ماكو فضاء حر للابداع -2-2022
ماكو فضاء حر للابداع -2-2022
ماكو فضاء حر للابداع -2-2022
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
طالب مكي. ٢٠١٥<br />
زيت على القماش.٨٠ ط ٨٠ سم<br />
مجموعة االبراهيمي. عمان<br />
الغريزية واالستثنائية فهي ثقافة صانع<br />
امهر: خرافات أو معجزات. إن صناديقه تنطق<br />
بصمتها، ومبا تكوم فيها من أسرار نائمة على<br />
األسرار. فهو ال يفصح، انه يكتم الكتمان، أي<br />
يعلنه بطريقته. حقا ًعلينا أن نستذكر الس<strong>حر</strong>ة<br />
األوائل : إنهم ال يوهمونا بعمل املعجزات،<br />
إنهم يجعلوننا نصدقها. فالس<strong>حر</strong> يكمن يف<br />
ملغزاته وليس يف نتائجه.. ولكن أشكال<br />
الس<strong>حر</strong> حتافظ على خفاياها: ذلك املت<strong>حر</strong>ك<br />
وراء السكون.. وصوره. يف صناديق النحات،<br />
كما يف كل ذاكرة نبيلة، ما يستحق اإلصغاء.<br />
إن مكي اشتغل بهذه البدائية التدشني البكر<br />
لكل فعل أي بدأ نحو االبتداء ليس يف فتح<br />
صناديق الذاكرة النحت بل يف السكن فيها.<br />
فهي املأوى. ففي عزلته بعد رحيل جواد<br />
سليم مللم طالب مكي حكمته وغادر الدنيا<br />
ورمبا لهذا السبب وجد مأواه اآلخر يف<br />
الطفولة والتضحية مبوهبته الكبيرة، ولكن<br />
بإغراء البراءة ليس إال . فعمل يف دار ثقافة<br />
األطفال رساماً لسنوات طويلة لكنه لم يكف<br />
عن صناعة صناديقه املغلقة: صناديق حتكي<br />
تراكمات ما يحدث .. وما يحدث بعيداً عن<br />
املشاهدة واملراقبة. فثمة عيون حتدق فينا،<br />
بصمت ذبذبات فقدت بنيتها )الذرية( وغدت<br />
متوجات وكمات وما هو قريب للزمن: لغة<br />
ال تصمت، ألنها ال حتمل مفهوم عمانوئيل<br />
كانت] الشيء يف ذاته[ بل : لغة تتميز بوضوح<br />
أدائها ومنطقها :دوائر.. وأشكال خرافية<br />
حتولت إلى مثلثات ومكعبات وسطوح كأنها<br />
تضاريس األرض وتقلباتها وأطاللها وقد<br />
جتاورت. فاملكعبات الصناديق حتكي الذي<br />
مت روايته، حتكي احلكاية وكأنها لم حتك<br />
من قبل: ما الذي يريد املوت أن يقوله لنا،<br />
وقد اكتشف لعبته مع كائنات ال متتلك إال<br />
أن تهرب إليه، ال بعيدا ًعنه: عيون حتدق يف<br />
اآلخر، املجهول، ملغزات تتحول إلى صرات<br />
داخل صناديق الذاكرة. النحات يعيد صياغة<br />
بديهات: الوجوه .. واملعابد.. والسفن ..<br />
والنسوة املدثرات بالعباءات وما حتمله من<br />
رائحة اخلصب والثمار واألرض واحلكمة.<br />
الصناديق لم تعد مغلقة .. إال كما القصائد<br />
عندما ال نسنها. لكن النحت ليس مأوى<br />
للدفن، بل مأوى للتكوين، واملغادرة. فأسفار<br />
طالب مكي، كما هي أسفار عشتار يف غزلها،<br />
تغوي السر، لتغوي الغواية ذاتها، كي جتعلها<br />
عالمة تامة: منحوتات تهدم السكون والوثن<br />
أو الصنم. فالفنان ال يصنع إال الذي تراكمت<br />
ملغزاته، كي تستحيل إلى لغة يفسدها الشرح،<br />
ألنه قد ميسسها. فبدائيته حتميها من الهتك<br />
أو االستعمال.فالصناديق الصغيرة، تبقى، إلى<br />
جانب منحوتات كبار النحاتني العرب، عالمة<br />
عصر لم تفكك مدافنه، فهو يحمل تشفيرات<br />
الشاخص، ولكن، مبلغزات الذين لم ميوتوا بعد<br />
. إال تبدو مستقبلية متاثيل الدمى األولى، قد<br />
صنعت، لغد آخر، كان النحاتون والشعراء <br />
ال ينقلون فيه إال هذا اإلرث الذي ال يخص<br />
مكونات ما ال يحكى ويسرد فحسب ، بل<br />
حيث الشاخص عالمة دخول، ومغادرة: مخيال<br />
وليس ضجة استذكارات باطل..<br />
أقنعة ومرايا<br />
كيف يتاح للفنان أن يجمع، يف حدود نصه<br />
الفني، أزمنة قدمية، وأخرى تبقى مت<strong>حر</strong>كة؟<br />
وكيف يتسنى له، أن يسكن هذا النص، وان<br />
يندمج فيه، وان يغادره، يف الوقت نفسه؟<br />
وكيف يحافظ على مت<strong>حر</strong>كات داخل املجسم<br />
بأداء يختزل فيه اعقد اإلشكاليات: املعنى<br />
إزاء عناصر النحت الفنية؟ إن طالب مكي، ال<br />
يستعير فكرة القناع، املرآة، التي ترجع أصولها<br />
إلى ثنائية الرؤية.. وحدة القناع بالوجه..<br />
226