أضغط على الرابط التالي
أضغط على الرابط التالي
أضغط على الرابط التالي
- No tags were found...
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
فيما صنع بابنك ذنب.إنما كان ذلك كله قدرا ً مقدورا ً، وكلانا له علة: فلا نوأخذ بما به القدر. قال فترة: إن القدر لكماذكرت، لكن لا يمنع ذلك الحازم من توقى المخاوف، والاحتراس من المكاره. ولمنه يجمع تصديقا ً بالقدروأخذا ً بالحزم والقوة. وأنا أعلم أنك تكلمني بغير ما في نفسك. والأمر بيني وبينك غير صغير: لأن ابنكقتل ابني، وأنا فقأت عين ابنك، وأنت تريد أن تشتفي بقتلي، وتخلني عن نفسي، والنفس تأبى الموت. وقدكان يقال: الفاقة بلاء والحزن بلاء وقرب العدو بلاء وفراق الأحبة بلاء والسقم بلاء والهرم بلاء، ورأسالبلايا كلها الموت. وليس أحد بأعلم بما في نفس الموجع الحزين ممن ذاق مثل ما به. فأنا بما في نفسي عالمبما نفسك: للمثل الذي عندي من ذلك. ولا خير لي في صحبتك: فإنك لن تتذكر صنيعي بابنك، ولنأتذكر صنيع ابنك بابني، إلا أحدث ذلك لقلوبنا تغييرا ً.قال الملك: لا خير فيمن لا يستطيع الإعراض عما في نفسه، وينساه ويهمله، حتى لا بذكر منه شيئا ً، ولايكون له في نفسه موقع. قال فترة: إن الرجل الذي في باطن قدمه قرحة، إن هو حرص <strong>على</strong> المشي فلا بدأنه لا يزال يشتكي قرحته، والرجل الأرمد العين إذا استقبل ا الريح، تعرض لأن تزداد رمدا ً. وكذلكالواتر إذا دنا من الموتور، فقد عرض نقسه للهلاك. ولا ينبغي لصاحب الدنيا إلا توقي المهالك والمتالف،وتقدير الأمور وقلة الاتكال <strong>على</strong> الحول والقوة، وقلة الاغترار بمن لا يأمن: فإنه من اتكل <strong>على</strong> قوته،فحمله ذلك <strong>على</strong> أن يسك الطريق المخوف، فقد سعى في حتف نفسه. ومن لا يقدر لطاقته طعامهوشرابهوحمل نفسه ما لا تطيق ولا تحمل فقد قتل نفسه. ومن لا يقدر لقمته، وعظمها فوق ما يسع فوه، فربماغص ا فمات. ومن اغتر بكلام عدوه، وانخدع له وضيع الحزم، فهو أعدى الحزم لنفسه من عدوه.وليس لأحد النظر في القدر الذي لا يدري ما يأتيه منه ولا ما يصرف عنه، ولكن عليه العمل بالحزموالأخذ بالقوة ومحاسبة نفسه في ذلك. والعاقل لا يثق بأحد ما استطاع، ولا يقيم <strong>على</strong> خوف وهو يجدعنه مذهبا ً. وأنا كثير المذاهب وأرجو ألا أذهب وجها ً ألا أصبت فيه مت يغنيني: فإن خلالا ً خمسا ً منتزودهن كفينه في كل وجه، وآنسنه في غربة، وقربن له البعيد، وأكسبنه المعاش الإخوان: أولهن كفالأذى والثانية حسن الأدب، والثالثة مجانبة الريب والرابعة كرم الخلق، والخامسة النبل في العمل. وإذاخاف الإنسان <strong>على</strong> نفسه شيئا ً طابت نفسه عن المال والأهل والولد والوطن: فإنه يرجو الخلف من ذلككله ولا يرجو عن النفس خلفا ً. وشر المال ما لا إنفاق منه وشر الأزواج التي لا تواتي بعلها، وشر الولدالعاصي العاق لوالديه وشر الإخوان الخاذل لأخيه عند النكبات والشدائد، وشر الملوك الذي يخافهالبريء، ولا يواظب <strong>على</strong> حفظ أهل مملكته، وشر البلاد بلاد بلا خصب فيها ولا أمن، وإنه لا أمن ليكليلة ودمنة ابن المقفع80