أضغط على الرابط التالي
أضغط على الرابط التالي
أضغط على الرابط التالي
- No tags were found...
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
يخاف العقوبة منه، أو كان يرجو شيئا ً يضر الملك وله منه نفع؛ أو يخاف في شيءٍ مما ينفعه ضرا ً، أو كانلعدو الملك مسالما ً، ولمسالمه محاربا ً، فليس السلطان بحقيقٍ أن يعجل بالاسترسال إليه، والثقة به، والائتمانله: فإن دمنة داهية ٌ أريب. وقد كان ببابي مطروحا ً مجفوا ً. ولعله قد احتمل علي بذلك ضغنا ً، ولعل ذلكيحمله <strong>على</strong> خيانتي وإعانة عدوي ونقيصتي عنده؛ ولعله صادف صاحب الصوت أقوى سلطانا ً مني فيرغببه عني ويميل مع علي. ثم قام من مكانه فمشى غير بعيدٍ، فبصر بدمنة مقبلا ً نحوه فطابت نفسه بذلك،ورجع إلى مكانه، ودخل دمنة <strong>على</strong> الأسد فقال له: ماذا صنعت؟ وماذا رأيت؟ قال: رأيت ثورا ً هوصاحب الخوار والصوت الذي سمعته. قال: فما قوته؟ قال: لا شوكة له. وقد دنوت منه وحاورته محاورةالأكفاء ولا يصغرن عندك أمره: فإن الريح الشديدة لا تعبأ بضعيف الحشيش، لكنها تحطم طوال النخلوعظيم الشجر. قال دمنة: لا ابن أيها الملك منه شيئا ً؛ ولا يكبرن عليك أمره: فأنا آتيك به ليكون لكعبدا ً سامعا ً مطيعا ً. قال الأسد: دونك وما بدا لك.فانطلق دمنة إلى الثور، فقال له غير هائب ولا مكترث: إن الأسد أرسلني إليك لآتيه بك. وأمرني، إنأنت عجلت إليه طائعا ً، أو أؤمنك <strong>على</strong> ما سلف من ذنبك في التأخر عنه وتركك لقاءه؛ وإن أنتتأخرت عنه وأحجمت، أن أعجل الجرعة إليه فأخبره. قال له شتربة: ومن هو هذا الأسد الذي أرسلكإلي؟ وأين هو؟ وما حاله؟ قال دمنة: هو ملك السباع، وهو بمكان كذا، ومعه جند كثير من جنسهفرعب شتربة من ذكر الأسد والسباع. وقال: إن أنت جعلت لي الأمان <strong>على</strong> نفسي أقبلت معك إليه.فأعطاه دمنة من الأمان ما وثق به. ثم أقبل والثور معه، حتى دخلا <strong>على</strong> الأسد فأحسن الأسد إلى الثوروقربه؛ وقال له: متى قدمت هذه البلاد؟ وما أقدمكها؟ فقص شتربة عليه قصته. فقال له الأسد اصحبنيوالزمني: فإني مكرمك. فدعا الثور وأثنى عليه.ثم إن الأسد قرب شتربة وأكرمه وأنس به وأتمنه <strong>على</strong> أسراره وشاوره في أمره، ولم تزده الأيام إلا عجبا ً بهورغبة ً فيه وتقريبا ً منه؛ حتى صار أخص أصحابه عنده مترلة ً. فلما رأى دمنة أن الثور قد اختص بالأسددونه ودون أصحابه، وأنه قد صاد صاحب رأيه وخلواته ولهوه، حسده حسدا ً عظيما ً، وبلغ منه غيظهكل مبلغ: فشكا ذلك إلى أخيه كليلة، وقال له: ألا تعجب يا أخي من عجز رأيي، وصنعي بنفسي؟ونظري فيما ينفع الأسد، وأغفلت نفع نفسي حتى جلبت إلى الأسد ثورا ً غلبني <strong>على</strong> مترلتي.قال كليلة: أخبرني عن رأيك وما تريد أن تعرم عليه في ذلك. قال دمنة: أما أنا فلست اليوم أرجو أنتزداد مترلتي عند الأسد فوق ما كانت عليه؛ ولكن ألتمس أن أعود إلى ما كنت عليه: فإن أمورا ً ثلاثة ًالعاقل جدير بالنظر فيها، والاحتيال لها بجهده: منها النظر فيما مضى من الضر والنفع، فيحترس من الضركليلة ودمنة ابن المقفع33