22.07.2015 Views

أضغط على الرابط التالي

أضغط على الرابط التالي

أضغط على الرابط التالي

SHOW MORE
SHOW LESS
  • No tags were found...

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

دين الآباء والأجداد،‏ لم أجد لها <strong>على</strong> الثبوت <strong>على</strong> دين الآباء طاقة ً؛ بل وجدا تريد أن تتفرغ للبحث عنالأديان والمسألة عنها،‏ وللنظر فيها؛ فهجس في قلبي وخطر <strong>على</strong> بالي قرب الأجل وسرعة انقطاع الدنياواعتباط أهلها وتحزم الدهر حيام.‏ ففكرت في ذلك.‏ فلما خفت من التردد والتحول،‏ رأيت ألا أتعرضلما أتخوف منه المكروه؛ وأن أقتصر <strong>على</strong> عملٍ‏ تشهد النفس أنه يوافق كل الأديان.‏ فكففت يدي عن القتلوالضرب،‏ وطرحت نفسي عن المكروه والغضب والسرقة والخيانة والكذب والبهتان والغيبة،‏ وأضمرتفي نفسي ألا أبغي <strong>على</strong> أحدٍ،‏ ولا أكذب بالبعث ولا القيامة ولا الثواب ولا العقاب؛ وزايلت الأشراربقلبي،‏ وحاولت الجلوس مع الأخيار بجهدي،‏ ورأيت الصلاح ليس كمثله صاحب ولا قرين‏،‏ ووجدتمكسبه إذا وفق االله وأعان يسيرا ً؛ ووجدته لا ينقص <strong>على</strong> الإنفاق منه؛ بل يزداد جدة ً وحسنا ً؛ ووجدته لاخوف عليه من السلطان أن يغصبه،‏ ولا من الماء أن يغرقه،‏ ولا من النار أن تحرقه،‏ ولا من اللصوص أنتسرقه،‏ ولا من السباع وجوارح الطير أن تمزقه؛ووجدت الرجل الساهي اللاهي المؤثر اليسير يناله في يومهويعدمه في غده <strong>على</strong> الكثير الباقي نعيمه،‏ يصيبه ما أصاب التاجر الذي زعموا أنه كان له جوهر نفيس‏،‏فاستأجر لثقبه رجلا ً،‏ اليوم بمائة دينار؛ وانطلق به إلى المترل ليعمل؛ وإذا في ناحية البين صنج موضوع‏.‏فقال التاجر للصانع:‏ هل تحسن أن تلعب بالصنج؟ قال نعم.‏ وكان بلعبه ماهرا ً.‏ فقال التاجر:‏ دونكالصنج فأسمعنا ضربك به.‏ فأخذ الرجل الصنج،‏ ولم يزل يسمع التاجر الضرب الصحيح،‏ والصوت الرفيع،‏والتاجر يشير بيده ورأسه طربا ً،‏ حتى أمسى.‏ فلما حان وقت الغروب قال الرجل للتاجر:‏ مر لي بالأجرة.‏فقال له التاجر:‏ وهل عملت شيئا ً تستحق به الأجرة؟ فقال له:‏ عملت ما أمرتني به،‏ وأنا أجيرك،‏ ومااستعملتني عملت؛ ولم يزل به حتى استوفى منه مائة دينار.‏ وبقي جوهره غير مثقوب.‏ فم أزدد في الدنياوشهواا نظرا ً،‏ إلا ازددت فيها زهادة ً ومنها هربا ً.‏ ووجدت النسك هو الذي يمهد للمعاد كما يمهدالوالد لولده؛ ووجدته هو الباب المفتوح إلى النعيم المقيم؛ووجدت الناسك قد تدبر فعلته بالسكينة فشكر؛وتواضع وقنع فاستغنى،‏ ورضي ولم يهتم،‏ وخلع الدنيا فنجا من الشرور،‏ ورفض الشهوات فصار طاهرا ً،‏واطرح الحسد فوجبت له المحبة،‏ وسخت نفسه بك شيءٍ؛ واستعمل العقل وأبصر العاقبة فأمن الندامة،‏ولم يخف الناس ولم يدب إليهم فسلم منهم.‏ فلم أزدد في أمر النسك نظرا ً،‏ إلا ازددت فيه رغبة ً،‏ حتىهممت أن أكون من أهله.‏ ثم تخوفت ألا أصبر <strong>على</strong> عيش الناسك،‏ ولم آمن إن تركت الدنيا وأخذت فيالنسك،‏ أن أضعف عن ذلك؛ ورفضت إعمالا ً كنت أرجو عائدا؛ وقد كنت أعملها فأنتفع ا فيالدنيا،‏ فيكون مثلي في ذلك مثل الكلب الذي مر بنهرٍ‏ وفي فيه ضلع‏،‏ فرأى ظلها في الماء،‏ فهوىليأخذها،‏ فأتلف ما كان معه؛ ولم يجد في الماء شيئا ً.‏ فهبت النسك مهابة ً شديدة ً،‏ وخفت من الضجروقلة الصبر،‏ وأردت الثبوت <strong>على</strong> حالتي التي كنت عليها.‏ ثم بدا ليكليلة ودمنة­‏ ابن المقفع25

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!