22.07.2015 Views

أضغط على الرابط التالي

أضغط على الرابط التالي

أضغط على الرابط التالي

SHOW MORE
SHOW LESS
  • No tags were found...

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

لأمرٍ‏ قدمت،‏ وهو غير الذي يظهر مني؛ والعاقل يكتفي من الرجل بالعلامات من نظره،‏ حتى يعلم سرنفسه وما يضمره قلبه.‏ قال له الهندي:‏ إني وإن لم أكن بدأتك وأخبرتك بما جئت له،‏ وإياه تريد؛ وأنكتكتم أمرا ً تطلبه،‏ وتظهر غيره؛ ما خفي <strong>على</strong> ذلك منك.‏ ولكني لرغبتي في إخائك،‏ كرهت أن أواجهكبه.‏ وإنه قد استبان ما تخفيه مني.‏ فأما إذ قد أظهرت ذلك،‏ وأفصحت به وبالكلام فيه،‏ فإني مخبرك عننفسك،‏ ومظهر لك سريرتك،‏ ومعلمك بحالك التي قدمت لها؛ فإنك قدمت بلادنا لتسلبنا كنوزناالنفيسة،‏ فتذهب ا إلى بلادك،‏ وتسرا ملكك.‏ وكان قدومك بالمكر والخديعة.‏ ولكني لما رأيت صبرك،‏ومواظبتك <strong>على</strong> طلب حاجتك،‏ والتحفظ من أن يسقط منك الكلام،‏ مع طول مكثك عندنا،‏ بشيءٍ‏يستدل به <strong>على</strong> سريرتك وأمورك،‏ ازددت رغبة ً في إخائك،‏ وثقة بعقلك،‏ فأحببت مودتك.‏ فإني لم أر فيالرجال رجلا ً هو أرصن منك عقلا ً،‏ ولا أحسن أدبا ً،‏ ولا أصبر <strong>على</strong> طلب العلم ولا أكتم لسره منك؛ولا سيما في بلاد الغربة،‏ ومملكة غير مملكتك،‏ عند قومٍ‏ لا تعرف سنتهم.‏ وإن عقل الرجل ليبين في ثمانيخصال:‏ الأولى الرفق،‏ والثانية أن يعرف الرجل نفسه فيحفظها،‏ والثالثة طاعة الملوك،‏ والتحري لمايرضيهم.‏ والرابعة معرفة الرجل موضع سره،‏ وكيف ينبغي أن يطلع عليه صديقه،‏ والخامسة أن يكون<strong>على</strong> أبواب الملوك أديبا ً ملق اللسان.والسادسة أن يكون لسره وسر غيره حافظا ً.‏ والسابعة أن يكون<strong>على</strong> لسانه قادرا ً،‏ فلا يتكلم إلا بما يأمن تبعته.‏ والثامنة إن كان بالمحفل لا يتكلم إلا بما يسأل عنه.‏ فمناجتمعت فيه هذه الخصال كان هو الداعي الخير إلى نفسه.‏ وهذه الخصال كلها قد اجتمعت فيك،‏ وبانتلي منك.‏ فاالله تعالى يحفظك،‏ ويعينك <strong>على</strong> ما قدمت له؛ فمصادقتك إياي،‏ وإن كانت لتسلبني كتريوفخري وعلمي،‏ تجعلك أهلا ً لأن تسعف بحاجتك،‏ وتشفع بطلبتك ، وتعطي سؤلك.‏فقال له بروزيه:‏ إني كنت هيأت كلاما ً كثيرا ً،‏ وشعبت له شعوبا ً؛ وأنشأت له أصولا ً وطرقا ً؛ فلما انتهيتإلى ما بدأتني به من إطلاعك <strong>على</strong> أمري والذي قدمت له،‏ وألقيته <strong>على</strong> من ذات نفسك،‏ ورغبتك فيماألقيت من القول،‏ اكتفيت باليسير من الخطاب معك،‏ وعرفت الكبير من أموري بالصغير من الكلام،‏واقتصرت به معك <strong>على</strong> الإيجاز.‏ ورأيت من إسعافك إياي بحاجتي ما دلني <strong>على</strong> كرمك وحسن وفائك:‏فإن الكلام إذا ألقي إلى الفيلسوف،‏ والسر إذا استودع إلى اللبيب الحافظ،‏ فقد حصن وبلغ به اية أملصاحبه،‏ كما يحصن الشيء النفيس في القلاع الحصينة.‏ قال له الهندي:‏ لا شيء أفضل من المودة.‏ ومنخلصت مودته كان أهلا ً أن يخلطه الرجل بنفسه،‏ ولا يدخر عنه شيئا ً،‏ ولا يكتمه سرا ً:‏ فإن حفظ السررأس الأدب.‏ فإذا كان السر عند الأمين الكتوم فقد احترز من التضييع؛ مع أنه خليق ألا يتكلم به؛ ولايتم سر ين اثنين قد علماه وتفاوضاه.‏ فإذا تكلم بالسر اثنان فلا بد من ثالث من جهة أحدهما؛ فإذا صاركليلة ودمنة­‏ ابن المقفع14

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!