30.09.2020 Views

ماكو فضاء حر للابداع - العدد 02

ماكو فضاء حر للابداع MAKOU free space for creativity ماكو مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ



ماكو فضاء حر للابداع
MAKOU free space for creativity
ماكو
مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل
من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة
بهذا التاريخ

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

املزورة املنسوبة إلى الترك.‏ وال مجال هنا

لدراسة مستفيضة عن هذه الظاهرة املثيرة

لالشمئزاز،‏ خصوصاً‏ وأنه من املمكن واملؤلم أن

يكون مرتكبو جرائم التزوير هذه من الفنانني

املمتهنني للفن أنفسهم،‏ ولكن حصرياً‏ أولئك

الذين ال يتمتعون مبواهب جيدة وال حساسية

عالية،‏ كما يظهر من أعمالهم املزورة الواضحة

التزوير.‏ ‏)صفحة رقم 39 و 41( كذلك تعرضت

منحوتات ولوحات للترك للتخريب والتالعب

ببعض منها.‏ فلم يُكتَب جلداريته يف منطقة

ساحة اخلالني أن تبقى،‏ إذ أن لصوص اخلردة،‏

بُعَيدَ‏ احتالل العراق،‏ عاجلوها كما عاجلوا أغلب

أعماله بالنهب والتخريب.‏ وكذا كان احلال مع

نصب ابي نؤاس،‏ حيث اختفت املنحوتات الناتئة

يف قاعدة التمثال - لست أدري إن اختفت كلها

أو بعضها - ولم يبق لصوص اخلردة لكف متثال

ابي نؤاس إال إصبعاً‏ واحداً.‏ وقد شاءت سخرية

القدر أن تبقى السبابة ثابتة يف محلها وهي

إصبع اإلشارة وتوجيه االتهام!‏ وما زالت بعض

مزادات الفن تعرض للبيع اعماالً‏ مزورة منسوبة

زوراً‏ إليه،‏ حتى أن هناك طبعات غرافيكية نُفذت

بعد وفاته ومت وضع توقيع مزور عليها.‏ ومما

يثير املزيد من احلزن واألسى يف هذا السياق،‏

هو ما رواه السيد فائز جواد عن زوجة الترك

‏)داليا شاكر محمود،‏ وهي الزوجة الثانية للفنان

بعد وفاة زوجته األملانية(‏ مبناسبة الذكرى ١٣

لرحيله:‏ ‏"طال الدمار بعد احتالل العراق معظم

أعماله من لوحات ومتاثيل مخزونة داخل بيته

يف منطقة العطيفية ببغداد حني داهمه اجلنود

األميركان،‏ ولم يكن يسكنه غير احلارس،‏ بحجة

التفتيش عن السالح املهرب.‏ بعثروا اللوحات

وداسوها بأرجلهم،‏ وأتلفوا بعض اللوحات

والتماثيل متاماً.‏ هذا ما الحظته انا شخصياً‏

من عدم استقامة أسطح بعض اللوحات وبدت

متموجة حتت أطرها.‏ وكأنها كانت تصر على

أن تبقى شاهدة على عنف وقبح احملتل دائماً.‏

وتكمل حديثها يف تذكر ما بعد هذه األحداث

بفترة:‏ ‏"تأزم الوضع يف العراق وسيطرت

املليشيات املسلحة على الشارع،‏ وأقحم الناس

عنوة يف شرك التعصب الطائفي.‏ ثم حدثت

مداهمة أخرى من قبل املليشيات املسلحة

بحجة أن الترك كان قد أجنز أعماالً‏ فنية

لصالح النظام السابق،‏ وللمرة الثانية أتلفت

أعمال فنية أخرى وصار البيت خراباً".)‏‎31‎‏(‏

كان مشغل الترك األول يقع يف وسط حي شعبي

بغدادي مبنطقة الفحامة بجانب الكرخ،‏ وكان

مطالً‏ على نهر دجلة.‏ ثم انتقل الى منطقة

العطيفية،‏ بعد ان انتقل من مشغله الذي كان يف

بيته يف حي املستنصرية بجانب الرصافة،‏ وذلك

بعد وفاة زوجته الفنانة األملانية ليزا الترك.‏

شهادات

يروي الناقد سهيل سامي نادر:‏ ‏"يف األيام التي

كنت أراه يومياً‏ أحياناً‏ كان الترك فيها قد اجتاز

اخلامسة والستني من العمر.‏ لم نكن نتحدث

عن أعمارنا،‏ ولست أدري ماذا كان يشكل التقدم

بالعمر لديه.‏ كنا نتداول الشائعات السياسية

ونحن نضحك.‏ كان نشطاً‏ ومثابراً،‏ لكن هالة

قديس متعب كنت أراها محلقة فوق رأسه.‏

