Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
اقتصاد عالمي<br />
على الهامش<br />
أسواق المال.. عامل مشترك في األزمات<br />
لم تكن تحذيرات المديرة التنفيذية لصندوق<br />
النقد الدولي كريستين الجارد األخيرة بأن<br />
التقلبات األخيرة في األسوق المالية العالمية<br />
تظهر إن المخاطر يمكن أن تنتشر بسرعة من<br />
اقتصاد ألخر ، من فراغ، السيما وأن أسواق المال<br />
ال تزال العامل المشترك في انتقال األزمات<br />
المالية العالمية من مكان األزمة إلى العالم،<br />
وهذا ما رأيناه في 1929 و 1997 و2008 وكذلك هو<br />
الحال عام 1987 و 1989.<br />
حيث شهدت ثمانينيات القرن الماضي أزمتين<br />
ماليتين فاألولى كانت 1987 والثانية 1989 وكان<br />
العامل المشترك هو تغيرات األسعار في<br />
البورصات نتج عن اختالل التوازن بين العرض و<br />
الطلب.<br />
بدأت األزمة المالية العالمية يوم االثنين 19 أكتوبر<br />
1987 عندما انهارت أسواق المال في هونغ كونج<br />
وانتشرت بسرعة إلى اوروبا ومن ثم دخلت إلى<br />
الواليات المتحدة األمريكية، األمر الذي تسبب<br />
في تضخم األزمة المالية وجعل تأثيرها السلبي<br />
أكبر بسبب ضخامة االقتصاد األمريكي وارتباطه<br />
بشكل كبير مع معظم الدول العالم.<br />
وتشير بعض البيانات الى أن سبب أزمة 87 يرجع<br />
إلى ارتفاع قيمة األسهم إلى مستويات قياسية،<br />
مع ضخامة الصفقات في البورصات العالمية.<br />
وقبل األزمة أشار إعالن عن العجز الكبير في<br />
الميزان التجاري األمريكي يوم 14 أكتوبر 1987،<br />
أكثر من المتوقع، بعض التوتر وربما يكون<br />
ساهم بشكل كبير في زيادة األزمة.<br />
وقبل أزمة 1987 بعدة أيام وبسبب تراجع الميزان<br />
التجاري األمريكي، قال وزير المالية األمريكي أن<br />
هناك حاجة إلى خفض قيمة الدوالر في أسواق<br />
الصرف األجنبي، وعلى الفور تراجع الدوالر.<br />
وتطابق األمر عندما أعلنت الصين في الوقت<br />
الراهن عن تراجع في نشاط التصنيع خالل الفترة<br />
السابقة، مع تباطؤ في نموها االقتصادي، وقد<br />
يصل ألقل من المتوقع وألدنى مستوى خالل<br />
25 عام.<br />
وجاء أثار الخبر كالصاعقة على المستثمرين<br />
في البورصات الصينية أوالً ومن ثم انتقل إلى<br />
البورصات العالمية والتي شهدت تراجعات<br />
فقدت بعضها مكاسبها خالل ثماني أشهر.<br />
ومع بداية التعامالت في يوم االثنين األسود<br />
1987 كانت هناك ضغوط بيعيه كبيرة جدا في<br />
البورصة , واستجاب مئات المتعاملين في »وول<br />
ستريت« للتضخم وارتفاع معدالت الفائدة، األمر<br />
الذي أدى إلى أزمة عالمية.<br />
وانتهت األزمة بعدها بعده شهور وذلك بتدخل<br />
من الشركات الكبيرة إلعادة شراء اسهمها،<br />
كما تدخل بعض البنوك المركزية لمساندة<br />
المصارف في أزمتها األمر الذي أدى إلى انتهاء<br />
األزمة المالية<br />
فيما بدأت أزمة 2008 بشكل فعلي قبلها بفترة<br />
زمنية ليست بعيده كما حدث األمر في أزمات<br />
1929 و1987 و1989 و1997 واألزمة الحالية، وجاءت<br />
في البداية حينما تراجعت ثقة المستثمرين<br />
في قطاع سندات الرهونات العقارية األمريكي،<br />
األمر الذي أدى لحدوث أزمة سيولة، واضطرت<br />
البنوك المركزية العالمية مثل االحتياطي<br />
الفيدرالي وبنك انجلترا والبنك المركزي االوروبي<br />
