Attention! Your ePaper is waiting for publication!
By publishing your document, the content will be optimally indexed by Google via AI and sorted into the right category for over 500 million ePaper readers on YUMPU.
This will ensure high visibility and many readers!
-فسادُ قولِ مَن لا یُدخل الأعمالَ في مُسَم َّى الإیمان- لكن فیمن یقول: إن َّ الأعمال غیرُ داخلَةٍ في مسمى الإیمان، مَن قال: لَم َّا كان الإیمانُ شیئاً واحداً، فإیماني كإیمان <strong>أبي</strong> بكر الصدیق، وعمر رضي اللھ عنھما! بل قال: كإیمان الأنبیاءِ والمرسلینَ وجبریل ومیكائیل علیھمُ السلامَ! وھذا غلُو ٌّ منھ، فإن الكفرَ مع الإیمانِ كالعمى مع البصر، ولا ش َّك أن البصراءَ یختلفون في قوة البصَرِ وضَعفِھ، فمنھم الأخفشُ والأعشى، ومن یرى الخط َّ الثخینَ دون الرفیع إلا بزجاجةٍ أو نحوھا، ومَن یرى عن قُربٍ زائدٍ على العادة، وآخرُ بضدّ ِه فتفاوتُ نورِ لا إلھ إلا اللھ في قلوبِ أَھْلِھا لا یُحصیھِ إلا َّ اللھُ تعالى (2) ، فمن الناسِ مَن نورُ ھا في قلبھ كالشمسِ ، ومنھم مَن نُورُ ھا في قلبھ كالكوكب ِ الدرّ ي، وآخرُ كالمشعلِ العظیم، وآخر كالسّ ِراجِ المضيء، وآخرُ كالسراجِ . (1) فقلت: ھذا الكفر الصراح، وخلاف كتاب اللھ وسنة رسولھ وعلماء المسلمین، قال تعالى: [وما أمروا إلا لیعبدوا اللھ مخلصین لھ الدین] البینة: وقال حنبل سمعت أبا عبد اللھ أحمد بن حنبل یقول: من قال ھذا فقد كفر باللھ، ورد َّ على أمره وعلى الرسول ما جاء بھ عن اللھ. (الفتاوى <strong>لابن</strong> تیمیة: /7 .5 240
الضعیفِ ، ولھذا تظھر الأنوارُ یومَ القیامةِ بأیمانھم وبین أیدیھم على ھذا المقدار، بحسب ما في قلوبھم من نورِ الإیمان والتوحیدِ علماً وعملاً، وكُل َّما اشتد َّ نورُ ھذه الكلمةِ وعَظُمَ، أحرَ قَ من الشبھاتِ والشھواتِ بحسب قوتھ، بحیث إنھ ربما وصلَ إِلى حالٍ لا یُصادِفُ شھوةً ولا شُبھةً ولا ذنباً إلا َّ أحرَ قَھُ(1) ، وھذا حال الصادِقِ في توحیده، فسماءُ إیمانھ قد حُرِ سَتْ بالرجومِ من كُل سارِ قٍ، ومَن عَرفَ ھذا عَرَ فَ معنى قول النبيّ ε: ِ "إن َّ اللھَ حر َّ م على النارِ مَن قال: لا إلھ إلا اللھ یبتغي بذلك وجھَ اللھِ تعالى". وقولھ: "لا یدخلُ النارَ مَن قالَ: لا إلھ إلا اللھ" (2) . -زیادةُ الإیمانِ بزیادةِ الطاعات- (1 ( مصداق ذلك قولھ ε: "تُعرضُ الفتنُ على القلوب كالحصیر عوداً عوداً، فأي قلبٍ أُشربھا نُكتت فیھ نكتةٌ سوداء، وأي قلبٍ أنكرھا نُكتت فیھ نكتة بیضاء، حتى یصیر على قلبین: أبیض بمثل الص َّفا فلا تضره فتنةٌ ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسودٌ مرباداً مجخیاً لا یعرفُ معروفاً ولا یُنكر منكراً إلا َّ ما أُشرب من ھواه". رواه مسلم. فالمرء كلما كمل توحیده كلما اشتدت مقاومتھ للفتن والأھواء، والضلالات والانحرافات، وأي خرقٍ یصیب المرء في عقیدتھ وأفكاره أو مواقفھ ھو لخلل أو ضعفٍ في إیمانھ وتوحیده.. وجوابنا للشباب المسلم الذي یسأل عن المخرج من ھذه الفتن والأھواء الضاربة الانتشار بین المسلمین في ھذا الزمان.. ھو أن یستعصم بالتوحید -بمعناه الشامل من غیر انتقاص لشيء من جوانبھ أو أنواعھ- دراسة وفھماً، والتزاماً وعملاً؛ فالتوحید حصن المسلم الحصین الذي یحمیھ ویحفظھ من أي غزوٍ خارجي مادي أو معنوي- یستھدف شخصھ أو دینھ وأمتھ. الحدیث متفق علیھ، وكذلك الذي قبلھ. ومما ینبغي التنویھ لھ ھنا أن ھذا الحدیث وغیره من الأحادیث التي تدل على أن من قال لا إلھ إلا اللھ دخل الجنة، أو لا یدخل النار وغیر ذلك، یجب أن تحمل على من قال لا إلھ إلا اللھ معتقداً بھا، عالماً بمدلولاتھا، فاعلاً لمقتضیاتھا، مجتنباً لنواقضھا.. ھذا ما یقتضیھ التوفیق بین مجموع النصوص ذات العلاقة بالمسألة، وقد تقدم ذكر بعضھا عند الحدیث عن شروط لا إلھ إلا اللھ، فلتراجع. ولو أُخِ ذت ھذه الأحادیث مجردة عن بقیة النصوص ذات العلاقة -كما ھو شأن من أصابھم داء الإرجاء- للزم من یفعل ذلك أن یُدخل المنافقین والزنادقة الجنة، ویحرم علیھم النار، لأنھم یقولون لا إلھ إلا اللھ.. وھذا باطل بلا خلاف. - 241 ( 2 )