اليمنعىل شفري التحوُّل إىل دولة فاشلةمركز معلومات حقوق اإلنسان والتدريبعرفات الرُّفيدهزَّت األشهر القلقة املليئة بتظاهرات ثورةالشباب اليمني الشعبية ضد الرئيس عىلعبد الله صالح أركان البلد وأسسه، جاعلةمن التنمية املستدامة أقل إمكانًا. ففي عام2011 دقَّ مجلس األمن يف األمم املتحدةناقوس الخطر، معربِّ ًا عن “قلقه العميق” إزاءوضع اليمن املتدهور، قائالً إنه ميكن أن يقودهإىل كارثة اقتصادية وإنسانية واسعة النطاق.ويف ترشين األول )أكتوبر( 2011 حذرت“منظمة األمم املتحدة لألطفال” )“يونيسف”)WFP( و”برنامج الغذاء العاملي” )UNICEFمن أنَّ اليمن قد يسري يف طريق الصومالويصبح بلدًا مفتَّتًا أو دولة فاشلة، من دونإمكانية ترميمه كام كان1.فاالقتصاد أُصيب بالشلل، والفقر يزداد،والبطالة تتضاعف، والخدمات العامة تشهدإخفاقًا، وأسعار املنتجات األساسية تضاعفتثالث مرات منذ بداية السنة، ويعيش نحو60% من سكان اليمن األربعة والعرشينمليونًا تحت خط الفقر بدخل يقلُّ عن دوالرواحد يف اليوم. أمَّا التضخُّم فقد بلغت نسبتهأكرث من 35%. وإذا ما استمر هذا الواقعفسينهار االقتصاد وستجتاح املجاعة البالد،والسيَّام يف مناطق الريف.يقوم هدف الحراك الشباب الشعبي يفاإلطاحة بالرئيس صالح الذي أحكم قبضتهعىل السلطة لفرتة تزيد عىل 30 سنة. وكانتUN News Centre, 1UNICEF and WFP warn of dangerof humanitarian disaster in Yemen,(24 October 2011), .ميكن تحقيق تقدُّ م ضئيل نحو التنمية املستدامة. فالبلد يرتنَّح عىل حافة حرب أهلية ويواجه مجاعة وكوارث اجتامعيةعىل نطاقٍ واسع. فمشكالتُ اليمن متوطِّنةٌ ومقيمةٌ ، حيث يفتقر السكان ويسترشي الفساد السيايس ويتَسم اإلنتاجالزراعي والغذاء بالضعف، فيام يفرط البلد يف اعتامده عىل النفط. إىل ذلك، تندر موارده املائية، وتتفاقم أوضاعهاألمنيَّةُ العامة التي أحدثتها التظاهرات املناوئة للحكومة، فبات البلد مهدَّ دًا باالنهيار الشامل. وإذا مل يتمكن اليمنمن إقامة التوازن بني مطالب املواطنني والحاجات الهيكلية-البنيوية، فسيسري يف طريق التحوُّل إىل دولة فاشلة عاجالًأم آجالً.دليل املساواة اجلنوسية GEI 2009التمكنيالتعليمالنشاط االقتصاديإدارته تستغلُّ عائدات صادرات البلد منالنفط، فيام كان جزء كبري من السكان يسقطيف وهدة الفقر املدقع، بحيث بات اليمن يُعتربأفقر البلدان يف العامل العريب. ومن الواضح أنَّهذا التدهور ناتج عن اإلدارة السيئة والفساداملنترش. فاليمن يحتل املرتبة ال 146 بني بلدانالعامل )من أصل 178 بلدًا( عىل قامئة “منظمةالشفافية الدولية” لعام 2010، من حيثالدالئل املؤرشة إىل الفساد2.مزيد من الناس، مزيد من الفقرمن العقبات الكربى املاثلة يف وجه التنميةاملستدامة تربز املشكلة الدميوغرافية. ففياليمن هناك معدل والدات مرتفع نسبيًّا،حيث يتزايد السكان بنسبة 3,2% يف السنة،وإذا ما استمرَّ هذا الوضع فستسوء املشكالتاالقتصادية واالجتامعية أكرث فأكرث، إذ لنتستطيع التنمية، ببساطة، مجاراة وتائر الوضعالسائد يف البلد. هذا، ويبدو املشهد مُنذرًابسبب توقُّع زيادة عدد السكان الذي سريبوعىل 43 مليون نسمة يف عام 2025. ومع تفاقماألزمة االقتصادية سوءًا، استرشى الفقر وتزايد،دليل القدرات الأساسية BCI 2010األطفال الذينبلغوا الصف الخامسالبقاء عىل قيد الحياة يف سنالخامسة36100053100 10093Transparency International. 22010 Corruption Perceptions Index..عدد الوالدات التي قام بها كادرصحي مدرَّب،وكرث الشحاذون يف الشوارع، فيام تعجز مئاتألوف العائالت عن الحصول عىل أكرث حاجاتهاالغذائية األساسية.