Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
يضرّ بإمكانات النمو على المدى الطويل . 65 ومن<br />
األجدر التفكير في سياسات مزدوجة الهدف، تخفف<br />
من أثر األزمات، وتسهل عملية التعافي منها.<br />
وليس من السهل إيجاد هذا المزيج من السياسات،<br />
وقد ال يكفي وضع الخطة وتجهيزها. فقد ال تتوفر<br />
القدرة على تنفيذ الخطة. واإلجراءات التي يمكن<br />
تنفيذها تتوقف على مستوى الكلفة وقدرة المؤسسات.<br />
''فعندما تتقلّص ميزانيات الحكومات، كما يحدث<br />
أثناء األزمات، يكون السؤال، حسب الدراسة، حول<br />
ما يمكن إبقاؤه من سياسات موجودة، وليس حول<br />
ما يمكن استحداثه من سياسات إضافية'' . 66 وهكذا<br />
يجب أن تكون التدخالت ممكنة ومرنة. والجهوزية<br />
في ذلك، هي عامل أساسي، وتستغرق وقتًا. وتجهيز<br />
المؤسسات أو السياسات الجديدة أثناء األزمة هي<br />
مهمة صعبة وتستغرق أيضًا وقتًا طويالً.<br />
وتستأثر متطلبات الرعاية الصحية، وال سيما<br />
الصحة اإلنجابية، باألولوية في األزمات، لما<br />
تتركها من آثار تبقى على المدى الطويل وترافق<br />
األجيال المقبلة. وهذا الواقع يتطلب قرارات صعبة،<br />
عندما ال تتوفر القدرات وال الموارد. ويمكن أن<br />
يسترشد صانعو القرار على هذا الصعيد بعدد من<br />
الحلول التي توفر حدًا أدنى من التقديمات، كحزمة<br />
الخدمات األولية األساسية للصحة اإلنجابية، مع أن<br />
األبحاث تشير إلى نجاح متفاوت ألسباب منها نقص<br />
التدريب . 67<br />
وبرامج دعم األسرة في البرازيل Bolsa(<br />
)Oportunidades( والفرص في المكسيك )Família<br />
هما من األمثلة المزدوجة الهدف. ويمكن اإلشارة<br />
إلى ثالثة دروس، تأكيدًا على الرابط الوثيق بين<br />
اإلجراءات القصيرة األجل والسياسات الطويلة<br />
األجل في بناء المنعة. أوالً، يجب أن تكون البنية<br />
االجتماعية جاهزة، بحيث يمكن الوصول إلى<br />
شبكات التوزيع بالسرعة المطلوبة عندما تقع األزمة.<br />
ثانيًا، يمكن أن تساعد التحويالت النقدية المشروطة<br />
في حماية التعليم والصحة، وال سيما للشباب، وتجنب<br />
انتقال النتائج السلبية ألي خسارة على هذا الصعيد<br />
عبر األجيال. ثالثًا، الدعم االجتماعي الذي يبدأ<br />
بتغطية الفئات الضعيفة والمعرضة للمخاطر يمكن<br />
أن يصبح أساسًا لخدمات اجتماعية شاملة ومستمرة<br />
في المستقبل.<br />
فالبنية االجتماعية هي بمثابة إطار عملي يمكن<br />
أن تستخدمه المؤسسات العامة إلجراء التحويالت<br />
النقدية لصالح األفراد المعوزين. وبما أن تطوير<br />
نظم الحماية االجتماعية يستغرق وقتًا، تسمح البنية<br />
األساسية، التي تؤمنها برامج مثل برنامج دعم<br />
األسرة Famíla( ،)Bolsa بتحويل الموارد بالسرعة<br />
والفعالية المطلوبة. وعندما تقع تقلّبات أو أحداث<br />
ضارة، تساعد هذه التحويالت في حماية الفقراء<br />
والفئات الضعيفة المعرضة للمخاطر.<br />
وفي الوقت الذي يستغرقه وضع السياسات<br />
الشاملة لمواجهة المخاطر الدائمة على المدى الطويل،<br />
يمكن تصميم أنظمة للتصدي العاجل لتسهيل التكيّف<br />
مع الحوادث الطارئة بطرق ال تمسّ بالخيارات على<br />
المدى الطويل. وقد جرى تكييف برنامج دعم األسرة<br />
في البرازيل، بحيث يشمل حاالت الطوارئ، وقد<br />
ساعدت زيادة التحويالت النقدية المشروطة عقب<br />
األزمة المالية العالمية في عام 2008، في حماية الحد<br />
األدنى من مستويات االستهالك، وساهمت الطبيعة<br />
المشروطة للتحويالت في تكوين القدرات للمدى<br />
البعيد من خالل إبقاء األطفال في المدارس وضمان<br />
سالمتهم الصحية.<br />
وعندما تجهز ترتيبات الحماية االجتماعية<br />
الشاملة، يمكن أن تكون برامج التحويالت النقدية<br />
ذات جدوى، سواء أكان من حيث الميزانية أو من<br />
حيث البنية االجتماعية. ومن عوامل نجاح هذه<br />
البرامج تصميمها بهدف حماية القدرات. ويمكن<br />
توسيع نطاق هذه البرامج بحيث تسهم في الوقاية<br />
من تداعيات الصدمات القصيرة األمد، مثل الركود<br />
المفاجئ وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهذا ما<br />
حدث في البرازيل عقب أزمة عام 2008.<br />
وتقدّم بلدان أخرى نماذج مماثلة. ففي عام<br />
2009، انخفض الناتج المحلي اإلجمالي في تايلند<br />
بنسبة 2.3 على أثر الركود العالمي الكبير. وعلى<br />
الرغم من ذلك، أوضحت االستطالعات االقتصادية<br />
واالجتماعية التي أجريت في الفترة 2010-2007 أن<br />
االستهالك الحقيقي لدى معظم الفئات ارتفع نسبة<br />
إلى ما كان عليه في عام 2008، وشمل هذا االرتفاع<br />
الفقراء، واألسر الفقيرة في المدن واألرياف،<br />
والرجال والنساء واألطفال. ولحقت الخسائر بسكان<br />
بانكوك الذين يعملون في قطاع التصدير من الفئة<br />
العمرية 29-20 سنة، والذين يعملون في المبيعات<br />
والخدمات. ولم ينخفض معدل االلتحاق بالمدارس<br />
أثناء الركود، وازدادت المشتريات من السلع<br />
المعمرة.<br />
وفي عام 2008، عمدت حكومة تايلند إلى خفض<br />
الضرائب بقيمة 40 مليار بات، وتقديم قروض عاجلة<br />
)بلغ مجموعها 400 مليار بات(، وتخفيض أسعار<br />
الطاقة، ودعم قطاع النقل )بكلفة بلغت 50 مليار<br />
بات(. وفي عام 2009، اعتمدت الحكومة مجموعة<br />
الحوافز األولى، استكملت بها السياسات التي أقرتها<br />
في الوقت الذي يستغرقه وضع<br />
السياسات الشاملة لمواجهة<br />
المخاطر الدائمة على المدى<br />
الطويل، يمكن تصميم أنظمة<br />
للتصدي العاجل لتسهيل التكيّف<br />
مع الحوادث الطارئة بطرق<br />
ال تمسّ بالخيارات على<br />
المدى الطويل<br />
الفصل 4 بناء املنعة: رحابة احلريات وصون اخليارات | 97