Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
مساهمة خاصة ستيفن هاوكينغ، مدير األبحاث في مركز الكوزمولوجيا النظرية في جامعة كمبريدج<br />
اإلعاقة والتعرض للمخاطر<br />
من موقعي كعالم في الفيزياء النظرية، أدرك جيِّدًا مفهوم التعرض للمخاطر. فليس في<br />
هذا الكون ما هو في منأى عن المخاطر، حتى الكون بذاته قد يصل يومًا إلى نهاية.<br />
ولطالما كان اإلنسان عرضةً لتحديات مختلفة. ومما ال شك فيه أن االكتشافات<br />
العلمية العظيمة–من البنسيلين إلى جدول العناصر الكيميائية، من نظرية التطوّ ر إلى<br />
الكهرباء كلّها ساعدتنا على فهم عالمنا، ودرء المخاطر التي تحيط بنا، وبناء منعتنا.<br />
وعلى الرغم من التقدُّم المتسارع والمتنوّ ع، يبقى في العالم أفراد ضعفاء وفئات<br />
ضعيفة، وفي مقدّمتها ذوو اإلعاقة. وتشير تقديرات األمم المتحدة إلى أن أكثر من<br />
مليار شخص يعيشون وجهًا من أوجه اإلعاقة، ويشكلون نسبة مرتفعة من أشد<br />
الفقراء في العالم، ويتعرضون أكثر من غيرهم لمخاطر العنف، والكوارث، وأعباء<br />
اإلنفاق على الرعاية الصحية، والكثير من المصاعب األخرى.<br />
ويعاني معظم ذوي اإلعاقة من مشقة في ضمان بقائهم على قيد الحياة، فماذا<br />
عن عيش الحياة التي ينشدون، حسب مصطلحات التنمية البشرية. وليس ما يبرر<br />
أن تكون اإلعاقة عقبة أمام النجاح. فقد أصبتُ بداء العصبية الحركية منذ أن دخلت<br />
مرحلة البلوغ، ولكن هذا المرض لم يمنعني من تحقيق ذاتي في حياة مهنية ناجحة<br />
وتحقيق سعادتي في الحياة األسرية.<br />
أنا أدرك أن الحظ حالفني بعدَّة طرق. فنجاحي في مجال الفيزياء النظرية ضمن<br />
لي القدرة على عيش الحياة التي أنشدها. فأنا أستفيد من رعاية صحيَّة من الدرجة<br />
األولى، وباستطاعتي االعتماد على فريق من المساعدين، أتاحوا لي سبل الراحة<br />
والكرامة في العمل والحياة. منزلي مجهز، وكذلك مكان عملي، بطريقة تسهل علي<br />
الحركة والتنقل. وقد ساعدني خبراء الحاسوب بنظام إلكتروني لتحليل الخطاب<br />
ولتسهيل مهمة التواصل علي. وهذا مكنني من إعداد المحاضرات واألبحاث<br />
والتواصل مع جماهير مختلفة.<br />
يتعرض ذوو اإلعاقة للمخاطر بسبب العوائق التي توضع أمامنا، مادية كانت<br />
أم مالية، أم مجرد موقف وسلوك. وإزالة هذه العوائق ليست بالهدف الصعب<br />
المنال، وعلينا واجب أخالقي إلزالتها. وعالوة على الشعور بالواجب، هناك<br />
أسباب عديدة يجب أن تدفعنا إلى العمل. فالتشريعات المعتمدة لمساعدة ذوي<br />
اإلعاقة اليوم قد تفيد كل فرد منا في المستقبل: فجميعنا معرضون لإلصابة بعجز<br />
في مرحلة ما من الحياة، أو قد نهتم بشخص مصاب. ولبعض االختراعات كتمييز<br />
السمة البصرية والتكنولوجيا التي يتحكم بها العقل أهمية بالغة ال تقتصر على<br />
مساعدة ذوي اإلعاقة.<br />
واألهم أن إزالة هذه العوائق ستحرر الكثير من الطاقات لخدمة العالم. فلم<br />
يعد بإمكان الحكومات أن تستمر في إهمال مئات الماليين من ذوي اإلعاقة،<br />
المحرومين من الرعاية الصحَّية والتأهيل والدعم والتعليم والعمل، ومن فرصة<br />
للعيش ملء الحياة.<br />
أن تساعد إزالة العوائق أمام ذوي اإلعاقة والحد من<br />
المخاطر التي يتعرضون لها في إطالق إمكاناتهم،<br />
لما فيه فائدة المجتمع بأسره.<br />
المهاجرون<br />
يبلغ عدد المهاجرين 3 في المائة من مجموع<br />
سكان العالم، ومعظمهم ال يتمتعون بما للمواطنين<br />
من حقوق وحماية اجتماعية، حتى إذا كانوا<br />
مسجلين . 140 ويعاني هؤالء، عادة، من اإلقصاء من<br />
الحياة االجتماعية والعامة، وال يحق لهم بالتصويت،<br />
وال تأثير لهم يذكر على السياسات التي تتعلق بهم،<br />
حتى ولو كانوا يساهمون في التقدّم االقتصادي في<br />
البلد الذي يستقبلهم. ويتعرض المهاجرون للعديد من<br />
المخاطر الهيكلية المتداخلة. فعدد النساء المهاجرات<br />
اليوم في تزايد، وهن يشكلن نصف السكان<br />
المهاجرين بين الدول، وتتراوح نسبتهن بين 70 و80<br />
في المائة في بعض البلدان. والمرأة أكثر تعرّضًا من<br />
الرجل لالستغالل وسوء المعاملة واالتجار بالبشر . 141<br />
والهجرة القسرية بسبب النزاعات هي سبب آخر<br />
للتعرض للمخاطر، وهذا ما يتضح من التداعيات<br />
المدمّرة لألزمة السورية. ومع أن عدد الالجئين<br />
يشكل جزءًا قليالً من مجموع المهاجرين، قارب<br />
10.5 مليون الجئ في عام 2011، أدّت النزاعات<br />
المسلحة إلى نزوح خمسة ماليين شخص من المنطقة<br />
)أكثر من 225,000 منهم بين شهري كانون األول<br />
/ديسمبر 2012 وكانون الثاني/يناير )2013 142 .<br />
الجغرافيا والبلدان المعرضة للمخاطر<br />
ال يمكن أن تكون جهود التصدي للمخاطر<br />
التي يتعرض لها األفراد والمجموعات في معزل<br />
عن المخاطر التي تتعرض لها البلدان. والمبرر<br />
المنطقي للمعاملة الخاصة للبلدان هو المخاطر<br />
الهيكلية التي تتوقف على العوامل الخارجية التي<br />
ال تسهل مواجهتها بالسياسة الداخلية. وقد صُنّفت<br />
أقل البلدان نموً ا على أنها بلدان فقيرة تعاني من<br />
ضعف هيكلي في النمو. وهي أكثر تعرضًا من<br />
غيرها للبقاء في حالة الفقر. والبلدان النامية<br />
غير الساحلية والدول النامية الجزرية الصغيرة<br />
هي أيضًا من البلدان التي تواجه تحديات هيكلية<br />
كبيرة.<br />
ويتناول هذا التقرير المخاطر الهيكلية التي<br />
تواجه هذه البلدان، بما فيها المخاطر الجديدة التي<br />
تأتي نتيجة للترابط. وتركِّز معظم التحاليل واألدلة<br />
حول المخاطر التي تتعرض لها البلدان على<br />
الفصل 3 يف املخاطر على الأفراد خماطر على العامل | 75