Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
ε<br />
ونبی ُّنا أُوتي فواتحَ الكلمِ وخواتمھُ وجوامعَھ (1) ، فبُعِثَ بالعلوم الكلیة<br />
والعلوم الأولیة<br />
والأخرویة، على أتم الوجوه، ولكن كلما ابتدع شخص بدعة اتسعوا في<br />
جوابھا، فلذلك صار كلامُ المتأخرین كثیراً، قلیلَ البركة، بخلاف كلام<br />
المتقدمین، فإنھ قلیلٌ، كثیرُ البركة، لا كما یقولھ ضلال المتكلمین وجھلَتُھم:<br />
إن طریق القوم أسلم، وإن طریقتَنا أحكم وأعلم! وكما یقولھ من لم یقدّ ِرھم<br />
قدرھم من المنتسبین إلى الفقھ: إن َّھم لم یتفرغوا لاستنباط الفقھ وضبطِ<br />
قواعدهِ وأحكامِھ اشتغالاً منھم بغیره، والمتأخرون تفرغوا لذلك، فھم<br />
أفقھ (2) !!<br />
فكل ھؤلاء محجوبون عن معرفة مقادیر السلف، وعُمقِ علومھم، وقل َّة<br />
تكل ُّفِھم، وكمال بصائرھم. وتاللھ ما امتاز عنھم المتأخرون إلا بالتكلف<br />
والإشتغال بالأطراف التي كانت ھِم َّةُ القوم مراعاةَ أصولھا، وضبطَ<br />
قواعدِھا، وشد َّ معاقدِھا، وھمَمُھم مشم َّرةً إلى المطالب العالیة في كل شيء،<br />
فالمتأخرون في شأنٍ، والقومُ في شأنٍ آخر، وقد جعل اللھ لكل شيءٍ قَدراً.<br />
وقد <strong>شرح</strong> ھذه العقیدة غیرُ واحدٍ من العلماء، ولكن رأیت بعض<br />
الشارحین قد أصغى إلى أھل الكلام المذموم، واستمد منھم وتكلم بعباراتھم.<br />
وقد أحببت أن أ<strong>شرح</strong>َھا سالكاً طریق السلف في عباراتھم، وأنسُجَ على<br />
منوالِھم، متطفلاً علیھم، لعلي أن أنظم في سلكھم، وأدخل في عدادھم،<br />
وأحشر في زمرتھم [مع الذین أنعم اللھ علیھم من النبیین والصدیقین<br />
ε<br />
22<br />
(1)<br />
قیل في تأویل مجامع الكلم: أن النبي كان یتكلم بالقول الموجز القلیل اللفظ<br />
الكثیر المعاني. وقیل: المراد أنھ أوتي القرآن الكریم، والقرآن غایة في إیجاز<br />
اللفظ واتساع المعاني، وكلا القولین حق، ونبینا یتصف بھما.<br />
قولھم أن الخلف أفقھ وأحكم وأعلم من الس َّلَف فیھ رد للأحادیث النبویة<br />
الصحیحة، الدالة على أفضلیة القرون الثلاثة الأولى، وفضل الرعیل الأول على<br />
مَن بعده. وعندما أمرنا الرسول ε، باقتداء سنة الخلفاء الراشدین مِن بعده، ذلك<br />
لعلمھم بالسنة الذي لایتحصل لمن بعدھم إلا بفضلھم وبواسطتھم. ثم ھل یستوي<br />
الذین رضي اللھ عنھم بالنص الثابت وأمر بالترضي علیھم، والذین لایُعرف<br />
حالھم عند اللھ Υ، أھم من المرضیین المرحومین أم من المغضوب علیھم؟!<br />
لاشك أنھما لایستویان مثلا.<br />
ε<br />
(2)