تهذيب شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي.. نسخة جديدة ومنقحة

ما زال بصفاتھ قدیماً(‏‎1‎‏)‏ قبل خلقھ ولم یزدَدْ‏ بكونِھم
شیئاً‏ لم یكن قبلھم من صِ‏ ‏فَتھ،‏ وكما كان بصفاتھ أزلیاً،‏ كذلك لا
یزال علیھا أبدیاً‏ " .
ش:‏ أي أن اللھَ‏ سبحانھ وتعالى لم یزل متصفاً‏ بصفات الكمال:‏
صفات الذات،‏ وصفات الفعل،‏ ولا یجوز أن یعتقد أن اللھ وُ‏ صِ‏ ‏فَ‏ بصف ‏ٍة
بعد أن لم یكن متصفاً‏ بھا.‏ لأن صفاتھ سبحانھ صفاتُ‏ كمال،‏ وفقدھا صِ‏ فةُ‏
نقصٍ‏ ، ولا یجوز أن یكون قد حصلَ‏ لھ الكمال بعد أن كان متصفاً‏
بضِ‏ دّ‏ ‏ِه.‏
‏-مباشرة اللھِ‏ عز وجل لفعل في وقتٍ‏ دون وقت،‏ لایستلزمُ‏ بحال
أن اللھَ‏ لم یكنْ‏ متصفاً‏ بھذا الفعل قبل فعلھ-‏
ھذه الأحوال:‏ صفات الفعل،‏ والصفات الإختیاریّ‏ ‏ِة،‏ كالخلق،‏ والتصویر،‏
والإحیاء،‏ والإماتة،‏ والقبضِ‏ ، والبسط،‏ والإستواء،‏ والإتیان،‏ والمجيء،‏
والنزول،‏ والغضب،‏ ونحو ذلك مما وصف بھ نفسُھ ووصفھ بھ رسولُھ،‏
وإن كانت تحدث في وقت دون وقت،‏ كما في حدیث الشفاعة:‏ ‏"إن ربي
غَضِ‏ بَ‏ الیومَ‏ غضباً‏ لم یغضب قبلَھُ‏ مثلھ،‏ ولن یغضب بعده مثلھ"‏ (2) . ھذا
الحدوث بھذا الإعتبار غیر مُمتنع،‏ ولا یُطلق علیھ أنھ حدث بعد أن لم یكُن،‏
ألا ترى أن من تكلم الیومَ‏ وكان مُتكلماً‏ بالأمس لا یُقال:‏ إِنھ حدث لھ الكلامُ،‏
ولو كان غیر متكلم ‏-لآفةٍ‏ كالصغر والخرس-‏ ثم تكلم،‏ یُقال:‏ حدثَ‏ لھ
الكلامُ،‏ فالساكتُ‏ لغیر آفةٍ‏ یُسم َّى متكلماً‏ بالقوة،‏ بمعنى أنھ یتكلمُ‏ إذا شاءَ.‏
وفي حال تكلمھ یُسمى متكلماً‏ بالفعل،‏ وكذلك الكاتب في حال الكتابة ھو
كاتب بالفعلِ،‏ ولا یخْرجُ‏ عن كونھ كاتباً‏ في حال عدم مباشرتھ للكتابة (3) .
‏-ھل الصفةُ‏ زائدةٌ‏ على الذاتِ‏ أم لا؟-‏
68
قولُھ:‏ "
1)
قد تقدم أن اسم ‏"القدیم"‏ لایصح ولم یثبت بالدلیل الشرعي أنھ اسم من أسماء
اللھ الحسنى،‏ وأنھ كذلك لا یفید الكمال كاسم ‏"الأول"‏ الثابت في النصوص
الشرعیة،‏ وھو من إطلاقات أھل الكلام ومصطلحاتھم.‏
(2 ( متفق علیھ.‏
(3 ( جاء في الحدیث الصحیح أن اللھ تعالى أول ما خلق القلم،‏ فأمره أن یكتب ما
ھو كائن إِلى یوم القیامة.‏ فكون القلم أول خلق خلقھ اللھ تعالى لا یستلزم أن اللھ
قبل خلقھ للقلم لم یكن خالقاً،‏ بل كان خالقاً‏ یخلق ما یشاء لو شاء ولكن قضت
حكمتھ وشاءت أن لا یخلق شیئاً‏ قبل القلم.‏