22.07.2015 Views

أضغط على الرابط التالي

أضغط على الرابط التالي

أضغط على الرابط التالي

SHOW MORE
SHOW LESS
  • No tags were found...

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

وشعابا ً يأخذون منها.‏ وأما الكتاب فجمع حكمة ً ولهوا ً:‏ فاختاره الحكماء لحكمته.‏ والسفهاء للهوه،‏والمتعلم من الأحداث ناشط ٌ في حفظ ما صار إليه من أمر يربط في صدره ولا يدري ما هو،‏ بل عرف أنهقد ظفر من ذلك بمكتوي مرقومٍ.‏ وكان كالرجل الذي لما استكمل الرجولية وجد أبويه قد كترا له كنوزا ًوعقدا له عقودا ً استغنى ا عن الكدح فيما يعمله من أمر معيشته؛ فأغناه ما أشرف عليه من الحكمة عنالحاجة إلى غيرها من وجوه الأدب.‏وينبغي لمن قرأ هذا الكتاب أن يعرف الوجوه التي وضعت له؛ وإلى أي غايةٍ‏ جرى مؤلفه فيه عندما نسبهإلى البهائم وأضافه إلى غير مفصحٍ؛ وغير ذلك من الأوضاع التي جعلها أمثالا ً:‏ فإن قارئه متى لم يفعلذلك لم يدر ما أريد بتلك المعاني،‏ ولا أي ثمرة ً يجتني منها،‏ ولا أي نتيجة تحصل له من مقدمات ما تضمنههذا الكتاب.‏ وإنه وإن كان غيته استتمام قراءته إلى آخره دون معرفة ما يقرأ منه لم يعد عليه شيءٌ‏ يرجعإليه نفعه.‏ومن استكثر من جمع العلوم وقراءة الكتب؛ من غير إعمال الروية فيما يقرؤه،‏ كان خليقا ً ألا يصيبه إلا ماأصاب الرجل الذي زعمت العلماء أنه اجتاز ببعض المفاوز،‏ فظهر لو موضع آثار كتر؛ فجعل يحفرويطلب،‏ فوقع <strong>على</strong> شيءٍ‏ من عينٍ‏ وورقٍ؛ فقال في نفسه:‏ إن أنا أخذت في نقل هذا المال قليلا ً قليلا ً طالعلي،‏ وقطعني الاشتغال بنقله وإحرازه عن اللذة بما أصبت منه؛ ولكن سأستأجر أقواما ً يحملونه إلى مترلي،‏وأكون أنا أخرهم،‏ ولا يكون بقي ورائي شيءٌ‏ يشغل فكري بنقله؛ وأكون قد استظهرت لنفسي فيإراحة بدني عن الكد بيسير الأجرة أعطيهم إياها.‏ ثم جاء بالحمالين،‏ فجعل يحمل كل واحدٍ‏ منهم مايطيق،‏ فينطلق به إلى مترله:‏ فلم يجد فيه من المال شيئا ً،‏ لا قليلا ً ولا كثيرا ً.‏ وإذا كل واحدٍ‏ من الحمالين قدفاز بما حمله لنفسه.‏ ولك يكن له من ذلك إلا العناء والتعب:‏ لأنه لم يفكر في آخر أمره.‏ وكذلك من قرأهذا الكتاب،‏ ولم يفهم ما فيه،‏ ولم يعلم غرضه ظاهرا ً وباطنا ً،‏ لم ينتفع بما بدا له من خطه ونقشه؛ كما لوأن رجلا ً قدم له جوز صحيح لم ينتفع به إلا أن يكسره؛ وكان أيضا ً كالرجل الذي طلب علم الفصيحمن كلام الناس؛ فأتى صديقا ً له من العلماء،‏ له علم بالفصاحة،‏ فأعلمه حاجته إلى علم الفصيح؛ فرسم لهصديقه في صحيفة صفراء فصيح الكلام وتصاريفه ووجوهه؛ فانصرف المتعلم إلى مترله؛ فجعل يكثرقراءا ولا يقف <strong>على</strong> معانيها.‏ ثم إنه جلس ذات يومٍ‏ في محفلٍ‏ من أهل العلم والأدب،‏ فأخذ في محاورم؛فجرت له كلمة ٌ أخطأ فيها؛ فقال له بعض الجماعة:‏ إنك قد أخطأت؛ والوجه غير ما تكلمت به،‏ فقالوكيف أخطئ وقد قرأت الصحيفة الصفراء؛ وهي في مترلي؟ فكانت مقالته لهم أوجب للحجة عليه وزادهذلك قربا ٌ من الجهل وبعدا ً من الأدب.‏كليلة ودمنة­‏ ابن المقفع18

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!