Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
تأویلاً وحملاً! فقال: نُؤوِّلھ ونحمِلُھ. فلأَن یلقى العبدُ ربھ بكل ذنبٍ -ما خلا<br />
الإشراك باللھ- خیرٌ لھ من أن یلقاه بھذه الحال (1) .<br />
بل إذا بَلَغَھُ الحدیثُ الصحیح یعد ُّنفسھ كأنھ سمعھ من رسول اللھ<br />
یسوغ لھ أن یؤخر قبولَھ والعمل بھ حتى یعرضھ على رأي فلان وكلامِھ<br />
ومذھبھ! بل كان الفرض المبادرة إِلى امتثالھ، من غیر التفات إِلى سواه،<br />
ولا یُستَشكَلُ قولُھ لمخالفتھ رأي فلان (2) ، بل تُستشكل الآراءُ لقولھ، ولا<br />
یُعارَ ض نص ُّھ بقیاس، بل تُھدر الأقیسة وتُلغى لنُصوصھ، ولا یُحر َّ ف كلامُھ<br />
عن حقیقتھ، لخیالٍ یسمیھ أصحابھ معقولاً، ولا یوقَفُ قبولُ قولھ على<br />
موافقتھ فلان دون فلان، كائناً من كان (3) .<br />
عن عمرو بن شعیبٍ، عن أبیھ، عن جده -عبد اللھ بن عمرو بن<br />
العاص-، قال:<br />
أقبلت أنا وأخي، وإذا مشیخَةٌ من أصحاب رسول اللھ ε جلوس عند باب<br />
من أبوابھ، فكرھنا أن ِ نفرّ ق بینھم، فجلسنا حَجْرَ ةً، إذ ذكروا آیة من القرآن،<br />
ε، فھل<br />
110<br />
ε<br />
أمر النبي إِلى أمر غیره أنھ طالب للسلامة، بل من كان ھذا وصفھ فھو طالب<br />
للكفر والغضب والعذاب.<br />
(1 ( لأن ھذا النوع من التأویل غالباً ما یؤدي إِلى إباحة المحظورات، وتعطیل<br />
الصفات وغیرھا من الغیبیات المثبتة في الكتاب والسنة، وھو باب واسع یؤدي<br />
بصاحبھ إِلى الشرك والزندقة.<br />
( 2 )<br />
أي لا ینبغي أن یستشكل قول النبي ε على الأذھان، لمعارضتھ لأقوال الغیر،<br />
مھما سمت مرتبة ھذا الغیر العلمیة والدینیة والاجتماعیة، لأن الأصل الذي یجب<br />
أن یتبع من دون التفات أو تردد ھو قول النبي ε، وما سواه إن جاء قولھ مخالفاً<br />
لقول النبي ε، فھو مردود ولا یُشتغل بھ. ومما یلاحظ على كثیر من الأحزاب<br />
والجماعات المعاصرة -من باب التعصب للحزب أو الشیخ- فإن الحق لا یؤخذ<br />
بھ إلا إذا جاء عن طریق الحزب أو الشیخ، ولو جاء عن غیر طریق الحزب<br />
وأشیاخھ فھو یقابل بالفتور والتردد، إذا لم یقابل بالرد والإعراض، والاستھانة<br />
والاستخفاف، وھذا من أشنع ما یؤخذ على كثیر من الأحزاب والتجمعات<br />
المعاصرة.<br />
( 3 )<br />
ε<br />
المتأمل لواقع المسلمین في ھذا الزمان، یجد أن كثیراً منھم یردون قول النبي<br />
لقول المذھب الذي یتمذھبون بھ، أو لقول شیخ من مشایخ المذھب! كما وأنك<br />
تجد في قلوبھم رھبة لقول المذھب والشیخ أو الطریقة أكثر من قول الر َّ سُول<br />
!!ε