Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
والذين يعيشون في فقر مدقع أو في حرمان هم<br />
من أكثر الفئات تعرضًا للمخاطر. وعلى الرغم من<br />
التقدّم الذي أُحرز مؤخرًا في الحد من الفقر، ال يزال<br />
في العالم أكثر من 2.2 مليار شخص يعانون من<br />
الفقر المتعدد األبعاد أو يشارفون على الوقوع فيه.<br />
وهذا يعني أن أكثر من 15 في المائة من سكان العالم<br />
معرّضون للفقر المتعدد األبعاد. وفي الوقت نفسه،<br />
تفتقر نسبة 80 في المائة من سكان العالم إلى الحماية<br />
االجتماعية الشاملة . 5 ويعاني حوالى 12 في المائة<br />
من سكان العالم )842 مليون شخص( من الجوع<br />
المزمن ، 6 ويعمل نصف العمال، أي أكثر من 1.5<br />
مليار عامل في القطاع غير النظامي أو في أنماط<br />
عمل غير مستقرة . 7<br />
والفقراء هم في الكثير من الحاالت، وكذلك<br />
النساء والمهاجرون، والسكان األصليون، من<br />
الفئات األكثر تعرضًا للمخاطر الهيكلية. فحالة عدم<br />
االستقرار التي تعيشها هذه الفئات تعمّقت وتفاقمت<br />
على مدى فترات طويلة، فأنشأت انقسامات على<br />
أساس الجنس، واالنتماء اإلثني، واالنتماء العرقي،<br />
والوضع الوظيفي، والوضع االجتماعي، انقسامات<br />
بات من المتعذر تجاوزها. واألشخاص الذين<br />
يتعرضون للمخاطر الهيكلية، قد ال يكونون أقل<br />
قدرة من غيرهم، لكنهم يواجهون عوائق إضافية<br />
في محاوالتهم لتجاوز الظروف العصيبة. فكثيرًا ما<br />
يفتقر ذوو اإلعاقة، مثالً، إلى إمكانات الوصول إلى<br />
وسائل النقل العام، والمكاتب الحكومية، وغيرها من<br />
األماكن العامة كالمستشفيات، فيواجهون صعوبات ال<br />
يواجهها غيرهم في المشاركة في الحياة االقتصادية<br />
واالجتماعية والسياسية، وفي طلب المساعدة عندما<br />
يواجهون مخاطر تهدد سالمتهم الجسدية.<br />
ويواجه الكثيرون قيودًا هيكلية متداخلة تحد من<br />
قدرتهم على التصدي للمخاطر، كاألشخاص الذين<br />
يعيشون في حالة فقر من أقلية معيّنة، أو النساء من<br />
ذوي اإلعاقة. ويعيش ثالثة أرباع الفقراء في العالم<br />
في المناطق الريفية حيث ينتشر الفقر بمعدّالت<br />
مرتفعة بين العاملين في القطاع الزراعي. وهؤالء<br />
عالقون في دوامة انخفاض اإلنتاجية، والبطالة<br />
الموسمية، وانخفاض األجور، ومعرّضون بشدة<br />
ألثر أي تغيّر في أحوال الطقس. أما األقليات<br />
اإلثنية والدينية المجردة من حقوقها، فمعرضة<br />
دائمًا لممارسات التمييز، وتواجه عوائق في سبل<br />
التماس العدالة، وتتحمّل أعباء إرث ثقيل من القمع<br />
واالضطهاد. أما السكان األصليون، الذين ال تتجاوز<br />
نسبتهم 5 في المائة من مجموع سكان العالم، فيشكلون<br />
15 في المائة من مجموع الفقراء، ويعيش ثلثهم<br />
تقريبًا في فقر مدقع في المناطق الريفية . 8 ويعاني من<br />
اإلعاقة في مختلف أنحاء العالم حوالى 46 في المائة<br />
من األشخاص من الفئة العمرية 60 سنة وما فوق.<br />
وهؤالء يواجهون صعوبات كبيرة في المشاركة<br />
الكاملة في المجتمع، ويزيد وضعهم صعوبة بفعل<br />
ممارسات التمييز والمواقف االجتماعية المتحيّزة<br />
حيالهم . 9<br />
ويضع تغيّر المناخ جميع بلدان العالم وسكانه<br />
أمام مخاطر جسيمة، يتعرضون لها بدرجات<br />
متفاوتة. وبين عامي 2000 و2012، وقعت أضرار<br />
الكوارث الطبيعية، وال سيما الفيضانات وموجات<br />
الجفاف، على أكثر من 200 مليون شخص في كل<br />
عام، معظمهم من البلدان النامية . 10 وقد بيّن تقرير<br />
التنمية البشرية لعام 2011 جسامة األضرار التي<br />
يمكن أن تصيب جهود القضاء على الفقر في حال<br />
عدم التمكن من إبطاء ارتفاع درجات الحرارة في<br />
العالم، ألن المجتمعات الفقيرة هي األكثر تعرّضًا<br />
ألضرار ارتفاع درجات الحرارة، والرتفاع منسوب<br />
البحار، ولتداعيات أخرى قد تنتج من تغيّر المناخ . 11<br />
ويولي هذا التقرير اهتماما خاصًا للتعرض<br />
للمخاطر بفعل دورة الحياة. فالقدرات التي تتراكم<br />
في الفرد مدى الحياة تحتاج إلى تغذية وتطوير،<br />
حتى ال تركد وتضمر. وهذه القدرات تُبنى نتيجة<br />
لالستثمارات التي يجريها الفرد في مراحل سابقة<br />
من حياته، كما يمكن أن تصاب بعطل دائم نتيجة<br />
لصدمة عابرة أو قصيرة األجل. فأي انتكاسة<br />
يتعرض لها الفرد في الطفولة، مثالً، يمكن أن تكون<br />
لها تداعيات خطيرة ترافقه مدى حياته، فتؤثر على<br />
حظوظه في الثبات في العمل، وتزيد من عناصر<br />
عدم اليقين مع التقدّم في العمر، ومن احتماالت نقل<br />
عناصر الضعف إلى األجيال المقبلة. ويشير التقرير<br />
إلى الطبيعة التراكمية لحالة الضعف ويؤكد ضرورة<br />
اتخاذ إجراءات التدخل في إطار السياسة العامة في<br />
حينها وعلى مدار دورة الحياة. ومن الضروري<br />
إيالء اهتمام خاص للفترات الحساسة في حياة<br />
اإلنسان، فاالستثمار في التعليم المبكر، وإيجاد فرص<br />
العمل للشباب، ودعم المسنين، كلها إجراءات يمكن<br />
أن تعزز القدرات الحياتية.<br />
والتحدي ليس فقط في حماية السكان المعرضين<br />
من االنزالق من جديد في دوامة الضيق والحرمان،<br />
بل في إيجاد بيئة مؤازرة لهم لمواصلة التقدّم في<br />
التنمية البشرية في العقود المقبلة. وهذا يتطلب<br />
النظر إلى الفقر والحرمان باعتبارهما ظاهرة متعددة<br />
األبعاد، تتطلب مواجهتها سياسات عامة وشاملة،<br />
تضمن الحقوق والخدمات للجميع، وتركز على تكافؤ<br />
على الرغم من التقدّم الذي<br />
أُحرز مؤخرًا في الحد من الفقر،<br />
ال يزال في العالم أكثر من 2 . 2<br />
مليار شخص يعانون من الفقر<br />
المتعدد األبعاد أو يشارفون على<br />
الوقوع فيه<br />
ملحة عامة | 3