أضغط على الرابط التالي
أضغط على الرابط التالي
أضغط على الرابط التالي
- No tags were found...
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
أن نصدقه. قال الآخر: لئن وجدنا هذا حقا ً فليست بالخيانة فقط، ولكن مع الخيانة كفر النعمة، والجراءة<strong>على</strong> الملك. قال الآخر: أنتم أهل العدل والفضل، لا أستطيع أن أكذبكم، ولكن سيبين هذا لو أرسل إلىالملك من يفتشه. قال الآخر: إن كان الملك مفتشا ً مترله فليعجل: فإن عيونه وجواسيسه مبثوثة بكلمكان. ولم يزالوا في الكلام و أشباهه، حتى وقع في نفس الأسد ذلك، فأمر بابن آوى فحضر فقال له:أين اللحم الذي أمرتك بالاحتفاظ به، قال: دفعته إلى صاحب الطعام ليقربه إلى الملك. فدعا الأسدبصاحب الطعام، وكان ممن وبايع مع القوم <strong>على</strong> ابن آوى. فقال: ما دفع إلى شيئا ً. فأرسل الأسد أمينا ً إلىبيت ابن آوى ليفتشه، فوجد فيه ذلك اللحم، فأتى به الأسد. فدنا من الأسد ذئب لم يكن تكلم في شيءمن ذلك. وكان يظهر أنه من العدول الذين لا يتكلمون فيما لا يعلمون، حتى يتبين لهم الحق. فقال: بعدأن اطلع الملك <strong>على</strong> خيانة ابن آوى فلا يعفون َّ عنه: فإنه إن عفا عنه لم يطلع الملك بعدها <strong>على</strong> خيانةخائن، ولا ذنب مذنب. فأمر الأسد بابن آوى أن يخرج، ويحتفظ به. فقال بعض جلساء الملك: إنيلأعجب من رأي الملك ومعرفته بالأمور كيف يخفى عليه أمر هذا، ولم يعرف خبثه ومخادعته؟ وأعجبمن هذا أني أراه سيصفح عنه، بعد الذي ظهر منه. فأرسل الأسد بعضهم رسولا ً إلى ابن آوى يلتمس منهالعذر، فرجع إليه الرسول برسالة كاذبة اخترعها فغضب الأسد من ذلك وأمر بابن آوى أن يقتل.فعلمت أم الأسد أنه قد عجل في أمره، فأرسلت إلى الذين أمروا بقتله أن يؤخروه، ودخلت <strong>على</strong> ابنها،فقالت: يا بني بأي ذنب أمرت بقتل ابن آوى؟ فأخبرها بالأمر. فقالت: يا بني عجلت. وإنما يسلم العاقلمن الندامة بترك العجلة وبالتثبت. والعجلة لا يزال صاحبها يجتني ثمرة الندامة، بسبب ضعف الرأي.وليس أحد أحوج إلى التؤدة والتثبت من الملوك: فإن المرأة بزوجها، والولد بوالديه، والمتعلم بالمعلم والجندبالقائد، والناسك بالدين، والعامة بالملوك، والملوك بالتقوى، والتقوى بالعمل، والعقل بالتثبت والأناة،ورأس الكل الحزم، ورأس الحزم للملك معرفة أصحابه، وإنزالهم منازلهم <strong>على</strong> طبقام، واامه بعضهم<strong>على</strong> بعض. فإنه لو وجد بعضهم إلى هلاك بعض سبيلا ً لفعل. وقد جربت ابن آوى، وبلوت رأيه وأمانتهومروءته، ثم لم تزل مادحا ً له راضيا ً عنه. وليس ينبغي للملك أن يخونه بعد ارتضائه إياه وائتمانه له، ومنذمجيئه إلى الآن لم يطلع له <strong>على</strong> خيانة إلا <strong>على</strong> العفة والنصيحة. وما كان رأي الملك أن يعجل عليه لأجلطابق لحم. وأنت أيها الملك حقيق أن تنظر في حال ابن آوى: لتعلم أنه لم يكن ليتعرض للحم استودعتهإياه. ولعل الملك إن فحص عن ذلك ظهر له أن ابن آوى له خصماء هم الذين أتمروا ذا الأمر. وهمالذين ذهبوا باللحم إلى بيته فوضعوه فيه: فإن الحدأة إذا كان في رجلها قطعة لحم اجتمع عليها سائرالطير، والكلب إذا كان معه عظم اجتمع عليه الكلاب. وابن آوى منذ كان إلى اليوم نافع، وكان محتملا ًلكل ضرر في جنب منفعة تصل إليك، ولكل عناء يكون لك فيه راحة، ولم يطوى دونك سرا ً.كليلة ودمنة ابن المقفع83