أضغط على الرابط التالي
أضغط على الرابط التالي
أضغط على الرابط التالي
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
المملكة لتكون قراءتي هذا الكتاب بحضرم، فلما رجع الرسول إلى الملك سر بذلك، ووعده يوما ً يجمعفيه أهل المملكة. ثم نادى في أقاصي بلاد الهند ليحضروا قراءة الكتاب. فلما كان ذلك اليوم، أمر الملكأن ينصب لبيدبا سرير مثل سريره، كراسي لأبناء الملوك والعلماء. وأنفذ فأحضره. فلما جاءه الرسول قامفلبس الثياب التي كان يلبسا إذا دخل <strong>على</strong> الملوك وهي المسوح السود، وحمل الكتاب تلميذه. فلما دخل<strong>على</strong> الملك وثب الخلائق بأجمعهم، وقام الملك شاكرا ً. فلما قرب من الملك كفر له وسجد، ولم يرفعرأسه. فقال له الملك: يا بيدبا ارفع رأسك، فإن هذا يوم هناءةٍ وفرحٍ وسرورٍ، وأمره أن يجلس. فحينجلس لقراءة الكتاب، سأله عن معنى كل باب من أبوابه، وإلى أي شيءٍ قصد فيه. فأخبره بغرضه فيه،وفي كل باب. فازداد الملك منه تعجبا ً وسرورا ً. فقال له: يا بيدبا ما عدوت الذي في نفسي؛ وهذا الذيكنت أطلب؛ فالطلب ما شئت وتحكم. فدعا له بيدبا بالسعادة وطول الجد. وقال: أيها الملك أما المالفلا حاجة لي فيه، وأما الكسوة فلا أختار <strong>على</strong> لباسي ذا شيئا ً؛ ولست أخلي الملك من حاجةٍ. قال الملك:يا بيدبا ما حاجتك؟ فكل حاجةٍ لك قبلنا مقضية ٌ. قال: يأمر الملك أن يدون كتابي هذا كما دون آباؤهوأجداده كتبهم، ويأمر بالمحافظة عليه: فإنأخاف أن يخرج من بلاد الهند، فيتناوله أهل فارس إذا علموا به؛ فالملك يأمر ألا يخرج من بيت الحكمة.ثم دعا الملك بتلاميذه وأحسن لهم الجوائز. ثم إنه لما ملك كسرى أنوشروان وكان مستأثرا ً بالكتب والعلموالأدب والنظر في أخبار الأوائل ويقع له خبر الكتاب؛ فلم يقر قراره حتى بعث بروزيه الطبيب وتلطفحتى أخرجه من بلاد الهند فأقره في خزائن فارس.باب بعثة برزويه إلى بلاد الهندأما بعد فإن االله تعالى خلق الخلق برحمته، ومن <strong>على</strong> عباده بفضله وكرمه ورزقهم ما يقدرون به <strong>على</strong>إصلاح معايشهم في الدنيا، ويدركون به استنقاذ أرواحهم من العذاب في الآخرة، وأفضل ما رزقهم االلهتعالى ومن به عليهم بالعقل الذي هو دعامة لجميع الأشياء، والذي لا يقدر أحد في الدنيا <strong>على</strong> إصلاحمعيشته ولا إحراز نفعٍ ولا دفع ضررٍ إلا به.وكذلك طالب الآخرة مجتهد في العمل المنجي به روحه لا يقدر <strong>على</strong> إتمام عمله وإكماله إلا بالعقل الذيهو سبب كل خير ومفتاح كل سعادةٍ. فليس لأحد غني عن العقل. والعقل مكتسب بالتجارب والأدب.وله غريزة ٌ مكنونة ٌ في الإنسان كامنة ٌ كالنار في الحجر لا تظهر ولا يرى ضوءها حتى يقدحها قادح منالناس؛ فإذا قدحت ظهرت طبيعتها. وكذلك العقل كامن في الإنسان لا يظهر حتى يظهره الأدب وتقويهكليلة ودمنة ابن المقفع12