Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
الإطار 1.4<br />
سياسات االقتصاد الكلي من أجل التشغيل الكامل<br />
التشغيل الكامل هو هدف سعت إليه وحققته معظم بلدان أوروبا وأمريكا الشمالية منذ<br />
منتصف القرن العشرين. وحققت اقتصادات شرق آسيا نتائج مماثلة خالل فترة النمو<br />
في السبعينات والثمانينات. وقد أدى ارتفاع مجموع المدخرات واالستثمارات )إلى<br />
أكثر من 30 في المائة من الناتج المحلي اإلجمالي( إلى تحقيق نمو شامل وتحويل<br />
هيكلية االقتصادات، وإلى التشغيل الكامل . 1<br />
وفي الكثير من البلدان النامية األخرى، تبقى معظم الوظائف غير ثابتة وغير<br />
مستقرة. وال يقوى الفقراء المحرومون من تقديمات كافية من الضمان االجتماعي<br />
على تحمّل أعباء البطالة، فيضطرون للقبول بأي عمل وأجر يتوفر لهم، ويكون<br />
ذلك في الكثير من األحيان في القطاع غير النظامي. والهدف هو التشغيل الكامل في<br />
فرص عمل الئق، أي االنتقال إلى المزيد من اإلنتاجية، والمزيد من القيمة المضافة،<br />
وإلى أشكال من التشغيل ذات نوعية أفضل ولقاء أجور أعلى. وهذا يعني الخروج من<br />
القطاع الزراعي إلى قطاعات أخرى من االقتصاد. لذلك يجب أن تركز السياسات<br />
على إصالح األراضي وتأمين القوى العاملة عند التحوّ ل من القطاع الزراعي.<br />
وللتشغيل الكامل انعكاسات على السياسة المالية. فمنذ التسعينات، مثالً، تموّ ل الصين<br />
زيادة التشغيل في القطاع النظامي في المدن وارتفاع األجور على حساب عجز مالي<br />
حكومي على مستوى المقاطعات . 2 واستخدمت الهند كذلك اإليرادات الضريبية لتمويل<br />
برنامج ضمانات التشغيل في األرياف.<br />
وخالل فترة الهبوط االقتصادي، يمكن أن يؤدي اعتماد الحوافز المالية لمواجهة<br />
تقلبات الدورة االقتصادية إلى ارتفاع في مجموع الطلب. وهكذا يجب أن تكون<br />
سياسة االقتصاد الكلي متعددة األهداف )وال تركز فقط على معدل التضخم(، ومتعددة<br />
األدوات )ال تعتمد فقط على السياسة النقدية(، وأن تكمّل بتعميم الحماية االجتماعية<br />
التي ال تكتفي بتخفيف آثار التعرض للمخاطر على السكان، بل تثبت االقتصاد إزاء<br />
الصدمات. وفي بعض البلدان النامية، قد ال تكون سياسات مواجهة تقلّبات الدورة<br />
االقتصادية الخطوة األولى، إذا كانت تواجه عوائق هيكلية أمام خلق فرص العمل.<br />
وفي البلدان المتقدّمة، اعتُمدت ثالثة نهج الستعادة التشغيل الكامل، الذي يجب<br />
التركيز على أهميته كهدف من أهداف السياسة االقتصادية وإدراجه في سياسات<br />
االقتصاد الكلي، النقدية والمالية. أوالً، سمح النهج الكنيزي في السياسة الكلية بارتفاع<br />
العجز في الميزانية خالل فترات الركود، ودعا إلى اعتماد التشغيل وكذلك تثبيت<br />
األسعار هدفًا للسياسة النقدية. وخالل الركود الذي حدث مؤخرًا عمدت بلدان متقدّمة<br />
)مثل الواليات المتحدة األمريكية وقبلها المملكة المتحدة( والعديد من البلدان النامية<br />
ذات الدخل المتوسط إلى العمل بسياسات العجز حسب النهج الكنيزي . 3<br />
ثانيًا، وبهدف تسهيل التغيير الهيكلي وتخفيف مخاطره على التشغيل، باستطاعة<br />
سياسات البحث والتطوير دعم االبتكارات التكنولوجية بهدف إيجاد مصادر جديدة<br />
