أضغط على الرابط التالي
أضغط على الرابط التالي
أضغط على الرابط التالي
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
بعداوتي، فقلت ما قلت في ّ بغير علم <strong>على</strong> رؤوس الحاضرين، فأني أقتصر <strong>على</strong> إظهار ما أعرف منعيوبك، وتعرف الجماعة، وحق <strong>على</strong> من عرفك حق معرفتك أن يمنع الملك من استعماله إياك <strong>على</strong>طعامه، فلو كل ّفت أن تعمل الزراعة لكنت جديرا ً بالخذلان فيها، فالأحرى بك ألا ّ تدنو إلى عمل منالأعمال، وألا ّ تكون دباغا ً ولا حجاما ً لعامي فضلا ً عن خاص خدمة الملك. قال سيد الخنازير: أتقول ليهذه المقالة، وتلقاني ذا الملقى؟ قال دمنة، نعم، وحقا ً قلت فيك، وإياك أعني، أيها الأعرج المكسورالأفدع الرِّجلِ، المنفوخ البطن، الأفلح الشفتين، السيءِ المنظر والمخبر. فلما قال ذلك دمنة، تغير وجه سيدالخنازير واستعبر واستحى، وتلجلج لسانه، واستكان وفتر نشاطه. فقال دمنة، حين رأى انكسارهوبكاءه: إنما ينبغي أن يطول بكاؤك، إذا اطلع الملك <strong>على</strong> قذرك وعيوبك فعزلك عن طعامه، وحال بينكوبين خدمته، وأبعدك عن حضرته. ثم إن شغبرا ً قد جربه فوجد فيه أمانة وصدقا ً، فرتبه في خدمته، وأمرهأن يحفظ ما يجري بينهم ، ويطلعه <strong>على</strong> ذلك. فقام الشغبر فدخل <strong>على</strong> الأسد فحدثه بالحديث كله <strong>على</strong>جليته. فأمر الأسد بعزل سيد الخنازير عن عمله، وأمر ألا يدخل عليه، ولا يرى وجهه، وأمر بدمنة أنيسجن، وقد مضى من النهار أكثره، ورجع كل واحد منهم إلى مترله.ثم إن شغبرا ً يقال له روزبة، كان بينه وبين كليلة إخاء ومودة، وكان عند الأسد وجيها ً، وعليه كريما ً،واتفق أن كليلة أخذه الوجد إشفاقا ً وحذرا ً <strong>على</strong> نفسه وأخيه، فمرض ومات، فانطلق هذا الشغبر إلىدمنة، فأخبره بموت كليلة فبكى وحزن، وقال: ما أصنع بالدنيا بعد مفارقة الأخ الصفى! ولكن أحمد االلهتعالى حيث لم يمت كليلة حتى أبقى لي من ذوي قرابتي أخا ً مثلك: فإني قد وثقت بنعمة االله تعالىوإحسانه إلي ّ فيما رأيت من اهتمامك بي ومراعاتك لي، وقد علمت أنك رجائي وركني فيما أنا فيه،فأريد من إنعامك أن تنطلق إلى مكان كذا، فتنظر إلى ما جمعته أنا وأخي بحيلتنا وسعينا ومشيئة االله تعالى،فتأتيني به، ففعل الشغبر ما أمره به دمنة. فلما وضع المال بين يديه أعطاه شطره، وقال له: إنك <strong>على</strong>الدخول والخروج <strong>على</strong> الأسد أقدر من غيرك، فتفرغ لشأني، واصرف اهتمامك إلي، واسمع ما أذكر بهعند الأسد، إذا رفع إليه ما يجري بيني وبين الخصوم، وما يبدو من أم الأسد في حقي، وما ترى من متابعةالأسد لها، ومخالفته إياها في أمري، وأحفظ ذلك كله. فأخذ الشغبر ما أعطاه دمنة وانصرف عنه <strong>على</strong>هذا العهد. فانطلق إلى مترله فوضع المال فيه. ثم إن الأسد بك ّر من الغد فجلس، حتى إذا مضى من النهارساعتان، استأذن عليه أصحابه فأذن لهم، فدخلوا عليه، ووضعوا الكتاب بين يديه. فلما عرف قولهموقول دمنة دعا أمه فقرأ عليها ذلك. فلما سمعت ما في الكتاب نادت بأ<strong>على</strong> صوا: إن أنا أغلظت فيالقول فلا تلومني: فإنك لست تعرف ضرك من نفعك. أليس هذا مما كنت أاك عن سماعه: لأنه كلامكليلة ودمنة ابن المقفع52