Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
عندما يكون التعافي جزئيًا<br />
وغير موجه نحو بناء المنعة،<br />
يمكن أن توقع الكارثة آثارًا<br />
طويلة األمد، تبقى ماثلة على<br />
مدى أجيال بأسرها<br />
الوطني واإلقليمي. ومن مجاالت العمل الرئيسية التي<br />
حُدّدت في المؤتمر الثاني بشأن اإلنذار المبكر في<br />
عام 2003، دمج أنظمة اإلنذار المبكر في العمليات<br />
اإلنمائية والسياسات العامة؛ وتحسين توفر البيانات<br />
للتحقق من المخاطر وتوقعها وإدارتها على مختلف<br />
المقاييس الزمنية؛ وبناء القدرات وتطوير أنظمة<br />
اإلنذار المبكر، وال سيما في البلدان النامية؛ ووضع<br />
البرامج لمواجهة الصدمات عند حدوثها . 111 ويمكن<br />
أن يكون التعاون اإلقليمي في اإلنذار المبكر خيارًا<br />
فعاالً للغاية، ألن المخاطر الطبيعية كثيرًا ما تصيب<br />
بلدانًا عديدة في آن. فاإلنذار المبكر هو عنصر هام<br />
من عناصر الحد من مخاطر الكوارث. وهو ينقذ<br />
حياة األفراد ويخفّف الخسائر االقتصادية والمادية<br />
التي توقعها الكوارث. ويؤكد إطار عمل هيوغو<br />
أهمية االلتزام بآليات اإلنذار المبكر على المستوى<br />
المحلي والوطني واإلقليمي، التي تقدّم إنذارات آنية<br />
ومفهومة بشأن المخاطر وتوجيهات واضحة بشأن<br />
إجراءات التصدي.<br />
ومهما بلغت درجة استعداد البلد وفعالية سياساته،<br />
فالصدمات ال بدّ ستقع، وكثيرًا ما توقع نتائج مدمرة<br />
يتعذر تجنبها. لذلك ال بد من أن يكون الهدف<br />
الرئيسي إعادة البناء، ولكن مع العمل على بناء<br />
المنعة االجتماعية والمادية والمؤسسية. ويصعب<br />
تنفيذ إجراءات التصدّي للظواهر المناخية الشديدة في<br />
ظل النزاعات وضعف المؤسسات. وتأتي المساعدة<br />
اإلنسانية في طليعة إجراءات التصدّي ألي أزمة.<br />
ولطريقة تقديم هذه المساعدة أهمية إذ تضع األسس<br />
الصحيحة لالنتقال إلى التأهيل وإعادة البناء في<br />
األجل الطويل. ويتطلب نهج التعافي المبكر وضع<br />
األسس الالزمة لإلجراءات اإلنسانية واإلنمائية على<br />
حد سواء، مما يضمن قدرة استراتيجية التصدّي على<br />
تلبية الحاجات األولية، من غير إغفال الحاجة إلى<br />
بناء قدرة الدولة واالستعداد للتحرك المسؤول.<br />
ويشمل مفهوم المنعة بناء قدرة أي بلد على<br />
التعافي السريع والفعلي من الكوارث. وهذا يتطلب<br />
معالجة اآلثار المباشرة للكوارث والسعي في الوقت<br />
نفسه إلى تنفيذ تدابير محددة لتجنب النتائج االقتصادية<br />
واالجتماعية. وكثيرًا ما تتكبد المجتمعات التي تفتقر<br />
إلى االستعداد لمواجهة الصدمات أضرارًا وخسائر<br />
جسيمة ويستغرق تعويضها وقتًا طويالً. فالخسائر<br />
التي أصابت هايتي من جراء الهزة األرضية عادلت<br />
120 في المائة من الناتج المحلي اإلجمالي، ما تسبّب<br />
في تبديد عقود من االستثمارات اإلنمائية . 112 غير أن<br />
ذلك ال يكوّ ن صورة واضحة عن عمق اآلثار وال<br />
عن الوقت الالزم للتعافي. فعندما يكون التعافي جزئيًا<br />
وغير موجه نحو بناء المنعة، يمكن أن توقع الكارثة<br />
آثارًا طويلة األمد، تبقى ماثلة على مدى أجيال بأسرها.<br />
والمنعة تعني تحويل الهياكل واألنظمة التي<br />
تسهم في إدامة حالة الضعف، وتقوّ ض القدرات.<br />
والصدمات الخارجية يمكن أن تكون حافزًا لبدء<br />
هذا التحوّ ل. وقد يتطلب ذلك دمج تدابير الجهوزية<br />
والتعافي في القوانين والسياسات واآلليات التنفيذية<br />
الالزمة لتسيير شؤون أي بلد ومجتمع. وعند دعم<br />
هذا التوجه بالميزانية والموارد الالزمة، يصبح<br />
باإلمكان دمج شؤون الحد من المخاطر عند كل<br />
مستوى من عملية التنمية، من المجتمع المحلي إلى<br />
الحكومة الوطنية. وبهذه الطريقة، ال يكون الحد من<br />
مخاطر الكوارث مجرد مصروف إضافي أو إجراء<br />
تصحيحي، بل مكوّ ن أساسي يدخل في صلب عملية<br />
التنمية منذ البداية.<br />
منع نشوب النزاعات والتعافي منها<br />
التماسك االجتماعي هو استراتيجية فعالة لبناء<br />
المنعة في المناطق المتأثرة بالنزاعات ولمنع<br />
نشوبها. ويطرح بناء التماسك االجتماعي في<br />
البلدان المعرضة للنزاعات او المجتمعات المتعافية<br />
منها تحديات كبيرة. فالشقاق االجتماعي قد يكون<br />
حادًا، وسبل العيش معرّضة للمخاطر، والمؤسسات<br />
ضعيفة وغير مؤهلة لوضع وتنفيذ السياسات التي<br />
تحد من االنقسامات )اإلطار 4.4(. وقد استثمرت<br />
بلدان متنوعة، مثل بوليفيا، وبيرو، وتوغو،<br />
وتيمور-ليشتي، وقيرغيزستان، ونيبال، في تدابير<br />
لبناء الثقة، وتيسير الحوار من خالل وسطاء من<br />
ذوي المصداقية، وتشييد ''بنية تحتية للسالم''.<br />
وأدّت هذه التدابير إلى نتائج إيجابية، منها إجراء<br />
االستفتاءات السلمية، وتخفيف النزاعات على<br />
األراضي والموارد الطبيعية، وتهدئة التوتر بين<br />
مختلف الجماعات . 113<br />
وبينما تختلف جهود بناء التماسك االجتماعي<br />
باختالف ظروف البلدان ووقائعها، تلتقي على أربعة<br />
عوامل مشتركة:<br />
•التوعية العامة وإتاحة الحصول على المعلومات.<br />
يمكن بذل الجهود للدعوة للتوافق على سياسات<br />
للسالم والتنمية. ففي عام 2006، نظمت غيانا<br />
االنتخابات الوطنية األولى بعيدًا عن العنف<br />
منذ االستقالل. وما أسهم في تحقيق هذه النتيجة<br />
تنفيذ برنامج بناء التماسك االجتماعي في عام<br />
2002، في محاولة لتجاوز العنف الذي ساد في<br />
الماضي . 114 واستند البرنامج إلى حوار وطني<br />
| 106 تقرير التنمية البشرية 2014