وألنني كنت أتقدم بالعمر،‏ وكان هذا بالنسبة

لي أشبه باخلالص،‏ فقد اعتقدت أن التقدم

بالعمر يفكك من احتراساتنا يف تلقي املتع أو

يف توليدها من أشياء بسيطة لكي نستخدمها

يف حياتنا.‏ كما أن التقدم يف العمر يحررنا،‏ ألنه

يعزلنا وقد يحمينا من بعض التكاليف التي سبق

أن دفعناها يف شبابنا.‏

يف تلك األيام قارنت بني أعمال إسماعيل فتاح

الترك القدمية وأعماله التي وصف أنها حققت

له احلرية واملتعة،‏ وأدركت أنه بحث عن املتع

التي تناسبه وتسهم يف حمايته،‏ متع ولدها من

تفسير لونه العاطفي أكثر من تفجيره وجتديده.‏

لقد بدا لي ابيقورياً‏ حسياً‏ يريد أن يعطينا وجه

الرجل الواثق املستمتع أكثر من الرجل الذي

يبحث عن طريق مقلق باهظ التكاليف.‏ وليس

هذا باألمر الهني على أية حال،‏ ويف الشروط

العراقية املظلمة أعدّه إجنازاً‏ وكفاحاً".‏ )32(

ويذكر الصحايف معد فياض:‏ " لم يتدافع الترك

مثلما كان يفعل غيره ممن يدعون أنهم يف

واجهة الفن العراقي من أجل تنفيذ أو نحت

متثال للرئيس السابق صدام حسني،‏ بل بقي

مبنأى عن هذه املوجات التي جرفت مبغرياتها

املادية غالبية الفنانني العراقيني الذين كانوا

يطمعون مبكافأة مالية ملجرد مشاركتهم بنحت

متثال أو نصب يجسّ‏ د صدام حسني.‏ وعندما

سألته ذات مرة عن سر عدم إجباره على نحت

متثال لصدام،‏ قال:‏ ‏"لقد فعلوا،‏ ضغطوا عليّ‏

وأرسلوا من الفنانني من يهددني.‏ وما استجبت

وقلت ال أستطيع،‏ وكدت اترك العراق لذلك،‏

حتى كفوا عني".‏ كان مشغله يف حي الفحامة

بجانب الكرخ مطالً‏ على نهر دجلة قبل أن

يصادر صدام حسني املنطقة برمتها ليبني

هناك أحد قصوره،‏ مما اضطر الترك الختيار

مكان آخر يف منطقة العطيفية.‏ وكان قد انتقل

من مشغله الذي كان يف بيته يف حي املستنصرية

بعد وفاة زوجته الفنانة األملانية ليزا،‏ التي

كانت تشكل جانباً‏ مهماً‏ من املشهد التشكيلي

العراقي،‏ الستغراقها يف الثقافة العراقية عامة

واحلياة البغدادية خاصة،‏ فكانت حتسب كفنانة

عراقية أكثر منها أملانية.‏

يعد ‏"نصب الشهيد"‏ الذي صممه الترك واحداً‏

من أروع األعمال الفنية ليس يف العراق وحسب

بل على مستوى العالم.‏ وقد عرف الفنان يف هذا

النصب كيف يستفيد من الفراغ،‏ قال الترك:‏

‏"هذا أسلوب عراقي بحت،‏ يف استخدام الفراغ

او الفضاء يف األعمال النحتية أو املعمارية.‏

وخير أمثلة على ذلك زقورة بابل وزقورة أور أو

املئذنة امللوية يف سامراء.‏ ويأتي نصب الشهيد

وفق ذات الفلسفة النحتية،‏ كل ما قمت به هو

أنني أحدثت شقاً‏ يف القبة اإلسالمية،‏ احتراماً‏

لروح الشهيد العطشى للحرية.‏ هذا النصب

يتحرك مع حركة املشاهد حوله،‏ وألوانه

الفيروزية املتداخلة باألخضر تعطي انطباعات

لونية أخرى على امتداد النهار وانعكاسات

أشعة الشمس".‏ مات إسماعيل فتاح الترك

بعد صراعه مع مرض سرطان القولون،‏ تاركاً‏

خلفه حياة عاشها بكل خطوط طولها وعرضها.‏

وأكاد أتخيل ابتسامته التي حتمل معاني الفرح

واالزدراء لكل ما هو سائد،‏ والتمرد ضد

الثوابت احلياتية.‏ أتخيلها بقيت مرسومة فوق

وجهه وهو يغادرنا.‏ وأتساءل بعد كل اجنازاته

الفنية واحلياتية منذ والدته يف البصرة وحتى

وفاته ببغداد:‏ هل كان عليه أن ينتظر ليتألم أكثر

وهو الشخص الذي طاملا حتدى األلم بسخرية

مرة عميقة؟ يروى أنه:‏ ‏"يف واحد من معارضه

الشخصية الذي أقامه يف نهاية الثمانينات على

صالة الفنان رافع الناصري يف حي املنصور

39

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!