وقد وضعت الحكومة بالتعاون مع “املعهدالدويل لسياسة الغذاء”3 )IFPRI( خطةالسرتاتيجية أمن غذايئ وطني، فبيَّنت أنَّ 32%من السكان ال يتمتعون بأيِّ حامية غذائية. وهذايعني أن زهاء ثلث اليمنيني، أي ما يناهز 7,5مليون مواطن، ال يستطيعون الحصول عىل غذاءكافٍ ، وهم بالتايل يعانون املجاعة. كام أنَّ مثَّة57% من أطفال اليمن يقاسون سوء التغذية.وتبنيِّ معطيات املسح السكاين أنَّ معدل الفقرالكيل قفز من 33,8% يف عام 2009 إىل 42,8%يف عام 2010. بيد أنَّ الوضع يبدو أسوأ بكثرييف مناطق الريف اليمني عىل وجه التحديد،حيث تُنبئ األرقام الرسمية بهذا الوضع؛ فثمَّة47,6% من السكان كانوا يعيشون الفقر يفعام 2010، بعدما كانت نسبتهم 38,5% يفعام 2009. وهذا أسوأ مامَّ هو سائد يف املناطقالحرضيَّة، حيث شُ هِدَت زيادة يف السنة نفسهامن 19,7% إىل 29,9%.ويُصنَّف اليمن باعتباره بلدًا متدنيِّ النمو. فقداحتل املرتبة ال 133 من بني البلدان ال 169.301000 240100 100National reports 90 <strong>Social</strong> <strong>Watch</strong>
بحسب قامئة “تقرير التنمية البرشية” الذيأصدره “برنامج األمم املتحدة اإلمنايئ” لسنة20104. وهناك 15,7% من السكان يعيشونبأقل من دوالر واحد يف اليوم، فيام يعيش45,2% منهم بأقل من دوالرين يف اليوم.يُنتج اليمن أقل من 20% من الغذاء الذييستهلكه، ويستورد 75%، مبا يف ذلك 2,1مليون طن من الحبوب سنويًّا. ويُخصَّ ص كثريٌمن األرايض الزراعية وكميات هائلة من املياهلزراعة نبات القات edulis( )Catha املنبِّه،حيث يشيع استخدامه شعبيًّا يف رشق أفريقياوجنوب شبه الجزيرة العربية.يف عام 2010، شكَّلت عائدات النفط 60% منعائدات الدولة. فقد بلغ اإلنتاج نحو 300,000برميل يف اليوم، بيد أنَّ هذه الكمية تناقصتيف عام 2011 بسبب ثورة الشباب اليمنيالشعبية. وعىل نحوٍ مامثل، فقد هبط معدلالنمو االقتصادي من 4,5% يف عام 2010 إىل3% يف النصف األول من عام 2011، وإىل1,5% عقب شهر حزيران )يونيو( من السنةنفسها. أمَّا النشاط يف قطاعي البناء والتجارةفقد انخفض بنسبة ترتاوح بني 80 و90%، فيامتوقَّف النشاط عمليًّا يف قطاع السياحة. يفمستهلِّ السنة كان يُتوقَّع أن تبلغ أرباح القطاعالخاص 17 بليون دوالر، إال أنَّ الناتج الحقيقيكان أقل من ذلك بكثري.كام هبطت السياحة الداخلية والخارجيةبنسبة 95%، وتناقصت خدمات النقل والعديدمن مرشوعات التنمية واالستثامر واألعاملواملبيعات يف قطاعات االقتصاد املختلفة إىلحدٍّ بعيد، وأُصيبت أعامل البناء واإلنشاءاتوسوق امللكية والواردات بالكامل.نضوب املاءيتَّسم 3% من األرايض بدرجة من الخصوبةالستخدامها يف الزراعة، ما يعكس الصعوباتالتي تفتك بهذا القطاع، كاالستنزاف الخطريللموارد املائية، وحقيقة أنَّه مثَّة استثامر ضئيليف البنية التحتية لإلنتاج والتجارة. فهناك 1,25%من إجاميل االستثامرات تخصَّ ص للزراعة. أمَّاإعانات الدعم املايل التي تقدمها الدولة للقطاع،فتُدفع بصورة رئيسية لعلف املاشية واألسمدةووقود املازوت لزوم الجرَّارات ومضخَّات الري.ويبنيِّ ُ تقرير حكومي أنَّ معدل النمو املتدنيِّ يفالزراعة ال يتجاوز 3%، وهو ال يُعزى إىل حجمالقطاع الصغري، بل إىل استنزاف املوارد املائيةدور النساء الصغريتبنيِّ عدة دراسات أنَّ النساء يشكِّلن أكرث من نصف سكان البالد، إال أنهنَّ ميثِّلن أقل من20% من القوة العاملة. فنصف النساء العامالت ينشطن يف الزراعة، وليس يف اإلداراتالعامة اليمنية والقطاعات الخدمية إال أقل من 0,9% من املوظفات.كام أنَّ هناك قصورًا خطريًا يف متثيل النساء يف قطاعات االقتصاد األخرى، ولذلك أسباب عدَّة،وعىل رأسها العادات والتقاليد االجتامعية: ففكرة املرأة العاملة ليست فكرة تُقبل عىل نحوٍكامل، فضالً عن حقيقة أنَّ نسبة مرتفعة من النساء )زهاء 79,2%( أميَّات يف مقابل 36%من الرجال األميني.