أضغط على الرابط التالي
أضغط على الرابط التالي
أضغط على الرابط التالي
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
يشهد بما لا ي، ويقول ما لا يعلم، أصابه ما أصاب الطبيب الذي قال لما لا يعلمه: إني أعلمه. قالتالجماعة: وكيف كان ذلك؟قال دمنة: زعموا أنه كان في بعض المدن طبيب له رفق وعلم، وكان ذا فطنة فيما يجري <strong>على</strong> يديه منالمعالجات، فكبر ذلك الطبيب وضعف بصره. وكان لملك تلك المدينة ابنة قد زوجها لابن أخ له، فعرضلها ما يعرض للحوامل من الأوجاع. فجيء ذا الطبيب، فلما حضر، سأل الجارية عن وجعها وما تجد،فأخبرته، فعرف دائها ودواءها، وقال: لو كنت أبصر، لجمعت الأخلاط <strong>على</strong> معرفتي بأجناسها، ولا أثقفي ذلك بأحد غيري. وكان في المدينة رجل سفيه، فبلغه الخبر، فأتاهم وادعى علم الطب، وأعلمهم انهخبير بمعرفة أخلاط الأدوية والعقاقير، عارف بطبائع الأدوية المركبة والمفردة، فأمره الملك أن يدخل خزانةالأدوية فيأخذ من أخلاط الدواء حاجته، فلما دخل السفيه الخزانة، وعرضت عليه الأدوية، ولا يدري ماهي، ولا له ا معرفة، أخذ في جملة ما أخذ منها صرة فيها سم قاتل لوقته، وخلطه في الأدوية، ولا علمله به، ولا معرفة عنده بجنسه. فما تمت أخلاط الأدوية، سقى الجارية منه، فماتت لوقتها. فلما عرفالملك ذلك، دعا بالسفيه، فسقاه من ذلك الدواء، فمات من ساعته. وإنما ضربت لكم هذا المثل لتعلمواما يدخل <strong>على</strong> القائل والعامل من الزلة بالشبه في الخروج عن الحد، فمن خرج منكم عن حده أصابه ماأصاب ذلك الجاهل، ونفسه الملومة.وقد قالت العلماء: ربما جزى المتكلم بقوله. والكلام بين أيديكم: فانظروا لأنفسكم. فتكلم سيدالخنازير، لإدلاله وتيهه بمترلته عند الأسد، فقال: يا أهل الشرف من العلماء، اسمعوا مقالتي، وعوابأحلامكم كلامي، فالعلماء قالوا في شأن الصالحين: إم يعرفون بسيماههم، وأنتم معاشر ذوي الاقتدار،بحسن صنع االله لكم، وتمام نعمته لديكم، تعرفون الصالحين بسيماهم وصورهم، وتخبرون بالشيء الصغير،وهاهنا أشياء كثيرة تدل <strong>على</strong> هذا الشقي دمنة، وتخبر عن شره، فاطلبوها <strong>على</strong> ظاهر جسمه: لتستيقنواوتسكنوا إلى ذلك. قال القاضي لسيد الخنازير: قد علمت، وعلم الجماعة الحاضرون، أنك عارف بما فيالصور من علامات السوء، ففسر لنا ما تقول، وأطلعنا <strong>على</strong> ما ترى في صورة هذا الشقي. فأخذ سيدالخنازير يذم دمنة، وقال: إن العلماء قد كتبوا وأخبروا: أنه من كانت عينه اليسرى أصغر من عينه اليمنىوهي لا تزال تختلج، وكان أنفه مائلا ً إلى جنبه الأيمن، فهو شقي خبيث. قال له دمنة: شأنك عجب، أيهاالقذر، ذو العلامات الفاضحة القبيحة، ثم العجب من جرائتك <strong>على</strong> طعام الملك، وقيامك بين يديه، مع مابجسمك من القذر والقبح، ومع ما تعرفه أنت ويعرفه غيرك من عيوب نفسك، أفتتكلم في النقي الجسمالذي لا عيب فيه؟ ولست أنا وحدي أطلع <strong>على</strong> عيبك، لكن جميع من حضر قد عرف ذلك. وقد كانيحجزني عن إظهاره ما بيني وبينك من الصداقة. فأما إذا قد كذبت علي وتني في وجهي، وقمتكليلة ودمنة ابن المقفع51