حر للابداع -2-2022

ماكو فضاء حر للابداع -2-2022

ماكو فضاء حر للابداع -2-2022

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

أن يشقى إلثبات جدارته طوال الوقت حني<br />

يكون يف وطنه.‏ وهي ال تشعر مبرض احلنني<br />

إلى الوطن يف عمان ألنها تعيش يف عمارة كلها<br />

عراقيون،‏ تسمع موسيقاهم،‏ وكالمهم يطوقها<br />

من كل اجلهات.‏ إنها تعمل كباحثة مستقلة<br />

تقوم بأبحاثها اخلاصة،‏ وبالتالي فإن األمر<br />

قد يكون أهون عليها منه على زوجها الفنان<br />

رافع الناصري الذي يعمل أستاذاً‏ يف اجلامعة.‏<br />

إنها وظيفة بيروقراطية وهو ليس سعيداً‏ بها.‏<br />

ولكن حياته ال ميكن أن تقارن مبن هاجروا<br />

إلى نيوزيلندا باحثني عن جوازات سفر<br />

جديدة وعمل جديد.‏ فهم منقطعون حقاً‏ عن<br />

جذورهم،‏ وصلتهم باملاضي واهية يف أحسن<br />

األحوال.‏ كم من الوقت،‏ سوف تستغرق عملية<br />

التوفير لشراء بطاقة عودة إلى الوطن؟<br />

‏»هربت ابنتا صدام حسني مع زوجيهما<br />

وأطفالهم إلى األردن يف أغسطس ١٩٩٥«.<br />

« ترك سلفادور يف بغداد حلراسة البستان«.‏<br />

وهكذا،‏ اتصف نص يوميات بغدادية بطابع<br />

تقريري واقعي تارة،‏ وبانعطافاته التعبيرية<br />

الوجدانية تارة أخرى،‏ من خالل طرح بعض<br />

اآلراء الشخصية عن احلرب ومسبباتها<br />

وتبعاتها.‏ ومتيز النص أيضاً‏ باإلسهاب يف سرد<br />

التفاصيل،‏ إذ تصف الكاتبة بعض األشياء<br />

بدقة شديدة،‏ بينما متر الكاتبة مروراً‏ عابراً‏<br />

على أخرى.‏ هذا باإلضافة إلى إشاراتها<br />

يف بعض املقاطع من النص التي حتيلنا إلى<br />

وضعها النفسي آنذاك وانعكاسات آالمها<br />

الوجودية اليومية الذي تعبر عنها من خالل<br />

كوابيسها أو أحالمها التي تخللت نصوصها<br />

التفصيلية عن احلياة العادية.‏<br />

وتلقي بعض الصور ذات املناخ السوريالي والتي<br />

ندرج مقاطع منها أدناه بظاللها الثقيلة على<br />

يومياتها تباعاً:‏<br />

يف اليوم السابع عشر:‏<br />

‏»يف الليلة املاضية حلمت بأشخاص يقفون<br />

خارج نوافذهم يف الطابق الثالث،‏ متدلني<br />

بصورة طبيعية يف الهواء ويتجاذبون أطراف<br />

احلديث،‏ متاماً‏ كما يف حفلة طيور الكروان«.‏<br />

اليوم احلادي والعشرون:‏<br />

‏»يف الليلة املاضية حلمت إني أحمل شجرة<br />

منت عليها أرغفة خبز صغيرة رحت أوزعها<br />

من حولي.‏ لم يكن لها جذور أو أن جذورها<br />

كانت يف الهواء،‏ لست متأكدة أيهما،‏ على أية<br />

حال كنت أمشي بها سعيدة.‏ لطيف.‏ شجرة<br />

عجائبية؟«‏<br />

اليوم التاسع والعشرون:‏<br />

‏»يف هذا احللم كانت ‏)جنول(‏ تطلب مني أن<br />

أساعدها على تصميم احلديقة يف بيتها<br />

اجلديد.‏ فجأة كنا يف حديقة مليئة بنباتات<br />

