أضغط على الرابط التالي
أضغط على الرابط التالي
أضغط على الرابط التالي
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
مصلحة ً. فلما سمع الأسد ذلك غضب وقال: ما أخطأ رأيك، وما اعجز مقالك، وأبعدك من الوفاءوالرحمة وما كنت حقيقا ً أن تجتري علي ذه المقالة، وتستقبلني ذا الخطاب؛ مع ما علمت من أني قدأمنت الجمل، وجعلت له من ذمتي. أو لم يبلغك أنه لم يتصدق متصدق بصدقةٍ هي أعظم أجرا ً ممن أمننفسا ً خائفة ً، وحقن دما ً مهدرا ً؟ وقد أمنته ولست بغادر به. قال الغراب: إني لأعرف ما يقول الملك؛ولكن النفس الواحدة يفتدى ا أهل البيت؛ وأهل البيت تفتدى م القبيلة؛ والقبيلة يفتدى ا أهلالمصر؛ وأهل المصر فداء الملك. وقد نزلت بالملك الحاجة؛ وأنا أجعل له من ذمته مخرجا ً، <strong>على</strong> ألا يتكلفالملك ذلك، ولا يليه بنفسه، ولا يأمر به أحدا ً؛ ولكنا نحتال بحيلةٍ لنا وله فيها إصلاح وظفر. فسكتالأسد عن جواب الغراب عن هذا الخطاب. فلما عرف الغراب إقرار الأسد أتى أصحابه، فقال لهم: قدكلمت الأسد في أكله الجمل؛ <strong>على</strong> أن نجتمع نحن والجمل عند الأسد، فنذكر ما أصابه، ونتوجع لهاهتماما ً منا بأمره، وحرصا ً <strong>على</strong> صلاحه؛ ويعرض كل واحدٍ منا نفسه عليه تجملا ً ليأكله، فيرد الآخرانعليه، ويسفها رأيه، ويبينان الضرر في أكله. فإذا فعلنا ذلك، سلمنا كلنا ورضي الأسد عنا. ففعلوا ذلك،وتقدموا إلى الأسد؛ فقال الغراب: قد احتجت أيها الملك إلى ما يقويك؛ ونحن أحق أن ب أنفسنا لك:فإنا بك نعيش؛ فإذا هلكت فليس لأحدٍ منا بقاءٌ عندك، ولا لنا في الحياة من خيرةٍ؛ فليأكلني الملك: فقدطبت بذلك نفسا ً. فأجابه الذئب وابن آوى أن اسكت؛ فلا خير للملك في أكلك؛ وليس فيك شبع. قالابن آوى لكن أنا أشبع الملك، فليأكلني: فقد رضيت بذلك، وطبت عنه نفسا ً. فرد عليه الذئب والغراببقولهما: إنك لمنتن قذر. قال الذئب: إني لست كذلك، فليأكلني الملك، فقد سمحت بذلك، وطبن عنهنفسا ً؛ فاعترضه الغراب وابن آوى وقالا: قد قالت الأطباء: من أراد قتل نفسه فليأكل لحم ذئبٍ. فظنالجمل أنه إذا عرض نفسه <strong>على</strong> الأكل، التمسوا له عذرا ً كما التمس بعضهم لبعضٍ الأعذار، فيسلمويرضى الأسد عنه بذلك، وينجو من المهالك. فقال: لكن أنا في للملك شبع وري؛ ولحمي طيب هني،وبطني نظيف، فليأكلني الملك، ويطعم أصحابه وخدمه: فقد رضيت بذلك، وطابت نفسي عنه، وسمحتبه. فقال الذئب والغراب وابن آوى: لقد صدق الجمل وكرم؛ وقال ما عرف.ثم إم وثبوا عليه فمزقوه.وإنما ضربت لك هذا المثل لتعلم أنه إن كان أصحاب الأسد قد اجتمعوا <strong>على</strong> هلاكي فإني لست أقدر أنأمتنع منهم، ولا أحترس؛ وإن كان رأي الأسد لي <strong>على</strong> غير ما هم من الرأي في، فلا ينفعني ذلك، ولايغني عني شيئا ً. وقد يقال: خير السلاطين من عدل في الناس. ولو أن الأسد لم يكن في نفسه لي إلا الخيروالرحمة، لغيرته كثرة الأقاويل: فإا إذا كثرت لم تلبث دون أن تذهب الرقة والرأفة. ألا ترى الماء ليسكليلة ودمنة ابن المقفع42