Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
في البلدان النامية التي تواجه<br />
نقصًا في التشغيل ال يكفي<br />
اعتماد سياسات سوق العمل<br />
النشطة، ألن معظم فرص العمل<br />
هي في االقتصاد غير النظامي<br />
ودعم دخل األسر يشجع المشاركة في سوق العمل،<br />
إذ يؤمن لألفراد الموارد الالزمة للبحث عن فرص<br />
عمل بطرق قد تشمل الهجرة بحثًا عن عمل. ويرى<br />
البعض أن هذا الدعم قد يضعف في الفرد دافع العودة<br />
إلى العمل. ولتصميم السياسة أهمية بالغة في معالجة<br />
هذا الوضع. واألدلة كثيرة على أن تنظيم سوق<br />
العمل يحقق الكثير من الفوائد ويسهم في الحد من<br />
عدم المساواة.<br />
ويمكن تأمين الحماية االجتماعية في المراحل<br />
المبكرة من التنمية، وهذه الحماية تحقق فوائد<br />
كتشجيع اإلنفاق والحد من الفقر. والحماية<br />
االجتماعية تحدّ من تقلّبات الناتج على الدخل<br />
المتاح. وسياسات الحماية االجتماعية للجميع ال<br />
تسهم في بناء األفراد فقط، بل تسهم في تعزيز منعة<br />
االقتصاد ككل.<br />
تأمين التشغيل الكامل. يظهر هذا التقرير أن القيمة<br />
االجتماعية للتشغيل الكامل ال تقتصر على األجر.<br />
وحصول الجميع على عمل الئق هو شرط أساسي<br />
لبناء منعة المجتمع بأكمله. فالعمل وسيلة لكسب<br />
العيش، وهو أداة لتعزيز قدرة اإلنسان، وتعميق<br />
األواصر االجتماعية، وبمعنى أوسع هو مصدر<br />
أمن لألسر والمجتمعات. وتؤدي البطالة إلى انتشار<br />
الجريمة، واالنتحار، والعنف، واستخدام المخدرات،<br />
وغيرها من المشاكل االجتماعية التي تخلّ بأمن<br />
األفراد وسالمتهم. والعمل يعزز االستقرار والتماسك<br />
االجتماعي، والعمل الالئق يبني قدرة الفرد على<br />
التحكم بالصدمات وعوامل عدم اليقين. وقليلة<br />
هي البلدان، متقدّمة كانت أم نامية، التي تتخذ من<br />
التشغيل الكامل هدفًا في طليعة أهدافها االقتصادية<br />
واالجتماعية. ويجب أن تكون زيادة فرص العمل<br />
المبدأ الذي يوجّه السياسة العامة. ومن الضروري<br />
وضع سياسات لفرص العمل تساعد العمال على<br />
استعادة فرص عملهم بطرق مثل برامج التشغيل<br />
المؤقت أو بناء المهارات إليجاد عمل جديد.<br />
ويمكن أن تكون برامج توليد فرص العمل ضمن<br />
أهداف سياسة أوسع نطاقًا تتضمن برامج لتشييد<br />
البنية التحتية وشبكة االتصاالت، وبرامج األشغال<br />
العامة، التي تشمل دفع األجر نقدًا لقاء العمل للفقراء<br />
والعاطلين عن العمل.<br />
وفي البلدان النامية التي تواجه نقصًا في التشغيل<br />
ال يكفي اعتماد سياسات سوق العمل النشطة، ألن<br />
معظم فرص العمل هي في االقتصاد غير النظامي،<br />
حيث تتجاوز نسبتها 40 في المائة، في ثلثين من<br />
46 بلدًا ناميًا وناشئًا تتوفر عنها البيانات . 16 ففي هذه<br />
البلدان، يتطلب هدف التشغيل الكامل وحمايته من<br />
المخاطر سياسات تعزز النمو المنتج لفرص العمل<br />
وتوسّع إطار الحماية االجتماعية ليشمل جميع<br />
العاملين في القطاع النظامي والقطاع غير النظامي.<br />
والتحوّ ل الهيكلي المطلوب في االقتصاد هدفه<br />
تأمين المزيد من فرص العمل باعتماد سياسات<br />
موجهة تدعم تنمية القطاعات واألنشطة ذات األهمية<br />
االستراتيجية. وهذا يتطلب اعتماد سياسات على<br />
مستوى االقتصاد الكلي ال تكتفي بالتركيز على<br />
استقرار األسعار وإدارة الديون. ويمكن أن يكون<br />
التعاون الدولي وسيلة فاعلة لتجنب االنجراف في<br />
المنافسة العالمية الشرسة إلى “سباق نحو األسفل”<br />
في معايير العمل، بل التوصل إلى اتفاق لتكريس<br />
مبدأ التشغيل الكامل والعمل الالئق للجميع.<br />
المؤسسات المسؤولة والمجتمعات المتماسكة<br />
يتطلب بناء المنعة البشرية مؤسسات مسؤولة. ومن<br />
الضروري اعتماد السياسات الفاعلة وتأمين الموارد<br />
الكافية لتوفير ما يكفي من فرص العمل، والرعاية<br />
الصحية، والتعليم، وال سيما للفئات الفقيرة والضعيفة.<br />
والدول التي تعترف بمشكلة عدم المساواة، وتتخذ<br />
اإلجراءات الالزمة للحد منها بين مختلف الفئات<br />
)عدم المساواة األفقية(، هي أكثر قدرة على العمل<br />
بمبدأ االلتزام بالجميع، وبناء التماسك االجتماعي،<br />
ودرء األزمات، والتعافي منها.<br />
وتتجذر المخاطر الدائمة في حاالت اإلقصاء<br />
المزمن، وضحيتها النساء في المجتمعات األبوية،<br />
والسود في جنوب أفريقيا والواليات المتحدة<br />
األمريكية، وجماعة الداليت في الهند، وجميعها فئات<br />
تعيش التمييز واإلقصاء في ظل ممارسات وأعراف<br />
ثقافية عميقة الجذور. وللمؤسسات المسؤولة<br />
والخاضعة للمساءلة دور فاعل في تجاوز شعور<br />
اإلجحاف، واإلقصاء، والضعف الذي يثير االستياء<br />
في المجتمع. ومن الضروري أيضًا تشجيع مشاركة<br />
المواطنين والتعبئة الجماعية لضمان اعتراف الدولة<br />
بمصالح الفئات الضعيفة وحقوقها.<br />
وبإمكان الدول أن تتدخل للحد من عدم المساواة<br />
األفقية باتخاذ مزيج من اإلجراءات على مستوى<br />
السياسة العامة. فاإلجراءات المباشرة التي تندرج<br />
ضمن إجراءات العمل اإليجابي يمكن أن تكون<br />
فاعلة في معالجة اإلجحاف المزمن، لكن مفعولها<br />
غير واضح على المدى الطويل. وال تنجح دائمًا في<br />
معالجة العوامل الهيكلية التي تؤدي إلى استمرار عدم<br />
المساواة. ومن الضروري اعتماد سياسات تؤمن<br />
| 6 تقرير التنمية البشرية 2014