You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
يضيق الحيّز المتاح للسياسات<br />
الوطنية لتعزيز القدرة على<br />
التصدي في ظل عولمة باتت<br />
عميقة الجذور<br />
ويتناول التدابير العامة التي يمكن اتخاذها لمعالجة<br />
التمييز، ويركز على ضرورة العمل الجماعي للحد<br />
من المخاطر الناجمة عن تقصير في المؤسسات<br />
الوطنية أو نقص في مقوّ مات الحكم العالمي.<br />
لم التحدث عن المخاطر اليوم؟<br />
المخاطر التي يتعرض لها البشر ليست بالجديدة،<br />
ولكنها تتفاقم اليوم بسبب عدم االستقرار المالي<br />
وتصاعد الضغوط البيئية، مثل تغيّر المناخ، وغيره<br />
من العوامل التي يُحتمل أن تقوّ ض التقدّم في التنمية<br />
البشرية. والواقع أن التقدّم يتباطأ منذ عام 2008 في<br />
المكوّ نات الثالثة لدليل التنمية البشرية في معظم<br />
بلدان العالم )الفصل 2(. ومن األهمية بمكان التصدّي<br />
لعوامل الخطر، وتحصين المكاسب، وتجنب حصول<br />
تعثر في مسيرة التنمية البشرية.<br />
فالعالم يتغيّر بسرعة. أجزاؤه من الترابط<br />
والتواصل ما يضاعف من آثار عدم االستقرار<br />
المتداخلة، وينشر خطر العدوى واإلصابة بتداعيات<br />
الكوارث الطبيعية وأعمال العنف. ويضيق الحيّز<br />
المتاح للسياسات الوطنية لتعزيز القدرة على<br />
التصدي في ظل عولمة باتت عميقة الجذور. وفي<br />
عالم مترابط، ما كان باألمس محليًا أصبح اليوم<br />
عالميًا بفعل التجارة الدولية، وحركة السفر، وسهولة<br />
االتصال. فسالسل اإلمداد العالمية المتكاملة، مثالً،<br />
حققت مكاسب في الكفاءة. لكنّ أي انقطاع في<br />
السلسلة في أي مكان يمكن أن ينقل المشاكل المحلية<br />
بمخاطرها إلى أي مكان في العالم. وأنواع السلع<br />
والخدمات العامة، المحلية والعالمية، الالزمة لبناء<br />
القدرة على التصدي، وبناء المجتمعات المنيعة، غير<br />
متوفرة بالمقدار الكافي. وفي مختلف أنحاء العالم،<br />
يشعر الناس بعدم األمن.<br />
واليوم، بينما المجتمع الدولي منشغل في<br />
التحضير لخطة التنمية لما بعد عام 2015 ووضع<br />
مجموعة أهداف للتنمية المستدامة، تبدو الفرص<br />
سانحة للتغيّر والتغيير، واعتماد أساليب جديدة في<br />
التعاون على مستوى العالم. وقد أكد األمين العام<br />
لألمم المتحدة بان كي-مون في خطابه إلى الجمعية<br />
العامة في تموز/يوليو 2013 ''أن العالم يجب أن يولي<br />
عناية خاصة لحاجات الفئات الضعيفة المعرضة<br />
لإلقصاء'' . 4 ودعا إلى رؤية جديدة تضم مختلف<br />
تطلّعات البشر ''من أجل حياة كريمة للجميع''. وهذا<br />
التقرير الذي يتناول المخاطر التي تتهدد البشر يهدف<br />
إلى توجيه النقاش وتقديم توصيات بشأن تحقيق<br />
أهداف جديدة وبناء مجتمعات منيعة.<br />
فالحد من الفقر ومن تعرّض األفراد له، كالهما<br />
هدفان أساسيان في خطة التنمية لما بعد عام 2015.<br />
والقضاء على الفقر المدقع ال يعني مجرد الخروج<br />
من دوامة الفقر بل البقاء في مأمن عنها. وهذا ال<br />
يمكن تحقيقه إال بتجديد التركيز على مفهوم تحصين<br />
التنمية البشرية من المخاطر. ويتطلب تأمين الدعم<br />
العام الالزم للمنتشلين من حالة الحرمان، لبناء<br />
منعتهم االقتصادية واالجتماعية، وتقليص جميع<br />
عوامل الخطر التي تهدد بتدهور وضعهم.<br />
وهنا ال تخلو الصورة من مالمح إيجابية. ويبيّن<br />
التقرير )الفصل 2( أن متوسط الخسائر في التنمية<br />
البشرية بفعل عدم المساواة انخفض في معظم<br />
البلدان، في تحسّن يعود جُلّه إلى المكاسب المحققة<br />
على نطاق واسع في القطاع الصحي. لكن الفوارق<br />
في الدخل اتسعت في مناطق عديدة، والفوارق في<br />
التعليم لم تشهد تغيّرًا يذكر. وال شك في أن التراجع<br />
في عدم المساواة إنجازٌ ال يمكن نكرانه، لكن تحسّن<br />
الصحة يبقى غير كافٍ مع استمرار الفوارق في<br />
الدخل. ولمعالجة المخاطر، وال سيما تلك التي<br />
تتهدّد الفئات المهمشة، وتحصين اإلنجازات المحققة<br />
مؤخرًا، ال بدّ من الحد من عدم المساواة في جميع<br />
أبعاد التنمية البشرية.<br />
وما لم يحظَ المعرّضون للخطر، أفرادًا<br />
ومجموعات، باالهتمام الالزم على مستوى السياسة<br />
العامة، وما لم يحصلوا على الموارد الكافية في<br />
جميع أبعاد التنمية البشرية، سيبقى خطر بقائهم<br />
خارج مسيرة التنمية داهمًا مهما بلغ مستوى التقدّم<br />
في معظم البلدان والمجتمعات. وما لم تتوفر سياسات<br />
ومؤسسات عالمية ومحلية تُعنى بتقليص عناصر<br />
الخطر الدائمة والمستحكمة في مختلف مراحل<br />
الحياة، ستبقى خطة التنمية لما بعد عام 2015 قاصرة<br />
عن التصدي لتحديات المستقبل بما هي عليه من<br />
تشعب وجسامة.<br />
من هم المعرّ ضون للمخاطر ولماذا؟<br />
تبدو بعض الفئات أكثر عرضة للمخاطر<br />
من غيرها. وفي الكثير من الحاالت تتفاقم هذه<br />
المخاطر بفعل أعراف اجتماعية مجحفة ونواقص<br />
تعتري المؤسسات، فتبقى بعض الفئات مجردة<br />
من الدعم الالزم لبناء القدرة على الصمود، سواء<br />
أكان هذا الدعم من األسرة أم من المجتمع أم من<br />
الدولة. وهذه الفئات، واألعراف والمؤسسات التي<br />
تضعف قدراتها وتضيّق خياراتها، هي موضوع<br />
هذا التقرير.<br />
| 2 تقرير التنمية البشرية 2014