لفرص العمل، وتحسين تعليم القوى العاملة، وتأمين التدريب وإعادة التدريب، وتقديم<br />
مستحقات البطالة عند انتقال العمال من قطاع إلى آخر.<br />
ثالثًا، يسهم تحسين المهارات لالنتقال إلى أنشطة جديدة في الحد من الحاجة<br />
إلى إصالح أسواق العمل، الذي يؤدي عادة إلى عدم استقرار في العمل وانخفاض<br />
في األجور. وينبغي رفع الحد األدنى لألجور لتشجيع االنتقال إلى أنشطة مرتفعة<br />
اإلنتاجية . 4 ويجب إعادة تقييم إصالحات سوق العمل حسب النموذج الليبرالي<br />
الحديث، من منظور قدرتها على الحد من المخاطر التي تؤثر على استقرار التشغيل.<br />
وهذه النهج الثالثة تساهم في الحد من المخاطر على التشغيل في البلدان المرتفعة<br />
والمتوسطة الدخل.<br />
4. كان رفع الحد األدنى من إجراءات التصدي لألزمات في البرازيل، وأسهم في تحسين األجور وتوزيع الدخل )2009 .)Berg<br />
.Jolly and others 2012 .3<br />
.Fang, Yang and Meiyan 2010 .2<br />
.Muqtada 2010 .1<br />
وفي األسواق، وغيرها. ويمكن أن تساعد االبتكارات<br />
االجتماعية والمؤسسية في تحسين الظروف أيضًا.<br />
فبإمكان تعاونيات المزارعين وجمعيات األحراج<br />
النسائية وترتيبات أخرى أن تساعد في تحسين<br />
اإلنتاجية وتعزيز قوة التفاوض، وتحسين شروط<br />
التجارة وظروف الدخل للمنتجين الفقراء . 43<br />
ثانيًا، تساعد إجراءات مواجهة الصدمات في<br />
األجل القصير في تحسين الدعم الذي يتلقاه ذوو<br />
األعمال المنخفضة الدخل عمومًا، وفي الظروف<br />
الصعبة خصوصًا. وتشمل هذه اإلجراءات<br />
التحويالت النقدية )المشروطة أو غير المشروطة(،<br />
ومعاشات التقاعد لكبار السن )التي تساهم في<br />
رفاه األسرة(، ودعم التغذية من خالل دعم المواد<br />
الغذائية والحاجات المدرسية، وبرامج طهو الغذاء<br />
وتقديمه ضمن المجتمعات المحلية، وبرامج التأمين<br />
المنخفضة الكلفة. ويمكن أن تساعد التحويالت النقدية<br />
التي تجرى تحت إدارة محلية في دعم األسر في<br />
حاالت مرض المعيل، وكذلك تقديم الخدمات الطبية<br />
المجانية.<br />
ثالثًا، تساعد برامج خلق فرص العمل المعرضين<br />
لمخاطر في التشغيل. وتؤمن بعض هذه البرامج<br />
التشغيل الدائم لألسر الفقيرة لقاء أجور منخفضة.<br />
والبعض اآلخر يُعتمد مؤقتًا، في فترات الركود،<br />
وما بعد فترات النزاع، كإجراء قصير األجل<br />
لمعالجة التداعيات السلبية على العاملين في ظروف<br />
غير مستقرة. وهذه البرامج، بنوعيها، تسهم في<br />
درء المخاطر عن التشغيل. ومن األمثلة على هذه<br />
البرامج : 44<br />
•البرنامج الوطني لضمان التشغيل في المناطق<br />
الريفية في الهند، وهو يضمن لكل أسرة ريفية<br />
100 يوم عمل في السنة لقاء أجر معقول . 45<br />
•برنامج خيفيس وخيفاس de( Jefes y Jefas<br />
)Hogar Desocupados في األرجنتين الذي اعتُمد<br />
في عام 2001، على أثر األزمة االقتصادية،<br />
وبلغ عدد المستفيدين منه مليونين في أواخر عام<br />
. 46 2003<br />
•برامج العمل مقابل الغذاء في بنغالديش التي<br />
أسهمت في تخفيف حدة الفقر المدقع منذ عام<br />
الفصل 4 بناء املنعة: رحابة احلريات وصون اخليارات | 93