26.07.2022 Views

ماكو فضاء حر للابداع -2-2022

ماكو فضاء حر للابداع -2-2022

ماكو فضاء حر للابداع -2-2022

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

احلرويف وبتواضع امرأة كانت قد قطعت شوطاً‏<br />

يف جتربتها الفنية.‏<br />

تقول:«‏ .. أما وقد آمنت بذلك،‏ فقد جعلت<br />

من احلروف العربية قواعد لرسومي،‏ فأخذت<br />

أدرج يف حتويلها من أشكال سطحية بسيطة<br />

إلى صور للفكر مت<strong>حر</strong>كة معبرة.‏ ومع أن فكرتي<br />

هذه ما زالت يف دور التجربة،‏ إالّ‏ إنني اكتشفت<br />

أن يف احلروف العربية إمكانات تؤثر يف سائر<br />

الناس من أرباب الفن وجتعلهم ينظرون إليها<br />

على أنها صور تتضمن معاني وأفكاراً‏ ال مجرد<br />

خطوط ملونة«.‏<br />

عرضت الفنانة مديحة عمر جتربتها ببساطة<br />

من دون أن متارس تنظيراً‏ إال يف حدود التعريف<br />

باحلروف بوصفها أكثر مما تبدو،‏ وهي تدعونا<br />

إلى أن نراها كذلك،‏ بل تدعونا إلى أن نراها<br />

يف سياق الفن احلديث،‏ وهذا مهم،‏ ويلتقي يف<br />

حدود معينة باملشروع احمللي جلماعة بغداد<br />

للفن احلديث الذي جمع ما بني التعابير<br />

واملشاهد احمللية والفن احلديث.‏<br />

واقع احلال إننا ال نعرف الكثير عن فنها،‏ ألنها<br />

قضت فترة طويلة من حياتها يف اخلارج،‏ ورمبا<br />

أقامت معرضاً‏ واحداً‏ أو معرضني يف بغداد،‏<br />

والكتابة عنها بوصفها رائدة يف استلهام احلرف<br />

باللوحة فقط هو من صاغ شهرتها وحدّد إطار<br />

املعرفة بفنها يف حدود تلك التجربة وحدها.‏ إن<br />

اجلماعة احلروفية العراقية،‏ وشاكر حسن آل<br />

سعيد بوجه خاص حدّدا لنا هذا اإلطار.‏<br />

إذا ما اعتمدنا هذا اإلطار احلرويف فسنجد<br />

عدة معاجلات فنية على النحو األتي:‏<br />

- تندمج احلروف يف عالم نباتي ال تتبني فيه<br />

احلروف بوضوح،‏ وتتشاكل،‏ أو تصنع تعريشات<br />

نباتية وورود مائية مفتوحة وتتماهى معها،‏ أو<br />

تتحول احلروف فيها الى ورود بوقية على خلفية<br />

سوداء مبا يخلق جوا من التغريب والفنطازيا<br />

السا<strong>حر</strong>ة.‏<br />

- أعمال مدهشة يف نظامها البنائي التشكيلي،‏<br />

حيث احلروف تشكل عمالً‏ بنائياً‏ يكاد يكون<br />

مدوّنة موسيقية أو مدينة أحالم غريبة.‏ يف هذا<br />

السياق هناك عمل جميل منسجم مع األفكار<br />

التي صاغتها بشأن شخصية بعض احلروف.‏<br />

إن شخصية <strong>حر</strong>ف العني ستمارس دوراً‏ مهيمناً‏<br />

على يسار اللوحة،‏ ثم تتالعب بفمه املفتوح<br />

وتكرره،‏ متعاشقاً‏ مع <strong>حر</strong>ف الالم ‏)ل(‏ الذي<br />

انطوى يف ‏)ال(‏ متكررة،‏ وثمة عشرات العالمات<br />

الصغيرة التي ال نتبني إن كانت غصناً‏ أو ثماراً‏<br />

ساقطة.‏ األمر املثير أن هذا البناء متقشف<br />

يف اللون،‏ فاألشكال واخلطوط بيضاء فاترة<br />

على خلفية سوداء.‏ إن وضع <strong>حر</strong>كة البناء تشق<br />

طريقها يف عمق اللون األسود،‏ فكأننا يف مدينة<br />

تضيء أنوارها يف الليل!‏<br />

- تكوينات <strong>حر</strong>وفية نباتية أخطبوطية كأنها<br />

سالل على خلفيات ملونة.‏<br />

- <strong>حر</strong>وف مقذوفة على سطح من دون أي تنظيم<br />

!<br />

استلهامات من خطي الرقعة والكويف التي<br />

بسبب مرجعياتهما احلرفيّة عاجلتهما مرة<br />

بطريقة فولكلورية ومرة بشكل تركيبي يف بناء<br />

سيء .<br />

فيما عدا هذا،‏ وهو قليل جدا مقارنة بتاريخها<br />

الفني وجتربتها الواسعة ، فإن العديد من رسومها<br />

خارج إطار استلهام احلرف،‏ تشير إلى متكن<br />

<strong>حر</strong>يف يف رسم الشخوص ومتثيل الشخصيات<br />

يف لغة تعبيرية اختزالية.‏ ومن املؤسف إننا ال<br />

منتلك من هذه النماذج اال القليل.‏<br />

ثمة عمل ملديحة عمر ميثل نباتات وتعريشات<br />

شائكة نفذت بلون أبيض كالح على ورقة ذات<br />

لون أصيل خليط من األزرق والبنفسجي الليلي،‏<br />

ال تدري إن كانت تستلهم فيها ليونة احلرف أم<br />

ليونة النبات وقوته واستقالله.‏ إنه عمل يذكرني<br />

بأعمال فنانات عراقيات تولعن برسم النباتات<br />

والغابات،‏ مثل سعاد وليلى العطار.‏ واألمر ال<br />

يخص مقارنة يف مادة املوضوع ، بل ونوع من<br />

الهروب االنثوي الى الطبيعة.‏ وفيما جند عند<br />

االخيرتني انفجارات واحتدامات و<strong>حر</strong>ائق حتى<br />

يف هذا الهروب،‏ ال متتلك مديحة عمر غير<br />

السكون الليلي لنباتات تتشبه باحلروف و<strong>حر</strong>وف<br />

تتشبه بالنباتات!‏<br />

37

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!