You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
رأي<br />
أزمة عالمية.. أم حرب اقتصادية؟<br />
تتوالى المتغيرات االقتصادية بصورة أسرع من الخيال، وبطريقة ال تدع مجاالً للشك أنها ليست مجرد<br />
تطورات طبيعية، بل تطورات مدفوعة ومخططة من فئة تحدد مسارات الدول وفقًا ألهوائها بما<br />
يخدم توجهاتها السياسية, فكما نعلم أن الحروب اآلن لم تعد تحتاج إلى أسلحة متطورة أو عتاد<br />
عسكري, بل أصبحت معتمدة على لي الذراع وفقًا للقدرة على التحكم في اقتصاديات الدول تبعًا<br />
لمصادر الدخل الرئيسية لها.<br />
بقلم: محمود مكاوي<br />
وربما كان الضغط على االتحاد األوروبي من خالل دولها الضعيفة مثل اليونان يمثل الركيزة األساسية<br />
في كبح جماح الفوران االقتصادي األوروبي، مع التزامن في الضغط على دول الشرق األوسط التي لم<br />
ينلها التفكك السياسي من خالل الضغط على إيراداتها النفطية, فمن غير المنطقي أن يكتشف<br />
العالم فجأة أن إنتاج النفط يفوق بكثير حجم احتياج السوق العالمي, حتى وإن كان هذا االفتراض<br />
صحيحًا فكيف يكون ارتفاع حجم اإلنتاج بنسبة %10 هو المبرر لهبوط أسعار النفط أكثر من 60%؟!<br />
وليس غريبًا أيضًا أن يكون هناك اتفاق على رفع العقوبات عن دولة الجوار دون أن تقدم أي تنازالت<br />
عن برنامجها النووي، مع إعالنها صراحة عن عدم التزامها بأي بند يتعلق بالبرنامج النووي؛ فأصبح<br />
عدو األمس صديق اليوم من أجل الضغط بصورة أكبر على إيرادات دول الشرق األوسط النفطية من<br />
خالل دخول إيران لسباق إنتاج النفط؛ بما يعني المزيد من التهاوي في أسعار النفط التي هبطت تحت<br />
مستوى 40 دوالرًا للبرميل.<br />
وربما جاء تراجع معدالت نمو االقتصاد الصيني مبررًا رئيسيًا لتراجع احتياجات السوق العالمي من<br />
النفط والوصول لمرحلة يقين أن العالم في طريقه لفترة كساد جديدة لتحقيق استفادة كبرى<br />
من تراجع أسعار الطاقة فها هي دول الشرق األقصى تدخل مرحلة ركود تحاول التخلص منها من<br />
خالل تخفيض قيمة عمالتها وأسعار الفائدة في محاولة للتغلب على هيمنة الدوالر على اقتصاديات<br />
الدول وكذلك دول الشرق األوسط يدفع بها نحو اإلغراق في عجز الموازنات، وتحجيم استثماراتها<br />
اإلقليمية إلفشال أية محاوالت للتكامل االقتصادي اإلقليمي، وكذلك تأثرت روسيا مع تهاوي أسعار<br />
النفط لتنشغل بصورة كبيرة في همومها الداخلية.<br />
ولكن إلى متى نظل نتعامل على رد الفعل ولماذا ال نكون فاعلين في تحريك االقتصاد العالمي, أو<br />
على األقل التحكم في توجيه اقتصادياتنا اإلقليمية, ربما يكون الوضع السياسي في الشرق األوسط<br />
غير مؤهل للعمل على ذلك، ولكن ال بد من تفعيل خطط التكامل اإلقليمي لتكوين جبهة شرقية<br />
قادرة على التصدي للتوجه السياسي األمريكي في الشرق األوسط فالعالقات المتوازنة دائمًا تؤتي<br />
بثمارها الطيبة، وستخدم بما ال يدع مجاالً للشك أهداف الشعوب العربية التي أنهكتها همومها<br />
الداخلية.<br />
العدد األول | اكتوبر-نوفمبر ٢٠١٥<br />
78