وهناك 17,3% فقط من معلمي املدارس األساسية من النساء، يف حني تبلغ نسبة الرجالمنهم 82,7%. أمَّا يف املرحلة الثانوية فالوضع أفضل قليالً إذ تبلغ النسبتان 22,8% و77,2%عىل الرتتيب. ويف حقل إدارة التعليم هناك من اإلناث 11,5% فقط من املوظفني. ويفالقطاع القانوين فثمة عىل التأكيد بضع نساء، إذ تبلغ نسبتهنَّ 0,06% من اإلجاميل، وأمَّا يففروع قطاع صناعة االتصاالت فتبلغ نسبة اإلناث 16,7% من العاملني.والتأخُّر يف تنفيذ خطة لخفض كمية األرايضاملخصصة لزراعة محصول القات. ويف الوقتالراهن، مثَّة 25% من األرايض الزراعية تُزرعبهذا املحصول، وتستهلك 30% من مياه قطاعالزراعة، والهدف هو خفض حصته إىل 10%من األرايض واملياه.ولقد احتسبت اإلدارة الوطنية السرتاتيجيةاملياه أنه إلشباع حاجات البلد سيتطلَّب قطاعاملياه استثامرًا بقيمة 4,430 مليون دوالر عىلمدى السنوات العرش القادمة. وقد حاولتالحكومة طرح هذه األموال عىل املانحني،كبلدان مجلس التعاون الخليجي، ولكنَّه وضعسلسلة من الرشوط، مبا فيها تحسني القدراتاإلدارية بغية معالجة املساعدات وتنفيذمامرسات جيدة ووجوب إدارة احتياطياتاملياه بطريقة عقالنية ومرشَّ دة.وبحسب خطة التنمية االجتامعية واالقتصاديةالرابعة لخفض الفقر 2011-215 املستشهَدبها يف مسوَّدة برنامج األمم املتحدة )أيلول/سبتمرب 2011(5 لليمن )2012-2015( يُشارإىل أنَّ قطاع املياه يعاين صعوبات خطرية سبَّبهاغياب التمويل؛ وأنه إذا أريد بلوغ غاياته فهوسيحتاج إىل ضخِّ أموال كبرية. ومن املشكالتالرئيسية نقص املياه العذبة، وارتفاع مستوياتالتلوث، وحدوث الفيضانات، واستطالة موسمالجفاف وتأثريه يف مزيد من املناطق، ووجودتنافس متزايد يف ما بني كل قطاعات املجتمععىل املياه، والوصول املحدود إىل خدمات مياهالشفة ورصف املياه املبتذلة، وضعف املؤسساتالتي تنظم وتدير هذا املورد وترشذمها.ويتفاقم هذا السيناريو الكئيب بسبب انعدامالتنسيق والتعاون بني مختلف األطراف املعنينياملشاركني يف إدارة قطاع املياه، ممَّن تنطبعمسؤولياتهم بالغموض، وغالبًا بالتجاوز6.كام يبنيِّ التقرير املشار إليه أعاله، أيضً ا، أنَّه يفنهاية عام 2010 متتَّع نحو 60% فقط من سكاناملدن بالوصول إىل مياه الشفة، وكان ل 30%فقط وصول إىل منشآت رصف املياه املبتذلة.وقد قُدِّرت كمية املياه املخصَّ صة للمدنالرئيسية والثانوية يف عام 2010 ب 148 مليونم3، أي بزيادة 21 مليون م3 عامَّ كان عليهإجاميل عام 2005، علامً أنَّ كمية 104 مليونم3 املقدَّرة استُهلكت، أي بزيادة 20 مليونم3. ويعني هذا الفرق بني كلٍّ من اإلنتاجواالستهالك أنَّ نحو 30% مامَّ أُنتِجَ ضُ يِّع7.يف نهاية عام 2010، متتَّع 50% من سكان الريفبالوصول إىل مياه شفة، فيام متتَّع 25% فقطمنهم بخدمات شبكة رصف املياه املبتذلة.قُدِّرت موارد البلد املتجدِّدة من املياه ب 2,500مليون م3 يف السنة، منها 1,500 مليون م3 مناملياه الجوفية، و1,000 مليون م3 من املياهالسطحية. إال أنَّه قُدِّر استهالك 3,400 مليونم3 يف السنة، وهذا يعني أنَّ مثَّة نقصً ا يربوعىل 900 مليون م3. ويُعتقد أنَّ الضخ املفرطمن االحتياطيَّات الجوفية يساهم يف ندرة املياهالتي يشهدها البلد. هذا، وتختلف املستوياتيف األحواض املائية، إال أنَّ بعضها يعاين من فرطاستغالله مبا يُقدَّر ب 250-400%. وهناك، أيضً ا،زهاء 45,000 برئ خاصة امللكيَّة يف اليمن ونحو200 منصة للحفر.Ibid. 6Ibid. 7..<strong>Social</strong> <strong>Watch</strong>91