القيام بعمليات ضخ سيولة إضافية في األسواق<br />
المالية.<br />
ومع ارتفاع القروض وبسبب عدم قدرة<br />
المواطنين على السداد أعلن بنك »ليومان برازر«<br />
إفالسه، وجاء الخبر كإشارة رمزيه خطيره ،<br />
باعتبار أن البنك كان من المؤسسات القليلة<br />
التي نجت من أزمه الكساد العظيم عام ، 1929<br />
وكان الخبر بمثابه إشارة بأن القادم سيكون أزمه<br />
مالية.<br />
وبعدها جاءت األزمة المالية العالمية في 2008<br />
نتيجة ألزمة الرهن العقاري في أمريكا، والتي<br />
تمثلت في عدم قدرة األمريكيين على سداد<br />
مديونيتهم للبنوك وشركات التمويل، بسبب<br />
شراءهم المنازل والعقارات بالقروض، وبنسبة<br />
أكبر من إمكانياتهم، ولفترات طويلة، وبنسب<br />
فائدة كبيرة على المواطنين، األمر الذي أدى إلى<br />
إفالس بعض المؤسسات المالية في أمريكا.<br />
وبعد إفالس »ليومان برازر« توالت اخبار إفالس<br />
البنوك في أمريكا وخارجها، ففي أمريكا وصل<br />
عدد البنوك المنهارة إلى أكثر من 150 بنك وفقًا<br />
لهيئة ضمان الودائع الفدرالية األمريكية حينها.<br />
وأدى انهيار المصارف في أمريكا إلى تهاوي<br />
بنوك أخرى عالمية مرتبطة بالنظام المالي<br />
األمريكي، األمر الذي دفع الحكومات في بعض<br />
دول العالم التخاذ تدابير للحد من تأثير انهيار<br />
المصارف في أمريكا على اقتصاد بالدها.<br />
فقامت البنوك المركزي في معظم دول<br />
العالم بتقليل اسعار الفائدة وبضخ المليارات<br />
في بنوك الدولة في إطار محاول منها لمساندة<br />
البنوك المتأثرة باألزمة المالية األمريكية، كما<br />
تفعل الصين في الوقت الراهن، مع اختالف<br />
النتائج.<br />
وحاولت أمريكا احتواء األزمة بخطة تحفيز مالي<br />
ب 700 مليار دوالر لشراء األصول المتعثرة، فعارض<br />
أعضاء الكونجرس على القرار األمر الذي أثار التوتر<br />
في األوساط المالية العالمية، نتج عنه انهيار في<br />
األسواق المالية العالمية.<br />
وزادت حدة التراجع في األسواق العالمية<br />
بسبب ارتفاع أسعار الفوائد بين البنوك مما أثر<br />
سلبًا على قدرتها على إعادة تمويل نفسها،<br />
األمر الذي ضغط على صناع القرار في أمريكا<br />
للموافقة على خطة التحفيز، ولكن بعد أن<br />
شهدت البورصات العالمية تراجعات عنيفة.<br />
ويذكر أن الرئيس األمريكي، باراك أوباما قال<br />
أن بالده تجاوزت األزمة االقتصادية، إال أن زعيم<br />
الجمهوريين، في الكونجرس، مبتشل مكونيل<br />
شكك باألرقام في تصريحات الرئيس االمريكي<br />
، واصفا األزمة المالية بالمربكة،و موضحا أن<br />
االقتصاد األمريكي لم يتعافى بعد<br />
وجاءت خطة اإلنقاذ المالي االمريكية والتي<br />
صاغها وزير الخزانة األمريكية هنري بولسون،<br />
إلى تأمين حماية أفضل للمدخرات واألمالك<br />
العقارية، والتي تعود إلى دافعي الضرائب،<br />
كما تهدف إلى حماية الملكية وتشجيع النمو<br />
االقتصادي وزيادة عائدات االستثمارات إلى<br />
أقصى حد ممكن.<br />
وتشمل الخطة بمساعدة المقترضين الذين<br />
يواجهون صعوبات في تسديد ديونهم<br />
عن طريق رفع سقف القروض العقارية التي<br />
بإمكانهم تقاضيها مقابل ضمانة عامة، كما<br />
تقوم الخطة على شراء الديون الهالكة التي<br />
تقض مضاجع السوق المالية األمريكية وتهدد<br />
بانهيارها.<br />
العدد األول | اكتوبر-نوفمبر ٢٠١٥<br />
28