You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
ش: ھذا رد ٌّ لقول القدریة والمعتزلة، فإِنھم زعموا أن اللھ أراد الإِیمان<br />
من الناس كلھم، والكافر أرادَ الكفرَ (1) ، وقولُھم فاسدٌ مردود لمخالفتھ الكتاب<br />
والس ُّن َّة، والمعقولَ الصحیح.<br />
وسُم ُّوا قدری َّةً لإِنكارھم القدَرَ (2) ، وكذلك تُسمى الجبریة (3) المحتجون<br />
بالقدر قدریةً أیضاً، والتسمیة على الطائفة الأولى أغلب.<br />
-عقیدةُ أھْلِ السن َّة في القدَر-<br />
أما أھْلُ الس ُّن َّة فیقولون: إِن اللھ وإِن كان یرید المعاصي قدَراً(4) ، فھو لا<br />
یُحبھا ولا یرضاھا، ولا یأمر بھا، بل یبغضُھا، ویسخطُھا، ویكرھھا وینھى<br />
عنھا، وھذا قول الس َّلَف قاطبةً، فیقولون: ما شاء اللھ كان، وما لم یشَأْ لم<br />
یكن.<br />
والمحققون من أھل الس ُّن َّة یقولون: الإرادة في كتاب اللھ نوعان: إرادةٌ<br />
قدری َّةٌ كونیة خلقی َّة (5) ، وإرادة دینیة أمری َّة شرعیة (1) .<br />
59<br />
( 1 )<br />
( 3 )<br />
أي أن الكافر -بزعمھم- أراد شیئاً لا یریده اللھ ولم یقدره علیھ، فاستدلوا<br />
بقولھم الفاسد ھذا على جحود القدر، وقالوا: إِن الإنسان ھو خالق فعلھ ! وھذا<br />
القول منھم یقتضي أن للإنسان سلطة خارجة عن سلطة اللھ وإرادتھ وعلمھ، إ ْذ<br />
أنھ یفعل ما لا یریده اللھ ولا یحیط بھ علماً من قبل، وھذا كفر لما فیھ من<br />
وصف اللھ تعالى بالعجز والنقص تعالى اللھ عن ذلك علواً كبیراً.<br />
( 2 )<br />
أي إِنكارھم بأن أفعال العباد قد خلقھا اللھ، وھي مكتوبة علیھم في اللوح<br />
المحفوظ قبل أن یُخلقوا، وأن ما كتبھ اللھ وقدّره كائن لا محال.<br />
الذین یقولون: إِن الإِنسان مسلوب الإِرادة، وأنھ مجبور على كل ما قدّره اللھ،<br />
ولا مجال لھ للإختیار، وھذا أیضاً باطل.<br />
( 4 )<br />
أي أن المعاصي ھي من جملة ما كتبھ اللھ وقدره وأراده أن یكون.<br />
القدریة لا تتخلف وھي واقعة شاء الإنسان أم أبى، كمولده،<br />
وصفاتھ الخلقیة، وماذا یحصل لھ غداً، وساعة موتھ، وأین یموت .. فھذا النوع<br />
من القدر واقع لا محال ولیس للإنسان إختیار في قبولھ أو رده. وعلى العموم<br />
فإن كل أمر یجري على الإنسان لا إختیار لھ فیھ فھو یعتبر من الإرادة القدریة<br />
الكونیة التي لا تتخلف أبداً، وھذا الجانب لا یُحاسب علیھ المرء، وھو المراد من<br />
قولھ ε: "وما أصابك لم یكن لیخطئك، وما أخطأك لم یكن لیصیبك". أما ما<br />
یخضع للإرادة الكونیة في جانب الھدایة والضلال فإن الجزاء والحساب یجرى<br />
علیھ.<br />
(5 ( ھذه الإرادة