وداع ولقاء في بلاد الش
رواية وداع ولقاء في بلاد الشام للكاتبة السورية الشهيرة ناديا خوست. كتاب رائع تدور معظم احداثه في فلسطين ايام الانتداب
رواية وداع ولقاء في بلاد الشام للكاتبة السورية الشهيرة ناديا خوست. كتاب رائع تدور معظم احداثه في فلسطين ايام الانتداب
- No tags were found...
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
غصة إلى حمقو ودمعت عيناه. احتضنيا مع القميص وربت عمى ظيرىا!<br />
استمرت <strong>في</strong> بكائيا المحرؽ كأنيا ل تشعر بو. بعد زمف قاؿ: يانوارة، لماذا<br />
تغضبينو؟ كاف يحب ضحكتؾ! منذ أشير ل يذكرا سعيدا. وىاىو يكتشؼ أف<br />
الميت يعيش بيف األحياء بمقدار حياتي، بطوليا وعرضيا! وأف المرارة التي<br />
يخ<strong>في</strong>يا األحياء بالنسياف تتعتؽ <strong>في</strong> عتمتو. النسياف قارب <strong>في</strong> حياة واسعة عمينا أف<br />
نعبرىا بيمة كيبل نغرؽ! النسياف واجبنا نحو الحياة!<br />
لمس ك<strong>في</strong>يا وتبيف أنو يستطيع أف يخمصيما مف القميص، وضعو عمى<br />
السرير ومسح دموع منور براحتو، ث مشى بيا خارج الغرفة. نزال إلى التحتاني،<br />
أجمسيا قربو وبدأ يبحث عف ماء الزىر الذي تعطر بو الماء. كتمت ابتسامتيا<br />
وىي تراه تائيا كالغريب بيف زجاجاتيا. <strong>في</strong>مت أنو يريد أف ينعشيا بكأس ماء<br />
معطر. فنيضت وساعدتو. رأى بياض عينييا مكدرا لكنو قدر مف نظرتيا أنيا<br />
اجتازت العتبة إليو. عانقيا وربت عمى شعرىا الرطب: آه منؾ يانوارة! ماأحبلؾ<br />
<strong>في</strong> الغضب و<strong>في</strong> البكاء! ىؿ يجب أف أبقى <strong>في</strong> البيت ألحرسؾ مف أطياؼ<br />
الذكريات؟!<br />
تأمميا وىي تسكب المبنية <strong>في</strong> صحنيا. وبيره جماليا. <strong>في</strong> تمؾ البرىة غرد<br />
الكنار. فالتفتت نحوه: يشعر بالرطوبة! أل تبلحظ، يابيو، أف العصا<strong>في</strong>ر التغرد<br />
<strong>في</strong> الحر؟! ماالذي دفعو <strong>في</strong> تمؾ البرىة ألف يفكر بأنيا يجب أف تسافر إلى<br />
طبرية؟ بكاؤىا أ صوت الكنار؟ لماذا فكر <strong>في</strong> أنيا تحتاج طفبل يشغميا عف<br />
ظبلؿ سعيد؟ لزوج مكر سيارات تسافر بيف فمسطيف و<strong>الش</strong>ا. فمماذا اليكتب رسالة<br />
إلى ش<strong>في</strong>قة ويطمب منيا أف تدعو منور إلييا! ستستنتج ش<strong>في</strong>قة أنيا يجب أف<br />
تستشير تورنس.<br />
ىؿ تقربنا المصادفة مف مصائرنا؟ يبدو لنا أننا نصؼّ حياتنا حجرا حجرا،<br />
فتنعطؼ بنا مصادفة وتجعمنا نسرع <strong>في</strong>يا. ستقوؿ منور: لوال قميص سعيد لما<br />
فكرت <strong>في</strong> الخروج مف دمشؽ <strong>في</strong> تمؾ األيا! مف يسافر مف دمشؽ وىي قائمة<br />
قاعدة، إلى فمسطيف التي يسيؿ <strong>في</strong>يا الد!<br />
أطؿ بياء <strong>في</strong> ذلؾ اليو عمى ماتصور أنو يراه <strong>في</strong> منور كمف يتمصص مف<br />
ثقب الباب. فكر <strong>في</strong> روحيا المتنوعة. قاؿ لنفسو <strong>في</strong>يا شيء مف ن<strong>في</strong>سة، وشيء مف<br />
فاطمة، وشيء بعيد عنيما. وتساءؿ ىؿ العمر ىو الذي يستخرج مف تمؾ العجائف<br />
روحا خاصة بصاحبيا؟ وقدر اإلنساف أف يعبر الحمو والمر واالمتحانات ليصقؿ<br />
جوىرتو وليرجح ويحذؼ مف المتنوعات التي تجمعيا روحو! بدت لو منور <strong>في</strong><br />
- 29 -<br />
www.alkottob.com<br />
www.alkottob.com
Change language