26.07.2022 Views

ماكو فضاء حر للابداع -2-2022

ماكو فضاء حر للابداع -2-2022

ماكو فضاء حر للابداع -2-2022

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

ما قالته نهى الراضي يف ‏»يوميات بغدادية«‏<br />

تغريد هاشم<br />

165<br />

بدءاً‏ من املشاهدات ومروراً‏ باخلبرات اليومية،‏<br />

وبأسلوب الراوي،‏ سجّ‏ لت الفنانة العراقية نهى<br />

الراضي أبرز األحداث والقضايا التي مرّت<br />

على الشعب العراقي يف الفترة ما بني 1991<br />

1998 يف كتاب أطلقت عليه ‏)يوميات بغدادية(.‏<br />

ويوميات بغدادية الذي نشرت أجزاء منه يف<br />

املجلة األدبية البريطانية املعروفة ‏)غرانتا(‏<br />

عام ١٩٩٢، ترجم بعد ذلك إلى اللغة الهولندية<br />

واإلسبانية والعربية.‏ تضمن الكتاب ثالثة<br />

فصول هي:‏ احلرب،‏ احلصار،‏ واملنفى.‏ دوّنت<br />

الراضي فيها األحداث من خالل مونولوجات<br />

داخلية لبطلة اليوميات التي هي نهى الراضي<br />

ذاتها،‏ ثم سجّ‏ لت حوارات مع اآلخرين دارت<br />

يف منزلها الكائن يف منطقة الصليخ يف بغداد،‏<br />

ويف عمان األردن أيضاً،‏ ليصنف هذا الكتاب<br />

ضمن كتب السيرة الذاتية.‏<br />

ألقت الراضي الضوء على أبرز احملطات<br />

املهمة يف حياتها وحياة الشعب العراقي برمته.‏<br />

وهذا األخير تفرد له الكاتبة مساحات خاصة<br />

متمثلة بالكفاح اليومي من أجل البقاء،‏ من<br />

خالل الصبر غير احملدود والتعامل بالمباالة<br />

عند األزمات اخلانقة،‏ والتمسك بروح اإلرادة<br />

الصلبة واملبدعة التي تستمد من إرث األجداد<br />

يف اختراع األشياء البدائية البديلة،‏ إثر تدمير<br />

البنى واحلياة املدنية فيها والدفع القسري إلى<br />

العيش ضمن حياة تفتقر ألبسط املقومات.‏<br />

تشير الراضي إلى حتمل الشعب العراقي<br />

مرارة احلرب بكل أبعادها مبا كان ميتلكه من<br />

إصرار وحتدي.‏ وقد أسهمت لغتها املباشرة<br />

التي طغت على نصوصها يف دفع القارئ<br />

للمتابعة وإيجاد األجوبة لألسئلة املتكررة من<br />

قبيل:‏ كيف للمرء أن يحيا مع الدمار الهائل<br />

الذي حلق به بكل هذا الصبر؟ وكيف بإمكان<br />

املرء التعالي على جراحاته من أجل اخلالص؟<br />

كيف يقتنص حلظات السعادة واملرح عند<br />

الشدائد؟ كيف يسيطر على نزواته ومزاجيات<br />

ذاته من أجل راحة اجلميع؟<br />

يف يناير عام 1991 وعندما شنت قوات<br />

التحالف الهجوم العسكري على العراق،‏<br />

قررت الراضي تسجيل شهادتها،‏ إذ تقول:‏<br />

‏»كانت األشهر الستة األخيرة من األيام التي<br />

سبقت احلرب كلها متشابهة،‏ نهاراتها موصولة<br />

بلياليها،‏ وباندالع احلرب أصبحت النهارات<br />

والليالي يوماً‏ طويالً‏ واحداً.‏ ليس لديّ‏ رزنامة<br />

للعام 1991، ولذا ال أستطيع حتى أن أشطب<br />

األيام.‏ إنها كلها يوم واحد.‏ هذا هو اليوم<br />

الثالث من احلرب.‏ كل هذا الوقت لكي أدرك<br />

أن احلرب بدأت حقاً،‏ وإنني لست يف حلم،‏<br />

قررت أن أكتب يوميات،‏ أن احتفظ بسجل من<br />

نوع ما،‏ أسطر فيه ما يحدث لنا،‏ فهذا أمر ال<br />

يحدث كل يوم«.‏<br />

ويف يوم التاسع عشر من كانون الثاني عام<br />

1991، ويف الفصل األول الذي أطلقت عليه<br />

نهى الراضي اسم فندق السعادة والذي<br />

تدور معظم أحداثه يف منزلها ببغداد،‏ تفتتح<br />

يومياتها التي أهدتها إلى الشعب العراقي وكل<br />

الذين عانوا من آثار احلصار املدمرة،‏ كالتالي:‏<br />

‏»يف عشية اندالع احلرب،‏ توجهت إلى فندق<br />

الرشيد اللتقاط رسالة...‏<br />

‏»لن تكون هناك <strong>حر</strong>ب،‏ قلت له جازمة.‏ لقد<br />

استهنت بغرائز اإلنسان التدميرية وجدول<br />

عمل القوى املتحالفة ضدنا«.‏<br />

اليوم األول:‏<br />

‏»صحوت يف الساعة الثالثة صباحاً‏ على وابل<br />

القنابل املتفجرة.‏ ندت عني آهة هائلة مازلت<br />

أستطيع أن أسمعها.‏ لم أصدق أن احلرب<br />

بدأت،‏ كانت السماء مضاءة بأكثر عروض<br />

األلعاب النارية غرابة«.‏<br />

‏»كلبي سلفادور كان يجري مسعوراً،‏ ينئ إلى<br />

السماء وينبح بغضب شديد«.‏<br />

‏»انقطع التيار الكهربائي«‏<br />

‏»حذت الهواتف حذو الكهرباء وصمتت ميتة«‏<br />

اليوم الثاني:‏<br />

‏»غادرت ميرا وإلهام واألوالد إلى خانقني«‏<br />

‏»صفارات اإلنذار وعوي سلفادور الهستيري«‏<br />

‏»أخذت شاحنات حكومية يف سائر أنحاء بغداد<br />

برمي اخلبز إلى اجلموع احملتشدة«‏<br />

اليوم الثالث:‏<br />

‏»أمضينا اليوم نرسم مبرح،‏ أنا وسهى،‏ بينما<br />

كان أوار احلرب مستعراً‏ يف اخلارج«‏<br />

‏»لقد ضبطت منذر بيك راكباً‏ دراجة حفيده،‏<br />

قال لي بأنه يتسلى فهو على اقتناع بأنه لن<br />

يرى أحفاده مرة أخرى«‏<br />

‏»شاهدنا عصر هذا اليوم صاروخ سام ينفجر<br />

يف السماء«‏<br />

اليوم الرابع:‏<br />

‏»يف الساعة اخلامسة صباحاً:‏ غارة جوية«‏<br />

‏»ذهبت إلى بيت زيد ألترك رسالة والتقيت<br />

عمتيه العجوزتني لعلّ‏ عمر الواحدة منهما 110

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!