75919582
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
الأمني واملأمون
فقالت عبادة: «وماذا نقول لدنانري إذا سألتنا عنه؟»
قال: «نقول إننا لم نجده في بيته.» فقالت: «حسنًا.»
كانت دنانري صباح اليوم السابق بعد ذهاب عبادة وميمونة قلقة على زينب تنتظر
رجوعهما بالطبيب، فانقضى النهار وهي في انتظارهما على أحر َّ من الجمر. على أن الفتاة
ما لبثت أن تحس َّ ن حالها وبرحت الفراش كأنها لم تكن تشكو مرضً ا، وانتظرتا رجوع
عبادة وميمونة في الصباح، فلما مضى نصف اليوم التالي ولم يأتِ أحد قلقت دنانري
وحسبت لذلك التأخري غري حساب. وفي الأصيل جاء بعض الخدم ينبئها بقدوم الحراقة،
فخرجت لاستقبالها على املسناة، فلم ترَ الطبيب فيها، وبعد أن رح َّبت بعبادة وميمونة
ورأت سلمان معهما، سألتهم عن الطبيب، فقال سلمان: «إننا لم نقف له على خبر، ألم
يأتِ إليكم؟»
قالت: «كلا، إن أمره لعجيب، أين ذهب يا تُرى؟»
فقال: «لا أدري، وهذه عادته في غيابه كأنه مشغول بأمورٍ خاصة لا يعرفها أحد،
وسأبحث عنه في بغداد.»
وكانوا في أثناء الحديث قد دخلوا القصر فأتتهم زينب ووجهها مشرق لا بأس
عليها، فقب َّلتْها عبادة وميمونة وشغلاها عن الطبيب والسؤال عنه … وبعد أن استقر بهم
املقام، أظهر سلمان أنه ذاهب للبحث عن مولاه في بغداد، وخرج ومكث أهل القصر في
انتظاره.
وعاد في اليوم التالي وهو يُظهر الاهتمام، وطلب مقابلة دنانري وكانت مع عبادة
وميمونة في الحديقة، فجاءها أحد الغلمان يقول: «إن سلمان يرجو مقابلتك الآن إذا
شئتِ .»
فأسرعتْ وتركتْ رفيقتيها في حريةٍ من أمر تلك الدعوة، ولا سيما ميمونة؛ فقد
اضطرب بالها ملا عساه أن يكون املراد من هذه الدعوة.
أما دنانري فلما لقيت سلمان تقد َّم إليها سرٍّا وقال: «إني وجدت مولاي الطبيب على
الجسر وكان عازمًا على املجيء إليك، فلما رآني عهد إلي َّ برسالةٍ أبلغكِ إياها.»
فقالت: «وما هي؟»
قال: «أخبرني أنه جاءه كتاب من مولانا املأمون يستقدمه إليه حالاً …»
فقطعت كلامه قائلة: «مِ ن ولي ِّ العهد، وهل به بأس؟»
112