عمالقة،‏ متيبسة،‏ شبيهة بالصبير،‏ قلت:‏ لكن<br />

هذه كلها يابسة،‏ ثم:‏ ال ضير،‏ سنزرع حديقة<br />

جديدة«.‏<br />

اليوم السادس والثالثون:‏<br />

‏»أردت دائماً‏ أن أكتب كتاباً‏ يبدأ بهذه اجلملة:‏<br />

أعيش يف بستان مع ٦٦ نخلة و‎١٦١‎ شجرة<br />

برتقال،‏ فحول ثالثة من النخيل تواجه نافذة<br />

غرفة النوم لتذكرني بعنفوانها.‏ الذكور<br />

الوحيدون املقيمون،‏ جدار طيني يفصلنا عن<br />

البستان املجاور«.‏<br />

اليوم الثاني واألربعون:‏<br />

‏»يقولون إن األمريكيني يف الناصرية،‏ هل<br />

سيأتون إلى بغداد؟ هل سيأتون،‏ كما يف حلمي،‏<br />

سائرون يف شارع حيفا؟«‏<br />

يوم التاسع من مارس:‏<br />

‏»رأيت كابوساً‏ يف الليلة املاضية كنت أمسك<br />

بتمثال صغير من أعمال احلفر،‏ رأس سومري<br />

أبيض جميل ذو عينني ياقوتيتني،‏ أحدهم<br />

عراقي،‏ رمبا فليح كسره وهو يحاول ثقبه <br />

أعتقد أنه كان يصنع منه خرزة«.‏<br />

‏»حلمت الليلة املاضية بشخص ذي رأسني <br />

تغير إن جاز القول مر باستحالة من الواحد<br />

إلى اآلخر شرير ملتصق بطيّب يصنعان<br />

وجوهاً‏ فضيعة«.‏<br />

‏»ثم حلمت ب)كرودي(‏ وكنت سعيدة جداً‏<br />

برؤيته حتى إني دأبت على أخذه باألحضان<br />

والكالم بال توقف.‏ كان ميتاً‏ منذ ١٥ عاماً‏ وكان<br />

مبقدوره أن يقول لي أشياء شيقة وبدالً‏ من<br />

ذلك أنا التي كنت أتكلم،‏ فرصة ضائعة حتى<br />

يف األحالم«.‏<br />

وعن آراء الفنانة نهى الراضي السياسية<br />

ومواقفها جتاه احلرب،‏ فقد جمعت بعض مما<br />

سجلته يف يومياتها التي بدت فيها غاضبة<br />

ناقمة تارة،‏ ثم متهكمة وحزينة تارة أخرى،‏<br />

تطغى عليها سحنة الفنان العاطفي.‏ واحلقيقة<br />

أن الراضي لم تسجل مواقفها السياسية بشكل<br />

صريح يف كل األحوال،‏ وقد اكتفت يف بعضها<br />

إلى اإلشارة السريعة وبدى عليها احلذر من<br />

الدخول يف تفاصيل األمور،‏ فمثالً‏ ذكرت يف<br />

نهاية فصل احلرب أن هناك شائعات:‏<br />

‏»أن البصرة سقطت مرة أخرى،‏ إيرانيون<br />

يقاتلون هناك«‏ واكتفت بوصفهم بجملة<br />

‏»رجال ذوو سحنات داكنة يرتدون السراويل«‏<br />

ولكنها لم تكن إشاعة كما ذكرت الكاتبة،‏ بل<br />

حقيقة،‏ فقد استغل احلرس الثوري اإليراني<br />

ومناصريه من التوابني والتبعية اإليرانية<br />

والفارين من داخل وخارج العراق،‏ انسحاب<br />

اجليش العراقي من الكويت لينقضوا على<br />

بقايا الوطن.‏ فالوليمة عظيمة بحجم ثروة<br />

العراق وتقبل القسمة على اجلميع.‏ لتندلع<br />

احلرب اإليرانية العراقية من جديد بعد إعالن<br />

إيقافها رسمياً‏ يوم الثامن من أغسطس عام<br />

169

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!