11.10.2020 Views

75919582

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

ميمونة والأمني

تركنا الفضل خارجًا من مجلسه وهو يستعيذ باهلل مما آل إليه أمر تسر ُّعه في طلب

ميمونة،‏ وأخذ يُهيئ الأعذار للدفاع عن نفسه،‏ معتمدًا على ما له من النفوذ والدالة لدى

الأمني،‏ ولبث ينتظر أن يدعوَه إليه.‏

أما سعدون أو سلمان،‏ فإنه مع أسفه لوقوع ميمونة في يد الأمني،‏ سرُ‏ َّ لنجاحه في

إغراء الفضل وابن ماهان بتوسيع الخرق بني الأمني وأخيه.‏ وأصحاب املطامع السياسية

لا يفهمون لغة القلوب ولا يُبالون حركاتها،‏ وإنما يهمهم الوصول إلى الغرض الذي

يسعَون إليه،‏ فإذا اعترض طريقَ‏ هم رأس أو قلب داسوه،‏ على أن سلمان كان يعرف

منزلة الفتاة عند بهزاد،‏ وقد أوصاه هذا بها خريًا،‏ فلم يسعه إلا أن يهتم َّ لأمرها ويعمل

على سلامتها.‏

وفي صباح اليوم التالي بعث الأمني إلى الفضل،‏ فلما وافاه في داره الخاصة أجلسه

إلى جانبه،‏ ثم تلط َّف في الاستفهام عن أمر الفتاة.‏ فقال الفضل:‏ ‏«لعل أمري املؤمنني أكبرَ‏

إقدامي على طلب هذه الفتاة باسمه من بيت أخيه،‏ ولكن لم أفعل ذلك إلا اضطرارًا

وإخلاصً‏ ا في خدمة الدولة.‏ هل عرف أمري املؤمنني من هي هذه الفتاة؟»‏

فقال:‏ ‏«لم أعرف إلا أنها غريبة وفدت على بيت أخي املأمون.»‏

قال:‏ ‏«لو أن مولاي تأم َّلها لرأى صورة أبيها فيها.‏ إنها بنت جعفر بن يحيى الذي

قتله أمري املؤمنني الرشيد جزاء خيانته!»‏

فبُغت الأمني ونظر إلى الفضل مشدوهً‏ ا وقال:‏ ‏«ابنة جعفر بن يحيى؟ أظنك واهمًا.»‏

قال:‏ ‏«كلا يا مولاي،‏ ولو سألتها لاعترفت.‏ وقد علمت بنزولها بيت مولانا املأمون

صباح أمس،‏ فكتبت إلى قهرمانة القصر أن ترسلها لأن أمري املؤمنني يريد أن يراها،‏

فأجابت رسولي الشاكري جوابًا شديدًا.‏ ولم يسعني غريةً‏ على كرامة مولاي إلا أن شد َّدت

في طلبها،‏ ولم أكن أحسب العلائق وطيدة إلى هذا الحد بني طرائد أمري املؤمنني وبني

بيت أخيه؛ فالأجدر بأهل هذا البيت أن يكونوا عونًا لنا على أمثال هؤلاء.‏ نعم إنها فتاة

لا خوف منها،‏ ولكن ما ضر أن نستفهمها وهناك أسباب للظن،‏ ولكن …» وسكت كأنه

يكتم شيئًا يخشى إبداءه،‏ فابتدره الأمني قائلاً‏ : ‏«ولكن ماذا؟ قل.»‏

فقال:‏ ‏«إن أمري املؤمنني أدرى مني بما يُحاك في الخفاء،‏ ولا أحب أن أدخل بينه

وبني أخيه،‏ ولكنني لا أستطيع السكوت عما يمس ُّ الدولة وحقوق املسلمني؛ فما معنى

أن تأوي إلى بيت مولانا املأمون بنت جعفر عدو الخلافة الذي قُتل جزاء دسه وخيانته

وإطماعه املأمون في ولاية العهد بعد أن كانت لأمري املؤمنني وحده،‏ وهل لم يقنع املأمون

بولاية العهد فامتد َّ طمعه إلى الخلافة؟»‏

133

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!