30.09.2020 Views

ماكو فضاء حر للابداع - العدد 02

ماكو فضاء حر للابداع MAKOU free space for creativity ماكو مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ



ماكو فضاء حر للابداع
MAKOU free space for creativity
ماكو
مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل
من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة
بهذا التاريخ

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

منتخب يعمل مبعزل عن الفضاء الكلي الذي

يحيط بالعرض ، وأحسب أن الفنان كان واعياً‏

متاماً‏ حلجم منحوتاته الصغيرة التي تعمل يف

أحياز اصطناعية فنية وليس يف فراغات املكان

الواقعي ، واحللول التي قدمها يف هذا الشأن

كانت مثيرة ومناسبة منعت عن أعماله التشتت

يف الفضاء وخلقت شكال من أشكال التبئير

املسرحي من دون أن يكون مسرحياً‏ حقاً‏ ومن

دون اإلعتماد على حل من حلول الوضعيات

املسرحية .

إن شخوص الترك غير مميزين إال بوقفاتهم

وذوبان أجسادهم ، مياثلون الظالل واألشباح

، مختزلون ، ال يتصنعون وقفة ، ويف أكتافهم

العريضة وأقدامهم النحيفة ال يبدون واقفني

حقاً‏ . إنهم عراة من دون أن يبدوا كذلك،‏ ألن

الفنان اعتاد انتاج عاطفة مخفية أومقموعة

وذلك بحذف أي عالقة مباشرة ، أو أي وضع

مباشر ، يفيد الشرح أو تقدمي صورة روائية .

فإذا ما أقام عالقة ما بني منحوتاته فهي دائما

تفرقها املسافات والفراغات.‏ وحتى هذه املسافة

ستختفي فيما بعد ألنه سيجعل من شواخصه

االنسانية أوابد فردية معزولة يف الفضاء

متمظهرة يف عري ذابل ، ولهذا السبب جعلها يف

حجم طبيعي بعد أن كانت تأخذ قياساتها من

قياسات ساعديه القصيرتني ، وذلك لضمان

اشتغالها بالفضاء . إنه يجسدها يف الكثير من

األحيان دون رؤوس ، فاملميز عنده ، يف حدود

هذه الظالل واألشباح هو اجلسد ليس إال،‏

عرض األكتاف الذي يعوض عن الرأس ويؤكد

الساقني . واملميز اآلخر هو تقنية البناء التي

أظهر حريته فيها مبسحات أصابعه ، ثم املرونة

، واحلس باملادة التي تذوب وهي تتشكل .

ان جمهرة كبيرة من منحوتات الترك هي

صوامت تعتمد مبدأ املواجهة - مبدأ استعاره

من التماثيل السومرية الدينية ، حيث ما يواجهنا

وحده مكوّر ومشغول ، وهو فضال عن سماته

الدينية القدمية فانه اقتصادي من حيث الكلف

التعبيرية العامة ، ومناسب للترك الذي اعتاد

احلذف التشريحي واالهتمام بالكتلة العامة من

حيث االستقرار وعدم التشتت .

ان الفكرة اجلمالية ملنحوتات الترك ذات احلجم

الطبيعي تتلخص بالتعبير يف الكتلة العامة

كوحدة مكتفية بنفسها ، ليس لها نظير ، وال

تتكافأ بعالقة اخرى ، وإذا فعلت فعلى نحو

رمزي غير مباشر . ولعلنا نستنتج أن االنشغال

النحتي االصيل للترك هي حذف العالقات

اخلارجية ذات الطبيعة املسرحية ، واظهار

املنحوتة جسداً‏ خالصاً‏ نزع عنه أي أمل يف أن

يكون شيئا آخر.‏

ان وقفات تلك األجساد النقية كانت استثمارا

غارقاً‏ يف جمالية خالصة ال تعكرها لوعة أو

هواجس فكرية مباشرة ، وهو أمر يثير الدهشة

بالنسبة لفنان معاصر انساني النزعة عاش يف

بيئة ثقافية جدالية . واحلقيقة أن الترك لم ينتج

غير منحوتتني أو أكثر باحلجم الطبيعي جتسد

حالة من احليوية االنسانية أو يجترح مغزى

فكريا فيها . ففي هذين العملني كان مدهشا

يف جعل اجلسد االنساني يتحدث بلغة احلياة .

األول منحوتة ( حامل الديك ) املليئة بالعافية

واملرح مبا متثل من ذكورة مضاعفة حتيلنا الى

الفخر املمتع الهازل . والثاني منحوتة ( القناع )

إسماعيل فتاح الترك،‏ 1971

برونز ، 41 * 20 * 24 سم

مجموعة خاصة،‏ لندن

إسماعيل فتاح الترك،‏ 1971

برونز ، 41 * 20 * 24 سم

مجموعة بدر الحاج،‏ بريوت

65

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!