ماكو فضاء حر للابداع -2-2022
ماكو فضاء حر للابداع -2-2022
ماكو فضاء حر للابداع -2-2022
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
.1988<br />
بارك معارضو النظام العراقي احلاكم آنذاك<br />
اقتحام اإليرانيني واعتبرها البعض اآلخر منهم<br />
انتفاضة شعبية إلسقاط النظام.<br />
اإليرانيون يف عمق أراضي العراق اجلنوبية،<br />
سيطرت القسوة وغلظة الطباع على املدن<br />
احملتلة، قتل الشاعر والفنان ومسؤولي الدولة<br />
وعوائلهم، عمليات السحل وتعليق اجلثث على<br />
األعمدة كانت يومية، وطافت سيارات اإلطفاء<br />
واإلسعاف أرجاء املدن بعد أن حتولت إلى<br />
منصات أو مسارح للتعذيب والقتل على مرأى<br />
ومسمع من اجلميع، وفر من كان باستطاعته<br />
الفرار، والقى البعض اآلخر حتفه، دامت<br />
حفالت الثأر اإليرانية عدة أسابيع، نهبت فيها<br />
مخازن الطعام واملؤسسات والدوائر واملدارس<br />
و<strong>حر</strong>قت الوثائق والسجالت والبنايات وعمت<br />
الفوضى البالد.<br />
بينما سجلت نهى الراضي أكثر من مرة<br />
موقفها من الرئيس العراقي احلاكم صدام<br />
حسني والرئيس األميركي جورج بوش، آنذاك،<br />
فقالت يف إحدى املقاطع من النص:<br />
»كنت أقول طوال الوقت إن بوش وصدام<br />
متشابهان فكالهما نفذ تهديداته، هما<br />
قصفا ونحن احترقنا. واالن بوش أيضاً<br />
مينح النياشني، وعما قريب سيقدم هدايا<br />
من السيارات. خطاباته يتخللها اآلن تصفيق<br />
متزلف حاد. أعتقد أن التاريخ لن ينظر إلى<br />
بوش على أنه بطل، بل على أنه مدمر، فنحن<br />
بلد عالم ثالثي، معروفون بأنه ليس لدينا<br />
الكثير من رجاحة العقل. ألم يكن مبقدوره أن<br />
يتوصل إلى السالم عن طريق املفاوضات بدالً<br />
من اإلبادة؟ انظروا فقط إلى ما حل بالبيئة«.<br />
ويف مونولوج داخلي آخر للكاتبة اتخذت فيه<br />
من أسلوب السخرية مناسبة لتسجل إحدى<br />
أهم املواقف املستهترة لصناع القرار السياسي<br />
واحلروب يف العالم:<br />
«حسنا، قال السيد بوش، ال ملقترحات طارق<br />
عزيز، على أية حال لم أعتقد قط أنه سيقول<br />
نعم، فهذا ال يخدم ماَربه، يا له من رجل<br />
شجاع، يصدر حكماً علينا وهو يلعب الغولف،<br />
بعيداً يف واشنطن«.<br />
ويف ذات املونولوج تتساءل الكاتبة ببراءة عن<br />
موقف الدول العربية جتاه ما يحدث للعراق<br />
علماً أن موقف تلك الدول الذي تباين بني<br />
املؤيد لل<strong>حر</strong>ب على العراق، والرافض لها كان<br />
واضحاً منذ البداية، منذ أن رفضت دول<br />
اخلليج النفطية، التعاون مع العراق على<br />
تخفيف أعباء الديون اخلارجية التي سببتها<br />
احلرب مع إيران، وذلك برفض اخلطة<br />
املمنهجة إلنتاج النفط بأسعار معينة والتي<br />
تؤدي إلى انتعاش دولة العراق اقتصادياً من<br />
جديد، فانضمت السعودية واإلمارات وقطر<br />
والب<strong>حر</strong>ين وعمان ومصر وسوريا واملغرب<br />
للفريق األول، بينما انضم كالً من األردن<br />
وفلسطني وليبيا واليمن والسودان وموريتانيا<br />
للفريق الثاني، فيما اكتفت اجلزائر وتونس<br />
بالوقوف على احلياد:<br />
»أجد صعوبة بالغة يف تصديق أن اجلميع<br />
نبذونا، وخاصة العرب. أحسب أن هذه احلرب<br />
ستكون نهاية ما يسمى بالوحدة العربية، كانت<br />
تلك مهزلة حتى يف زمنها. ال أعتقد إني أريد<br />
أن أسمي نفسي عربية بعد اآلن، بصفتي<br />
عراقية أستطيع أن أكون سومرية أو بابلية<br />
أو حتى اشورية، إن كان مبقدور اللبنانيني أن<br />
يسموا أنفسهم فينيقيني واملصريني فراعنة،<br />
فلماذا ال نحذو حذوهم؟«.<br />
ويف حوارات أخرى تقول:<br />
»الشي لطيفاً يف احلرب. الشيء الوحيد الذي<br />
لم يراهن عليه أحد هو قصف بغداد وضربها<br />
بهذا العنف، كانوا على ما يفترض بصدد<br />
حترير الكويت، لعلهم يحتاجون إلى خريطة؟«.<br />
»أستطيع أن أفهم كراهية الكويتيني لنا ولكن<br />
ماذا فعلنا لك ياجورج بوش كي تكرهنا مبثل<br />
هذا احلقد املسموم، ميكن للمرء أن يسمعه يف<br />
صوتك: هل ألننا حتدينا أميركا وقلنا )ال(؟«.<br />
»أشعر بحقد مرير على الغرب«<br />
»خطأنا الكبير كان عدم االنسحاب من الكويت<br />
بحلول يوم ١٥ يناير. إذ كان من شأن هذا أن<br />
يضع احللفاء يف مأزق جهنمي«.<br />
وبعد إمتام قراءة كتاب يوميات بغدادية الذي<br />
يُعد من أهم املراجع التي غطّ ت معظم ما مر<br />
على الشعب العراقي يف تلك الفترة، لم أجد<br />
خامتة أفضل من قصيدة للشاعر العراقي<br />
سركون بولص يقول فيها:<br />
»بغداد سنبلة تشبث بها اجلراد<br />
جئت إليك من هناك<br />
إنه الدمار<br />
قال لي<br />
وسار مبتعداً واختفى يف كل مكان«<br />
الفنانة نهى الراضي<br />
170