Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
ِ<br />
-اختلافُ التنوّ عِ لا یستدعي التنازع والش َّحناء-<br />
اختلافُ التنوِّعِ على وجوهٍ، منھ ما یكونُ كُل ُّ واحدٍ مِنَ القَوْ لین أو الفعلین<br />
حَق َّاً مشروعاً، كما في القراءات التي اختلفَت فیھا الص َّحابة ψ، حتى<br />
زَ جَرَ ھُم النبي<br />
ومثلُھُ اختلافُ الأنواعِ في صفةِ الأذانِ، والإقامةِ، والاستفتاحِ، ومَحلّ<br />
سجود الس َّھو، والت َّشھ ُّدِ، وصلاة الخَوفِ ، وتكبیرات العید، ونحو ذلك، مِم َّا<br />
قَدْ شُرِ عَ جَمیعُھُ، وإنْ كانَ بَعْضُ أنواعِھ أرْ جَحُ أو أفْضَلَ.<br />
ثم َّ تَجِ دُ لِكثیرٍ مِنَ الأُم َّةِ في ذلك مِنَ الاختلافِ ما أَوجبَ اقتتالَ طوائفَ<br />
منھم على شَفْعِ الإقامةِ وإیتارھا ونحو ذلك!! وھذا عینُ المحر َّ ِم (2) .<br />
ومنھ ما یكون كُل ٌّ من القَوْ لَین ھو في معنى القول الآخر، لكن العبارتانِ<br />
مُختلِفَتان. ثم َّ الجھلُ أو الظ ُّلمُ یحمِلُ على حَمْدِ إحْدى المَقَالتین، وذَمّ<br />
والاعتداءِ على قائِلھا!<br />
بَلْ أَكثَرُ الاختلافِ الذي یَؤولُ إِلى الأھواءِ بینَ الأُم َّةِ، ھو من ھذا النوعِ،<br />
وكذلك إِلى سفكِ الدّ ِماء، واستباحةِ الأَموالِ والعداوَ ةِ والبغضاءِ، لأن َّ إحدى<br />
الطائفتینِ لا تَعْتَرفُ للأخرى بما معھا مِنَ الحقِّ، ولا تُنْصِ فُھا، بل تزیدُ على<br />
ما مع نَفْسِھا مَنَ الحقِّ زیاداتٍ مِنَ الباطلِ، والأُخرى كذلك. ولذلك جَعَ َل<br />
اللھُ مَصْدَرَ هُ البغيَ، في قَوْ لھ: [وما اختَلَفَ فیھ إلا َّ الذینَ أوتوهُ مِنْ بعدِ ما<br />
جاءَتْھُمُ البیّ ِناتُ بَغْیاً بَیْنَھم والبغي مجاوزَ ةُ الحدّ<br />
ِ الأُخرى<br />
.ِ<br />
ε، وقال: "كلاكُما مُحْسِنٌ" (1) .<br />
394<br />
[<br />
قال ابن القیم في الأعلام (50/1): جعل ھذا الرد من موجبات الإیمان<br />
ولوازمھ، فإذا انتفى ھذا الرد انتفى الإیمان ضرورة انتفاء الملزوم لانتفاء<br />
الآخر ا-ھ.<br />
4- عدم رد التنازع والخلافات إِلى اللھ وإلى الرسول، یستلزم حصول<br />
الظلم والبغي، وسفك الدماء، وانتھاك الحرمات، وضیاع الحقوق.. وھذا ھو<br />
المشاھَد في زمن غیاب حكم الشریعة، وتحكیم شریعة الغاب بدلاً عنھا.<br />
( 1 )<br />
أخرجھ البخاري من حدیث ابن مسعود.<br />
(2 ( لأن اجتماع الكلمة ووحدة الصف مقصد عظیم من مقاصد الشریعة، لا یُھدر<br />
أو یُفَر َّ طُ بھ من أجل اختلافات حول مسائل ھي دونھ في الأھمیة، ولا أرى<br />
مقصداً یعلو مقصد الاجتماع ووحدة الصف سوى مقصد التوحید غایة الغایات،<br />
فإن تعارض مقصد الاجتماع والوحدة مع مقصد التوحید، قُدم مقصد التوحید<br />
الذي لا یعلوه مقصد، ویھون في سبیلھ كل مقصد.