You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
الإطار 3.5<br />
حواجز مستحكمة تعوق العمل الجماعي<br />
ال يقتصر التباعد بين حجم القضايا العالمية وإلحاحها وقدرة هياكل الحكم الموجودة<br />
على معالجتها على قضية دون أخرى. فمأزق الحكم العالمي هو حالة مستحكمة بفعل<br />
ظروف تاريخية، وليس ظاهرة عابرة وليدة قضية معينة. وكثيرًا ما تناقش القضايا<br />
العالمية كل على حدة، في صوامع مقفلة على قضايا معينة، كما لو أن الحواجز التي<br />
تعوق العمل الجماعي تختلف بين قضية وأخرى. وقد يضعف هذا التوجّه جهود<br />
البحث عن حلول، إذ يفترض أن حل كل مشكلة يكون في معزل عن األخرى. ومن<br />
الناحية العملية، تركز السياسات على معالجة قضايا محددة. لكن الجمود في الحكم<br />
العالمي في قضايا متعددة، من بطء التقدّم في موضوع تغيّر المناخ، إلى الطريق<br />
المسدود في جولة الدوحة للمفاوضات التجارية، هو مشكلة مستحكمة ناجمة عن<br />
تعدد األقطاب وتعطل المؤسسات، وتزايد الصعوبات، والتجزؤ المؤسسي.<br />
تعدد األقطاب<br />
ازداد عدد الدول على مدى نصف القرن الماضي، كما ازداد عدد الجهات المطلوب<br />
منها التعاون لحل مشكلة عالمية. وارتفعت تكاليف المعامالت المتعلقة بالحكم<br />
العالمي. فعندما أنشئت منظمات بريتون وودز في عام 1945، تولّت مجموعة صغيرة<br />
من القوى العالمية صياغة قواعد االقتصاد العالمي. أما اليوم، فقد أصبحت مجموعة<br />
العشرين منتدى هامًا إلدارة االقتصاد العالمي، إذ ال يمكن حلّ المشاكل بدون التزام<br />
أوسع نطاقًا على مستوى البلدان. وال شك في أن مشاركة عدد أكبر من البلدان في<br />
صنع القرار العالمي هي تطوّ ر إيجابي، لكنها تثقل نظام الحكم العالمي بمزيد من<br />
التكاليف.<br />
تعطل المؤسسات<br />
عندما صممت الركائز األساسية لنظام الحكم العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، بما<br />
في ذلك مجلس األمن في األمم المتحدة ومؤسسات بريتون وودز، منحت امتيازات<br />
خاصة للبلدان التي كانت في ذلك الوقت غنية وقوية. وكان الهدف ضمان مشاركة<br />
بلدان معينة في إدارة الشؤون العالمية. أما اليوم، ومع نهضة الجنوب، تحولت<br />
زمام السلطة بعيدًا عن نقاط القوة في نظام أربعينات القرن الماضي. وأصبح من<br />
الضروري توسيع نطاق المشاركة في معالجة معظم القضايا العالمية، واعتماد نهج<br />
يشمل الجميع. ولكن التكيّف لن يكون سهالً على المؤسسات، ألن قلة منها فقط<br />
مصمّمة للتطوّ ر التلقائي مع التقلبات الجيوسياسية.<br />
تزايد الصعوبات<br />
أضحت المشاكل التي تتطلب تعاونًا بين البلدان أكثر شموالً وتؤثر على المزيد من<br />
البلدان واألفراد. وهي مشاكل أكثر حدة تخترق حيّز السياسات الوطنية والتفاعالت<br />
اليومية. فالمشاكل البيئية تحوّ لت من شواغل محلية تتركز أساسًا حول الهواء النقي<br />
والمياه النظيفة إلى قضايا عالمية مستحكمة ومترابطة ومتداخلة، مثل تغيّر المناخ<br />
وفقدان التنوع البيولوجي. وهذا النوع من التحوالت يغيّر طبيعة الحوافز الالزمة<br />
إلحراز تقدّم في االتفاقات العالمية.<br />
التجزؤ المؤسسي<br />
تُبذل جهود التصدي للمشاكل عبر الوطنية ضمن نظام تتعدد فيه المنظمات عبر<br />
الوطنية. وهذه التعدّدية ليست مشكلة بحد ذاتها، إال أنها قد تزيد احتماالت تضارب<br />
الواليات بين المؤسسات، والتدخالت غير المنسقة، والتنافس على الموارد النادرة.<br />
ونتيجة لذلك، يؤدي تكاثر المؤسسات إلى الحدّ من قدرة المؤسسات المتعددة<br />
األطراف على تأمين سلع عامة. ويمكن االعتماد على جهات االتصال والتنسيق<br />
لتوجيه السياسات والمساعدة في تحديد طبيعة التعاون وإطاره.<br />
ويتطلب حل أي مشكلة على الصعيد العالمي أوالً إدراك هذه التحديات، ثم<br />
العمل جماعيًا للتغلب عليها. فمن الضروري التفكير في أساليب خالّقة وحازمة<br />
لتعزيز التعاون الدولي في مثل هذه الظروف الشاقة.<br />
المصدر: Hale؛ 2014 .Hale, Held and Young 2013<br />
تخضع إلصالحات تمكنها من مواكبة التغيّر في<br />
عالقات القوة أو في طبيعة التحديات المطروحة<br />
)اإلطار 4.5(. وفي هذه األثناء، نشأت أنظمة جديدة،<br />
كتلك المعنيّة بحقوق الملكية الفكرية العالمية، تركز<br />
على خدمة المصالح الخاصة. ونادرًا ما تمثل الخطط<br />
والسياسات مصالح واحتياجات أقل البلدان نموً ا<br />
وأكثر الفئات ضعفًا، ومنهم العمال غير المهرة،<br />
والعاملون في المنازل، والمهاجرون، والمسنون.<br />
ومن ال يملكون القدرة الالزمة للتصدي للصدمات<br />
والتكيف مع سرعة التغيير هم األقل مشاركة في<br />
وضع قواعد ومعايير وأهداف الحكم العالمي. ونتيجة<br />
لذلك، كثيرًا ما تعبّر القواعد واألعراف الدولية<br />
عن المصالح الخاصة، بدالً من تأمين السلع العامة<br />
وحماية المصالح االجتماعية . 17 وهذا واضح في<br />
مجال اإلدارة المالية. ففي لجنة بازل، التي تحدد<br />
المعايير المالية، تتمتع المصالح الخاصة بامتيازات<br />
ال تخضع ألي سلطة توازنها . 18<br />
وال تقصر نظم الحكم عن تقديم الحماية وتعزيز<br />
اإلمكانات فحسب، بل تنتج هذه النظم ذاتها مخاطر<br />
جديدة. ففي الشؤون المالية، أدى تركيز السياسات<br />
النقدية على رفع القيود والضوابط إلى إضعاف<br />
النظام المالي. وشجعت سياسات مالية، كسياسات<br />
نسبة القرض إلى القيمة، المصارف على تغذية<br />
فقاعات العقارات، في حين كان بوسعها ضبط<br />
القروض بحيث تواكب حالة االقتصاد وتؤمن<br />
المزيد من االستقرار المالي . 19 وتؤدي أوجه القصور<br />
الهيكلية في نظم الحكم إلى نقص في السلع العامة<br />
العالمية والسلع المستحقّة والسلع االجتماعية للجميع،<br />
التي من شأنها أن تصحح أو تكمّل النظم القائمة لبناء<br />
المنعة الشاملة والمستدامة . 20<br />
| 114 تقرير التنمية البشرية 2014