22.07.2015 Views

أضغط على الرابط التالي

أضغط على الرابط التالي

أضغط على الرابط التالي

SHOW MORE
SHOW LESS
  • No tags were found...

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

قال الغراب:‏ إن البوم بمكان كذا في جبل كثير الحطب وفي ذلك الموضع قطيع من الغنم مع رجل راع،‏ونحن مصيبون هناك نارا ً،‏ ونلقيها في أنقاب البوم ونقذف عليها من يابس الحطب ونتراوح عليها ضربا ًبأجنحتنا حتى تضرم النار في الحطب:‏ فمن خرج منهن احترق ومن لم يخرج مات بالدخان موضعه ففعلالغربان ذلك:‏ فأهلكن البوم قاطبة ً ورجعن إلى منازلهن سالمات آمنات.‏ثم إن ملك الغربان قال لذلك الغراب:‏ كيف صبرت <strong>على</strong> صحبة البوم ولا صبر للأخيار <strong>على</strong> صحبةالأشرار؟ فقال الغراب:‏ إنما ما قلته أيها الملك لكذلك لكن العاقل إذا أتاه الأمر الفظيع العظيم الذي يخافمن عدم تحمله الجائحة <strong>على</strong> نفسه وقومه لم يجزع من شدة الصبر عليه،‏ لما يرجو من أن يعقبه صبره حسنالعاقبة زكثير الخير فلم يجد لذلك ألما ً،‏ ولم تكره نفسه الخضوع لمن هو دونه حتى يبلغ حاجته فيغتبط بخاتمةأمره وعاقبة صبره.‏ فقال الملك:‏ أخبرني عن عقول البوم:‏ فقال الغراب:‏ لم أجد فيهن عاقلا ً إلا الذي كانيحثهن <strong>على</strong> قتلي،‏ وكان حرضهن <strong>على</strong> ذلك مرارا ً فكن أضعف شيء رأيا ً!‏ فلم ينظرن في رأيه ويذكرنأني قد كنت ذا مترلة في الغربان،‏ وأني أعد من ذوي الرأي ولم يتخوفن مكري وحيلتي ولا قبلن منالناصح الشفيق ولا أخفين دوني أسرارهن وقد قال العلماء:‏ ينبغي للملك أن يحصن أموره من أهل النميمةولا يطلع أحدا ً منهم <strong>على</strong> مواضع سره فقال الملك:‏ ما أهلك البوم في نفسي إلا الغي،‏ وضعف رأي الملكوموافقته وزراء السوء فقال الغراب:‏ صدقت أيها الملك،‏ إنه قلما ظفر أحد بغنى ولم يطع،‏ وقل ّ من أكثرمن الطعام إلا مرض.‏ وقل ّ من وثق بوزراء السوء وسلم من أن يقع في المهالك وكان يقال:‏ لا يطمعن ذوالكبر في حسن الثناء،‏ ولا الخب في كثرة الصديق،‏ ولا السي الأدب في الشرف،‏ ولا الشحيح في البر‏،‏ ولاالحريص في قلة الذنوب ولا الملك المحتال،‏ المتهاون بالأمور،‏ الضعيف الوزراء في ثبات ملكه،‏ وصلاحرعيته قال الملك:‏ لقد احتملت مشق ّة شديدة في تصنعك للبوم،‏ وتضرعك لهن قال الغراب:‏ إنه من احتملمشقة يرجو نفعها،‏ ونحى عن نفسه الأنفة والحمية،‏ ووطنها <strong>على</strong> الصبر حمد غب رأيه،‏ كما صبر الأسود<strong>على</strong> حمل ملك الضفادع <strong>على</strong> ظهره،‏ وشبع بذلك وعاش قال الملك:‏ وكيف كان ذلك؟ قال الغراب:‏زعموا أن أسود من الحيات كبر،‏ وضعف بصره وذهبت قوته:‏ فلم يستطع صيدا ً ولم يقدر <strong>على</strong> طعام وأنهانساب يتلمس شيئا ً يعيش به،‏ حتى انتهى إلى عين كثيرة الضفادع،‏ قد كان يأتيها قبل ذلك،‏ فيصيب منضفاضعها رزقه فرمى نفسه قريبا ً منهن مظهرا ً للكآبة والحزن فقال له ضفدع:‏ ما لي أراك أيها الأسودكئيبا ً حزينا ً؟ قال:‏ ومن أحرى بطول الحزن مني!‏ وإنما كان أكثر معيشتي مما كنت أصيب من الضفادعفابتليت ببلاء وحرمت <strong>على</strong> الضفادع من أجله،‏ حتى إني إذا التقيت ببعضها لا أقدر <strong>على</strong> إمساكه.‏ فانطلقالضفدع إلى ملك الضفادع،‏ فبشره بما سمع من الأسود فقال له:‏ كيف كان أمرك؟ قال سعيت منذ أيامكليلة ودمنة­‏ ابن المقفع69

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!